المرأة العراقية وأختها في مناطق أخرى من العالم!



كاظم حبيب
2009 / 7 / 30

كلما تركنا العراق ويممنا وجهنا شطر الدول المتحضرة لشعرنا بمدى البؤس والفاقة والحرمان وفقدان الحقوق الذي تعيش فيه المرأة العراقية, وهي جزء واقعي من أوضاع المرأة العربية والمرأة المسلمة بشكل عام, فهي فاقدة للحقوق بشكل استثنائي, رغم كفاحها الطويل من أجل هذه الحقوق. وما حصلت عليه في فترات معينة, كما حصل لها في قانون الأحوال الشخصية الذي صدر في عهد حكومة عبد الكريم قاسم صودر في الفترات اللاحقة وأُعدم القانون كما أعدم رئيس الحكومة الذي أصدر القانون. وهي فاجعة مزدوجة لا تزال المرأة تعاني منها. ولم تستفد المرأة حتى الآن كثيراً من النسبة التي خصصت لها والبالغة 25% في إيصال نسوة يدافعن بحق عن حقوق المرأة كاملة غير منقوصة وعن مساواتها بالرجل, فهن قليلات حقاً. هناك قلة قليلة, سواء أكن في المجلس أم خارجه, يناضلن بعناد وجرأة استثنائية من أجل حقوق المرأة, إضافة إلى جمهرة من الرجال الواعين لمكانة ودور ومهمات المرأة في المجتمع العراقي الراهن, رجال تحرروا من رق الذكورية وأدركوا أن حريتهم من حرية المرأة والعكس صحيح أيضاً.
في بلد شقيق هو السودان تقدم امرأة سودانية صحفية مثقفة إلى المحاكمة بتهمة ارتداءها ملابس غير محتشمة, هي الزميلة لبنى الحسيني. ماذا كانت ترتدي؟ كانت ترتدي البنطلون العادي, ولكن المرض النفسي والعقلي المصابة به جمهرة الشرطة وجمهرة من رجال القانون قررتا الحكم على عشرة نساء قبلها بتهمة عدم الحشمة لنفس السبب, وهي ها هي تواجه حكامها وقضاتها لأنها ترتدي البنطلون. أي نظام يعيش به السودانيون وأي قضاة أولئك الذين يجلدون المرأة أربعين جلدة لأنها ترتدي البنطلون الذي يثير غرائزهم الحيوانية والمريضة. ولنا من أشباه الرجال هؤلاء كثرة كثيرة في العالمين العربي والإسلامي.
حققت المرأة الأوروبية والأمريكية, وعموما المرأة الغربية على كامل حقوقها نظرياً, رغم أن التطبيق العملي لا يزال يعاني من تمييز نسبي, سواء أكان في الأجور أم في احتلال المواقع القيادية أم تحمل غضب الرجال المزري أحياناً حين يمارسون العنف ضد المرأة. وهي ظواهر سلبية من بقايا العهود المنصرمة يناضل المجتمع, نساءً ورجالاً, من أجل إزالتها والكشف عنها بجرأة ومسؤولية لمكافحتها علناً. وحين تقارب مع حقوق المرأة في العراق فسنجد البون شاسعاً كبعد الأرض عن السماء!
ففي العراق لا يزال المجتمع يتمتع بذكورية مضخمة مرضية, بفحولة منفوخة ومزرية, بامتهان غير مشروع للمرأة وكرامتها وحقوقها, سواء في طريقة تعامل أكثرية الرجال معها أم في حرمانها من ممارسة حقوقها وتلك القوانين الموروثة التي لا تزال تغطي كل تلك التجاوزات على المرأة وتساهم في إعادة إنتاج واستمرار هذه الظواهر.
نحن بحاجة إلى تحالف سياسي متين من جانب كل القوى الديمقراطية والعلمانية واللبرالية على صعيد العراق كله, ونحن بحاجة لأن تشكل المرأة جزءاً أساسياً فاعلاً فيه وتشكل مهمات استرداد حقوقها المشروعة والمغيبة والمصادرة ومساواتها بالرجل جزءاً عضوياً من مهمات نضال مثل هذا التحالف السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي المنشود.
كلنا يدرك تماماً بأن المرأة حين تشارك في حوارات القوى الديمقراطية العراقية, فأنها قادرة على الإسهام في تسريع نهج التفكير بالتعاون والتنسيق لخوض الانتخابات القادمة. فلغتها أخرى غير لغة الذكور, وقدرتها على الاعتراف بالآخر والتسامح أكبر بكثير من قدرة الذكور, ورغبتها في التعاون أوسع بكثير من قدرة الذكور وفرديتهم بشكل عام.
وحين تشارك المرأة في أي مجتمع بدورها الفعال, فإنها قادرة على تحسين أجواء الحوار وتسهم في تقريب وجهات النظر والوصول إلى نتائج إيجابية, إنها العنصر الذي يخفف من سعي الرجال للهيمنة أو فرض الرأي الواحد على الجميع.
إنها عنصر وئام في الغالب الأعم وليست عنصر خصام, ويتمنى الإنسان أن تلعب المرأة دورها في المجتمع العراقي لتساهم بالتغيير المنشود صوب المجتمع المدني الديمقراطي الاتحادي, صوب الدولة الاتحادية التي تلعب المرأة دوراً بارزاً ومهماً فيها.
29/7/2009 كاظم حبيب