من سيكافح من أجل فتيات العراق ونسائه؟



منى الطحاوي
2004 / 7 / 5

أبدأ هذا الأسبوع بتوجيه الشكر. أولا، أريد أن أشكر الأخت (ميم) لسماحها لي بالمشاركة في مشكلتها وإشراك القراء في مقالتي الأسبوع الماضي. فقد كتبت تبلغني انها لم تعد تهتم بمواقع الزواج على الإنترنت لأن نتائجها مجهولة. وقالت لي انها تتلقى دروسا في الكومبيوتر لكي تبقى مشغولة
وأبلغتني الأخت ميم أنه اذا ما توفرت لها وظيفة فإنها ستلتحق بها، وأنها ستترك أمور الزواج بيد الله
وأقول للأخت ميم ان قلبي معك. وقد كتب لي العديد من القراء، نساء ورجالا، معبرين عن وقوفهم الى جانبك. وهم يبلغونك بأن لديك كامل الحق في متابعة الحصول على مهنة وعلى زوج يدعمك في تلك المهنة

وثانيا، أريد أن أشكر القراء الكثيرين ممن كتبوا معبرين عن آرائهم بشأن وضع الأخت ميم. فقد تلقيت من الرسائل الإلكترونية، استجابة لمقالتي في الأسبوع الماضي، أكثر مما تلقيت منذ بدأت الكتابة لـ «الشرق الأوسط». وأقنعتني ردود الفعل تلك، بأن قضايا كالتي طرحتها الأخت ميم، هي قضايا خطيرة تهمنا جميعا
هناك في العالم العربي اليوم، جيل يواجه تحديات مختلفة تماما عن تلك التي واجهها الآباء. فهذا الجيل يعيش في عالم مختلف، ولديه الإمكانية للوصول الى مختلف وسائل الإعلام، ويتمتع بحريات مختلفة، ويواجه قيودا مختلفة عن تلك التي تمتع بها وواجهها الآباء. وبالتالي، من الضروري أن يناقش هذا الجيل، بحرية وصراحة، هذه القضايا وهو يشق طريقه في هذا العالم

ان دور النساء أساسي بالنسبة لتلك التحديات، ولا يمكننا ببساطة أن نقول بأن الاسلام قد أعطى النساء كل حقوقهن ونترك الأمر عند هذا الحد. فهل النساء قادرات فعلا على ممارسة هذه الحقوق؟ وما هو تفسير الاسلام هذا الذي نتحدث عنه؟

يبدو احيانا أن الشيء الوحيد الذي نتحدث عنه فيما يخص النساء، هو ما اذا كن محجبات أم لا، إلا ان الاسلام اكثر من مجرد الحديث حول الحجاب. وهذا ما قادني الى الموضوع الذي اود تقديمه للقراء هذا الاسبوع، وهو مستقبل فتيات ونساء العراق

كتبت الصحافية في «نيويورك تايمز»، سوميني سينجوبتا، مقالات ممتازا من واقع معايشتها ومناقشاتها لفتيات عراقيات. فقد التقت سوميني الفتاة العراقية سالي اسماعيل، 16 سنة، التي تركت المدرسة خوفا من الاختطاف الذي تتعرض له الفتيات في الحي الذي تسكنه، وبسبب الفقر الذي تعاني منه اسرتها
التقت سوميني ايضا الفتاة العراقية بيتريس سيكريس، 14 سنة، التي تعمل الآن عاملة نظافة في محل لتصفيف الشعر في العاصمة بغداد. لم تستطع الاسرة توفير مصروفات تعليم بيتريس وشقيقها الاكبر، وقررت الاسرة إرسال ابنها الى المدرسة، وأخرجت بيتريس من الدراسة لتعمل في محل تصفيف الشعر
كما التقت ايضا الفتاة يسر القطان، 15 سنة. بلغ عدد الطالبات اللائي سجلن في مدرسة يسرا لهذا العام 700 مقارنة بـ 850 سجلن للدراسة العام الماضي
توجهت مجموعة من الرجال الى مدرسة يسرا حاثين البنات فيها على وضع غطاء الرأس، كما حدث الشيء نفسه في مدرسة سالي، إلا ان أيا من المدرستين لم تخضع لهذه المطلب. رغم ذلك فإن نساء كثيرات في بغداد يرتدين الحجاب. ترى، كم من هؤلاء يضعن الحجاب انطلاقا من قناعة دينية؟
ربما يحاول بعض القراء الإلقاء باللائمة على الاميركيين في كل ما يحدث، لكنني اود ان احث هؤلاء على التحلي بالواقعية، وتذكر ما كان يحدث للنساء خلال فترة حكم صدام حسين

من الصحيح القول انه كانت هناك فترة كانت النساء العراقيات فيها بين أفضل النساء تعليما ومشاركة في القضايا السياسية في العالم العربي، ولكن عندما أصبح مناسبا لصدام حسين أن يظهر «مسلما جيدا» كانت النساء العراقيات أول من دفع الثمن
فقد بدأنا نرى المزيد من النساء بدون عمل، وبدأنا نرى المزيد من النساء يرتدين الحجاب. وبدأ هذا الاتجاه في الانتشار، على ما يبدو، في العراق في الوقت الحاضر
فلماذا تكون النساء دائما أول من يدفع الثمن لميل الرجال الواضح المستحدث الى الدين؟ ولماذا يجري التعبير عن ولاء الرجال للدين غالبا بإرغام النساء على التصرف وفق ما يرتأونه هم؟ ان الاسلام دين يؤكد الإرادة الحرة. وهو ليس دينا يعتمد على الإكراه. غير أن هذا المفهوم يجري نسيانه بمعنى ما عندما يتعلق الأمر بالنساء
لا تتوفر لدينا أرقام عن عدد الفتيات اللواتي تركن مقاعد الدراسة في العراق سواء بسبب الفقر أو خوفا من الاختطاف والاغتصاب. وليست لدينا أرقام عن عدد النساء اللواتي تركن العمل للأسباب ذاتها، لكننا نعرف أن هذه اتجاهات مقلقة يتعين على حكومات العراق الراهنة والمستقبلية معالجتها
في الأسبوع الحالي، كان الموضوع الرئيسي في الموقع المستقل الذي أديره على الإنترنت وعنوانه Arabic Women"s eNews، بقلم الصحافية دانا سميلي، التي التقت نساء في العراق ممن يمسكن، رغم الوضع الأمني المتدهور، بفرص سياسية ويهيئن أنفسهن للمساهمة في العملية الديمقراطية

لكي يكون مستقبل العراق اكثر اشراقا لفتيات مثل سالي وبيتريس ويسرا، يجب ان تشارك النساء العراقيات في السياسة. فقد رأينا نتيجة مثل هذه التعبئة العام الماضي، عندما وقفت النساء العراقيات وقفة واحدة للإبقاء على قانون الأحوال الشخصية. عملت المجموعات النسائية في العراق جاهدة من اجل تثبيت مبدأ تمثيل عادل لهن في تكوين الحكومة الانتقالية الجديدة، اذ طالبن بنسبة تمثيل قدرها 40 في المائة، لكنهن حصلن على نسبة 25 في المائة. وعلينا ان ننتظر بالطبع لمعرفة ما اذا كان ذلك سيحدث بالفعل
مهما كان المستقبل الذي ينتظر العراق، فإن الأمر الذي لا شك فيه هو ان معاناة فتيات ونساء العراق ستستمر ازاء المشاكل التي استعرضتها (ميم)، فضلا عن المشاكل الاخرى التي ارسلتها لي المشاركات لطرحها ضمن النقاش

الأمل معقود على شباب وشابات العالم العربي في مناقشة هذه المشاكل بصورة مفتوحة، فهؤلاء يمثلون مستقبلنا ومشاكلهم لا يمكن تجاهلها بأية حال
اود ان احث اخواتي العراقيات على الكتابة الى عنواني [email protected] لإشراكي والقراء والقارئات في آمالهن ازاء العراق