حريات الرجل ... وحرية المرأة ......



امنة محمد باقر
2009 / 10 / 13

للرجال وحدهم حق اختيار المرأة للزواج مثلاً ... ولاتملك هي ان تختار .. الا بعد ان يختارها الرجل .. ولعل ذلك هو من متلازمات القدر .. يعني انك لا تستطيع مثلا ان تبدأ بنقطة الصفر الا في متغير واحد اسمه الرجل .. وبعدها يأتي دور المتغير رقم اثنين وهو المرأة ...
او ان هذا الامر هو من البديهيات التي تشبه بديهية اقرب مسافة بين نقطتين خط مستقيم .. ولانستطيع تجاوزها ..
للرجل حريات ... متعددة .. وللمرأة حرية واحدة تبحث عنها .. ولم تجد لها تعريفا ... مرة تسميها المساواة .. ومرة تسميها حقوق المرأة ... ومرة تسميها .. حرية التعبير .. ومرة تسميها حرية السفر .. ولكنها في كل الاحوال حرية واحدة .. حرية الاختيار .. ان تختار .. ان يكون لها حق في انت تختار كما الرجال .......
الرجل اذا اراد السفر .. فقط يقرر في دقيقة او اقل من لمح البصر ، وفي اليوم الثاني هو في بغداد .. قد تكون المسألة تابعة للناحية الامنية ، فحتى عائلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما هاجرت كان لها من يرعاها مثلا ..
ولكن عند افتراض قيمة متساوية .. مثلا ان تكون هنالك سفرة الى بلد ما .. ويقال لامرأة ورجل كلاهما مهندسين في دائرة ما .. ترفض المرأة السفر .. لان حق اختياره غير عائد لها بل لاهل المنطقة مثلا .. ولاهلها ولاخوتها الذين يقولون نحن نعيش في منطقة عليك مراعاة ادابها واصولها ... حتى المنطقة لها دخل في سفر س من النساء ...
واما الرجل المهندس فيسافر .. ويأتي لكي ينال ترقية .. اثر الدورة التدريبية الفلانية .. وتبقى زميلته المهندسة تراوح في مكانها .......
وعندما قبلوا ذلك الرجل في كلية الهندسة كان يحق له ان يدخل بمعدل اقل من اخته المرأة بالتأكيد .. وهذه امور لا احب الخوض بها ... الان ..
ثم يأتي الرجل لكي يخرج عصر اليوم فقد تعب من العمل .. يريد ان يخرج .. وزميلته هي الاخرى في البيت تريد ان تذهب الى شوبنك ... في السوق الذي يألفه كل منهما .. تذهب هي مع الوالدة .. لانه افضل من الناحية الامنية كونها هي امرأة ... اما الاخ المهندس الزميل .. فأنه يذهب لوحده عادة .. يلتقي هنالك وفي بداية السوق الكبير شلة الزملاء ويسلم ويقف في بداية الشارع او نهايته لافرق .. وتأتي زميلته مع امها .. تمشي الهوينى .. وعلى جانب الطريق ... لانها الحمل الوديع ... طبعا هي لاتريد ان تكون مثله ... لكن الفارق في الحريات كبير.. احيانا يكون لحفظ تلك الزميلة الجوهرة من قطاع الطريق .. لابأس اعتقد ... ولكن حتى حين ..
ثم تشتري تلك البنت على عجالة ما تريد ، وعليها ان تعود مثل ساندريللا بل اقل من ساندريللا .. لانها يجب ان تعود قبل مغيب الشمس هي وامها ولا تدخل البيت في تمام الساعة التاسعة مساءا لان قلبها يظل يدق خوفا وهلعا من ان يتمتم اخاها بكلمات .. او يلحظها ابناء الجيران تعود في وقت المساء .. اما ساندريللا فلا تقلق الا بعد منصف الليل ...
على اي حال يبقى الزميل يتأخر الى ماشاء الله له .. ويأتي الى اهله غضبان اسفا .. لانه لم يتعشى في الخارج .. ووجد العائلة لم تترك له حصته من العشاء .. وتقوم على خدمته اخواته الستة او السبعة .. يتسابقن في خدمة الامير الهمام ...
اما زميلته فلا تأكل لانها جاءت متأخرة وبدأت معدتها تؤلما من شدة الخوف لتأخرها لحد التاسعة .. امها معها بالطبع .. ولكن هكذا هو الحال .. كل مرة تأتي متأخرة .. تقوم الدنيا ولاتقعد في بيتهم ..
اما بنات الجيران ، فيحسدنها ... هي تمتلك اكبر قدر من الحرية من الممكن ان تحظى به الفتيات في حيهم .. لانهن لم يكملن الدراسة .. ولا سافرن الى محافظة اخرى وجامعة اخرى مثلها للدراسة .. ولكنهن اوفر حظا هي لازالت لوحدها تعاني الوحدة وهن تزوجن ... هذا ما يفخرن به .. ولايهم اي نوع من الحرية تملك او ان كن يعرفن اي شئ عن الحرية والحقوق ... المهم انهن خلصن من السنة المجتمع الظالمة وتزوجن ...
اما بالنسبة الى حرية التعبير .. فهي لاتستطيع ان تتكلم بصوت عالي لانها امرأة ... فكيف الحال لو قامت والقت الاشعار التي تحمل في كتابها .. امام الملأ من الجمهور .. كيف لو قرأت تلكم الخواطر .. عن قيس .. وليلاه وما شابه .. لايحق لها .. ستنقص من قدرها وهي يفترض ان تتصرف كأمرأة جليلة ... وجميلة ...كيف لاتفقد قدرها وعطرها .. بسبب من شئ تافه اسمه الحرية ...
اما الزميل فيحفظ كافة اشعار الدارمي .. الهوجاء .. او الفصحى التي تتغزل بالنساء .. وهي لم تستطع حتى ان تفتح كتابا في الغزل .. فقد حق له وما حق لها ... لان الامر كله يقع تحت مايسمى ب طيف حريات الرجل ... وحدود حرية المرأة ...
وطبعا لست ممن يريد ان يسكب الحرية من وعاء العسل الذي يصله الرجل الدب .. ولاتصله المرأة النملة .. ولكن فقط لكي نعقد مقارنة .. فيما يحق للرجل .. وما لايحق للمرأة ... حين لو تمعنا تكون الامور تافهة جدا ...
وان الطامة الكبرى التي اسى فعلا لها هي ان تعيش المرأة تنتظر رجلا ... طيلة سني عمرها .. لكي يطلب يدها .. صحيح انه يطلب .. واما ان يعطى او لا ... ولكن هي تعيش مرحلة من العبودية قبل الزواج .. عليها ان تتصرف بقيود وحدود تقيد حتى ضحكتها .. واذا تزوجت يحق لها بعد ذلك ان تكون ضحكتها عالية وتقهقه كما شاءت .....
ان الامر فيه من العبودية الشئ الكثير .. تعاني النساء كثيرا من كلمات المجتمع الظالمة من اقرانهن والعجائز واهل المنطقة .. واذا خرجت الى العمل كل يوم يسألون اين هي ذاهبة .. وهل لازالت تلك الفتاة على ذلك الحال .. كأنها قد ارتكبت جريمة .. وهي جريمة لا يد لها فيها .. ولكن المجتمع يحاسب عليها حسابا عسيرا .. ولايحاسب الرجل من جهة اخرى على مجونه ... وعلى اربعين صديقة وحبيبة .. والقاب شتى يستعبد بها عدة نساء ... لانه يملك كل الحريات .. وهي حتى الحرية الطبيعية المتمثلة بتقرير حق المصير في الزواج لاتملكها ...
انني اقارن هذا الامر بأمور اخرى تحدث في مجتمعنا .. فأراه مسألة فيها من التناقض الكثير .. واما تناقضات موقع العمل فحدث ولاحرج .. الفتاة التي تعمل بوظيفة فني او فنية .. تأخذ اقل من مرتب اقرانها من الرجال الفنيين تلقائيا .. حتى في المكافآت ... الظاهر ان حكم الجاهلية لازال ساريا بطريقة لا ارادية ..
في الدول الاخرى مثلا هنالك احصائيات عامة عن نوع الاعمال التي تعملها النساء ، وعن مستوى اجور النساء مقارنة باجور الرجال .. وتوجد طرق خاصة لتقرير ذلك .. ولكن حين يقترن الامر بالنساء في بلادنا العربية .. ترى الامر مختلف تماما ..
على اي حال ... انصح النساء بأن يبحثن في امر حرية واحدة .. من الحريات العديدة التي يطالبن بها ... حرية الاختيار ، وحرية التصرف داخل الاسرة .. قبل ان يقفزن الى حرية السفر وما شابه .. السفر متاح لكل احد .. ولكن هل تملك كل امرأة حق تقرير مصيرها ... ؟ في كل ما يختص بحياتها .. ارى نساء كثيرات بارعات وناشطات في مجال حقوق الانسان من ناحية عملية ... ولكن يفتقرن هن انفسهن الى حق تقرير المصير في ما يختص بشؤونهن الحياتية ... ولا اريد ان اختم كلامي بعبارة ضبابية ... ولكن ...!!