شرف الفتاة العربية يغسله سكين المطبخ ..!!



سلام كوبع العتيبي
2004 / 7 / 8

صوتين مختلفين متناقضين خرج من داخل الدار المجاور لدارنا ليعلنا يوم حزين في محلتنا الفقيرة بعد أن وقفت سيارة للشرطة خضراء اللون نزل منها مجموعة من العسكر لغرض الوقوف على الجريمة الصباحية التي وقعت في دار أبو ( ..... ) كان الصوتين ( زغاريد الأم ) التي تؤمن في مخلفات العار الذي جلبه حب ابنتها لشخص غريب نتيجة لما وعيت عليه الذي قابله بكاء وصراخ الأخت الصغرى للمقتولة ( سعاد ) التي ذبحها الأخ الأكبر بعد أن أدرك أن أخته تقيم علاقة حب مع شاب من قبيلة أخرى بعدما سعى هذا الشباب ثلاثة مرات للتشاور مع أب وأخ الفتاة من أجل الزواج من سعاد الذي كان يعدان له ويحلمان به مع بعض..
الساعة الخامسة صباح نهض جميع الجيران من النوم على صوت الصراخ الخارج من البيت الذي اشتدت به المعارك منذ أسبوع بسبب خطوبة أحد الأشخاص لأبنتهم الكبرى التي تنتمي إلى قبيلة غير القبيلة التي جاء منها الشاب الذي طلب يد حبيبته سعاد بعد أن قابلته العائلة بالرفض القاطع بسبب خلاف القبيلتين التي ينحدران منها هذين الشابين ونتيجة لإصرار سعاد على الزواج من الشاب الذي أحبها وأحبته بصدق قررت أمام ذويها أن تتزوج منه طالما هي من يهما أمر زواجها وليس هنالك من يعيش مع هذا الزوج سواها حتى وإن كلفها ذلك الزواج رقبتها ؛ الأمر الذي جعل الأخ ينهض في صباح اليوم التالي ليقطع رقبة سعاد وهي غارقة في أحلامها وزواجها من سمير ذلك الشاب الرائع دون أن تشعر بغدر الأخ الذي دفعه ليقطع رقبتها بسكين المطبخ الذي استخدمته سعاد عدت مرات لكي تجهز لقاتلها ما يشتهي من الطعام ..
لم تكن سعاد فتاة لعوب أو من اختزلن أيامهن لساعات الليل تحت ضربات موسيقى الهوى ؛ بل كانت فتاة عصامية جدا تناولت حياتها بشكل سليم إلى أن أكملت دراستها وتخرجت من كلية الهندسة لتصبح مهندسة مدنية في مديرية بلدينة الناصرية الذي يعمل بها من أحبته ولم تدرك يوما أن هذا الحب سوف يكون ثمنه عمرها دون ذنب ..
سكين المطبخ الغاسل للعار أستخدمه الآباء والأشقاء لعدت قرون ليثأروا به لشرف القبيلة الذي تمثله فتياتها وليس دون الفتاة من يمثل شرف القبيلة في أدبيات وبرامج القبائل العربية المسلمة التي مازال الكثير منها يمارس هوى سكين المطبخ أمام رقاب بنات حواء دون غيرهن متناسين أن ليس هنالك شرف تمتلكه القبيلة بعد أن مارس شيوخها هواية الزواج المتعدد الذي يتجاوز العشرات من فتياتها أو من فتيات القبائل الأخرى تحت شعار ( خذ منهم ولا تعطيهم ) ليصبح بيت السركال مخزن للحوم الفتيات ينهش منه متى يشاء دون حرمة لروح الإنسانية التي تعيش في داخل الأجساد .. مازلت أتذكر كيف نقلوا سعاد بعد أن غطيت بغطاء رث ليرمى بعد أن ترمى جثتها المفصولة الرأس عن الجسد باسم التكفير عن مجادلة الأخ وشرف القبيلة المباح من سركالها .. ولم ينتهي الأمر إلى سطوة الذكور في عالم شرف القبيلة فقط بل تجاوز الأمر عندما سنت الدولة قانون ( غسل العار ) الذي يعطي الحق للقاتل الأخت أو أبنته دون العقاب الصارم سوى شهور ستة يقضيها القاتل وهو يعيش حالة الزهو والانتصار الذي جلبه للقبيلة من خلال سكين المطبخ وفاجعة ( سمير ) الذي مات أثر أصابته في السل الرئوي بعد حادثت مقتل سعاد..
توقف سمير عن العمل في مديرية بلدينة الناصرية بسبب أصابته بداء السل الرئوي نتيجة لمعاناته الليلية وتناوله الخمور بإفراط والبكاء المستمر على ذكرى من ضحيت بعمرها مقابل حبها له الأمر الذي تسبب في إصابته بهذا الداء الذي كان ليس من السهل الشفاء منه في تلك الأيام القاسية ؛ وبعد أسبوع من خروج القاتل من السجن الذي قضي فيه ستة شهور منتصرا على روح سعاد توفى سمير ليعلن عن وفاته في مستشفى الناصرية المركزي ليقيم ذويه الفاتحة التي امتنعت أن تقيمها عائلة سعاد عندما ذبحت دون ذنب سوى علاقاتها في سمير الذي لحقها بعد ستة شهور لكي يتم زفافهم في السماء لإدراك الله أن زفاف سمير وسعاد أكبر من أن يتم في الأرض ما بين هؤلاء الهمج القتلة ..
كان مقتل سعاد هو بيرغ التخلف الذي ترفعه القبائل العربية وثمن العادات والتقاليد البالية المنسوخة عن العصور الجاهلية التي مازال البعض يعيش تحت جلبابها دون المحاولة في الخروج منها ونتيجة لكل هذا التخلف حاول البعض أن يدعمه في مواقف دينية لغرض أن يكون موقفا سماويا بعد أن زجا في داخله عبارات إسلامية تدعوا لهذا الجرم السافر؛ دون الرجوع إلى مصادر التشريع والنصوص السماوية بل كانت مراجعهم التي يرتكزون عليها هي ما يقوله شيوخ الضلالة المزيفة باسم الدين والدين براءة من هؤلاء الذين يحاولون أن يجعلوا المرأة عبارة عن صندوق لملذاتهم الجنسية يفتحونه متى شاءوا أو يستخدمونها لأغراض الدية التي استمرت هذه الظاهرة المجرمة إلى سنين طويلة من عمرة المرأة العربية المسلمة في الخصوص!!عندما كانت تدفع لأهل القتيل كدية ( فصلية ) لتنال من عائلة القتيل كافة أنواع الذل والعذاب والتنكيل والإهانة الجسدية والنفسية دون زيارة أهلها لها أو زيارتها لأهلها إلى أن تصعد روحها إلى السماء ..
ولم ينتهي الأمر إلى مقتل سعاد بل تجاوز مقتل الإنسانية بشكل سافر ووصل إلى أختها التي صرخت بعد مقتل سعاد لتدفع ثمن التخلف القبلي والكذب الديني الذي يمارسه وعاض الخبث والسلطان مرة أخرى عندما أمتنع الذكور وأبناء قبيلتها الاقتران بها نتيجة لكونها شقيقة سعاد التي قطعت رقبتها بسبب حبها لشاب أخر لن ينتمي لقبيلتها وخرجت عن طاعة العائلة ومرغت شرف القبيلة في وحل الفضيحة كما يدعون .. الثمن الذي دفعته شقيقة سعاد كان أكبر من ثمن الحياة بحجمها وعقدها وتناقضاتها إذ لم تكمل عقدها الثالث حتى نقلت روحها إلى السماء لتلتحق في روح سعاد وسمير شاكية إلى السماء ظلم الذكور وتخلفهم الذي قضى على إنسانية المرأة بصورة عامة التي يطبل لها شيوخ الضلالة الداعين لزواج المتعة وزواج المسيار وما ملكت أيمانكم تحت حجج يتنكر لها ذو الضمائر الطيبة التي بدأت تزول من عالم الفضيلة..