سيلفا...تنّورتكِ اشرفُ من سراويلهم



زهير دعيم
2009 / 11 / 28

سيلفا فتاة سودانية يافعة في عمر الورود، خرجت من بيتها إلى السّوق القريب لتشتريَ حاجيات البيت ....فتاة عادية ، تلبس كما تلبس الملايين من صبايا العالم تنورة وبلوزة.
ويراها من بعيد حماة حاكم الكهوف والعهد البائد والجاهلية والقرون الوسطى ، الذين لا يؤمنون ولا يُفكّرون إلا بالمرأة والحريم والرُّكبة ، رأوها تتهادى بصباها الغضّ ، بل بطفولتها الملوّنة ، فهي لم تتجاوز ال16 من العمر ، فانقضّوا عليها ، وكيف لا ؟ وهي عكّرت النظام العام ، وشوّهت الاحتشام الخانق في عاصمة الدنيا ومحور الكون : السّودان !!!

تنورة وفي السودان ؟؟؟؟
قد تظهر الرُّكبة من يدري ؟ ...إنّها جريمة بل أكثر .
ما هذا يا حُرمة ؟!!

تنورة وما زلنا فقط في الألفية الثالثة ؟

تنورة ؟!!! لماذا لا تتغطّين من أمّ رأسك وحتى أخمص قدمك ها.....؟!!
انك تُهيّجين نزوات الرجال المتأجّجة ، وتُثيرين الغرائز الكامنة، فأمثالك يملأن الجحيم .


وتُساق المسكينة الى القاضي !!!وأظنه حافيًا أشعثَ ، لم يسمع بالشبكة العنكبوتية بعد ولا بناسا ، فيحكم عليها بخمسين جلدة تُلهب جسدها الغضّ الطريّ ، حتى تتعلّم كيف تحتشم في دولة الاحتشام ، وفي دولة الحضارة والثورة العلمية والصناعية والهايتك !!

مهزلة ...مسخرة ، جاهلية .
لم يتعلّم القوم من حادثة الصحفية لبنى حسين وصديقاتها ، لم يتعلّموا أنّ الشّرف لا يتعلّق بالغطاء والسترة الموغلة في السترة ، فكثيرا ما تسير الخيمة المتحركة وهي تنضح نجاسة ، وكثيرا ما تسير غادة بالتنّورة والشّرف يتشرّف بها .
لقد ترك القوم كلّ الأمور العالقة والفالتة والمواضيع المهمّة وتعلّقوا بركبة المرأة .

سيلفا يا سادة مسيحية ودون الثامنة عشرة من عمرها ، وهي لا تعترف بالشريعة ، بل تؤمن بشريعة المحبّة –وهذا من حقّها- ، وتؤمن ان الطهارة تخرج من القلب ، لا من الرُّكبة ، وأنّ الشَّرَف غير منوط وغير متعلّق بسنتمتر فوق الرُّكبة.

سبق وصرخت لبنى حسين المسلمة ضد إرهاب حماة الاحتشام ، هؤلاء الحماة الذين في سوادهم الأعظم اعتنقوا وطبّقوا المثنّى والرُّباع قولا وفعلا ، وما زالت عيونهم جائعة!!.

اين الحقّ وأين العدل في هذا البلد الفائر بالحضارة ؟

أين العدل في " جرجرة" فتاة بل طفلة في السّوق وأمام الناس وجلدها دون إعلام أهلها ؟

أين نعيش يا سادة ؟
ستبقى الجلدات الخمسون سياطًا تُلهب نفسية سيلفا ، وستبقى رغم اعتناقها المحبّة ، جرحًا ينزف وينزف الى أن يغيّر البشير هذه القوانين الظالمة ، المُظلمة ، ويقتنعوا أنّ هناك اناسًا لا يؤمنون بالجَّلد ، اناسًا يؤمنون أنّ النجاسة تخرج من القلب لا من التنّورة.

الا يتعلّم هؤلاء القادة ؟!!
ألا يسمعون ويعون ؟!!
ألا يعرفون انّ تورا بورا وكهوف الأفغان أضحت أطلالاً ؟!!

جَلْدٌ ، جلدات ....كلمات تقشعرّ لها الأبدان وتجرح النَّفس حتى النُخاع .
كلمات سوداء ، قاتمة ، لاهبة ، حارقة ، وحشيّة ..
والمضحك حقًّا ، هي الفكرة التي تراودني ، وأخاف ان يقرأها حماة الاحتشام : وهي الحشمة في الأكل ، فلا طعام بعد اليوم في السودان الا حبة تمر وكسرة خبز يابسة ، ومن يخالف فالجلد سيكون من نصيبه ، فلقد اعتدى على الاحتشام النفسي وجرح شعور الفقراء وهيَّج معدهم ونزواتهم وشهواتهم.
واضحك وكأني بالسودانيين – هذا الشعب الطيّب- لا يأكلون الا لحوم الضأن المشويّة ولا يشربون الا الكوكا كولا ، ويا ليتهم يفعلون فهم يستحقون .
الوقت مؤات لان تطير هذه الخزعبلات من الوجود.
حان الوقت ان تتبخّر هذه الأنظمة الظلامية من الدُّنيا ، فالإنسان الذي لا يعشق الا القتام والسواد والنحيب والنعيب والوجوم ، حريّ به ان يدفِن نفسه حيًّا.
فالحياة فرح ومرح وعبادة للإله المحبّ.
سيلفا ... ثقي أنّ الجهل إلى انقضاء ، وتنّورتكِ أشرف من سراويلهم.