انتهازية المرشحات مسئولة عن فشل المرأة في مركزية فتح



محمد أبو علان
2009 / 9 / 1

كثيرةٌ هي الجدالات التي رافقت انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح، ومن هذه الجدالات موضوع فشل المرأة من الوصول لمقاعد اللجنة المركزية للحركة، ومعظم الآراء التي طرحت في هذا المجال ابتعدت عن الموضوعية والتحليل العلمي للموضوع باعتقادي، وتعاملت مع الأمر بآراء مقلوبة، ووجهات نظر مسبقة اعتدنا على سماعها بعد كل عملية انتخابية.
النائب في المجلس التشريعي الدكتورة نجاة أبو بكر والتي كانت من بين المرشحات عزت سبب خسارة المرأة في انتخابات مركزية فتح لعدة أسباب منها، "نظرة المجتمع للمرأة الذي لا زال ينظر لها بأنها احتياطي انتخابي وليس رئيسي، وان ثقافة الرجل تقول إن المرأة هي ملحق وليس أساسيا، وان نظرة الرجل للمرأة قشرية وليست جذرية، كذلك المرأة في مجتمعنا لا تنصر المرأة فهي تعلق جل اهتمامها على الرجل وغضبها تصبه على النساء"، سحر القواسمي عضو المجلس التشريعي، والتي ترشحت كذلك لانتخابات اللجنة المركزية قالت "إن المجتمع الفلسطيني مجتمع ذكوري ينظر للمرأة بدونية وأنها غير قادرة على الانجاز".
والبعض أرجع فشل المرأة في موضوع الانتخابات لكونهن أكثر أخلاقية في هذا الموضوع على حد تعبيره، ولا يملكن العقلية التآمرية مثل الرجال، حيث أشار الدكتور نادر عزت في هذا الجانب إلى أن " النساء لم تصل إلى مرحلة التآمر فهن أكثر أخلاقية من الرجال في موضوع الانتخابات وهن يعتقدن إن الرجال سيتجهون إلى التصويت لهن لكن عدم نجاحهن هو أمر طبيعي”.
التحدث عن أسباب فشل المرأة في الوصول لمركزية فتح بهذا المنطق تهدف المرأة ومن يؤيدها من وراءه للتهرب من تحميل نفسها لمسئولية فشلها في الدرجة الأولى، ولصمتها عن حقوقها التي يفترض أن تمنح لها مقابل ما تقدمه من تضحيات في سبيل الوطن والقضية، بالتالي على المرأة في المجتمع الفلسطيني أن تبحث عن الأسباب الحقيقية لفشلها لا عن تبريرات لهذا الفشل.
المرأة في المجتمع العربي بشكل عام اعتادت تحميل "المجتمع الذكوري" مسئولية الواقع الذي تعيش من حيث عدم نيلها لحقوقها، وعدم شغلها المناصب العليا، وعدم تحقيق نتائج طيبه في الانتخابات، كون المجتمع العربي هو "مجتمع ذكوري" في ثقافته على حد تعبيرهن، ولا يفسح المجال أمام المرأة لأخذ دورها، متناسية المرأة أنها تشكل نصف المجتمع إن لم تكن أكثر، مما يعني أن فاعليتها وتأثيرها في مجرى الأحداث يفترض أن يوازي تأثير الرجل إن لم يتفوق عليه، وعليها أن لا تسمح لأي كان من أن يسلبها هذا الحق في التأثير ورسم السياسات.
بمعنى آخر يعتبر عامل القصور الذاتي لدى المرأة والمؤسسات النسوية الراعية لها السبب الرئيسي والدافع القوي وراء فشل المرأة وتراجعها. ولكن لجوء المرأة لتحميل المجتمع ذو "الثقافة الذكورية" مسئولية فشلها هو بهدف عدم تحمل مسئوليتها الحقيقية في هذا الجانب ورغبةً في عدم الاعتراف بفشلها وفي قدرتها على تجنيد حتى بنات جنسها على مناصرتها ودعمها.

وجاءت نتائج انتخابات المجلس الثوري لحركة فتح لتثبت خطأ مقولة أن عقلية المجتمع الذكوري هي السبب في فشل المرأة في الوصول للمركزية، فحصول المرأة في المجلس الثوري على ما يقارب 16.5% من مقاعد الثوري يثبت عدم صحة اتهام المجتمع كسبب لفشلها، لا بل أن الموقع رقم (1) في المجلس الثوري كان من نصيب امرأة مما يعزز أن مرشحات المركزية هن سبب فشلهن وليس الرجل.
وإن أردنا الحديث عن أسباب أخرى في فشل المرأة الفتحاوية في الوصول لمركزية فتح نجد أن الأنانية إن لم تكن انتهازية للمرشحات أنفسهن وراء فشلهن الذريع، فكل واحده منهن كانت تسعى لمصلحتها الشخصية وإلا لماذا لم يطالبن بكوته نسائية للمرأة في المؤسسات الحركية بشكل عام إن هن كن حريصات على واقع المرأة في الحركة ككل وليس على مواقعهن فقط، فلو رفضن الترشح احتاجاً على عدم وجود الكوتة النسائية في مركزية فتح لأختلف الأمر كثيراً، واستطعن أخذ دورهن القيادي في الحركة؟ .
كما أن المرشحات لمركزية فتح منهن نواب في المجلس التشريعي، ومنهن من شغلن عضوية المركزية لسنوات طوال، بالتالي كان الأجدر بهن أن يفسحن المجال لغيرهن من النساء، وأن يعملن لصالح المرأة في فتح لا من أجل احتلال مناصب أخرى على حساب زميلات لهن في الحركة.
بالتالي على المرشحات اللواتي لم يحالفهن الحظ في مركزية فتح أن يكن موضوعيات في تقييم أسباب الفشل إن هن أردن تجاوز هذا الأمر بشكل يعكس نفسه على مستقبل وواقع المرأة في المؤسسات الحركية، وأن يجبن على سؤال مهم لماذا كان نصيب المرأة في المجلس الثوري أفضل من نصيب المرأة في اللجنة المركزية؟.