سيد طنطاوى وفيروس النقاب



رشا ممتاز
2010 / 3 / 16

كنت أهم بنشر موضوع عن فيرس النقاب المنتشر في مصر وكنت سأعقبه بمقال آخر احيي فيه جرأة شيخ الأزهر بوصفه شخصية دينيه لها مركز ومكانة رفيعة ومؤثرة ,على تصريحاته الشجاعة التي وضعت النقاب في مكانه الطبيعي كعادة من تقاليد وموروثات المجتمعات الصحراوية البدوية وليس له أي صلة أو علاقة بالإسلام من قريب أو بعيد
وفى اليوم المقرر لنشر الموضوع وصلني نبأ رحيل شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي رحمه الله ,مما ضاعف من إصراري على تحية قراره الشجاع الخالد ليكون مثلا لخلفه وخطوة نحو إسلام معتدل مواجه لتيارات الإسلام المتشدد المتدفقة .

فسيد طنطاوي بتصريحاته الجريئة يكون أول رجل دين ذو مركز رفيع بعد الشيخ محمد عبده ينفى فرض أو حتى فضل ارتداء كمامة الوجه المسماة بالنقاب وينزع عنها أية قداسة .


وقد تزامن صدور قرار منع النقاب مع تفقد شيخ الأزهر لأحد المعاهد الأزهرية ليفاجأ بفتاه في المرحلة الإعدادية ترتدي النقاب مدعية كما لقنها والدها بأنه أمر من الله ورفضت خلعه بعد طلب الشيخ منها فأصر الشيخ على نزعه بنفسه بوصفه ابرز علامات استعباد المرأة وأبشعها ولا يجوز إلصاقه بالإسلام ولما كانت معظم النساء والفتيات يتحججن بوضع النقاب لإخفاء جمالهن المبهر الفاتن للرجال , فقد تفاجأ الشيخ أن الفتاه عاديه وليست جميله ولهذا سقطت حجتها مرتين .
ومن هنا قامت الدنيا ولم تقعد على تصريحات وموقف شيخ الأزهر السيد طنطاوي وشنت جماعة الإخوان المسلمين الابن الشرعي للوهابية الحرب وهددت برفع مئات الدعاوى القضائية عليه و تناولت القنوات الإعلامية البترودولاريه الحدث وكأنه دعوى أزهريه للكفر واعتبرت تصريحاته إعلانا للحرب على الإسلام !! بل و ذهب بعضهم إلى حد تكفيره لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة !!
وطعنوا في سمعته وهولوا من حجم موقفه مع فتاة الأزهر وحتى بعد وفاته ارتفعت بعض الأصوات برفض الترحم عليه أو الدعاء له !
وقد يكون ردود فعل أقطاب ورموز الإسلام السياسي ومتعاطيه عن وعى أو عدم وعى مفهومه في إطار الدفاع عن أفكارهم ومبادئهم المتزمتة ولكن الغير مفهوم هو رد فعل التيارات العلمانية التي انجرت وراء الإعلام الممول و تركت تصريحات شيخ الأزهر الغير مسبوقة وتمسكت بموضوع الفتاه وملابساته !

فكانت كمن يترك اللب ويمسك بالقشور!
كان لا بد من الإشادة بموقف شيخ الأزهر المرحوم الدكتور سيد طنطاوي المشرف من النقاب المقيت و الترحيب بدعواته الوسطية وسط مناخ عام يتسم بالتشدد , والتركيز على رمزية نزعه للنقاب بيديه وتشجيعه على اتخاذ قرارات أخرى تحد من امتداد الإخطبوط الوهابي وتقطع اذرعه وتحجم من الظلم (الشرعي ) الواقع على المرأة..
فالضحايا التي خلفها دعاة فرض وفضل النقاب وخطر المد
الإسلامي الوهابي ذو الطابع المتطرف يفوق ألف مره حدته على الفتاه التي قد يبررها كبر سن وانفعال الشيخ الذي تجاوز الثمانين.
و سأعرض عليكم قصة صديقتي التي سقطت ضحية لمؤامرة الإعلام الموجه الناشر للجهل ولن تكون آخر الضحايا .........

كانت جميلة و أنيقة, مثقفة و نشيطة , متفانية في خدمة مجتمعها لها اهتمامات حزبية ,اجتماعيه وأخرى رياضيه تشارك في فصول محو الأمية و في جمع التبرعات لبناء المدارس والمستشفيات تزور الأيتام وتشجع في المباريات وتعين الأصدقاء والأقارب فتجدها في أفراحهم وأتراحهم على السواء كانت قلبا نابضا ويدا معينة و رمزا مشرفا للفتاة المصرية.
كنت افخر بصداقتنا التي امتدت جذورها إلى الطفولة حتى وقت قريب قبل أن تلقى بعقلها في شباك الشيطان !

فقد كانت تتابع القنوات الدينية الوهابية الناطقة باللهجة المصرية ثم ذهبت بعد ذلك إلى المسجد لحفظ القران كما هو شائع هذه الأيام ثم انقطعت أخبارها فتره من الزمن فتصلت بها للاطمئنان عليها و معرفة سبب اختفائها ..

لأفاجأ بأنها تنقبت وقررت المكوث في المنزل تقربا إلى الله فقد كانت قبل ذلك على ضلال على حد قولها قبل ان تعرف طريق الهداية !!

ذهبت لزيارتها فهالني منظرها وتحسرت على حالها فقد أطلقت حاجبيها وزاد وزنها وأهملت مظهرها وتلفعت في السواد !
فهل هذا هو التقرب إلى الله ؟؟
هل ترك الأنشطة الخيرية و المشاركة الاجتماعية ومساعدة الغير ليس تقربا إلى الله؟؟
هل الأناقة والجمال يغضبوا الله والقبح والإهمال يرضوه ؟؟
هل الانعزال عن العالم والمكوث في المنزل حتى الموت هداية ؟؟؟

زادت نسبة النساء المنقبات في مصر لترتفع إلى أكثر من 16 في المائة , و لتغزو الظاهرة المستشفيات والمدارس والمعاهد والجامعات

فكيف استطاع الإعلام الوهابي الناطق باللهجة المصرية استقطاب هذا الكم من النساء المصريات المشهورات بالوعي والذكاء
كيف تركت الفتاه والسيدة المصرية موقعها بعد أن كانت ملكة متوجة ورمزا للأناقة والجمال في إنحاء العالم و أولى من خلع البرقع رمز العبودية في الوطن العربي وناضل من اجل الحرية من اجل تعليم الفتيات من أجل المساواة!
كيف استسلمت المرأة المصرية اليوم لدعاوى الجهل وأحرقت سنوات من الكفاح وأعادت وضع القيود حول معصميها بنفسها وأحكمت الرباط !!!

كيف اغتالوا عقلها و حصروا اهتماماتها لتدور حياتها في فلك السؤال السرمدي ذو الجواب الزئبقي هل النقاب فرض أم فضل ؟


هل خدعوها بمعسول الكلام أم خوفها بنار مستعرة وقودها النساء والحجارة ؟
هل أقنعوها بأنها لا تعرف دينها ولا يمكنها معرفته إلا بواسطتهم مستخدمين شعارهم البراق الخادع نحن طريقك إلى الجنة!

إنها لمؤامرة تحاك لمصر التي لم تعرف التشدد الديني طوال تاريخها, مؤامرة لنشر الفكر المسمى بالسلفي الوهابي المتزمت القادم من البلاد القاحلة التي لم تعرف اليوم للمدنية طريقا !
مؤامرة على بلاد الحضارة وقلب الوطن العربي ,للإيقاع بنسائها في براثن التغيب والتهميش والتخلف وبالتالي ضمان سقوط البلاد في يد من لا يرحم والعودة بها إلى عصور ما قبل التاريخ !

فلو لاحظتم ما يذيلون به نشراتهم السلفية الوهابية ورسائلهم الدورية ستجدونهم يطلبون نشرها على وجه الخصوص فى ارض الكنانة مصر الحبيبة على حد تعبيرهم !
فمنذ متى أصبحت مصر حبيبة والجميع يعرف ما يلاقيه العامل الوافد على وجه العموم والمصري على وجه الخصوص في بلادهم وعلى أيديهم من ويلات!

فهؤلاء لا يعرفون للحب مكانا ولا للرحمة طريقا
فقديما قبل الإسلام كانوا يئدون البنات ويدفنونهن إحياء لتنتهي معاناتهن بالموت واليوم بعد الإسلام استمروا في وأدهن ولكن بتركهن على قيد الحياة!

أقنعوها بأن عالمها زوجها وأولادها بينما هم يعددون العوالم مثنى وثلاث ورباع وما ملكت إيمانهم !!

اجبروا نساءهم على الخنوع والقبوع في المنزل وحرموا عليهن الحياة بحجة تربية الأولاد والتفرغ للأسرة ومع ذلك لم يخرج من أولادهم عالما واحدا !!

بل وأغلب العلماء خرجوا من بلاد الغرب حيث المرأة الحرة العاملة!

هؤلاء في القرن الواحد والعشرين وفى الوقت الذي تقود فيه نساء الغرب المركبات الفضائية يحاربون بشراسة قيادة المرأة للسيارة ويصورنها أس الفساد و منبعه ! بينما هم يقتنون أحدث وافخر أنواع السيارات بل ويعددونهم مثنى وثلاث ورباع أيضا !

هؤلاء قد نسجوا صوره ل الله في مخيلتهم تتناسب مع طبيعتهم الصحراوية وطباعهم القاسية فصوروه دكتاتور ساديا لا يكون التقرب إليه إلا بتعذيب الذات و صوروه ذكرا مستبدا يعتبر النساء مجرد مخلوقات للملذات !

هؤلاء لا ينشرون إلا السموم المذابة في معسول الكلام والمغلفة بسوليفان طاعة الله فلو فندتي أفكارهم لعرفتى أهدافهم الحقيقة ........

فمنع قيادة المرأة للسيارة ومنعها من الخروج من المنزل إلا بمحرم وتعبئتها في شوال اسود وحرمانها من كافة حقوقها الإنسانية = وأدها باسم الله
منع رد السلام ومنع معايدة أهل الكتاب والدعوة إلى العبوس في وجوههم = زرع الفتنة الطائفية في المجتمع

منع الرسوم والفنون والموسيقى والنحت = محاربة الجمال وإشاعة القبح

هذا هو ما ينشرونه في الحقيقة وتلك هي أهدافهم الغير معلنه القضاء على كل أشكال المدنية والتحضر والعودة إلى الجبال وإقامة الحدود التي ما انزل الله بها من سلطان مثل رجم الزاني وحد الردة على طريقة طالبان!

هؤلاء لا يرون من السيدة العظيمة والعالمة المصرية الجليلة الشهيدة سميرة موسى سوى مجرد سافرة عاصية!

ولا يرون من المناضلة الزعيمة السيدة هدى شعراوي سوى منحلة فاجرة !!

ولا يرون من الشامخة صوت مصر الخالد وكوكب الشرق أم كلثوم سوى غانية ساقطة !!

حتى الشاعرات والأديبات كفروهن واحرقوا فى بلادهم إحدى المراكز الثقافية لان سيدة وأديبة سعوديه ألقت فيه قصيده!!
حتى الاميره المنقبة جوهرة بنت فهد ال سعود التى تعمل مديرة جامعة نوره بالرياض لم يشفع لها اتشاحها الكامل بالسواد وخرجت أصوات تكفرها لأنها تختلط بالرجال وتمضى معهم عقود العمل!! لا تتعجبوا فليس لتشدد الوهابيون حدود !
فهم يعتبرون المرأة مجرد جسد غير عاقل وظيفته المتعة والإنجاب فلا يفرقون بين وجه المرأة ومؤخرتها فكلاهما عوره يجب إخفاءها وسترها !
هذا هو الوجه السافر للوهابية والمختفي وراء النحيب المصاحب لأدعية القرني ودموع حسان !
هؤلاء لا يعرفون سوى الهجير والرمال فكيف تسمحون لهم بالسيطرة على عقولكم ؟؟

هؤلاء لم تنتج بلادهم ولم تصدر للعالم سوى الأسودين النفط والإرهاب !

أتعلمين ماذا سيكون حالنا لو سيطرت الوهابية على البلاد
سيهدمون الأهرامات وأبو الهول والمعابد والتحف والتماثيل الفرعونية ارثنا الحضاري العظيم وتاريخنا المشرف مثار إعجاب العالم كما فعلت طالبان!!

سيمنعونك من القيادة ومن الخروج و وسيلفونك بالسواد ويدفنونك فى بيتك بدعوى شرع الله !!

سيحاربون الفنون والرسوم والتصوير
وربما منعوا الشرب من مياه النيل بدعوى ان الرسول كان يشرب من الآبار!!

فهل هذا ما تسعين إليه يا نساء مصر هل تلك آمالكم ورغباتكم وتطلعاتكم لمستقبل بلادكم وأولادكم ؟؟؟

هل نحن بحاجه لهذا سيل من القنوات التي ترفع الشعارات المشبوهة وتصدر لنا الوهابية المقيتة؟؟
ام نحن بحاجه الى قنوات لتعليمنا نحن و أولادنا البرمجة واللغات والموسيقى والفن والجمال ؟
انتبهن يا نساء مصر المتعلمات ! فلم تعرف الفلاحة المصرية الكادحة التي تشق الأرض بساعديها !
والتي كانت ولا زالت بفطرتها النقية تجلس مع زوجها على المصطبة مكشوفة الوجه تتدلى ضفائرها الجميلة ,تحي بود وعفوية المارين من رجال ونساء وتدعوهم للجلوس وشرب الشاي , هذه هي المرأة المصرية الأصيلة التي خلدها محمود مختار وجعلها رمزا لنهضة مصر والتي لم تعرف لفقه العورة سبيلا ..