كلام عن المرأة



محمود حافظ
2009 / 11 / 26

إن قضية المرأة فى الشرق الأوسط خاصةالمرأةالعربية قد أخذت حيزا كبيرا من الإنتاج الفكرى للنخبة المثقفة فى العالم العربى والتى إنتهى بالقول فى معظم الأحيان أن المجتمع العربى هو مجتمع ذكورى وفى هذه المجتمعات الذكورية تكون المرأة فى المرتبة الأدنى وقد أشرنا فى مقالات لنا سابقة فى الحوارالمتمدن عن تحليل هذه المقولة مع الإشارة إلى أنهذه المقولة ( المجتمع الذكورى ) هى أكثر تحديدا ناتجة من حضارة البيئةالصحراوية .
وفى مقالنا هذا نودأن نوضح فيه أن هذا الكلام عن المرأة هوعن الألية السلوكية للمرأة العربية أوالشرق أوسطية .
فالمرأةالعربية يتحكم فى سلوكها ثلاث خطابات
1- الخطاب الدينى العقائدى
2- الخطاب الليبرالى المرتبط بالحضارة الغربية الرأسمالية
3- الخطاب اليسارى المرتبط بالفكر الإشتراكى
- فى تفسيرنا للخطاب الدينى العقائدى أن الدين الإسلامى قد جعل الإنسان أمينا على جسده وأن التصرف فى هذا الجسد يكون بمقتضى التعليمات الدينية المنظمة لشئون الكون والحياة وأن المرأة هنا كما الرجل لاخيار لها إلا الإلتزام بهذا الخطاب وفى حالةالخروج عن مألوف الخطاب فيكون فعل الخروج عن المألوف هوفعل الخطيئة وإذا أخذنا مثالا بظاهرةالتزاوج فإن الخطاب الدينى قدشرع عمليةالزواج وجعلها علاقةبين طرفين أحدهما مسيطرا وأن هذه العلاقة لابد أن تكون مكتوبة ومتعاقد عليها حفظا لحقوق كل من طرفى التعاقد وأن شروط التعاقد هنا تتم بالإتفاق وقد شرع هذا الخطاب الدينى هذه العلاقة حرصا على علاقة الأنساب وهنا تصبح المرأة أمينةعلى جسدها وحافظة له لصالح العلاقة الإجتماعية المتعاقد عليها والتى تصب لصالح الزوج وأن أى تصرف للمرأة خارج التعاقد يكون خطيئة وجريمة يعاقب عليها وهنا قد شرع الخطاب فى حالة عدم الإنسجام بين طرفى التعاقد شروطا لفسخ العقد المبرم وهنا نجد أن ممارسة الدعارة والبغاء تكون ممارسةغير مرغوب فيها لأنها هنا ضد شروط التعاقد خاصة بالنسبة للمرأة المرتبطةبعقد زواج من طرف آخر وهذه المسألةالقانونية منسجمة مع القانون العام للبشرية .
- أما بخصوص الخطاب الليبرالى
هذا الخطاب التطورى والذى خاض معاركه مع المؤسسةالدينية وخاصة الكاثوليكية فى أوربا والتى كانت مرتبطة إجتماعيا بالطبقات المسيطرة وفى هذه الأونةكانت الطبقةالإقطاعية هى الطبقة المسيطرة وكانت متحالفة مع الكنيسة الكاثولوكية وأنه نتيجة تراكم القهر من ناحية وتراكم المعارف التطورية من ناحية أخرى هذه التراكمات تحولت إلى نقلة نوعية وهوما تم إنجازه بالثورة البرجوازية وأهم ما أنتجته هذه الثورة كأيديولوجيا هو فصل العقل عن التراكمات الأيديولوجية السابقة وإرساء أيديولوجيا جديدة تعتمد على إطلاق الحريات فأطلقت حرية التملك وحرية الرأى وحرية المرأة و... وقدإعتمدالإعلان العالمى لحقوق الإنسان هذه الحريات .
إنما يهمنا هنا هوما يخص المرأة فهنا أصبحت المرأة مالكة لجسدها تستطيع التصرف فيه دون ضرر الآخرين فهى لها مطلق الحرية بالتصرف فى هذا الجسد وتستطيع فعل فيه ماتراه مناسبا لها وكما قلنا شرط أن تكون هذه التصرفات لا تضر بالآخر وهنا نجدأن هناك تناقضا كبيرا بين ثقافة المرأةالغربية والتى إكتسبتها نتيجةعصر الحداثة فى التمتع بالحرية عكس المرأة الشرقية أوالعربية والتى تخضع لثقافة المعتقد الدينى بأنها ليست مالكة لجسدها بل هى أمينة على هذا الجسد وبالتالى هى ليست حرة فى التصرف بهذا الجسد ومن هنا نجد مثلا أن ممارسة الجنس عند المرأة الغربية هى إحدى الحريات التى نالتها ولكن تبقى هنا قيمة قانونية باقية وهى دون الضرر بالآخر وأن هذه الحرية أعطت للمرأةالغربية ميزةكبرى وهو حقها فى المشاركة بالمتعة الجنسية وأن فعل من الممكن أن يقع عليها دون إرادتها يكون فعلا مخالفا للقانون لأنه يعتبر إنتهاكا لحريتها من هنا يأتى تجريم التحرش والإغتصاب حتى ولو كان من الزوج المرتبط بعقد زواج ( طبعا يهمنا هنا الإشارة إلى أن كل حضارة لابد لها من أن تحمل معها موروثا ثقافيا من الحضارة السابقة لها ) لذا نرى أن ممارسة الدعارة والبغاء والحرية الجنسية هى ممارسات عادية طبقا لثقافة الحضارةالغربية الليبرالية لأنها ناتجة عن تمتع الطرف الممارس بحريته فى إمتلاك جسدة وطالما هولا يضر بالآخر من هنا يتضح لنا التناقد بين من هى أمينة على جسدها وبين من هى مالكة لجسدها .
- يبقى لنا الخطاب اليسارى الإشتراكى
وهوالخطاب الأكثر رقيا فكريا وثقافيا فهذا الخطاب يتناقض مع الخطاب الليبرالى حيث أن إطلاق حرية التملك قد إختزلت وربما وهذا أكيدا قدأصت كافةالحريات الأخرى كحرية الرأى مثلا وإن حافظت الليبرالية على مكتسبات المرأة فى كامل حريتها على جسدها .
يأتى التناقض هنا بين الخطابين الإشتراكى والرأسمالى من تمحور كل خطاب حول الإستغلال والإستلاب وأن الثقافة الليبرالية قد جعلت من السوق ملعبا لها ومن السلعة هى المنتج المعروض فى السوق وطالما هناك سوقا وسلعة فهناكأيضا ربحا فائضا يقتنصه صاحب رأس المالوليس هذا مبتغانا فإن ما يهمنا هنا علاقةهذا الخطاب بالمرأة فهنا نجد أن السوق والسلعة هما الأساس فالعامل على سبيل المثال عندما يكسب قوته وهوفى هذه الحالة لايملك شيئا ماديا فيقوم ببيع قوة عمله لدى الرأسمالى وقوة العمل هذه مجهود عضلى أوذهنى يقومبه العامل إنتاج سلعة ويأخذ فى مقابل هذا المجهود مقابل مادى طبقا لشروط التعاقد والتى غالبا ما تكون لصالح الطرف الأقوى ونحن هنا عندما نذكرالعامل لانفرق5 بين رجل أوإمرأة فسوق العمل يشمل الجنسين الرجل والمرأة فكما الرجل يبيع قوة عمله فالمرأة أيضا تستطيع كسب قوتها من بيع قوة عملها والذى هى عبارة عن مجهود عضلى أوذهنى يبذل فى إنتاج سلعة تعرض فى السوق .
هنا يختلف الأمر فهناك فارق بين أن تبيع المرأة قوة عملها وبين أن تبيع المرأة متعة جسدها لرجل فالبيع الأول ينتج عنه سلعة تعرض فى السوق والبيع الثانى ينتج عنه أن تكون المرأة هى نفسها السلعة المعروضة فى السوق , فالفارق واضح بين الثقافتين الثقافة اليسارية والثقافة الليبرالية فالثقافةالليبرالية التى أعطت للمرأةحريتها قد حولت المرأة ومن نافذة هذه الحرية ونتيجةآلية الإستغلال إلى سلعة فى السوق عندما تنتهج نهج بيع الجسد بغرض المتعة وهذا إنتقاص منحق المرأةالمتاح لها أن تبيع قوة عملها كسلعة تدخل عليها دخلا هذا إضافة إنه عندما تدخل المرأة علاقة العمل وتشارك رفاقها فى العمل فى الكفاح للمطالبة بالحقوق تتيح لها هذه العلاقة الإنسانية والكفاحية من مشاركةالرفاق فى الجهاد أنتشاركهم فى الإستمتاع وإشباع الحاجات الإنسانية هذه العلاقة التعى يمكن تنظيمها بين الرفاتق والتى تؤتى ثمارها فى متعة حقفيقية للمرأة دون سيطرةطرف على طرف آخر ففى هذه العلاقة الكل متساو .