المرأة في الاسلام -2 



داليا علي
2009 / 11 / 21

لا شيء قادر علي إثارة علامات التعجب قدر مناقضة الناس لأنفسهم وتخيلهم إنهم يفلتوا بهذا التناقض لذكائهم او تخيلهم ضعف قدر وفهم الآخرين.
فلا شيء يثير العجب بقدر هذا التناقض في أقوال وأفعال الكثيرين,ويتعاظم التناقض غرابة عندما يصدر من أشخاص لهم مكانة في المجتمع او ممن لهم تأثير فيه, وفي نفس الوقت يفقد هذا التناقض هؤلاء الأشخاص المصداقية والسمعة طبعا في حالة إذا ما كان تابعيهم أصحاب عقول واعية وليسوا من تابعي نظام القطعان او المغيبين.
وما جعلني ابدأ كلامي اليوم بهذه الملحوظة هو إجماع جميع الكتاب والمعلقين المناهضين للدين والإسلام بالذات لجملة وتهمة مسبقة وحاضرة في كل كلماتهم كتهمة مسبقة لسبب كل ما يأتوا به تشويه للإسلام والمسلمين ألا وهي "إنكار الأخر" فتكون لزمه لفظية مع كل ما يقولونه إثباتا وتأكيدا علي مساوئ المسلمين والأخر وشاعت بينهم هذه العبارة واجتمعوا عليها وبرمجوا عقولهم علي ان هذا هو مبدأ الأخر وتفسير لكل ما يقوم به, بينما لو تأملنا الجملة وحللناها وفهمنا معناها حق لغويا وتعبيريا فهي تعني بمنتهي البساطة: إنكار الأخر في الوجود, والسعي إلي استئصاله, أو علي الأقل استثنائه من المشاركة في العمل العام.... وهنا من الطبيعي والمنطقي ان يتساءل أي قارئ للحوارات العديدة التي تدور حولنا هنا في هذه الساحة الحرة التي نحبها ونحاول جميعا الاستفادة مما تأتي به,, لابد ان نسأل من الذي ينكر الأخر؟؟؟ ومن الذي يستأصل الأخر ويسعى لان يستثنيه ويبعده ويقصيه من كل شيء؟؟؟؟ من الذي يهاجم ويكتب المقالات ويسرد هنا وهناك تعرضا للأخر؟؟؟؟
فالحوار يوميا يعرض أكثر من 150 مقال متنوع, ولو حاولنا متابعة هذه المقالات وعمل تحليل بسيط كم مقالة تهاجم الأخر بكل شكل ولون؟؟؟ واعتقد إننا كلنا نفهم إنني اقصد هنا بالأخر الإسلام والمسلمين, وبالمقابل كم مقالة يتعرض فيها المسلمين للإلحاد آو الكفر أو حتى العلمانية بالنقض او الهجوم والإقصاء الذي يصل للمطالبة بإلغاء الأخر تماما مثل مقالة صديقنا صلاح, او مقالة صديقنا شامل الذي يطالب بعودة أفعال الجاهلية و مع عرض نماذج يشمئز منها أي إنسان سوي, والغريب ان مؤيديه يتسابقوا للموافقة علي عودة هذه النماذج وكأنها نياشين يعلقونها علي صدور المرأة وليست إهانات وسب يصل للسبي لمشاعر أي امرأة سليمة تتمتع بأدنى مبادئ الخلق والعقل السليم و بينما لو بحثنا لوجدنا المقالات المقابلة ما هي إلا مقالات دفاعية وان تكلمت عن الدين فمن منطلق التعريف بما صح به ولا تتعرض للأخر ولا تنكره بأي صورة من الصور, ولكل قاعدة شواذ حتى لا يقال في مقاله هنا او هناك لكن الاتجاه العام لكل فريق واضح وصريح ولذلك عندما يتكلم فريق العمل ضد الإسلام واحدد الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يتم مهاجمته بالإجمال, عندما يتكلم هذا الفريق فهو يعمل في ثبات سواء من الكتاب او المعلقين في إنكار الأخر,,, وابلغ مثال يحضرني هنا سلسلة المقالات المتبادلة بين شامل ورعد والتي قد تكون قيمة إذا ما تكلمت عن فكر هذا الكاتب في العموم لكن لا تخلوا مقالاتهما من ربطها بفجاجة بالإسلام وكأنهم يكتبوا عنوان ليفتحوا بوابه للدخول في سجال طويل متكرر لنفس المنطق وبالنهاية نعود للتناقض ينكروا الأخر في كل كلمة ولفظ وصراحة ثم يزيلوا عباراتهم وكلماتهم بالعبارة الاسقاطية كما يقال في علم النفس يسقط ما يشعر به تجاه الأخر علي الأخر... ونري عبارة هم يفعلوا هذا وذاك لأنهم ينكروا الأخر....
وآسفة علي الإطالة في المقدمة ولنعود لموضوعنا
فقد تكلمنا في المقالة السابقة عن المرأة في الإسلام وعن الأعمال المختلفة التي اشتركت فيها المرأة المسلمة إبان عهد الرسول والصحابة فدعونا هنا اليوم نستكمل الكلام عن بعض الأعمال والسيدات المسلمات كأمثلة نعتز بها
فلنتكلم عن اسماء بنت أبي بكر الصديق. ولمكانة المرأة وإيمان الرسول بالمرأة وقدرتها علي حمل الأمانة والائتمان فقد ائتمنت علي سر الهجرة النبوية... وكان لها دور أساسي في النجاح الهجرة محافظة علي سريتها. وكانت بجانب ائتمانها علي بيت زوجها الزبير بن العوام فقد كانت تقوم بزراعة أرضه... مشاركة في العمل العام والخروج والعمل, ولم تكتفي بالزراعة وقت السلم لكنها شاركت في الغزوات وقت الحروب والدفاع عن الإسلام وكانت من المقاتلات... وبذلك لم يتم حجب عمل مثل القتال بما يحتاج من قوة خاصة وطبيعة قوية قد تقتصر علي الذكور ولم تكلف بها الإناث تكليفا لكنها لم تمنع منها فكانت تقاتل إذا ما كانت قادرة علي مشقة القتال وقادرة عليه,,, بمعني ان ما لم تكلف به المرأة لطبيعة مجمل التكوين الأنثوي لم يمنع ممن قدرن عليه فما لم يكلفن به لم يمنعن عنه.... ولكن عدم التكليف كان بغرض عدم تحميل غير القادرات مشقته, بجانب الزراعة والقتال كانت ترعي البيت وتسرج الفرس وتحضر الماء وتنقل النوى من ارض الزبير لبيتها علي رأسها
ويحضرني ان اذكر هنا موقف له دلاله واضحة علي المشاركة وسعة الأفق الإسلامي, فقد حكت اسماء إنها كانت تحمل النوى من ارض الزبير زوجها لبيتها وهو علي بعد ثلثي فرسخ.. فلقيت رسول الله مع نفر من الأنصار, فدعاها ليحملها خلفه فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته فقد كان من أغير الناس ورفضت, وعندما جاءت الزبير ذكرت له مقابلة الرسول وعرضه وتذكرها غيرته ورفضها. فقال: والله لحملك النوى كان اشد علي من ركوبك معه....
يا لها من عبارة جامعة شاملة,,,, تبين عطف وحب الرجل للمرأة وخوفه عليها وعلي مصلحتها.... واضعا هذا مقدما علي غيرته وما إلي ذلك مما يتقول به المتقولون علي المسلمين. وتظهر من ناحية أخري عكس ما يتقول به السفهاء عن الرسول وزوجاته والنساء ... فالزبير تمني لو كانت ركبت خلفه ...

ولنترك أسماء ونتكلم علي أم سلمه رضي الله عنها التي أنقذت بحكمتها ومشورتها الأمة المؤمنة من أزمة سياسية يوم الحديبية... وهي قصة ذات معاني فهي توضح مكانة عقل المرأة واحترام المسلمين لعقل المرأة بعكس المقولات والتقولات الخاصة بنقص العقل والدين
فقد جاء في البخاري قول الرسول عليه الصلاة والسلام بعد صلح الحديبية انه قال قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فو الله ما قام منهم رجل. حتى قال – الرسول ذلك ثلاث مرات, فلما لم يقم منهم احد دخل علي ا مسلمة (زوجته), فذكر لها ما لقي من الناس, فقالت أم سلمه: يا نبي الله, أتحبب ذلك؟ اخرج, ثم لا تكلم أحدا منهم حني تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج –الرسول فيم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك, فقاموا ونحروا, وجعل بعضهم يحلق بعض
يا لها من قصة
أولا: نسأل نفسنا عدة أسئلة هامة هنا
هل كان في قدرة المسلمين مخالفة الرسول عندما لا يقتنعوا؟؟؟ من الواضح نعم
هل كان الرسول يجب المسلمين لفعل ما يقوله ؟؟؟ اعتقد من الواضح أيضا لا
هل كان الرسول يشاور زوجاته ويعاملهم معاملة الندية؟؟؟ اعتقد من الواضح انه كان يشاورهم
هل كان الرسول وهو المنزل يستمع ويأخذ بنصيحة المرأة وبالتالي يثق في عقل المرأة ولا يتفهوها؟؟؟؟ البيان واضح جدا جدا وما أجمله وما أجمل ما يحمل من فكر لو لم تغل قلوب المغرضين لفهموا ان علي الأقل ما يقولونه لا رجاء فيه
فان كنتم لا تقبلوا ديننا وان كنتم أصحاب فكر ورأي ومذهب حقا فعلي الأقل نحترم عقول الآخرين فمن لا يري الشيء الواضح فلا غبار عليه لكن ان يري الوضوح ثم يكتب تافهات لا أساس لها فقط ليتعرض للأخر فاعتقد ان هذا تقليل من شأن من يكتب مثل هذه التناقضات....
فلست ملزم ان تؤمن ولستم ملزمون ان تصدقوا ولستم ملزمون ان تقبلوا ما يفعله الأخر خاصة ان كان مقبول منطقيا وأخلاقيا
لكن في نفس الوقت ليس من الكياسة او الصواب او الأخلاق اللجوء للأكاذيب او الادعاءات او التنقيب في هراطق والخروج بقصص وأحاديث لم يسمع عنها المسلمين أنفسهم وبالتالي لا يتبعها أي مسلم وتهللوا لها وكأنها هي الإسلام بحيث عندما يسمع او يري أي عابر محايد خارج الزمرة مقالكم وأفعال من تتقولوا عليهم لفقدتم ليس فقط المنطقية ولكن الاحترام فمن لا يحترم عقل الأخر لا ينال بالتالي احترامه
وتزيدوا الطين بلله بقول ان الأخر لا يقبلكم كتوقيع لكم علي كتاباتكم وتعليقاتكم التي تقطر مرارة عدم قبول الأخر
انني احاول ان ادعوكم لقبول انفسكم والاخر, ومحاولة الاندماج معه دون اقصاء وهدم, مع العلم ان هذه الدعوه هي دعوه كرم ومحبة وقبول, فبالنهاية ما تحاولن اقصائه راسخ وقوي في قلوب وعقول اصحابه مما لا يدع اي مجال للشك لدينا ولدي الاخرين في عدم تاثير السموم المنشورة فيه ولكنها فقط دعوة تفاهم وتناغم وتعايش وقبول للاخر وذلك حتي تساعدوا نفوسكم وقلوبكم من التحرر من شوائب لا تضر غير من يحملها فهي دعوة حب وقبول للاخر وقبول لانفسكم وقبول الحقائق التي لا مجال للشك فيها