منظومة قيم



هيفاء حيدر
2010 / 4 / 1



عندما نطيل الحديث بمسألة الحقوق وما لها و ما عليها , نكون نحاول أن نعبر في كل مرة من طريق نعرف أنه بالضيق و الطويل و حتى لا نشبهه بذاك النفق الذي أعتاد الأكثرية أن يستمتعوا بأنتظار الشمعة التي سيجدونها مضائة في نهايته . هي عبارة فقط عن محاولة أن نحث الخطى في المسير وعلى الأقل أن لا ننسى أو ينسينا هذا الزخم من التناقضات الذي يحيط بواقعنا و يسيطر علينا في رؤيتنا للهم الخاص و نحن نؤطره في المجال العام , فأكيد أن العديد من العراقيل و الحواجز التي ستكون عصية على التجاوز سنلقاها ونحن نعلم أننا بهذا نكون تارة مهادنات و تارة متصادمات معها ,وسوف لن يقتصر الأمر عند هذا الحد .
أنه فقط محاولة لبلورة الوعي الجديد بمنظومته المناهضة كذلك , الذي بات أقرب لأن يتبلور و يتطور في عملية أشبه بالمحاكاة للذات و لمسيرة الميل الذي قد نراها تزداد بطئ أكثر مما مضى . ولكي يكتب للمحاولة أن تستمر لا بد من الأبتعاد عن المسلمات الذهنية التي كثيرا" ما أوقعتنا في مخاطر و ذهبت بنا الى غياهب المجهول الذي أن دخلت به بالهم النسوي سوف لن يكون أمامك من مجال سوى تلك المنظومة من الغيبيات و تداعيات المحظور و غيرها .و الخول في متاهة ما هو مقدس و منسوب و بالتالي هو صحيح و ما هو مدسوس و غير منسوب و بالتالي لا يحبذ الأخذ به وهذا من باب العلم لا أكثر لما يراد لنا أن نفهمه ونستوعبه حتى لا نقع نحن معشر النساء في المحظور.



أن العديد من المفاهيم في المنظومة الجديدة ,للهم النسوي و العمل به و التقدم بأتجاه التغيير الذي نصبو اليه لا بد لها من أن تتواجه مع الكثير مما يصوب نحوها فهو جاهز , حاضر , بالأمكان استدعاء أي نص و دفعه للمواجهة في خدمة سلطة الهرم الأبوي بكل خلفياته العقائدية و التشريعية و الدينية منها على وجه الخصوص . و ليس هذا وحسب بل أن أركان الهرم سوف لن تألوا جهدا" في التماسك أكثر لتكريس مزيد من التبعية و التسلط , محمية بما ذكر في تناقل سهل للأدوات فيما بينها و لتوريث سلس لما لم يؤطر بعد للحد من نمو أي منهج من شأنه أن يطرق أبواب الماضي و موانعه العديدة و افتاءاته التي لا تنضب .
أن مسيرة التحول من أجل التغيير في بلداننا بما يخص حقوق الأغلبية الصامتة سوف لن يكتب له الكثير من النجاح و الباب مفتوح للتهميش والأقصاء و التقليل من أهمية المطالبة بالمزيد من المشاركة بالعملية الديموقراطية المنقوصة أصلا" في بلداننا .
أن منظومة القيم السائدة التي تبنى عليها أسس التعامل مع القضة النسوية قد باتت تضيق المجال و تسد المنافذ أمام احراز ولو النذر البسيط من التقدم , وتستعمل بين الحين و الأخر للحد من أي محاولة لطرح المسائل الشائكة على بساط البحث . واصفة الموضوع بأنه كما كرة النار وكأن أغلبية نسائية قادمة سوف تستلم زمام الأمور و تطيح بالهرم محولة اياة الى كومة من حجارة . بالتأكيد أن الأمر ليس كذلك , لكن والى أن يسمع الصوت الخافت الأغلبية , كفى لتلك الدعوات التي تنادي بأن لا طائل من المزيد من التعب و المعاناة للنساء فواقعنا لديه خصوصية ما , و ظروف لا تسمح بما تطالبن به من حقوق تارة تمس تركيبة الأسرة و تارة تمس الشريعة . و كأننا نريد دفن ماضي أمتنا العريق أذا ما تجرأنا على ادخال و لو تعديل بسيط على نص هنا أو هناك يقترب في أن يأخذ من حجارة الهرم و لو بحصة واحدة .
ان هذا الجدال المستمر حيال المزيد من الممنوعات و ما ممكن اليوم طرحه و ما ليس بالأمكان طرحه الأن هو من سيعطي بعدا" أخر جديد في العمل النسوي و حتى لا تتحرك تلك الصرارة التي تدعم الكرة و تبدأ بالتدحرج تاركة لنفسها المجال كي توسع الحيز المنظور لمكانة و دور قادم للنساء لم يعد بالأمكان أن يبقى أسير قوالب جاهزة منمط ومرسوم له بدقة حدود اللوحة حيث كان عليه أن يبقى قابعا" بين اطاراتها الأربعة .

هيفاء حيدر