ألم ..... وندم



نادر عبدالله صابر
2010 / 3 / 27

ها هي السنون تطوى تباعا وها هي الأيام تمضي سراعا ..ورغم المحن ورغم تقادم الزمن لا زلت مقيما على ذكرياتي التي تأبى وترفض ان يلفها النسيان ويطويها الزمان ... لا زلت للآن اذكر لحظات وداعي الأخيرة لأجمل وأعز مخلوقة عبرت افق حياتي

حقية لا ادري كيف دب الخلاف بيننا واستفحل... كنت غبيا .. كنت مأفونا ... كنت متبجحا بكرامتي اللعينة ومتحججا بعزة نفسي الحزينة .. وكانت هي بدورها يعتريها نفس الشعور....كلانا تمترس في موقعه منتظرا من الأخر أن يتراجع ... تطور الخلاف واتسعت الهوة بيننا حتى اصبح بيننا ما صنع الحداد .... حتى اصبحت هناك جبال من جليد ما بين طريقينا.... ومرت الأيام ونحن ممعنان بالخلاف والألم ...... الى ان حانت لحظة ان تناهى لمسمعي أنها مزمعة على الرحيل الى بلاد بعيدة لتبدأ هناك حياة جديدة

عندها تخبطت في حيرتي وتلخبطت في كيفية تصرفي !!!! كيف اسمح لها ؟؟ وكيف اسمح بذلك لنفسي ان اقضي حياتي بدونها!!!! .... انتظرت منها ان تبرر لي أزماعها على الرحيل!!!؟؟ لكنني ترددت ولم املك لحظة الشجاعة لأنفس عما يمضني ويكاد يودي بي

نعم لقد رحلت انذاك بكل صمت الدنيا المطبق المقيت ... وأخترت انا ان أودعها بطريقة غريبة عجيبة ... لقد استحصلت على ميعاد طائرتها التي ستسافر على متنها ... لا زلت اذكر ذلك الصباح الشتوي الكئيب وأنا اقود سيارتي الى المطار واكاد اغالب نفسي لكتم أهاتي .. تركت دموعي تنسكب بدون ان اردعها (ومما زاد مأساتي ان المذياع لحضتئذ وكأنه تقصد ان يغيظني بأغنية محمد عبده وخصوصا المقطع المؤلم : انا تركتك ..انا خسرتك .. ليتني لما عرفتك ما تركتك .. انا تركتك... انا خسرتك ) .. سيارتي تنهب الأرض سراعا( كان الرعب يسيطر على كافة حواسي خوفا من نفاذ الوقت وفقدان لحظة رؤيتها !!! يا الهي فقط مجرد رؤيتها !!!) وصوت خفوقي يعلو على كل صوت ..... وصلت المطار لاهثا هلعا وكل شوق الدنيا يلفني ....... تلفت جزعا في كل الأتجاهات ابحث عنها وبعد عناء طويل رأيتها عن بعد هناك تسلم جواز سفرها لأمن المطار ..وتنظر لأهلها ملوحة بيديها مودعة... نعم رايتها لأخر مرة خلال عيني الغائمتين الحزينتين وهي تتلاشى من امام ناظري وهي تتلاشى تتلاششششششى وتتتتتتلااااااااااااااشى ..
... يا الهي ما اشد جبني ... اللعنة على كرامتي ... سحقا لرجولتي .... تبا لسخافتي

كم تمنيت لو أن هناك فرصة اخرى لأبوح لها ان حبها كان اكبر من كل حدود التصور ..وأن كرامتي كانت مجرد جبن وتهور .. المي لا يضاهيه الم وندمي ما بعده ندم