كوتا المرأة في البرلمان العراقي مالها وما عليها



قاسم السيد
2010 / 4 / 5


الديمقراطية هي اخر ما وصلت له المسيرة الانسانية في الحكم فبواسطة هذه الطريقة اسبغت الشرعية على كل النظم السياسية التي تجيء بفعل صناديق الاقتراع .
والديمقراطية تؤشر لمرحلة من النضج الحضاري الذي وصلت اليه البلدان التي تمارسها في عملية التداول السلمي للسلطة الا ان الامر مختلف لدينا في العراق فالديمقراطية وصلت الى العراق مع الاحتلال ورغم انها منحت الفرصة لكثير من القوى السياسية للوصول الى البرلمان او الى الحكومة الا ان هذا لم يؤشر على وجود ذلك النضج السياسي والاجتماعي لتلك القوى فهذه التنظيمات هي في أغلبها احزاب دينية او قومية وأن تغلف بعضها بمسميات سياسيه و التي استطاعت ان تسيطر على اغلب الاصوات في الشارع العراقي حيث استثمرت ارتباك هذا الشارع واضطرابه بسبب تشوش الرؤيا السياسية نتيجة غموض اهداف المحتل وغياب القوى التقدمية والديمقراطية بسبب سحقها بقوة وعنف مفرطين اثناء المرحلة الدكتاتورية اثناء حكم صدام والتي اتسمت بالعنصرية القومية والطائفية المذهبية مما سمح لهذه القوى السياسية الصاعدة من استغلال النزعة القومية والطائفية التي اسس لها النظام البائد واستطاعت ان تشغل مساحة واسعة من الساحة السياسية نتيجة تغييب قوى اليسار والقوى الليبرالية والديمقراطية .
وجاءت الديمقراطية ليست كخيار سياسي عراقي نتيجة النضج السياسي للاحزاب او القوى الاجتماعية بل كبرنامج فرضه المحتل في افضل تعبير ممكن ان يقال عن ذلك الخيار مما ادى ان تفرض على هذه الديمقراطية الفتية اشتراطات ليست من صلب الواقع العراقي رغم ماتحمله من لمسات حضارية وانسانية واقصد به دور المرأة وفرصتها في الانتخابات .
فأحد هذه الخيارات الذي فرض على العملية الديمقراطية ليس فقط في أن تمنح المرأة حق التصويت او حق الترشيح أسوة بالرجل بل فرض لها استحقاقات اخرى هي بالواقع اكبر من استحقاقاتها الاجتماعية في الواقع الاجتماعي العراقي الحالي في هذه المرحلة على الاقل فقد تقرر ان تمنح للمرأة 25% من مقاعد البرلمان سواء احرزت هذه المقاعد عن طريق صناديق الاقتراع او لا فهذه الكوتا يجب ان تشغل بهذه النسبة .
ورغم كون هذا الاجراء شكل انجازا سياسيا واجتماعيا للمرأة على الاقل في شكله الحاضر الا ان الواقع الاجتماعي والثقافي للمرأة في العراق لاينهض بمثل هذا المكسب في هذا الوقت بالذات فأغلب النساء في بلادنا يخضعن لواقع مرير من التخلف والامية وعدم النضج الثقافي وحتى الاعداد القليلة من النساء التي سمحت لهن الظروف في الحصول على شهادات ثانوية او جامعية الا ان الواقع السياسي والاجتماعي لم يؤسس لتنظيمات نسوية قادرة بالنهوض بالواقع النسوي وأيصاله الى المرحلة المرجوة من أن تستطيع المرأة كفئة اجتماعية ان تنهض بدور سياسي مرموق وليس مجرد نساء افراد .
هذه القضية بالذات اصبحت تطرح تساؤلا ضخما امام الحركة النسوية في العراق اضافة لقوى اليسار والديمقراطية للمحافظة على هذا المكسب السياسي للمرأة وتثبيته ودفعه للامام وأنضاج جميع شروط نجاحه ولنواجه الامر بصراحة وشجاعة لكون هذا المكسب يمتلك فرصته الان من خلال وجود المحتل واذا اكمل هذا المحتل انسحابه من العراق حسب الاتفاقية الموقعه بينه وبين الحكومة العراقية فأن اغلب القوى السياسية التي تشغل الساحة السياسية لاتملك ذلك النضج السياسي من أن تسمح لهذا المكسب للمرأة ان يستمر بنفس واقعه الراهن على الاقل ان لم نقل كلاما اخر اضافة ان الواقع الاجتماعي يسمح لها بتغطية نكوصها عن هذا المكسب وهو نداء لكل القوى المناصرة للمرأة وقضية تحررها وتقدمها ان تنتبه لهذا الامر قبل ان تفوت الفرصة وحينها ولات حين مناص .