الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر: قضيتكِ قضيتنا



علي فردان
2004 / 6 / 4

(2 مايو 2004 م) الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر، كاتبة مبدعة كتبت مقالات عدة في أكثر من صحيفة ومجلة وموقع على الشبكة العنكبوتية، مثل صحيفة الوطن، Arab News، إيلاف ومجلة أنتي القطرية، المنتديات ومواقع حقوقية مثل المركز التقدمي لدراسات وأبحاث مساواة المرأة، المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة (أمان). كتاباتها لا تعبّر عن نفسها، بل عن كل بنات حواء في المملكة العربية السعودية، وكذلك تعبّر عن رأي الكثير من الرجال أيضاً، وأنا منهم، فكتاباتها تدخل القلب وتضرب أوتاره بقوة لأنها تتحدث عن واقع تعيشه ونعيشه معها؛ فهي ضد اضطهاد المرأة بأي شكل من الأشكال، بحجج واهية استناداً إلى سادية ورثها الرجل مع الزمن، أو تسلط بسبب غياب القانون أو وجود قوانين مجحفة بحق المرأة أو باسم الدين الإسلامي، والدين منه براء براءة الذئب من دم يوسف. الأستاذة الحويدر تم منعها من الكتابة في صحيفة الوطن في أغسطس 2003 م، وقبل مدة قصيرة تم منع مجلة "أنتي" القطرية من الدخول إلى المملكة لأنها تحتوي على كتاباتها.
المنع تم بقرار وقّعه مسفر المسفر، المستشار في وزارة الإعلام السعودية، وجاء في قرار المنع، كما نشرته وكالة الأخبار السعودية، بأن السبب هو المساس بثوابت الأمة والحديث عن أمور لا تقرّها الشريعة. والمقال التي تم على إثره إيقاف الكاتبة كما ذكرت جمعية الدفاع عن الصحفيين هو مقال تحدّثت فيه عن المشاكل الداخلية المستعصية وأن هناك وهم منـتشر بين فئات سعودية بان الحكومة الأمريكية لديها الحل الأمثل لها.
أولا قبل كل شيء، أقف احتراماً للكاتبة ولجهودها في الدفاع عن المرأة وعن حقوقها في مجتمع كما تقول عنه الأستاذة وجيهة "مجتمع ذكوري" يضطهد المرأة؛ مجتمع يبيح فيه للذكر ما يحرِّمه على الأنثى لأنها قاصر ولأنها سبب كل فتنة ومأساة، ولهذا فهي لا تجد تمثيلاً لها في أي مؤسسة حكومية، مستضعفة، مذلولة، مهانة، تكرّست فيها أفكار النقص وتشرّبت في أجيال قبلها وبعدها. هذه تقريباً بعض ما استطعت استخلاصه من كتابات الأستاذة الحويدر، فكتاباتها تتسم بالصراحة وبها الكثير من المكاشفة والمواجهة في الوقت الذي يفشل الكثير من الكتّاب في التعبير عن آرائهم خوفاً من الرقابة والمحاسبة والتي تشمل الإيقاف والطرد، وفي أحيان عدة الاستجواب وربما ينتهون بالسجن.
إن مطالب الأستاذة الحويدر ليس مطالب تعجيزية، ولا مطالب "علمانية" أو مطالب "كافرة"، بل هي مطالب كفلها الإسلام للمرأة، قبل 1400 عام، وكفلتها الأديان السماوية، وكفلتها القوانين الإنسانية على مدى عقود من الزمن، وهي المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وكذلك تحقيق العدالة ضد انتهاكات حقوق المرأة ورفع الوصاية التي عليها من المجتمع "الذكوري" الذي استباح حقوقها باسم الدين والعادات والتقاليد والخصوصية.
الأستاذة الحويدر لا تحتاج لدعم مني شخصياً، ولكن وقوفنا معها ضد حملة التغييب والإرهاب هو وقوفاً ضد كل أشكال القمع والتغييب للمجتمع المدني، هو وقوفاً ضد الديكتاتوريات التي تخنق الحريات، تخنق الفكر، تخنق القلم وتعامله كما لو كان هذا القلم سيارة مفخخة بالمتفجرات، وقوفاً مع حرية التعبير والحريات الدينية، وقوفاً مع الحق والعدل. لا يجب أن نتعام عن قضيتها ونتعامل معها على أنها حالة شاذة، بل هي حالة من حالات كثيرة، وإن كانت الحويدر أكثر جرأة وأرفع صوتاً في الحق والدفاع عن المرأة وهجومها المتكرر على كل ما هو ظلم وإجحاف، لكن المئات من الكتّاب والأكاديميين ممنوعون من الكتابة، والبعض تم طرده من وظيفته، وآخرون تم سجنهم. الأستاذة الحويدر تعرّضت من الظلاميين إلى التهديد لتكف عن كتاباتها الجريئة وانتقاداتها للتيار المتطرف الذي تلاعب ويتلاعب بالمرأة وحقوقها باسم "الدين" وقد نشرت تلك التهديدات في مقالة لها على موقع إيلاف.
وقوفنا داعمين للأستاذة الحويدر هو أن لا ننسى قضيتها وقضية المرأة عموماً في السعودية، بل قضية الإنسان وحقوقه المنتهكة من قبل الحكومة السعودية التي لم تكتفي بإيقافها عن الكتابة، بل بالصمت حيال التهديدات التي تعرّضت لها وتتعرض لها باستمرار، ولربما تنتظر الحكومة "الجليلة" حادثاً من هذا النوع، لا سمح الله، لتنوح بعد ذلك وتذرف دموع التماسيح على ما اقترفته يدها ضد كل إنسان حر مخلص لوطنه. الأستاذة الحويدر تؤمن بالحرية والمساواة، ترفض العصبية الجاهلية والقبلية، ترفض العنصرية، تنتقد علناً الديكتاتوريات في الشرق الأوسط وتُطالب بالتغيير السلمي، هذا التغيير الذي يجعلنا جزءاً من العالم، لا أن نبقى في كهوف تورا بورا. هذه المطالب هي التي جعلت الحكومة تترصد لها وتترصد لكل قلم حر. ندعو لكِ بالسلامة، ندعو لك بالتوفيق، نطالب برفع الظلم والحيف عنكِ، نرفض كل إجراءات الحكومة السعودية الظالمة ضدّك وضدّ غيرك من النساء والرجال، نحن معكِ ولن ننساكِ.

علي فردان
[email protected]