الكوتا إجراء مرحلي لمشاركة المرأة في الحياة السياسية



نعيمة مرهون
2004 / 7 / 31

في ظل التدني الواضح لنسب تمثيل المرأة في المجالس النيابية والبلدية في مختلف بلدان العالم بشكل عام والبلدان العربية بشكل خاص .. تبدو الحاجة ماسة لإتخاذ إجراءات حاسمة للتغلب على هذا الوضع الجائر وغير المنصف بالنسبة للمرأة .. لذا يكون الأخذ بنظام الكوتا ضرورة ملحة على أن يكون ذلك إجراءاً مرحلياً .. كما أن اللجوء إلى إستخدام آلية نظام الحصة (الكوتا) قد يكون ضرورة للتصدي للإتجاهات المحافظة والرجعية التي إرتفع صوتها في السنوات الأخيرة .. والتي تحاول من جديد تجحيم دور المرأة والعودة بها إلى الوراء.

ما هو مفهوم الكوتا بشكل عام:
المفهوم العام للكوتا هو أنه إجراء مرحلي لتعزيز مشاركة المرأة السياسية عن طريق تخصيص مقاعد للنساء سواء في البرلمان أو البلديات .. ويجب أن تحدد فترة زمنية لهذا الإجراء .. حسب وضعية المرأة في كل بلد .. إلى أن تستطيع المرأة إثبات ذاتها وقدراتها ووصولها إلى مواقع صنع القرار .. إذاً الكوتا أو الحصة هي آلية لمواجهة تهميش المرأة في جميع الشرائع والقوانيين وفي مواقع صنع القرار وفي منظمات المجتمع المدني.

إن هذا التهميش لدور المرأة في المجتمع مرده عدة عوامل .. منها الأعراف والتقاليد والتربية وتوزيع الأدوار تاريخياً لكل من الرجل والمرأة وسيطرة العقلية الذكورية في سن القوانين والشرائع.

هل المطالبة بنظام الكوتا في وضعنا الآني يعتبر من أولويات المرحلة التي نعيشها .. ألا يعتبر النضال من أجل إصدار قانون عصري للأحوال الشخصية من الأولويات النضالية على الساحة البحرينية .. نطرح هذه الأسئلة لأن هناك بعض تنظيمات المجتمع المدني وخاصة المنظمات السياسية والتي تضع العقبات في مساندة المرأة البحرينية أثناء طرحها لهذه المشكلات .. بحجة أن هناك أولويات على الساحة مثل المشكلة الدستورية .. والتجنيس .. والتي بحلها ستحل جميع المشاكل الاجتماعية .. في حين اننا نرى أن سن القوانين والشرائع في الدساتير ليست بالضرورة تستطيع تحقيق المساواة الفعلية بين شرائح المجتمع .. وخاصة المرأة .. ولذلك للأسباب والمعوقات التي ذكرناها سالفاً .. لقد كفل دستور 2002 في مملكة البحرين للمرأة حقوقها السياسية من خلال منح المرأة حق التصويت والترشيح في الانتخابات البلدية والبرلمانية ..

لقد جربت المرأة البحرينية وخاضت عمار الانتخابات سواء البلدية أو النيابية ولكن للأسف الشديد لم تحصل على أي مقعد لا في البرلمان ولا في البلديات .. وأعتقد أن سب هذا الفشل راجع إلى الأسباب التالية:

1- عدم انخراط المرأة في العمل السياسي لفترة من الزمن.
2- عدم وعي المرأة الناخبة لأهمية مشاركتها في الانتخابات.
3- نقص موارد التمويل للحملات الانتخابية.
4- تأثر المرأة بقرار الرجل في اختيار المرشح.
5- غياب المؤسسة النسائية المنظمة القادرة على تبني المرشحات من النساء ودعمهن.
6- تأثير القرار السياسي من بعض الجمعيات السياسية على بعض الجمعيات النسائية.

أمام هذه النتيجة المحبطة يجب على المؤسسات النسوية ومؤسسات المجتمع المدني وضع آلية لضمان وصول المرأة لقبة البرلمان .. وللمجالس البدلية .. من ضمن هذه الآلية الأخذ بنظام الكوتا.

لذا دعت اللجنة التحضيرية للإتحاد النسائي البحريني "تحت التأسيس" لتشكيل لجنة أطلقت عليها "لجنة الكوتا" من مهامها وضع استراتيجية من خلالها تنطلق لوضع آليات عملية للمباشرة بتفعيل هذا النظام – نظام الكوتا-.. حيث أنه من غير المعلوم للكثير من قطاعات المجتمع المدني الفهم الصحيح والابعاد الإيجابية لهذا النظام والذي من خلاله سيفتح المجال للمرأة ولو جزئياً لتصل لمواقع صنع القرار ومن ضمنها البرلمان والمجالس البلدية .. فهناك فهم خاطيء لمعنى المساواة والديمقراطية يجعل بعض النقاد يقفون موقفاً مضاداً لهذا النظام بحجة أن هذا الاجراء هو إجراء غير ديمقراطي وينتقص من مباديء الحرية والمساواة .. في حين اننا نرى أن المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص هي مساواة تنافسية بين الرجل والمرأة .. ولكن في ظل وجود كل العوائق القانونية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتي تعمل ضد المرأة تكون نتيجة التنافس خسارة أكيدة للمرأة .. فنحن إذا أمام معضلة إزالة العوائق أو تحقيق نوع من التدخل الايجابي لتقليص اللامساواة في النتائج .. فمن لا يؤمن بنظام الكوتا المرحلي فهو بالضرورة لا يؤمن بقدرات المرأة الذاتية ولا يزال ينظر للمرأة النظرة الدونية وهي الإنسان الضعيف العاطفي غير القادر على تحمل المسئولية فما بالك بالمسئولية السياسية مثل هذه الحجج مردها لأنانية الذات الذكورية والتي من خلالها ينطلق في مفهومه لدور المرأة في الحياة.

فاقتراح تطبيق نظام الكوتا ليس هدفاً بحد ذاته .. بل هو وسيلة وآلية لتحقيق الهدف وهو رفع مستوى يمثل المرأة ليس في التمثيل السياسي فقط بل في جميع مرافق المجتمع.

فإقرار نظام الكوتا عالمياً لم يأت من فراغ بل جاء بعد نضال عنيد من قبل المرأة وخاصة بعد أن أقرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) عام 1979 ودخلت حيز التنفيذ عام 1981 ولقد عالجت هذه الاتفاقية الحقوق المدنية والسياسية للمرأة بهدف إزالة كافة التمييز ضدها .. وبما أن الواقع المأساوي لتدني مستوى تمثيل المرأة يدفع بالضرورة المجتمع الدولي والمنظمات العالمية النسوية خاصة إلى التحرك من أجل رفع مستوى تمثيل المرأة في جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية ... إلخ. لهذا صدر إعلان مؤتمر بيجين عام 1995 ومن توصياته ضرورة رفع تمثيل المرأة عبر تعديل القوانين والتشريعات وخلق آلية لإيصال المرأة لمواقع صنع القرار لا تقل عن 30% ببلوغ عام 2005. وبما أن مملكة البحرين قد صادقت على اتفاقية القضاء (سيداو) بالتالي تكون ملزمة بتطبيق بنودها على أرض الواقع ومنها تأمين مشاركة المرأة البحرينية في الحياة السياسية وخلق آلية تشريعية لتسريع وصول المرأة لمواقع صنع القرار .. ومن ضمن هذه الآلية تخصيص مقاعد للنساء في مستويات التمثيل المختلفة.

فنظام الكوتا تعمل به حوالي 75 دولة من كافة أنحاء العالم .. تطبق أحد أنظمة الكوتا سواء الدستورية أو القانونية في قانون الانتخاب أو ترشيح قوائم الأحزاب السياسية .. وقد استطاعت المرأة في بعض الدول الأوروبية أن تصل إلى مناصفة المقاعد التشريعية بفضل نظام الكوتا.

أما بالنسبة للدول العربية الأقل تمثيلاً للمرأة بالنسبة للعالم ، فإن هناك ثلاث دول عربية فقط تعتمد نظام الكوتا ، وهي المغرب، السودان والأردن .. في حين إذا نظرنا لنظام الكوتا المطبق في دول العالم ليس حكراً على المجال السياسي فقط في انتخابات برلمانية أو بلدية .. بل أن بعض الأنظمة أخذت تطبق نظام الكوتا في السلطة التنفيذية وفي الإدارات العامة وفي النقابات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة.