المرأة والشعور بعدم الانتماء .....



امنة محمد باقر
2009 / 9 / 15

حين خلق الله المرأة ، ابتدأ بحواء ، ولكن حين اراد كنة لحواء ، فأنه اختار امرأة من الجنة ، فكانت اولى النساء بعد حواء احدى الحور ، واذا كان الرجل قد خرج من صلب ادم ، فأن المرأة قد جاءت من عالم اخر ، وان كان الاثنان جاءا من العدم ، والمرأة الاولى كنة ادم وحواء قد تكون لها بهما قرابة من عالم بدء التكوين ... فأن الشعور الازلي الذي يكتنف كل امرأة هو الشعور بالغربة عن هذا العالم ...
تعيش النساء في عالمنا وهن يقدمن الكثير ، ولكن حجم التضحيات اللواتي يقدمنها كبير ، تسكت المرأة على الاساءة ، وتتحملها ، لانها تريد لسفينةالحياة ان تمر بسلام ، وتفقد الكثير من شبابها وجمالها بسبب متاعب الحياة ، وهمومها ، وتعمل كثيرا ويقال انها عبء ولم تخرج الى سوق العمل !! وتعلم الكثير ويقال انهن متخلفات !! لانها عادة تخفي ماتعلم حياءا وخجلا او لكثرة مشاغلها او لعدم فسح المجال لها ! ففي محفل قد تكون هي بارعة فيه قد تضطر الى السكوت والانشغال برعاية طفلها الصغير ، او تسكت احتراما لزوجها الجالس بقربها !!
و المرأة في مفاهيم الامم المتحدة هي العنصر المستضعف vulnerable وكذلك هي بذات التصوير في القرآن : ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من النساء والولدان .. اذا اراد المستكبرين ان يستضعفوا احدا ابتدأوا بالطفل والمرأة ...
ومن اقذر اساليب الحروب في عالمنا هو اللجوء الى استخدام الاغتصاب سلاحا ، حتى ضد العجائز كما حدث في الكونغو ، تستخدم القبائل المتحاربة الاغتصاب لاذلال خصومها ، ولاتكاد تخرج حرب من الحروب او ازمة من الازمات ، دون الاساءة للمرأة ، وهذه الاعمال لايعملها الا الجبناء من الرجال ، والرعاع والمرتزقة الذين لايعرفون معنى الحياة ، لذا فأن مجلس الامن الدولي ولاتساع الرقعة التي تتعرض المرأة فيها للعنف في اوقات الحرب ، اصدر قرارا لرعاية النساء في اماكن النزاع كما حدث في قرار 1325 !
واذا كان الماء له طعم الحياة ، فأن المرأة هي مركز الوجود !! وبسبب مركزية دورها يتعرض شخصها للكثير من التساؤلات والانتقادات ، واحيانا وبسبب من اتكالية الرجال ، تضطر لتقديم العديد من التنازلات لاجل الاسرة ، او لكسب لقمة العيش لنفسها على الاقل ، فتخسر حتى صحتها ، اما في المناطق الفقيرة ، سواء في افريقيا او غيرها او في اي مكان من العالم ، خذ اي حي فقير في العراق ، وفتش عن راعي لقمة العيش breadwinner تجدها هناك , واذا كان الرجال يتخلون ، ويتناسون ذلك في غمرة انتكاسة مالية او فشل او ما شابه ذلك ، فان النساء لايخذلن اسرهن ابدا ، دائما هن الجندي الاخير ، او الجندي المجهول ، واذا كان هذا قدرنا كنساء ، ان نعمل خلف الكواليس ، فان قليلات منا يظهرن الى السطح ، وقد فعلتها بلقيس في مملكة اتسمت باجمل مهارات التفاوض ، يوم قالت لقومها ، ان الملوك اذا دخولا قرية افسدوها ... تلك هي المرأة في القيادة والملك والحكم وادارة شؤون السلطة ، جنبت قومها حربا !!
ولكن الرجال هم الذين برزوا للسطح ، واصطبغ العالم بصبغة الحكم الرجولي والعالم الرجولي ، فبسب بسيط جدا ، هو ان وظيفة المرأة عادة ماتكون في البيت حتى في عالم التكنولوجيا ، وان كانت التكنولوجيا مشكورة اليوم قد قلبت المعادلة ، حتى غدا بعض الرجال يعمل من البيت في حين تخرج المرأة الى العمل ، لان الرجل قد يكون قد حصل على وظيفة عبر الانترنت ، بينما يكثر الطلب في بعض الوظائف على وجود امرأة !! للطف تعاملها !!
المرأة تغترب في عالمها ، وكأنها تسكن كوكب اخر : ان كنت امتطيت ركابا للنوى ، فانني في داخلي امتطي ناري واغترب ، ترى نسبة معينة تخرج للعمل ، بينماتعيش نسبة مساوية لذلك او اكثر لربما ، بلافرصة !! ولا ادري الى صنف ينتمي بعض النسوة اللواتي ، يكملن يومهن ، بين اربع جدران ، لاهن اكملن تعليمهن ، ولا كن بقادرات على تكوين اسرة ، ولاراعي لهن ، واعتلت صحة البعض الاخر ... بل قد تضحي بعض النساء العاملات واللواتي قد يكن شغلن مراكز متقدمة في العمل ، تضحي وتصرف كل مالها ومرتبها وماتملك لانشاء وتربية ابن الاخ او ابن الاخت ، وهي لم تكون لها اسرة خاصة بها ، ثم يتركونها في اخريات العمر لوحدها .. وهذا مثل بسيط من امثال عدة نعايشها في حياتنا اليومية !!
بعض القرى في العراق او اماكن اخرى من العالم دأبت على خروج المرأة لبيع مشتقات الالبان ، والزراعة ، ورعاية الماشية ، والرجل هو رئيس العشيرة ووجيهها ، وفي الرياضيات نقول ، صفر يساوي واحد ، عبارة خاطئة ، فلا ادري لم الرجل حين يكون صفرا ، يساوى بالمرأة حين تكون واحدا ً ، لاادري اي قدر اهوج هذا الذي مكن لهؤلاء ان يحكموا العالم برؤوس كاسبات لقمة العيش ، ولا ادري اي شيخ او زعيم ذلك الذي يأخذ اجر ماسقين له لكي يكون الامر كله بيده ، واذا كان القرآن قد اعطاه السلطة المادية ، فبحكم انفاقه ، فأن لم يكن من المنفقين ، فأي معنى بعدئذ للقوامة الاقتصادية ، السؤال اوجهه للفقهاء ، عسى ان يتفقهوا في هذا الامر مليا !!
ثم يقال للنساء بأن الحقوق تؤخذ ولا تمنح !!
تعيش المرأة بيننا مغتربة ، لعل الامر كما قلت له علاقة بموضوع الحوراء التي تزوجها ابن ادم الاول ، لانه لايعقل ان يتزوج من اخت اخرى تلدها امه !!
اذن جاءت المرأة الى عالم بني ادم ، وعاشت بينهم فاستغلوا جمالها وشبابها ورونقها ، وبهاء الفردوس الذي تحمل ..... واذا بها قد غدت في عالمنا مضطهدة ، مظلومة ، شريدة طريدة ، اذا قامت الحروب قامت على رأسها ، واذا ثكلت فالثكل لها وحدها ، يثكل الرجل اي نعم ، ولكن ليس كما تثكل المرأة ....
تعيش يتمية العلم والادب !! وان لم تستطع تكوين اسرة عابها الجميع ، وهي ليس في يدها شئ ، للرجل وحده حق ان يتقدم الى امرأة !! بينما في ايام الدولة الاسلامية الاولى كانت النساء تأتي الى المسجد يسألن النبي انهن بلا معيل ، فيسأل المسلمين من لهذه ومن لتلك ، والمرأة لاينقص من قيمتها شئ ان فعلت ذلك ، ولكن لكل زمن اهله ، وزمننا اهله قد منعوا ما لم يمنع !!
والمصيبة الكبرى ان نساءا من نوع المرأة لايفهمن المرأة !! ولا تلام نظرية الجندر حين تعزو الى العامل الاجتماعي العديد من الويلات التي جرها الى النساء ، لان المرأة تلعب دورا صمم لها في اطار لاتخرج عنه ، الخروج على النص في مسرحية التلاعب بالمرأة امر محظور !!
كأن الجور والعبودية قد صممت لكي تلبسها المرأة ثوبا ، في حين ان الكتب السماوية ، وعلى رأسها القرآن صادحة مدوية : ولقد كرمنا بني آدم !! اي الاثنين معا !! وحتى في معرض ذكر الرجال ، فأن بعض الايات القرآنية لاغراض بلاغية فقط تستخدم كلمة رجال ، بمعنى الرجولة او البطولة ، ومن المؤمنين رجال !! تخص الطرفين ، وهنالك سورة بأكملها خصها الله بالنساء ، ترفقا ورحمة !!
وقال العلماء والفصحاء والبلغاء كلماتهم في المرأة ، حتى قيل امرأة صالحة خير من الف رجل !
وهو الواقع الذي يجب على المرأة ان تعيه لكي تعي قيمتها ، ورحم الله امروءا عرف قدر نفسه !
فحين يدرك الكائن الذي هو مركز الوجود انه فعلا مركز هذا الوجود ، عندئذ سيعمل وفقا لهذا المستوى ، اما ان يتواضع فهذا امر اسئ فهمه ، لان الظاهر ان القضية قد ميعت ، واصبحت المرأة في هامش الوجود بدلا من ان تكون سرا للوجود بسبب شئ واحد ، انها لاتعرف قيمة وقدر نفسها !!
وعافت للاخرين خط تقديرها ، وكيف يقدرك من يرى فيك كنزا يتقلد من جواهره وحليه ما يشاء ؟ والمرأة قلادة فانظر ماذا تتقلد ، اوالمرأة لعبة الرجل ، وغيرها من احاديث شريفة يراد بها تدليل المرأة وبيان مكانتها ، اسئ فهمها ، اما شاوروهن وخالفوهن ، او المرأة شر كلها ، فهذه امور اريد بها حادثة معينة ، خصت شخصا معينا ، لكنها امعنت في تغريب المرأة واقصاءها وابعادها !!!
تشب المرأة وتنضج وتدخل عالم البالغين لكي تكون اول ما تواجهه هو هذه النظريات الخائبة !! التي يحملها البعض ممن يعيش حولها ، اخ ، اخت ، اب ، ام ... او اي شخص يتسم بضيق الافق ، ولم يسمع قول محمد صلى الله عليه وآله حبب الي من ديناكم النساء ، ورفقا بالقوارير ، او وصيته باكرام الطفلة ، لأن الرعاية والعناية ومعرفة القدر الحقيقي لها تدركها المرأة من رشفات الحنان الاولى وعلى اساسها ستكون راعية لغيرها ، ولكن مع قدر واف من التقدير والاحترام ، بدلا من ان تكون راعية ، ممتهنة !!
لذلك اقول ، بأن النساء لم يفهمهن احد ، لذلك فأن مشاعر النساء في فهمهن وتقديرهن وماذا يردن ، لم يدركها الا القليلين والافذاذ من الرجال ، وحري بالمرأة ان تكتب عما يقلقها ، ومايدور في عقليتها كي تفهم الاخرين بأن الوقت قد حان لمعرفة كائن يعيش بيننا لكنه يعاني معاناة الساكنين على كوكب اخر !!
الحاجة الى ادراك ان النساء ذوات نظريات ومفاهيم ، ومثل عليا وقيم ، وانهن ابدا لسن بهامشيات او سطحيات ، بل لديهن فكر ، وايديولوجي ، ورؤى ، تختلف عن الرجال وتغني الحياة ، المرأة هي ربة العفاف والغنى ، وربة السلام ،،، لا ربة بيت فقط !! وحتى معنى الربوبية اسند اولا الى المرأة في رعاية الاسرة ، لكنه اسئ فهمه ، والواقع يقول انها مربوبة وليست ربة !!! فقط لان هنالك اية واحدة فقط تقول : الرجال قوامون على النساء !! وهو معنى اقتصادي بحت ، يخص المسؤوليات المالية للرجل في الانفاق ، لأن المرأة عادة ما تكون في وضع الامومة والرضاعة ورعاية الاسرة ، وان كانت عاملة فهي في اجازة ، لاتعطيها نصف الراتب الذي تستحق !!
وكل تلك الجهود التي تبذلها الامهات في الشؤون المنزلية فهي عمل لامأجور غير منظور ، في حين ان نظريات الفقه تذهب الى ضرورة اعطاء اجور الرضاعة ، ورعاية المنزل ، لان الذي يأتي بمديرة منزل في الدول الغربية عليه ان يدفع لها اجر ما عملت ، لكن حين يصل الامر الى المرأة الطيبة التي تطوعت لخدمة منزله حبا ورغبة ، فهو يقطر عليها من حقوقها المشروعة تقطيرا ! ، بدلا من شكرها وتقديرها !!
ولانعمم والتعميمات خاطئة ، هنالك حالات ترى المرأة لم تدرس ولم تتعلم ، ولكن لأنها ساهمت في تكوين اسرة ودعمها وتنشئتها فأنها تحكم البيت والرجل والاسرة وحتى الجيران !!! ههههههههه
بعض النساء لهن من المكانة العلية ما يحدسها عليه الرجال الرجال !! وان لم يكن لها اي نصيب من التعليم او خبرة العمل ، فقط لأنها أم !! ولكن هذه الحالات لاتحدث دائما !! ويفترض ان تكون هي القاعدة وليس الاستثناء !!
اذن عندما نقول بأن المرأة لديها شعور بعدم الانتماء ، فأن السبب الرئيسي يرجع الى ان حاجاتها لم يفهمها احد ، او القلة النادرة ، وهي لم تتصدى الى تصدير افكارها ، والاعلان عن نفسها !! بأن نون النسوة قد كفت عن افعال السكون وتريد افعالا اخرى !!