(ختان الفتيات) عنف تتعرض له النساء في بعض قرى كردستان



انتصار الميالي
2009 / 10 / 22

يعد الحديث عن قضايا عنف المرأة امراً مثيرا للجدل مهما كانت أنواعه وإشكاله، فكيف لو تحدثنا عن ( ختان الفتيات)..؟؟؟
أن الخوض وحده في هذه الموضوعة قد يراه البعض مجازفة وقد تكلفني الكثير وعليَّ إن أكون مستعدة للردود والتعليقات التي قد تنال من الموضوع مرة ومني مرات عديدة ومن المرأة على وجه الخصوص ملايين المرات، فهناك من يرى كيف لامرأة إن تقتحم هذا المجال وتكتب فيه،وكأن الكتابة فيها مايخص الرجل ولايخص المرأة.

أن ختان الفتيات يندرج تحت مفهوم قطع الأعضاء التناسلية للأنثى (والذي يعرف أيضا بتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى أو ختان المرأة). ومن شأن هذا العمل إن يترك أثرا رهيبا وعواقب طويلة المدى على الصحة العقلية والبدنية للفتاة،حيث يمكن إن ينتج عنه نزيف حاد، وإصابات أخرى وكذلك ازدياد العرضة إلى خطر حدوث النزيف الذي يؤدي إلى الوفاة.
هذا أذا أخذنا بعين الاعتبار ضعف بعض الأسباب التي قد تذكر ومنها ماهو الأسوأ وهو قتل غريزة الإحساس لدى المرأة.
ومع إنها ممارسة غير شائعة أبدا في جنوب العراق، إلا انه يبدو إن تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة منتشر في المناطق النائية في شمال العراق، ووفق احد التقارير ارتفعت حالات ختان المرأة إلى مستويات عالية ومفاجئة في إقليم كردستان العراق. وهي منطقة لايوجد فيها تاريخ سابق في هذه الممارسة (تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2005).وعبر منظمة العفو الدولية اتضح أن بين أيلول وتشرين الثاني من العام 2004 أجرت منظمة غير حكومية دولية ذات تواجد كبير في كردستان العراق تدعى وادي (wadi) مقابلات مع 1544 امرأة وفتاة في منطقة جيرميان القروية التابعة لمحافظة السليمانية ظهر فيها إن 977 منهن ذكرن أنهن كن عرضة للممارسة (بيان صحفي USAID شباط 2006).
إن انتشار ختان المرأة في كردستان مبني على ممارسات دينية وتقليدية ومع إن الممارسة مبنية بشكلها الأساسي على العادات،وتعتبر الكثير من المناطق الريفية بأن الممارسة مطلوبة في الشريعة الإسلامية. وتلعب الضغوط الاجتماعية دورا أيضا، ماتزال المرأة تعتبر غير محتشمة أذا لم تكن قد اجري لها الختان.
وتعلم المرأة في بعض الأحيان على الاعتقاد بان الطعام المطهو من قبل المرأة التي لم يجري لها الختان غير نظيف وان المرأة التي اجري لها الختان تكن حبا لعائلتها.
وأشار العاملون في منظمة وادي إلى إن امرأة تزوجت حديثا كانت تعامل بطريقة سيئة جدا من قبل أهل زوجها إلى درجة أنها أجرت العملية على نفسها لتكسب محبة العائلة ولاتكون عارا عليهم.ولازالت هذه الظاهرة أخذة في الازدياد في بعض قرى الإقليم ولاتوجد أحكام قانونية تجرم هذه الممارسة.
وبحسب المصادر الكردية، فان هذه الظاهرة اختفت في كردستان منذ نحو أربعة عقود، لكنها عاودت الظهور مجدداً بعد عام 1991 حينما قدِم آلاف الغرباء من الجزيرة العربية ودول شمال أفريقيا ووسط آسيا عبر إيران إلى القرى الكردية للعمل مع تنظيم أنصار الإسلام كواحد من التنظيمات السلفية التي برزت في مناطق الإقليم .
وتقول منظمة وادي التي تعمل في كردستان منذ عشر سنوات، أن ظاهرة ختان النساء تنتشر في القرى، إذ أن إعدادا كبيرة من العوائل الكردية تلجأ إلى هذا الأسلوب كجزء من عرف اجتماعي موروث، مضيفة أن الظاهرة تتركز في حلبجة وكيرميان والقرى والبلدات المتاخمة لكركوك .
وإضافة إلى أن المنظمة أجرت بحثا ميدانيا شمل 124 قرية من القرى التابعة لمحافظات اربيل وكركوك والسليمانية اظهر أن 3188 امرأة من مجموع 3981 امرأة تم اللقاء بهن قد تعرضن لعمليات الختان.
وتقول إحصائيات تابعة لوزارة الصحة أن مثل هذه الانتهاكات ومشاكل اجتماعية أخرى تدفع بالنساء في إقليم كردستان إلى الانتحار عن طريق حرق أنفسهن أو باستخدام أسلحة شخصية.
وتضيف الإحصائيات أن 1711 امرأة في محافظة اربيل لوحدها حاولن الانتحار بهذه الطريقة العام الماضي وان العديد منهن انتحرن عن طريق استخدام أسلحة شخصية.
وتعزى ظاهرة ازدياد بعض حالات الانتحار بين النساء في إقليم كردستان إلى شيوع ظاهرة الختان، والمعاملة السيئة التي تتعرض لها المرأة الكردية، لاسيما في المجتمعات القروية، إشارة إلى أن من يقمن بعملية الختان هن قابلات أميات لم يعطهن احد الحق باقتطاع جزء من أجساد تلك الفتيات بطريقة بعيدة عن كل المقومات الصحية .
حيث أن ثقافة المجتمع الموروثة تلقي بظلالها علي التقاليد الاجتماعية لكل مجتمع، وفي المجتمع الكردي وخاصة الريفي فان المرأة غير المختونة تعتبر امرأة قذرة ولا يجوز أن تتولي أمور تدبـير منزلـها وبخاصـة طبـخ الطـعام.ويؤكد البعض أن عمليات الختان يقصد منها الحفاظ على عفة المرأة بقتل الرغبة الجنسية فيها.
وتتهم المنظمات غير الحكومية في إقليم كردستان المؤسسات الحكومية وبخاصة القضائية منها بالوقوع تحت تأثير الأعراف والعادات القبلية وتقول أنها تشجع الناس لارتكاب المخالفات وإيجاد مخرج للبقاء بعيدا عن المحاسبة..
وبحسب منظمة وادي فان حملة واسعة يقوم بها بعض الأطباء ورجال دين ومنظمات إنسانية تعنى بحقوق المرأة لجمع التواقيع لمنع ظاهرة ختان الفتيات في إقليم كردستان العراق، استناداً إلى نص قانوني في معاهدة الأمم المتحدة التي تنص (يجب حماية المرأة من الختان).
هنا تتولد لدي شكوك حقيقية بهذا الادعاء وربما تحتاج المنظمة إلى تقديم أدلة أكثر على ذلك فظاهرة الختان محصورة في بعض القرى النائية كما يعلم الجميع، وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته المنظمة حول موضوع الختان وهذا واضح من النسب الإحصائية وأعداد النساء التي تم اللقاء بهن.
لكن قد تبالغ المنظمة بتصوير الظاهرة وكأنها حالة عامة بدليل أنها تورد أرقام تقصد منها تعميم الحالة بدلاً من أظهار الحجم الحقيقي لها. فمثلا وكما جرى ذكره (أن المنظمة أجرت بحثا ميدانيا شمل 124 قرية من القرى التابعة لمحافظات اربيل وكركوك والسليمانية اظهر أن 3188 امرأة من مجموع 3981 امرأة تم اللقاء بهن قد تعرضن لعمليات الختان.
ربما كانت الأرقام أعلاه تمثل مجموع النساء المختونات في الإقليم وفي هذه الحالة تقل النسبة النهائية إلى المجموع الكلي.
ولو اعتمدت النسبة أعلاه في التقييم لخرجنا بنتيجة أن 80% من نساء كردستان مختونات وهذا أمر غير صحيح أطلاقا..؟!!
إلى جانب ذلك سعت الكثير من المنظمات لتقديم مذكرة مدعومة بالتواقيع إلى رئاسة الإقليم وبرلمان كردستان للمطالبة بإصدار قانون لوقف وإنهاء ظاهرة ختان الفتيات في إقليم كردستان، بالإضافة إلى تشريع قانون يحاسب المخالفين. يبقى السؤال متى تستطيع الجهات الرسمية والمؤسسات ذات العلاقة إن تأخذ على عاتقها متابعة القضايا التي تسيء للمرأة وتعرضها للعنف وتستقصي عنها، وتحاول جاهدة من اجل أيجاد الحلول والمعالجات لتذليل حجم الإضرار التي تتعرض لها المرأة وبالتعاون مع كافة الجهات والإطراف ذات العلاقة كالمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المختلفة في توعية النساء والرجال بأضرار ومساوئ هذه الظاهرة الغير صحية، كذلك تطبيق النصوص للمعاهدات والاتفاقيات الدولية (سيداو- المادة 2- (و) النص:
"اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو أبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة".

وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة في الأمم المتحدة- المادة 4 الفقرات (ج) النص:
"إن تجتهد الاجتهاد الواجب في درء أفعال العنف ضد المرأة، والتحقيق فيه والمعاقبة عليها، وفقا للقوانين الوطنية، سواء ارتكبت الدولة تلك الأفعال أو ارتكبها الإفراد".

(د) النص " إن تدرج في القوانين المحلية جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل أدارية بحق من يصيبون النساء بالإضرار بإيقاع العنف عليهن، وان تؤمن للنساء تعويضا عن هذه الأضرار، وينبغي إن تفتح فرص الوصول إلى آليات العدالة أمام النساء اللواتي يتعرضن للعنف، وان تتاح لهن حسبما تنص عليه القوانين الوطنية، سبل عادلة وفعالة للأنصاف من الأضرار التي تلحق بهن وينبغي للدول أيضا أعلام النساء بما لهن من حقوق في التماس التعويض من خلال هذه الآليات".

ويبقى الهم الذي يؤرقني ويؤرق الكثير من المهتمين (الحقيقيين) بقضايا المرأة هو متى يتم رفع الحيف عن المرأة العراقية ومتى يتم تحريرها من العادات والممارسات القبلية التي باتت تعود بنا إلى زمن الظلم والوأد والجهل والقهر والاستغلال، والتي تضع المرأة في قفص الاتهام وظلم الأعراف والعنف الذي لاينتهي وبكافة أشكاله وممارساته المختلفة...؟؟؟؟
وتبقى الحاجة (ملحة) لنصوص وبنود دستورية تصون كرامتنا (كنساء) وتضمن لنا حق المساواة (كبشر) وإلا مافائدة الدساتير والحكومات التي تتحدث على إننا متساوون و..و؟..وعن حقنا في الحياة والأمن والحرية ولايجوز حرماننا منها أو تقييدها إلا وفقا للقانون..وهي غير قادرة حتى هذه اللحظة على ضمانها أو تطبيقها... ويبقى السؤال يتكرر متى والى متى???....ويبقى الجواب.. للأسف (لاادري)...!!؟