عفواً يا ابنتي



ديما احمد صالح
2009 / 9 / 28


القاضي: عفواً يا ابنتي، أين هو ولي أمرك الشرعي؟
الفتاة: أنا ولية نفسي
القاضي: لا يجوز للفتاة البكر أن تزوج نفسها بغير ولي
الفتاة: انا فتاة متعلمة!!بالغة عاقلة!! من حقي أن أزوج نفسي
القاضي بحسم: لا نكاح بلا ولي


تعريف الولي في مسألة الزواج حسب الفقيه المالكي ابن عرفة: (الولي من له على المرأة ملك أو أبوة أو تعصيب أو إيصاء أو كفالة أو سلطنة أو ذو إسلام).

حصر الفقهاء أنواع ولاية التزويج في ثلاثة أنواع وهي:" ولاية الإجبار" وتعني أن الولي ينفرد برأيه في تزويج من تحت ولايته دون أن يكون للمولى عليه حق الرفض والاعتراض، "ولاية الندب والاستحباب" وتعني أن المرأة يستحب لها أن تأذن لوليها بأن يزوجها أي يباشر عقد تزويجها بإذنها وموافقتها، و "ولاية الشركة" وتعني أن لا بد من اشتراك الولي وموليته في الرضا بالزواج.
إن موضوع الزواج وحق الاختيار من الأمور المصيرية في حياة الانسان، فحياة الانسان تمر بمراحل عديدة منها الولادة، الزواج والموت. والولادة والموت لا خيار للإنسان فيهما، أما الزواج فهو ما يستطيع الانسان أن يختار فيه شريك حياته الذي سيعيش معه حتى نهاية العمر. مع وضع شرط الولاية في الزواج للمرأة فإنه يحرمها من حق الاختيار ويضعه بيد الولي، فيكون أهم خيار في حياة المرأة في يد شخص غيرها.
إنه لواقع غريب، ففي الوقت الذي قطعت فيه المرأة شوطاً كبيراً في كافة العلوم ومجالات الحياة، فأصبحت وزيرة، طبيبة، استاذة، مهندسة، محامية، قاضية ....إلا أنها لا زالت حينما تقرر ان تتزوج فيجب أن يكون لها ولي!! فهل هذه المرأة التي خاضت معترك الحياة العلمية والعملية بقاصر عن أن تُزوج نفسها؟ هل هذه المرأة التي تسن التشريعات والقوانين وتدير الشركات والمؤسسات ليست بالقادرة على أن تنفذ أهم خيار في حياتها؟
ثم أمن المنطق ان الفتاة الثيب ذات ال 18 سنة الحق في تزويج نفسها، بينما قاضية تعمل على الحكم بين الناس و تقوم بتزويجهم، وعندما تريد أن تزوج نفسها لا يحق لها ذلك إلا عن طريق ولي !! هل هذا يعني أن درجة وعي المرأة ووصولها للسن القانوني لا يكفيان في جعلها في نظر قانون الأحوال الشخصية بالقادرة على تزويج نفسها ؟وهل يعني هذا أن بكارة المرأة هي الحد الفاصل في قضية الولاية؟؟
ينص الإعلان العالمي على انه يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة و الحقوق .للرجل و المرأة متى أدركا سن البلوغ حق الزواج و تأسيس أسرة دون قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين و هما يتساويان في الحقوق... وتبرز هذه النقطة في اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المراة في المادة 16 من حيث المساواة بين الزوج والزوجة في كافة القضايا التي تتعلق في موضوع الزواج وإنهائه. كما يؤكد القانون الأساسي على مبداء المساواة في المادة 9 .
لكن قانون الاحوال الشخصية نظر إلى المرأة وكأنها انسان ناقص فهو قد اشترط زواجها بموافقة الوالي وهذا تقليل من شأن المراة وقواها العقلية، حيث أن معاملتها هنا مثل معاملة القاصر .
ولننتقل إلى شهادة المرأة، لماذا شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل؟؟ هل هي نصف انسان؟ أو أنها بنصف عقل؟؟ لكن العلم يُجزم أن تركيبة الجسم والدماغ لدى المرأة لا تختلف عن الرجل إلا من ناحية الهرمونات الذكرية والأنثوية و الجهاز التناسلي وعملية الولادة.
يبرز التناقض أيضاً في أن المرأة تشهد في قضايا وتكون نصف شاهد في قضايا أخرى، وهذا يُعيدنا إلى قضية توحيد القوانين، فكيف يمنح القانون الأهلية القانونية للمرأة بعد سن الثامنة عشر في قانون الانتخابات، العقوبات، المعاملات التجارية والمدنية؟ بينما في قضية الشهادة يقوم بحصر شهاداتها بقضايا معينة؟
إن الحجج التي يقوم الفقهاء بوضعها من حيث أن المرأة عاطفية وليس لها خبرة في المحيط الخارجي وأن ذاكرتها ضعيفة، هي بالحجج الواهية التي لا أساس لها. فقضية العاطفة والذاكرة هي مبررات واهية قامت بترويجها فئة معينة و أصبحت من المسلمات. فالمرأة والرجل إنسان، وهنا يقودنا هذا إلى أنهما من فصيلة واحدة ولهما نفس القدرات العاطفية والعقلية والجسمية، إلا أن المجتمع يعطي دور للرجل في أن يبرز في كافة المجالات العقلية والجسمية، بينما يحصر المرأة في دائرة العاطفة والضعف الخ..
وهنا نعود إلى ما تم ذكره مراراً وتكراراً، في أن وضع المرأة قد اختلف عما كان عليه في عصر الاسلام ، فلو أن المرأة عاطفية لما وجدنا نساء في مجال الجراحة والذي يحتاج إلى برود أعصاب وشجاعة!! ولو أن المرأة ذاكرتها ضعيفة لما وجدناها في مجالات مثل الشريعة، القانون والقضاء والذي يحتاج إلى ذاكرة فولاذية !! ولو أن المرأة لا تستطيع أن تتعامل مع التجارة والأرقام، لما وجدنا محاسابات ومديرات في أكبر الشركات المالية!! ولو أن المرأة ضعيفة، فيكفي أن نتذكر معجزة الولادة لدى المرأة والتي ألمها يؤدي إلى إنهيار أقوى رجال الكرة الأرضية.