كفى !!



وليد الفاهوم
2010 / 3 / 2

قبل عدّة سنوات اختلف ابني وابنتي لا أذكر علامَ ..كانا في بدايات سنوات المراهقة الأولى، فتشابكا بالأيدي أمامي وكان هو أقوى منها جسديا بالطبع فآذاها أو كاد.. وعندما تدخلت بالكلام لم يسمعني ولم يطع. قلت له أتعتقد أنه لأنك أقوى منها جسديا فإنك تنفذ ما تريد بالقوة. هانذا أقوى منك وأستطيع التغلب عليك. ولم يسمعني. ربما لأنه كان غاضبا جدا لدرجة تعطيل الحواس. وعندما تدخلت بعنف وضربته فعلاً أدرك خطأه وتورطه، فكّر بلمح البصر وما كان منه إلا أن تكتّف وشبّك يديه على صدره ولم يدافع عن نفسه، وقال: إضرب! عند ذلك كففت عن ضربه ولم أعاقبه لأنني أدركت أنه تعلم درسا.. ومن بعد ذلك علّمني أنا أيضا درسا. فقد بكيت ثم اعتذرت له ! وكان اعتذاري درسا قاسيا له فقام واعتذر لأخته بدون أن أطلب منه ذلك.
ألعنف يجر العنف. والعنف طبيعة بشرية.. وكل واحد/ة منّا فيه/ها عنف، علينا إخراجه وعلينا أن نجعل منه طاقة ايجابية. عندما أكتب أفرغ عنفي، عندما أنكش الأرض أفرّغ عنفي كذلك عندما أركض أو أمشي أو أصرخ في البريّة. المهم أن نفرّغ تلك الطاقة ولا نكبتها، فالكبت كما البرد .. أساس كل علّة، وهو من أخطر الأمراض النفسية والاجتماعية.
لكن علاوة عن غريزة العنف الحيوانية فهنالك أسبابُ اجتماعية وسياسية وضغوط إقتصادية وبالتأكيد تربوية- فإذا كان رب البيت بالدّف عازفا.. فشيمة أهل الدار الرقص. وإذا زرعنا القمح لا يمكن أن نحصد شعيرا. وباعتبار الإنسان حيوانا إجتماعيا عليه أن يهذّب غرائزه عن طريق التعلّم والتثقيف. عليه أن يدرك أن استعمال القوة ضد من هو أضعف منه لا بد أن يُنبت ويثير من هو أقوى منه . عليه أن يتخلّص من عقد القوة والسيطرة والتحكم.
وبعد فهنالك عادات وتقاليد يجب اجتثاثها من أصولها لأنها من صنع الإنسان ومن أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ... أقصد سيف القانون...ٍ سيف القانون المدني لا العرفي أو العشائري.
من أجل ذلك جاءت القيَم والمبادئ والقوانين السماوية لتشد أزر القوانين الوضعية. ومن يشدُّ على يد القاتل يشجعه وغيره على القتل. ومن يعمل على تخفيف حكم القاتل يشجعه وغيره على القتل ويمهد لجريمة القتل القادمة.
في مثل هذه الحوادث التضامن والتكافل الأسري يكون نحو الشر ويصبح مثلنا يدك منك ولو شُلّت مثلا سيّئا يشد الى الوراء. فالتضامن العائلي يجب أن يكون على الخير لا على الشر، وأنصر أخاك ظالما أو مظلوما يجب أن يكون بالمعنى الإسلامي لا الجاهلي أي أن تكف يده عن الظلم إن كان ظالما، أي أن تردعه.
إن ظاهرة العنف داخل العائلة وقتل النساء لأنهن الحلقة الأضعف عضلاتيا ليست من الرجولة في شيء. ما نعرفه أنه في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة قتلت سبع نساء، تحت ستار ما يسمى بشرف العائلة وما لا نعرفه أكثر بكثير... إن هذه الظاهرة مخيفة يجب أن تقلق ليس الحركات النسائية وحسب إنما جنس الرجال الذين لديهم شيء من المروءة... وكل من يبدي "تفهما" لهذه الظاهرة يجب أن يشرشح، يجب أن يقع تحت ضغط الحركات النسائية والأحزاب والمنظمات الأهلية والمدنية لأن الذي يبدي تفهما للجريمة أو يبررها ويشرعنها يصبح مجرما وعلينا أن نشغّل عليه مكابس الضغط الاجتماعي بالمشبرح بدون خوف أو تأتأة أو تمشيط للحى ! فالساكت عن الحق شيطان أخرس. وكفى !!