حب من الوريد الى الوريد



غادة السمان
2009 / 11 / 27


أميرة في قصرك الثلجي

أين أنت أيها الأحمق الغالي....؟
ضيعتني لأنك أردت امتلاكي !...


ضيعت قدرتنا المتناغمة على الطيران معا
وعلى الإقلاع في الفوطة الصفراء...

أين أنت؟
ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي،
واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري؟

ذات يوم ،
جعلتك عطائي المقطر الحميم.
كنت تفجري الأصيل في غاب الحب
دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة.....

ذات يوم ،
كنت مخلوقا كونياً متفتحاً
كلوحة من الضوء الحي...
يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون،
دونما مناقصات رسمية ،
أو مزادات علنية
وخارج الإطارات كلها.....


لماذا أيها الأحمق الغالي
كسرت اللوحة ،
واستحضرت خبراء الإطارات؟

أنصتُ إلى اللحن نفسه
وأتذكرك........
يوم كان رأسي
طافيا فوق صدرك
وكانت اللحظة ،لحظة خلود صغيرة
وفي لحظات الخلود الصغيرة تلك
لا تعي معنى عبارة ذكرى,
كما لا يعي الطفل لحظة ولادته،
موته المحتوم ذات يوم


حاولت إن تجعل مني
أميرة في قصرك الثلجي
لكني فضلت أن أبقى
صعلوكة في براري حريتي

أه أتذكرك ،
أتذكرك بحنين متقشف........
لقد تدحرجت الأيام كا الكرة في ملعب الرياح
منذ تلك اللحظة السعيدة الحزينة
لحظة وداعك
وواعدتك كاذبة على اللقاء وكنت اعرف أنني أهجرك
لقد تدفق الزمن كا النهر
وضيعت طريق العودة إليك
ولكنني ، ما زلت احبك بصدق،
وما زلت أرفضك بصدق.......
لاعترف!
أحببتك أكثر من أي مخلوق آخر ......
و أحسست با الغربة معك ،
أكثر مما أسستها مع أي مخلوق آخر!..
معك لم أحس با ألامان، ولا الألفة
معك كان ذلك الجنون النابض الأرعن
النوم المتوقد... استسلام اللذة الذليل ....
آه أين أنت ؟
وما جدوى أن اعرف
إن كنت سأهرب إلى الجهة الأخرى
من الكرة الأرضية

وهل أنت سعيد ؟
أنا لا
سعيدة با انتقامي منك فقط



وهل أنت عاشق
أنا لا
منذ هجرتك،
عرفت لحظات من التحدي الحار
على تخوم الشهوة


وهل أنت غريب ؟
أنا نعم
اكرر:غريبة كنت معك ،
وغريبة بدونك
وغريبة بك إلى الآبد.
__________________

هناك من يشعر بأبسط حقوقه في السعادة
وهو يزرع نصف ثمار الوهم..
وهناك من يشعر بكامل حقوقه في التعاسة
وهو يقطف كل ثمار الحقيقة

الحزن من الوريد إلى الوريد

مساء الحزن
يا طفلة النهر، و الريح و الحقول النضرة........
هل توهمت حقا،
حين غادرت قريتك
انك تستطيعين بناء مزار في المستنقع؟



مساء الحزن
يا طفلة الصدق......
ماذا تفعلين في هذا القفر المعدني
بعد أن استهلكت العتمة العفنة شموعك؟


مساء الحزن
يا طفلة التحدي.......
ماذا جئت تنشدين لبركة الضفادع؟
ماذا كنت تبلغين قطيع الخراف


في البداية جئت اغني .
فقالو إنني أحيك مؤامرة ،
لأنني الصق جراحي بكل جرح ألقاه......
قالوا: لماذا؟
قلت: لا اعرف!.....
قالوا:مقاس جرح كل شخص.
كمقاس حذائه!..


في البداية جئت اغني
و الآن تبدل الأمر
و البعض يحاول إرغامي
على تلاوة موعظة ما
ولن أفعل...لن..لن

(الحقيقة صرخة بملايين الإيقاعات
و الموعظة ندب آحادي رتيب...)...



مساء الحزن
أيتها القتيلة....
يا وردة القبيلة.......
__________________