مغادرة الجسد



هيفاء حيدر
2010 / 4 / 29


هل تستطيع المرأة مغادرة جسدها اٍن أرادت ولو لبرهة من الزمان؟أن تتركه ورائها وتمضي تدعه يستكين للراحة للحظات وتذهب هي في سبيل ربها تبحث عن السكينة ولو لمرة، أرادت لها أن تكون لنفسها ولوحدها لا يشاركها فيها أحد حتى ولو كان هو نفسه الجسد الذي أتعبته رحلة السنين معها .
من صاحب الطلب في ترك الآخر المرأة أم جسدها ؟أيكون لديه نفس الأسباب لترك صاحبته وماذا سيكون وضعه لو اٍستجاب لطلبها ؟
سيبقى كامنا" دون حراك أم سيصبح لديه ما يفعل في غفلة منها؟
كيف للعلاقة مع المكان أن تكون ؟
أي الأشكال ستأخذ علاقة المرأة بالمكان التي أحبت و تلك التي لم تحب؟
أي الأماكن سيكون من السهل مغادرتها واٍبقاء الجسد فيها ملقى هناك دون أي حراك ؟
هل سينبض بالحركة؟ أم ستغادرة الروح هي الاخرى ؟أتراها تعبت من حاملها وتريد أن تبتعد عنه ؟ كما تريد المرأة وتحب أن تلقي بجسدها في مكان معلوم وغير معروف في اللحظة ذاتها.
لقد اٍشتهيت في رحلتي هذه المرة أن أستطيع أن لا يغادر جسدي معي كان من المفروض أن يشعر بي أكثر ويدعني أسافر كنت بحاجة للوحدة و اللجوء الى نفسي معراة حتى من الجسد الذي ما زال يغطيها ، لم يشعر معي لماذا لا أعرف لماذا لم يدعني و شأني كان من الأفضل أن أسافر بلا اٍحساس بالغربة بأن من يغادر معي من بقايا الجسد و الروح كانوا متأمرين على فسحة الأمل التي اٍرتأيت أن أعيشها بدون هذا الحمل الثقيل الذي أرهقني.
ما هذا السحر الذي يحمله المكان في حياة المرأة ، لدرجة اٍنها لا تدع من مجال حتى للتفكير بأن نغادر ونترك جزءا" منا لا نريده أن يرافقنا في كل مرة نريد أن نبحر الى قاع حقيقتنا و نحن مجردين من أجسادنا هذه، وغيرها مما أتعبنا الحديث معها مرات ومرات ، حول ما يجب أن يكون و ما لا يجب أن يكون حتى نبقى على ما نحن عليه حتى الآن.
في العلاقة مع المكان هناك ما لا يحسب عقباه ما بين المرأة و ذكرياتها التي كانت، لذلك ربما تختار أن تترك جسدها وتمضي حتى لا تحزن المكان و يغضب الجسد وتصبح الأمور أبعد من ارتباط بالمكان و الخروج من دائرة الزمان الذي تعيش به ،هذا ما كان لو أـن الأمور التي نقرر أن نتركها ورائنا ونمضي تبقى كذلك نبتعد نحن عنها وهي هل تبتعد هي الاخرى؟ هل تغادرنا؟أم تبقى بداخلنا تصر على الحضور فينا و نحن نغض النظر عنها .
كيف سنتصرف لو اٍكتشفنا أن الأشياء التي قررنا أن نتركها و نمضي الى سكينة متوخاة لم تغادرنا و لم تبتعد عنا ولو بضع خطوات فقط وربما للحظات تمر من أمامنا أطياف الأمكنة التي غادرناها مسرعات حتى لا نلتفت للوراء و نغير من أرائنا ونبدأ اٍستدعاء الذكريات و تفلت منا بعضها ويعود أدراج الريح كل ذاك الهدوء الذي اٍبتغيناه ولم نجد سبيل لذلك.
قد ينادينا المكان الذي ألفناه و أعتدنا على مشاغباته معنا ،سيراهن أننا سوف لن نتحمل الأبتعاد كثيرا" عنه هو يغفو على رائحتنا لقد أنتمى اليها ، لذلك حتى ولو تركنا الجسد هناك فسوف لن يهنئ الجسد بصحبة المكان الذي سيصحوا بنا من جديد لنرى أنفسنا أن رحلة السرحان في سبيل الله لم تدم طويلا" .