عن مكانة المرأة في مجتمعنا ومسألة تحررها



شاكر فريد حسن
2009 / 8 / 12

تطرح بين الحين وألاّخر عبر منابرنا وأدبياتنا مسألة اجتماعية هامة ، وهي مكانة المرأة في مجتمعنا العربي والموقف من حريتها ولباسها.
مما لا شك فيه أن المرأة العربية خلال العقود الأخيرة خطت خطوات كبيرة على طريق تحررها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، فخرجت من وراء الأسوار والجدران المغلقة والأغلال الحديدية، التي كانت تحيط فيها لتتعلم وتعمل وتنتج وتساعد في حمل أعباء البيئة والأسرة والأطفال، وتقود السيارة ، وتشارك في النضالات والتظاهرات الشعبية من اجل الحقوق القومية والمدنية. وأصبح لدينا مدرسات ومحاميات وطبيبات ومهندسات وممرضات ومساعدات أطفال وعاملات وقاضيات وشاعرات وناقدات وأكاديميات ومحاضرات في الجامعات، ومع ذلك فأن الموقف الدوني السلبي تجاه المرأة لم يتغير وبقي على حاله. وهذا أن دل على شيء فأنه يدل على الأزدواجية والأنفصام لدى أبناء مجتمعنا، والمثقفين منهم على وجه الخصوص، في تعاملهم مع المرأة . فمن جهة يؤمنون بالحرية والمساواة للمرأة ولكن في التنفيذ والممارسة على أرض الواقع يتعاملون معها كماكنة تفريخ وأداة لأشباع الرغبات الجنسية، وللمطبخ.
وفي واقع ألأمر أن مجتمعنا الذي شهد تحولاً وتغيراً في المفاهيم والسلوكيات والقيم الثقافية والاجتماعية لا يزال يتمسك ويتشبث بالأفكار والمعتقدات والأراء والمواقف الرجعية والتقليدية المحافظة والمشككة بقدرات المرأة وطاقاتها الابداعية. ومن نافل القول أن التيارات الظلامية والدينية الاصولية ساهمت بقسط وافر بتكريس النظرة السلفية السلبية تجاه المرأة وطموحاتها وتوقها الى الأنعتاق والأنتاج والابداع الثقافي والاجتماعي والحضاري.
وأذا نظرنا الى الأحزاب والحركات والتيارات السياسية والفكرية الفاعلة في مجتمعنا، التي تدعو في أدبياتها الى ضرورة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والعملية الأنتاجية والثقافية ، نجد دور المرأة في هذه الأحزاب هامشي وأن نسبة اللواتي يتبوأن مناصب قيادية ضئيلة جداً . وفي هذا السياق نثمن خطوة حزب "التجمع" بأختياره الأخت النائبة حنين الزعبي لتكون اول عضو كنيست من حزب عربي .
وأذا كنا نتحدث عن حرية المرأة فلا بد من التوقف عند القرار الذي اتخذته السلطة الحمساوية في قطاع غزة بفرض الزي الشرعي على المحاميات الفلسطينيات وألزامهن بأرتداء غطاء الرأس ( الحجاب) أثناء مثولهن في المحاكم .
فهذا القرار أستبدادي وقمعي وأضطهادي وقهري وأعتداء على حرية المرأة الشخصية ، كما ويتعارض مع الحرية الفردية وحقوق الانسان الأساسية. أنه قرار غير شرعي ومدان ومرفوض ويعكس موقفاً وتوجهاً خاطئاً ومضراً يهدف الى حجب العقل وفرض رؤية أسلامية مستبدة على المجتمع الفلسطيني وفي الشارع الفلسطيني نحو أقامة " أمارة حماس" في قطاع غزة.
أن اللباس وأرتداء الجلباب والحجاب وخلعهما هما مسألة شخصية وفردية ولا يحق لأحد التدخل فيها، والقانون الأساسي يكفل الحرية والمساواة والحقوق الأساسية للمرأة .
أن المفاهيم والأفكار الرجعية والمنغلقة تجاه المرأة متغلغلة في أعماق مجتمعنا ، وكم امرأة قتلت بدم بارد بحجة الحفاظ على " شرف العائلة" . ومن المؤسف أن المرأة العربية تتعامل مع ذاتها كجسد للزينة والمكياج وهمها الوحيد في الحياة الأرتباط بشريك المستقبل وألأنجاب ولا تسعى لأثبات انسانيتها وتحقيق ذاتها والمطالبة بحريتها.
وفي النهاية ، مجتمعنا العربي والفلسطيني يحتاج الى تطوير وترسيخ النظرة التقدمية الانسانية العصرية والحضارية للمرأة ، وعلى الأوساط المثقفة والطليعية، الفكرية والسياسية، أن تتخلص من ازدواجيتها وسلبيتها وعزلتها ، وتعمل بشكل حقيقي فاعل ودؤوب من اجل التغيير الثقافي والاجتماعي في مكانة المرأة ودعمها ومساندتها في سبيل تجسيد انسانيتها ومحاربة كل الافكار الرجعية والسلفية ، التي تقف حجر عثرة أمام التقدم النهضوي الحضاري ، لأن المعيار الأساسي لتقدم ونهوض أي مجتمع يقاس بألموقف من المرأة .
(مصمص)