ربيع الشعر مُهدى إلى المرأة في عيدها الأممي



رابحة مجيد الناشئ
2010 / 3 / 30

في فرنسا، تقرر هذا العام 2010 أن يُهدى ربيع الشعر الثاني عشر إلى المراة في عِيدِها الاممي، ممهوراً بعنوان ״ لون امرأة ״.
وربيع الشعر، هو تظاهرة أدبية أُسست في عام 1999 بمبادرة من جاك ﻟوﻧﮓ ״ J.Long״
وزير الثقافة آنذاك، وبتعضيد من كلود ﺍﻟليﮕر״ C. Allègre ״، وزير التربية والتعليم.
تحدث هذه التظاهرة كل عام في شهر آذار وتجمع عدداً كبيراً من الشعراء والأدباء والفنانين، من فرنسا ومن خارجها، وذلك من أجل الاحتفاء بالشعر بكل أشكاله وبكل الوسائل الممكنة.
ومنذ إنشاء هذه التظاهرة، دأبَ منظِموها إلى محاولة نقل الشعر( أو إعادته ) إلى الحيز العام وإشراك أكبر عدد ممكن من الناس للمساهمة فيها ومن أجل اكتشاف قيمة الفن الشعري وتقاسم متعته ودفئهِ وجماليته.
ويقوم بتنظيم تظاهرة ربيع الشعر، مجموعة من متذوقي الأدب والشعر والفن. هذه المجموعة تقترح موضوعاً للتظاهرة، وتقوم بتوحيد وتنسيق النشاطات الأدبية والفنية، والتواصل مع الجمهور بوسائل الأعلام المتعددة، كما تقترح هذه اللجنة تنظيم فعاليات مختلفة:
دعوة شعراء من المدن الفرنسية ومن الدول الأخرى وتنظيم أماسي وأيام دراسية حول الشعر، وإنشاء ورش للكتابة والقراءات الشعرية في المدارس.
في بعض الجامعات، دعوة ممثلين وموسيقيين ليصاحبوا الأماسي الشعرية المقامة فيها، وتوزيع دواوين الشعر على المؤسسات المدرسية، وعرض البعض منها قي المكتبات.
وقد تعددت المبادرات لتنظيم هذه التظاهرة الأدبية منذ بدايتها في عام 1999، وتدرجت في تطورها واختلاف تواريخها وتباين مضامينها وموضوعاتها، والتي من ضمنها:
״ الشعر الغنائي ״ و ״ الأمل ״ و ״ غناء المدن ״ و ״ أشعار العالم ״ و ״ أشعار الحب ״....
واعتبارا من سنة 2007 أضيفت إلى هذه التظاهرة مبادرات أخرى، كتكريم أحد الشعراء،
وتنظيم مسابقات شعرية. وهكذا تم تكريم الشاعر الفرنسي رينيه شار ـR.Char
(1999-1907)، في خلال احتفالات ربيع الشعر التاسع في عام 2007 (من5 إلى 18 آذار). أما في ربيع الشعر الحادي عشر في سنة 2009 (من 2 إلى 15 آذار)، فقد أضيفت للاحتفالات مبادرة جديدة وهي مُسابقة شعرية تحت عنوان:
>. وأندريه شديد، هي شاعرة فرنسية من أصل لبناني مولودة في القاهرة عام 1920.

وقد استمر الاحتفاء بهذه الشاعرة في ربيع الشعر الثاني عشر لسنة 2010 (من8 إلى 21 آذار)، والمهدى إلى المرأة في عيدها، تأكيداً للرغبة في تكريم النساء في يومهن ألأممي.
أماالممثلة الفرنسية دومينيك بلان ـ D . Blanc (الحاصلة على جائزة أفضل ممثلة لعام 2001، وعلى جائزة أُخرى منذ فترة ليست بالبعيدة عن دورها في فلم ״ الآخر ״، لباتريك ماريو وﭘﻳار ترﻴفيدك) فقد اختيرت لكي تكون راعية وأماً روحية لهذا الربيع الشعري المكرس هذا العام للاحتفاء بالنساء في عيد نضالهن المئوي.
كما أُقيمت معارض للفنانات في قاعات المركز الثقافي جورج ﭘﻮﻣﭘﻳﺪﻮ في ﭘﺍريس، وعروض مسرحية وسينمائية، وكلها كانت مُكرسة لإظهار مكانة المرأة في المجتمع والدعوة إلى مساواتها التامة مع أخيها الرجل.

ولم يكن بيت الشعر في مدينة ﭘﻮﺍﺗﻴﺔ بعيداً عن هذه التظاهرة الأدبية، وكباقي بيوت الشعر المنتشرة في المدن الفرنسية، نظَم أُسبوعاً شعرياً ابتداء من 15 إلى 20 آذار، وقام باستضافة شاعِرات وشُعراء من تركيا ومن روسيا ومن ألمانيا.

في يوم 15 آذار كان الاحتفال مع شعراء من تركيا:

● الشاعرة لال مولدير(،Lala Müldür ـ 1959 )، وهي شاعرة صوفية، وأشعارها تجمع
بين المفردات العلمية وعناصر الحداثة ،باحثة عن لغة اليوم،وعن هويتها كأمرأة وكمثقفة تركية ما بين التقاليد الشرقية والحداثة الغربية.

● الشاعر والرسام آزاد ضياء إيرين( Azad Ziya Eren ـ 1976)، وهو الشاعر
الكردي القادم من ديار بكر، والذي أظهر قي قصائده عذابات الشعوب المضطهدة والتي لا تستطيع التعبير عن مشاعرها، مستخدماً أسلوباً شيقاً رائعاً عالمياً في مدلولاتهِ.

في يوم 18 آذار، كانت الأمسية مُخصصة لخمسة شعراء من روسيا:

● الشاعر يفغيني ( Evgueni Bounimovitch ـ 1954 )، والمترجمة أشعاره إلى عدة لغات، والحاصل على جائزة إتحاد الصحفيين وجائزة مدينة موسكو.

● الشاعرة نيكولاييفا (Olessia Nikolaev ـ 1955)، الحاصلة على ميدالية مدينة كرنوبل الفرنسية وعلى الجائزة الوطنية للشعر في موسكو.

● الشاعر سيرجي ( Sergueï Gandlevski ـ 1952 )، والمترجمة أشعاره إلى عدة لغات، والحاصل على جائزة Znamia .

● الشاعر ليف روبنشتاين ( Lev Rubinstein ـ1947)، شعره مسرحي، وهو حاضرجداً في الحياة الثقافية والفنية.

● الشاعرة ماريا (Maria Stepanova ـ 1972 )، والحاصلة على جائزة Znamia، والمترجمة أشعارها إلى لغات عديدة.

وفي يوم 20 آذار، أقام بيت الشعر لمدينة ﭘﻮاتيه أمسية للشاعر والناشر الألماني روديغر فيشر( Rüdiger Fischer ـ 1929 )، الذي قرأ الشعر باللغتين الألمانية والفرنسية، وبعرض للكتب التي قام بنشرها.

إن ابتداء الاحتفال لربيع الشعر هذا العام في 8 آذار(يوم المرأة) واختتام فعالياته في يوم 21 آذار (اليوم العالمي للاحتفال بالشعر الذي تنظمه اليونسكو)، له دلالاته ومعانيه. فالبدء بالاحتفال في يوم المرأة لهو تأكيد على الرابطة الحميمة ما بينها وبين الشعر، وعلى ميدان
حضورها الإبداعي ودورها الخلاق في هذا المجال. وهو رد على من يُظهرون المرأة في الشعر(كما هو الحال في الميادين الفنية الأخرى)، وكأنها موضوعاً للإلهام الشعري والفني فقط. و لدحض هذا الحكم المسبق والنظرة المقولبة عن المرأة يكفي أن نطالع التاريخ الأدبي، لنجد حضور الشاعرات الإبداعي الرائع في الشعر القديم، كما هو الحال في الشعر الحديث.

أما اختتام الفعاليات في 21 آذار، يوم الشعر العالمي، فهو رد على الذين يعتقدون بأن تدريس الشعر في المدارس لا ينفع التلاميذ في شيء، بل يجب التركيز في التدريس على الجوانب العلمية فقط. ولذلك حاول منظمو تظاهرة ربيع الشعر، منح الشعراء القيمة والاهتمام في عالم أصبح يُحارِب المشاعر والفن بصفة عامة ويقلل من أهميتها.
إن الشاعر والعالم يلتقيان في أمور عديدة لا يفهمها هؤلاء. فأنشتاين كان مولعاً بالشعر، وأن الشاعر الفرنسي تشارلز كروس ـ Charles Cros
( 1888 ـ 1842)، هو الذي أخترع الفونوﮔراف (الحاكي)....الشاعر كالعالم، يساهم في حل رموز الإنسان والطبيعة، ويستقريء الواقع الاجتماعي والسياسي ومن ثم يعرضه للجمهور بأسلوب شيق ممتع، موقظاً لديه الحس النقدي وقابلية اتخاذ المواقف والقرارات. لذا نجد أن الأنظمة الشمولية تخاف الشعراء ولا تتسامح معهم كما كان الحال على سبيل المثال مع الشاعر غارسيا لوركا الذي أعدمه الدكتاتور فرانكو، وكما كان الحال بالنسبة للشعراء العراقيين الذين اضطهدهم النظام الدكتاتوري وأبعدهم عن العراق لانتماءاتهم الفكرية، ومن هؤلاء الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي ألجواهري.

وتتزامن احتفالات ربيع الشعر لهذا العام مع الانتخابات في العراق ومع ما سجلته المرأة العراقية الشجاعة من حضور بطولي وتحدٍ للإرهاب.
وهكذا تتعانق أعياد آذار مع بعضها......عيد المرأة ألأممي وعيد الأم وعيد الشعر العالمي وأعياد النوروز وعيد الخليقة للصابئة المندائيين....ويستمر آذار بعطائه وبأعياده.

هذا هو آذار الخير والعطاء...ينبوع الحب والتضحية والإبداع.