هل حرية المرأة تكمن في حجابها ؟



أقبال المؤمن
2009 / 9 / 18

تفتخر دساتير العالم المتقدم بالحرية وبمفهومها وبنجاح تطبيقها عندهم .فحريتهم تعني حالة تحرر الفرد من كافة القيود المعنوية التي تكبل طاقته وأنتاجه كأنسان .وتدعو لتخليصه من العبودية لشخص او جماعة كالأجبار والفرض. فله حرية التعليم والسكن والعمل والعقيدة وتمنعه عن الجبر والضغوط الخارجية لكي يتخذ القرارات الصحيحة بحقه وبحق وطنه .ولكن للاسف الشديد في مجتمعنا العربي كل من ينادي بالحرية يرجم بالتهم الباطلة كالانحلال والانفلات والالحاد والكفر وماشابه ذلك. ولكن لماذا ؟ الم تأتي اغلب الاديان السماوية وعلى رأسها الاسلام بهدف تحرير الفرد من العبودية ؟! . فهل تحرير الانسان كفرد او جماعة من القيود السلطوية الثلاثة( سياسية واقتصادية وثقافية ) و اعتباره هو الاساس بصفته الكائن الملموس للانسان بعيدا عن التجريدات والتنظيرات يعني الحاد وكفر؟! فالحرية تؤكد على حق الفرد (كأنسان) البحث في معنى الحياة وفق قناعاته لا وفق مايملى عليه او يفرض عليه بما انه لم يخرج من دائرته الخاصة من الحقوق والحريات التي لا تتعارض مع الاخرين ؟!. اذن اين الحرية الشخصية لدى الفرد العربي ؟ وهل هي موجودة فعلا ؟ ولماذا لا نستطيع ان نتحرر ؟ لكي نجيب على هذه الاسئلة لابد لنا ان نعرف الاسباب والمسببات التي دفعت بنا الى هذه الحالة من العبودية للاخر وحجبت عنا التمتع بالحرية الشخصية . وهي طبعا اكثر مما نتصور ولكن يمكن ايجازها بمايلي :كلنا يعرف ان الاسلام هو من اهم الثقافات التي تربى عليها العربي وهذه الثقافة غير خاضعة للنقد او التشكيك وبالتالي كل ما يقوله رجل الدين بالنسبة للعامة صك غفران لا يختلف عليه اثنين. وبما ان ثقافتنا اسلامية فهي اذن متأصلة بالجانب الروحاني والعاطفي وفي احيان كثيرة لا تخضع للعقلانية او التحليل العلمي وبالتالي يكون الجدل فيها عقيم فنفضل الاستسلام وهو اسلم الطرق ! وطبعا هذا الاستسلام من مصلحة هؤلاء ان نبقى تابعين لهم كالعبيد ولا يجوز لنا معرفة اراء الكثير من فلاسفة العصر التي تدعو لتحرير العقل البشري والتفيكير الجاد في الذات والوجود حتى وان كانوا فلاسفة مسلمين . واذ حاولنا الانفتاح على الحضارات الاخرى فهذا الجانب الروحاني محصن ولا يحق لنا كأفراد حتى لو رغبنا الغوص فيه او تغيره فهو مرفوض من قبل العائلة و المجتمع ورجال الدين .والتاريخ خير شاهد على ذلك فالنجاحات التي حققتها الحضارة الاسلامية والانتشار في ارجاء المعمورة الا ان الشعب العربي بقي منغلقا على نفسه ولم ينجح لا في الاندماج ولا التأثير في الشعوب الاخرى . ولحد هذا اليوم نرى الجاليات الاسلامية والعربية بصورة خاصة في بلدان المهجر متقوقعة على نفسها تخاف من التأثير والتأثر بالاخر وبالتالي تعيش في حالة من الازدواجيه والصراع النفسي بين ماهي علية وبين ما تثقفت عليه . ولهذا نسبة الامراض النفسية مرتفعة في صفوفهم .اما في داخل الوطن العربي وبرغم كل الوسائل والقنوات العلمية والثقافية المتاحة الا ان نسبة الاهتمام بالمجال العلمي والثقافي محدودة جدا ويمكن ان تكون مختصرة على صيحات المودة وبعض الاكلات و البرامج الترفيهية . لان المجال الثقافي والفكر التحرري يعتبر جزءا من المحرمات .فلذلك تولدت لدينا عقدة الخوف والذنب التي تمنعنا من الاطلاع على هذه المجالات والتعرف عليها و اغلقت عقولنا على الكثير من المعارف التي ترفع من شأن الفرد وتنقلة الى عقلية متحضرة لفهم الواقع .واصبحت ثقافتنا ولا تزال احادية الجانب اي ثقافة فردية منغلقة على الثراث المغلوط في اكثر الاحيان واصبحنا ندور حولة ويدور حولنا بأسم القومية والطائفية والحرام والخوف من الاخر والحفاظ على التراث. وحتى لو وجدت بعض المقالات النقدية لهذا التراث بين الحين والاخر الا انها تفتقد للحلول الجذرية والبديل المتاح نتيجة الخوف من العواقب المترتبة عليه. وبالرغم من وجود الكثير من المثقفين والمفكرين اللذين يدعون الى تحرر العقل العربي من كل هذه الخرافات . لكن وللاسف الشديد لم ولن يسمح لهم بحرية الكلمة المطلقة واستلام زمام التغير بأعتبار ان مجتمعاتنا العربية فوق كل الشبهات وصلت لدرجة الكمال ولازلناعلى يقين بأننا خير امة اخرجت للناس ولذلك غير قابلة للتعديل والتغير و الاصلاح وهو نوع من التكبر المقيت يمكن ان يؤدي بنا الى التوحش والانعزال عن العالم .وحتى التعددية القومية والدينية المتواجدة في اغلب البلدان العربية منغلقة بعضها عن البعض الاخر ونسبة الانفتاح والتعرف على الاخر بحكم المعدوم لان كل منهم يعتبر نفسه او ثقافته هي الاصل والاهم والمقدس فلا يجوز التعديل او التطوير فيها وهمهم الاول والاخير هو تعليم افراد مجموعاتهم وسيلة الدفاع عن هذا الموروث بما يمتلكه عن الاخر فأصبح كل منهم عدوا للاخر متناسين او تناسوا انهم ابناء وطن واحد والاندماج ضرورة حتمية والانفتاح والحوار المتمدن فيما بينهم يغني الفكر ويسهل عملية التفاهم والانسجام الا ان تطرفهم المقيت هذا وتعالي كل منهم على الاخر نمى عند كل الطوائف الانفرادية وكره الاخر والتوتر والعنف المستمر, هذا فيما بيهم فما بالك لو دخلت عليهم الحضارة الغربية بأفكرها التحررية وخاصة مايخص المرأة ( كأنسان ). فرجل الدين المتعصب لا يستطيع مقاومة نفسه أمام أمرأة كاشفة الوجه والشعر ومتزينة وانيقة ومعتزة بأنوثتها و شخصيتها لان الشيطان سيكون حليفه وهذه ثقافة العربي بمجرد النظر الى الانثى سيكون الشيطان حاضرا ( مشكلة طبعا) و ليس بامكانه مقاومة الشيطان فيخشى على نفسه (وليس على المرأة) من هذا الشيطان الرجيم المسمى بألمرأة . فينصح ويعظ ويخطب ويفتي بأن تظل المرأة حبيسة البيت لكي لا يراها احد فيقع في حبائلها ولا يعرف كيف يتخلص من الشيطان هذا الا بالاعتداء الجنسي عليها( فتنحل المشلكة بجريمة). وهذه النظرة والتربية الخاطئه عن المرأة والنظر اليها من باب الجنس فقط ولعقود طويلة من الصعب او حتى من شبة المستحيل تغيره بهذا الانغلاق والتطرف الديني الحاد والوعي الثقافي الغائب .ولذلك نرى من الاشياء التي تشيب لها الولدان ومنتشرة في اغلب البلدان المتعصبة دينيا والتي فضحتها اغلب القنوات الاعلامية هي انتهاك المحرمات مثل اللواط والسحاق والزنا مع المحارم وممارسة الجنس مع الحيوانات و اصبحت هذه المواضيع من المواد الدسمة للفضائيات والاقلام الحرة والسينما عربية كانت ام اجنبية . ولكن لا يجرء الافراد ولا الحكومات معالجتها او التحدث بها لانها فوق طاقاتهم خوفا من السلطة الدينية المتسلطة على الرقاب و بدلا من العلاج تصبح الامور مزمنة وتنتج شعبا معاقا . اما ما نراه من فتاوى دينية بأسم المرأة والجنس المعاصر اكثر من فتاوى السياسة والتشريع والاقتصاد وتخصصت هذه الفتاوى بشؤون المرأة الشخصية البحته و من قبل دعاة المودة (دعاة خمس نجوم ) بالاضافة الى الهوت لاين يعني خط مفتوح بثمن 24 ساعة في 24 ساعة ( على طريق الاعتراف في الكنائس وكسبوا الملايين من هذه الاتصالات طبعا لان الاجابات تفصلية حسب ما تريد انت ) وكأن لا توجد مشكلة اخرى في الوطن العربي يشغلون بها انفسهم غير المرأة وحريتها و حجابها و صلاتها وحيضها والمحرم الذي يرافقها في سفرها . وبهذا الكم الهائل من الفتاوى والتصريحات والاهتمام المتطرف والمبالغ فية يعتقد المتابع ان المرأة هي عدو الاسلام الاوحد . فوضع المرأة بهذه الطروحات لم ولن يتغير عن قبل 1400 سنة. فالمرأة العربية هي هي تتقدم خطوة وتتراجع عشر خطوات للوراء ونحن الان في القرن الواحد والعشرين ولازالت المرأة رهينة البيت والمطبخ خوفنا منها لا عليها .ولا اعرف لماذا كل هذا الخوف من المرأة العربية بالذات ؟الم تصل المرأة الى اعلى المستويات في البلدان المتقدمة كرئيسة وحاكمة وعالمة فضاء والخ .ولم نرها تعدت على حقوق الرجل او جلبت العار لمجتمعها. ونحن لازلنا وبأمتياز نحط من قدر المرأة و نردد احاديث ضعيفة الاسناد او ملفقة اصلا بحقها . ولا زالت المرأة تستعمل كسلعة تباع وتشترى وكفصلية للحل في اغلب المشاكل العشائرية وتهدى من قبل الاهل لاي شخص يتوددون له كما في الجاهلية الاولى .ولذلك ارتفعت معدلات الطلاق والعوانس في بلاد امة الاسلام فنسبة الطلاق في دول عربية تصل الى 35 طلاقا يوميا. ناهيك عن انشغال رجال الدين بحجاب المرأة للتخلص من شرها حتى استثمرته المرأة اروع استثمار فالحجاب اليوم يغري اكثر من السفور ففتحت دور الازياء لهذه المهمه وتعددت انواعه واشكاله وارتفعت اسعارة واصبح يطرز بالذهب والماس ( تصور سعر الحجاب بكل اكسسواراته لا يقل عن 3000 دولار واحيانا اكثر ) .والسؤال هنا هل يعتقد الرجل ان الحجاب بهذه المواصفات يمنع الشيطان ام يقربه اكثر؟وبما ان المرأة بحد ذاتها شيطانا هل عندما تتحجب تصبح ملاكا و تتمتع بحريتها الشخصية ؟ لا اظن ذلك !فالحجاب كما تذكر اغلب المصادر جاء بأسم المرأة الحرة لكي تعرف بانها حرة ولا يعترض طريقها الشباب وعلى الحرة فقط يعني لم يفرض على ألآمة( العبدة ) ولا اعرف هل العبدة المملوكة ليست أمرأة !ومهما كانت الاجابات فتبقى غير مقنعة او تدل على ان الحجاب ليس فرضا !اما في بعض البلدان العربية فرض على المرأة النقاب وسمحوا لها فقط والحمد لله ان ترى بعيونها جريمة خنقها . الا انني اتساءل هل يعرف الرجل ان النظرات هي اساس تواجد الشيطان ام لا ؟ وعلى ما اعتقد حتى حركات اليدين لها اسرارها ورسائلها المختلفة( و تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي يعني وهي محجبة ولا زالت شيطانا ). اما في بلدان اخرى كمصر والسودان شوهت حتى اعضائها وختنت بكل قسوة وان لم تختن في حياتها تخنت بعد مماتها( يالحرية العرب ) . اذن اين المفر من المرأة يا حظرات؟ نصيحتي يجب ان تعدم من الوجود ليرتاح الاصولين( يالمهزلة القدر). وبعد كل هذا ندعو الى التطور والتقدم والانفتاح على الحضارات الاخرى .اذ كانت كل هذه الفتاوى بحق المرأه وهي حبيسة البيت لان اغلب الفتاوى حددت اقامتها وتعليمها وملبسها وزواجها .فكيف اذن بالديمقراطية والحرية التي نريد ان ننعم بهما . فالتعصب الديني يرفض كل شئ يحرر عقلية الفرد لان التحرر الفكري يفقد رجالات الدين السيطرة والسلطة على المجتمع لذا نراهم يدافعون بهذه القوة الارهابية المخيفة عن التخلف والعبودية لخلق الله ونصبوا لنا قصاص الاخرة ونحن في الحياة الدنيا . وبما ان اغلب المجتمعات العربية غارقة في الامية والجهل والفقر نرى اثر هذه الفتاوى بقوة في الشارع العربي .وها هي المسكينة الصحفية السودانية ( لبنى) تجلد لمجرد ارتدائها بنطال .واحاديث بيع البنات القصر في اليمن ومصر والسعودية والقتل العار بأسم غسل العار في الاردن وغيرها مما تندى له الجبين وكأن الغش والسرقة والرشوة والزنا بالمحارم والنفاق والنميمة والغدر والحروب المفتعلة والتفجيرات وقتل الابرياء والتخلف في كل شئ ليست عارا .وهكذا ستبقى المرأة والرجل في بلدان الاعرب على حد سواء في قهر و ظلم وعذاب مستمر مادام الاموال تصرف وبشكل جنوني على هؤلاء الدعاة المدعيين وهذه الفضائيات الغارقة بالجهلة وهذا القتل والتحريم والفتاوى المدفوعة الاجر لاجل بقاء اناس معينين ومرفوضين من الشعب يتحكون بالعباد والبلاد.علما كل هذه الضغوط على الفرد العربي والتحجيم والتحجيب وخنق الحريات الا ان البلدان العربية مكشوفه لكل من هب ودب المهم ان لا يكون عربي والحريات يتمتع بها الغرباء فقط و اصحاب الشأن يتحسرون عليها . ولكن الم يدرك هؤلاء بأن الانسان ذو قيمة حياتية كبيرة وسخرت لخدمة كل مافي الوجود( ولقد كرمنا بني ادم)( الاسراء 70). تم ان الفلسفة اعتبرت الانسان من اهم موضاعاتها فمعرفة الذات عند ديكارت هي بداية المعارف اليقينية واغلب الفلاسفة مثل سارتر وفوكو جعلوا الانسان ارقى محور فلسفي لكتاباتهم ناهيك عن الفلسفة الاسلامية كيف فتحت الابواب امام الابداع. ولكن الواقع يترجم مأساة العرب من خلال التقارير الصادرة عن الامم المتحدة للتنمية البشرية تشير الى نسبة الانتهاكات الحادة والمتواصلة لحقوق الانسان في البلاد العربية وخاصة النساء والشباب والاطفال فاقت التصورات ودعت الى تغير القوانين والاعراف الاجتماعية والتأكيد على التعددية السياسية والمعرفة الفكرية المتنوعة ولكن لا حياة لمن تنادي . فهل لنا يا امة الاسلام ان نتعلم من تجارب الاخرين ؟!!وهل لنا ان ننعم بالحريه بأبسط مفاهيما في العيش والسكن والتعليم والملبس والمعتقد و نلتفت الى مشاكل اخرى اهم . يا اخوان انظرو للعالم من حولنا كيف يعيش ويتطور وينعم بالسلام والتقدم الا نحن لازلنا نراوح في اماكننا و على رأي( جبر) من بطنون امهاتنا للقبور !!!