المرأة العربية : التقاليد والمعاصرة !



امنة محمد باقر
2009 / 10 / 17

تفترض الحياة العصرية على المرأة العصرية ان تكون سوبر وومن ، من حيث الاناقة ، والفاشن ، والنحافة واللياقة ! اضف الى قيادة السيارة والحصول على الشهادة الجامعية ، ثم الظهور كسيدة مجتمع .. وطبعا وبكل تأكيد ان تكون لها القابلية على العمل والسفر ، وان تستخدم شهادتها الجامعية ، حتى لو كانت من اسرة متمكنة ماليا ، هي يجب ان تستخدم شهادتها ، والا مافائدة تلك الدراسة ..
ثم يأتي المجتمع ليلعب لعبته معها ، فهي يجب ان تكون ذكية بما فيه الكفاية لاصطياد رجل ! اعني الذكاء الاجتماعي ! وليس الذكاء الاكاديمي ، لاننا افترضنا انها استخدمته في الحصول على شهادة !
لكن الان عليها ان تستخدم ذكائها الاجتماعي ولربما ذكاء امها ايضا لكي تحصل على زوج !
وبعدها عليها ان تكون حصيفة بما فيه الكفاية لتنشئة الاولاد ، فهي المعلمة والمربية والطباخة والسائقة وكل شئ !!
تعرفون ان العرب يستخدمون نساءهم كثيرا !! They use their women a lot
ومن جهة ثانية ، يأتي دور الدين الذي يفرض عليها فتاوى معينة ، واحيانا تخدع بعض النساء بفتاوى معقدة ، حتى ان بعضهم لا يخرجن الى الشارع اذا كان هنالك يوم عاصف ، كي لا تظهر العباءة مثلا ضربات الهواء على قدها الانثوي الجميل !
المهم قد يأتي لها البعض بفتاوى تقول مثلا : لاتزاحمي الرجال في الباص ! فتخاف المسكينة من ركوب الباص !
ثم يأتي اخر ويقول لها : لا تلبس الكعب العالي ! فيدققون عليها ويشددون فوق ما يفتي الدين !
وان الطرفة عن العربية التي قال لها زوجها: ان نزلت الدرج فأنت طالق وان صعدت فطالق ، وان وقفت فطالق ، فما كان لها الا ان طارت اليه وقفزت على زوجها ليقول لها فداك ابي وامي !!
وتلك المرأة يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات الدينية ، وهذه قد يسهل امرها ، بالرجوع الى كتاب مثلا ومعرفة ما ينطبق عليها وما لاينطبق دون الاهتمام بتراهات البعض الذي لا يطبق ما يقتضيه بعض الاحكام الدينية تجاه المرأة من كونها تتطوع للعمل في البيت وهي ليست ملزمة بالمسؤوليات المنزلية ، وانما تفعلها عن طيب خاطر !!
هذه الفتوى لايعرفونها ، لانهم يسخرون قوى المرأة لكافة احتياجاتهم ، تذكرني المرأة العربية احيانا بقطار حمولات ثقيلة ! او بماكنة ست البيت : العجانة ، الطحانة ... الخ
وحتى الامور التي كان العرب يفخرون بها ، بدأ البعض يتناساها ، يقول لك مثلا ، اتزوج موظفة تصرف على البيت ! وهذه لاتدخل في باب المعاصرة برأيي بقدر دخولها في حيز الدونية ! ( من دناءة النفس ، ودناءة التفكير ، ودناءة القدر ! )
وقد يرى البعض بأن المعاصرة تتطلب ذلك ، ولكن ماذا مثلا لو ان تلك المرأة مرضت ، ستفقد اذن اهم مقوم تزوجها الرجل لاجله وهو مالها او وظيفتها !! من سيقوم بالمعيشة ساعتها ؟ وكيف ستقوم شؤون ذلك المنزل ؟
فعقدة الدين تحل لو كانت لوحدها ، لان هنالك موارد هي في الحقيقة في صالح المرأة ! حتى مسألة قوامون ، يقصد بها تدليل المرأة من الناحية المعاشية والاقتصادية ، فهي لاتصرف ، هو يصرف ! لكن هم اخذوها كقوامة رئيس القوم !! اي ان يمتلك من المرأة كل امورها ! اعرف امرأة من هذا النوع ، كانت جميلة وتراعي زوجها في كل صغيرة وكبيرة ولاتخرج حتى لزيارة اهلها ، تريد ان تطبق عهد الرسول وتعاليمه مع رجل خبيث ، في النهاية طلقها ! ولم يشفع لها مالها ولاجمالها ! ولا طاعتها العمياء !
واستخدام المرأة في الثقافة العربية ، قد تغطيه الشعارات الرنانة عن الرجولة ، وعنتريات ابي زيد الهلالي ! لكن حقيقة الامر ان المرأة في الريف ، في الحقل ، في المزرعة ، في المرعى ، وفي معمل الطابوق ، وقد يكون زوجها يتسكع في سوق المدينة ، يشتري عطرا لامرأة اخرى يريد الزواج بها ، لان زوجته الاولى التي انجبت الاولاد ، وحصدت المزرعة قد هزل جسمها ، وذوى شبابها ، وهو يريد امرأة باكر من القرية المجاورة يمتلك والدها بضعة اراضي ، قد تلد له ولدا اخر ، ويقضي معها وقته .. خيرا من زوجته التي تزوجها صغيرة غضة بضة ، والان تعبت وارهقتها سنين الحقل !
اما المعاصرة فهي تناضل من اجل اثبات نفسها فيها ، تريد ان تثبت انها تستطيع ان تحضر كافة المؤتمرات الدولية ، وتسافر لكافة الايفادات الى الصين او اليابان ، تماما كزميلها الرجل ، واذا سافرت عانت من الشعور بالذنب ، لان الضمير الجمعي الذي في رأسها يقول لها : المجتمع ، الجيران ، الدين ، التقاليد .... وترى رأس العربية تمخره شتى الافكار ، تصدع رأسها وهي تركب الطائرة متجهة بها ايفاد صغير خجول الى الاردن !
وتأتي بعدها كافة الموظفات ، المخمليات ، التاريخيات في الدائرة ، واللواتي لم يكملن تعليمهن الجامعي مثلا ، كاتبة او عاملة نظافة او ما شابه لكي تقول لها ، كيف تجرأت على السفر لوحدك دون احدما يصحبك من اهلك ؟ وانت لازلت غير متزوجة ، وقد يؤثر ذلك على فرصك في الزواج كونك سافرت مع موظفي الوزارة من محافظات اخرى ....
والمعاصرة تقتضي ايضا ان تخفف شيئا من وزنها ، ولكن نساء الحي يعتقدن ان شيئا من اللحم لابد منه لاثبات انوثتها !
والمعاصرة تقتضي ان تكون حرة هي في كل ما تقرره ، والا فهي ليست امرأة متكاملة ! ولكن قلبها الرؤوف لا يستطيع ان يتناسى او يتجاوز اخاها ورأيه ، فهي تحترمه وتقدره ولا تستطيع تجاوزه ، ورأي امها وابيها ! فمن اين جاءتها الاستقلالية والمعاصرة اذن ؟ قد يكون من اللطيف ان تقتدي بجانب من الدين يقول لها امرهم شورى بينهم .. ولكن قد تضطر كي تدخل معركة مع اخيها او ابيها لكي تفرض رأيا ما وهذا لاتريده نساءنا ذوات القلوب الطيبة اللواتي يشعرن بالذنب ان لم يطعن الاسرة !!
والتقاليد عادة مايكون تأثيرها اقوى من الدين ... والمعاصرة قد تجلب لها شعورا بالذنب حول امور قد تعتقدها خلاف الدين ..
في هذا كله على المرأة العربية ، الشرقية ، كل نساء العرب ... عليهن ان يثبتن للعالم اجمع ان الدين لايمنعهن من المعاصرة ، وخاصة المحجبات منهن ، عليهن ان يثبتن انهن يناسبن كل مجال .. السياسة الاقتصاد ، الثقافة ... لافرق عن الاخريات وهي ان كانت تحترم الدين ، فلن تحرم المعاصرة .. وعليها ان تثبت للتقاليد بأنها احق بها واهلها ، وانها فتاة محتشمة محترمة جدا ... جديرة سمعتها بأن يخطب ودها كل رجال الحي ... ويحلفون بأسمها ... وعليها ان تثبت انها خجولة بما فيه الكفاية ... فحياء الفتاة .. جمالها الذي لا جمال لها سواه كما يقول المنفلوطي !!
هارد لاك او كود لاك .... في رحلتك في عالم التوافقية سيدتي العربية ...