كما النوروز تعتقل تهامة ورغد وفداء. إلى الطفلة طل الملوحي.



غسان المفلح
2010 / 3 / 13

ككل عام يمر عيد النوروز على شعبنا السوري عموما والكوردي منه خصوصا، كترنيمة حزن، فإما اعتقالات وحصار من قبل أجهزة النظام في دمشق، وإما تهديدات لفعاليات شعبنا، بأن لا يحتفلوا بهذا العيد، الذي يمثل معنى كبيرا لشعوب المنطقة، وخاصة الكرد. حتى أنه عيد يحتفل به من قبل بعض الطوائف في سورية، يحتفل فيه في مصر وإيران والعراق، وهذا العيد يمر، وهنالك اعتقالات ومحاكمات تتم في صفوف الناشطين الكورد السوريين، وهنالك اعتقالات نسائية كانت في الحقيقة، غير سارة! ولكنها ليست مفاجئة نطلقا، فالنظام في دمشق سيستقبل السيدة كاثرين اشتون، ممثلة الإتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية،ربما يريد إيصال رسالة أخرى، لدعاة الانفتاح عليه" كلما انفتحتم كلما زادت شدة القمع، والإفقار المتعمد لشعبنا ومحاصرته بين مطرقة القمع وسندان الفساد. فكان اعتقال المعتقلتين السابقتين بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي في سورية" الدكتورة تهامة معروف أم لطفلين، اعتقلوها لتنفذ حكما صادرا بحقها عام 1991 والروائية الناشطة رغد الحسن، التي قيل أنهم داهموا بيتها في طرطوس وصادروا جهاز كومبيوترها، وأوراقها لأنها كانت بصدد نشر رواية عن فترة اعتقالها السابقة" وكان قبلها قد تم اعتقال عدد كبير من الناشطين الكورد، وانضم إليهم خمسة من ناشطي حزب العمل الشيوعي أيضا، وكلها معتقلين سابقين لمدد تتراوح بين العشرة أعوام والخمسة عشر عاما في فترة حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهم المناضلون: عباس ابراهيم عباس، حسن زهرة، توفيق عمران، غسان حسن، أحمد نيحاوي" طبعا سبقهم معتقلي المجلس الوطني لإعلان دمشق، بطريقة الاعتقال الجماعي أو الموسمي الفردي. وعباس عباس رجل تجاوز الستين من عمره، وربما هذا ثالث أو رابع اعتقال...كوكبة من ناشطي شعبنا، تذهب للسجون يوميا، هذا عدا عن الاستدعاءات المستمرة لفروع المخابرات والتهديدات المستمرة لهم، ثم زاد في الطنبور نغما، أنه تسرب خبرا مفاده أن هنالك توجيهات من السيد رئيس الجمهورية بتشديد القبضة الأمنية خلال المرحلة المقبلة، على حد خبر منشور في موقع النداء المعارض. ثم كانت مفاجأة صغيرة، وهي اعتقال المدونة السورية طل الملوحي والتي كانت تستعد لدخول امتحانات الشهادة الثانوية، وأيضا صادروا جهزها، وأوراقها، أثناء اقتحام منزل ذويها، واقتادوها معهم بعد عدة استدعاءات أمنية لها إلى فروع محافظة حمص للمخابرات. طل الملوحي من مواليد مدينة حمص عام 1991 أي لم تبلغ العشرين من عمرها وهي تحضر لتقديم فحوص الشهادة الثانوية وتعتبر من المتميزات في دراستها ومعلوماتها وشدة ذكائها وقد بدأت بكتابة الشعر والمقالات منذ عدة سنوات وجميع من اطلع على كتاباتها كان يتوقع بأنها تتعدى الأربعين عاما للأفكار والآراء التي كانت تطرحها وحكمة مناقشتها للكثير من الأمور العامة والجرأة التي تتحلى بها.
سرب إلينا أحد الصحفيين نكتة قالها أحد الدبلوماسيين الغربيين" أن الدول الثمانية المتقدمة بالعالم بناء على اقتراح مشترك تقدم به الرئيسان الأمريكي والفرنسي قررت عدم فتح ملف حقوق الإنسان مع الأنظمة الشرق أوسطية، وخاصة النظام السوري، لأن هذه الدول بحاجة لأموال سورية، كي تحل أزمة الركود العالمي"
كيف مر عيد المرأة على السوريات؟ وكيف سيمر عيد الأم بعد أسبوع على الأمهات السوريات؟ وكيف سيمر عيد النوروز على شعبنا الكردي؟
اختم بمقطع صغير لصديقي والمعتقل السابق طالب إبراهيم في لحظة اعتقاله"
من جديد يتكرر القديم ..وصلنا فرع فلسطين مقيدين " مطمشين" أربعة طلاب من جامعة تشرين في اللاذقية والتهمة نشاط سياسي . كرسي معدني, دولاب مطاطي عتيق, عصاً خشبية من الخيزران المحروق, كبل رباعي مجدول الأطراف تتعلّق بجديلته خمس كرات رصاصية..نافذة عالية مكسورة, ولوح إسمنتي في الزاوية..بقع حمراء تتناثر على الجدران, أعلى بقعة تظهر أن صاحبها طويل, النقطة التي تتمركز فيها كثافة الدم هي مكان اصطدام الوجه بالجدار..البقع الأخرى أقل ارتفاعاً..عنكبوت يترقّب في شباكه المنصوبة في زاوية السقف ..عصابة للعينين..باب مغلق وخوف مفتوح على مصراعيه.. بعد أشهر من هذا التاريخ عرفت أن صبيتان أيضاً تم اعتقالهما وشباب آخرين . .
سيليا عباس ابنة المعتقل السياسي عباس عباس, ورغده الحسن .
وكان أيضاً أخويها منذر وأحمد .
طبعاً تعرّض الجميع للتعذيب..
الجو مشحون والخوف متربّص, إنه صوت شاب ..إنهم يعذبون شاباً الآن..
العرق البارد..وحزن الأيام ..وصوت فتاة ..إنهم يعذبون فتاةً الآن ..ثم فتاة أخرى ..ثم شاباً آخر ..وآخر ..و آخرين.. وأخريات..إنه أحد الفروع التي يستوي فيها الرجل مع المرأة..أحد الأماكن القليلة في هذا العالم..
فيما بعد ,كان لزاماً على أم منذر, وهي أم أحمد ورغدة أيضاً أن تزور رغده في سجن دوما وتزور أحمد في سجن عدرا ومن ثم في سجن صيدنايا وتزور منذر في سجن المزة, ولسنوات..
هل حقاً كل شيء يتغير ..؟!
كل شيء يتبدل..؟
إذا كان ذلك صحيحاً لماذا يبقى الاعتقال ثابتاً ..؟
ونحن بدورنا نسأل"ماذا تفعل فداء وتهامة ورغد وطل الآن؟ وكيف سيمر عيد الأم على فداء حوراني وتهامة معروف، وعلى أم طل الملوحي.
غسان المفلح