فرنسا والنقاب



محمد عبد الفتاح السرورى
2010 / 5 / 2


فرنسا والنقاب
عندما يتهم الغرب الإسلاميين الأصوليين بالفاشيه نهب جميعا فرادى وجماعات للدفاع عن الإسلام ونكيل الإتهامات للثقافة الغربية التى تكره الأسلام وتحط من قدر المسلمين ... صحيح أن للغرب بصفة عامه جرائمه وحساباته التى كثيرا ما لا تضع إعتبارا يذكر للآخر وخاصة إذا كان عربيا أو مسلما بل و أعترف اننى شخصيا أحمل خصة داخلية لم تسطيع نفسيتى تجاوزها أو تجاهلها تجاه الغرب عموما ومواقفه السياسية من قضايانا على الرغم من إيمانى العميق بأن النموذج الغربى فى الحياة هة أفضل نموذج توصلت اليه الإنسانية بصفة عامة و ان معايير الحضارة الغربية تعد من أكثر المعايير واقعية فى التعامل مع مقتضيات الحياة ......
يخطىء كثير من المسلمين إذا ظنوا أن الموقف الفرنسى الأخير والخاص بالتشريع الذى يحرم إرتداء النقاب هو موقف معاد للإسلام فالشاهد للعيان ان هذا غير صحيح بالمرة بل أننا نستطيع أن نقول أن المدنية الفرنسية من أكثر المدنيات التى تتعامل مع الإسلام بروح متسامحه رغم ما يشوب هذه العلاقة من توتر أحيانا
موقف فرنسا من النقاب ليس موقفا معاديا للإسلام ولكنه معاديا لهذه الفاشية الإسلاميه التى تريد تصدير نموذجها البدائى الى جميح الحضارات والثقافات الاخرى وهى نفس الفاشية التى لاتطيق الإختلاف فى الرأى او الزى
إنه حقا شىء مؤسف وغير مفهوم فالامر لم يتوقف عند حد فرض وشيوع هذا الزى الكريه على النساء فى البلاد العربية والإسلاميه بل تعدى الامر الى محاوله فرضه أيضا على النساء فى مجتمعات لها ثقافة مختلفة تماما عن الثقافة الإسلاميه السلفية ..... الأمر هنا لاعلاقة له باى حال من الأحوال بالحريه الشخصية التى قد يتحجج البعض بها وكيف أنها وقفت ضد حريه المنقبات لأن الحديث فى هذا المقام عن دولة ومجتمه يرى فى هذا الزى الغير آدمى تعارضا مع امنه القومى وحسه الحضارى وغنى عن الذكر أن الكثيريين أيضا ممن يحملون لواء التنوير فى البلاد العربية والإسلامية يوم فى النقاب ما تراه فرنسا وكم أن هذا النقاي يسلب المراة أبسط الحقوق الفطريه وهو حق التواصل مع الحياة ومع الآخريين
النقاب لا يتعارض فقط مع الثقافة الغربية ولكنه يتعارض مع الفطرة الآدمية السويه ...هو زى كانت له دواعية فى بيئات صحراويه ذات عواصف ترابيه ..هو زى كانت له دواعية فى بيئات ذكوريه تنظر للمراة شذرا أينما حلت وحيثما ذهبت .. هو زى كان يصلح فى مجتمعات أحادية الثقافة ..مجتمعات لم تكن تتعامل مع المراة ولا ترى فيها إلا وعاءا لإنجاب الاطفال
مجتمعات ذكورية ولأن الرجل فى هذه المجتمعات يعرف جيدا ما هى نظرته للمراة وكيف يفكر فيها فكره هو أن يرى غيره نساؤه حتى لا تقع فى نفسه ما يقع فى نفسه هو منهن أى ان الموضوع بأكمله راجعا لثقافة معينه فى بيئه محددة فى ظروف تاريخية كانت ثم ولت لكن مالم يبرحنا هى نفس النظرة الدونيه للمرأة والتى تتجلى أشد ما تتجلى هى هذا الزى البدائى
شىء مذهل وغير مفهوم ..ألا يعى هؤلاء ما معنى أن يفى شخصا ما شخصيته بصورة لا تعطى الحق للأخرين أن يستبينوا مع من يتعاملون ؟
لو كان موقف المشرع الفرنسى من حجاب الرأس هو نفس موقفه من النقاب لكان فى الامر شبه تعصب وشوفونيه من جانبه ولا شك لان حجاب الراس لا ينافلا أبسط قواعد التعاملات العاديه والتى ينافيها النقاب
ليس فى موقف فرنسا الاخير أى شبه عداء للإسلام أو المسلمين بل إننا نتمنى أن نجد فى بلادنا يوما ما مجلسا تشريعيا يملك من الجرأة على سن مثل هذه القوانين التى تحفظ للمرأة كرامتها وآدميتها ...هذه الآدميه المهدرة على أعتاب النقاب والختان وزواج القاصرات وطلاق الفتيات ... لا أدرى كيف إستشرى هذا الزى بين النساء بهذه الصورة المرضيه ...لا أدرى كيف تقبل إمرأة على نفسها هذا النفى الحضارى والإستلاب الذاتى
ولا نجد عند أساطين السلف ودعاة السلفية إلا ردهم علينا بأننا نريد الإنحلال للمرأة ونبغى سفورها ودائما ما يضعون النقاب (أو حتى الحجاب) دائما ما يضعونه فى مقابله مع التعرى والسفور وهى حجه مردوده عليهم أولا لإنها من محض خيالهم المريض فهى حجة من بدعهم ولم يتقول بها احد من خصومهم وثانيا لإن دائما هناك طريق ثالث لا يعرف الفاشيين امثالهم أن يسيروا فيه ألا وهو طريق الزى الذى يناسب كل بيئة على حدة وكل ثقافة على إختلاف توجهاتها
هؤلاء الفاشيون لا يعرفون إلا التنميط هذا التنميط الذى يؤهل العقول لأن تكون مستعدة دائما أن تستقبل فتاويهم الساذجة وفقههم المتخلف عن روح العصر وأبجديات الحداثة
يوما كانت للفلاحة المريه زى .. وكانت للمرأة الحضرية زى .. وكانت للمراة النوبية زى .. كانت للمرأة من أهل الصعيد زى ولمن هى من اهل سيناء أو الواحات زى ... وهكذا
أزياء تتسق وتتناسب مع طبيع الحياة ومتطلباتها فى كل بيئة من هذه البيئات
حتى اليشمك الذى كانت ترتديه بعض النسوة فى المدينه كان ينبع من ثقافة إجتماعية ولسيت ثقافة دينية كان هذا حالنا حتى هبت علينا رياح السلفيه الوهابية البدويه بكل ما تحمله من كراهيه للحضارة والخصوصيه الإنسانيه التى تخالف نموذجها الترابى ...وبعد ان إستتب لها الامر فى المجتمعات العربية والأسلاميه ها هى تولى شطرها نحو المجتمعات الغربية تريد أن تفعل بها ما فعلته بنا
لو ان فقهاء السلف وأباطرة الفضائيات وسلاطين الفتاوى ولولوا وجوههم وخصصوا جزءا من وقتهم الثمين الى محاولة تأدييب الرجال ما كتب على النساء ان يسدلن على وجوههن هذا الستار المقيت