عَمَّ يَتَسَاءلُونَ



محمد البدري
2010 / 5 / 14

علي فضائية دينية وهابية يبثها القمر الصناعي نايل سات ويؤمها مشايخ ورجال دين اسلامي، تنسدل علي رؤوسهم خرقة بيضاء دون عقال دليل حرية العقل والتفكير والاستدلال لاستخراج الاحكام الشرعية بعكس باقي الناس في مجتمعات الخليج التي تفضل ربط عقلها بعقال وعدم تشغيله في قضايا الحياه المتعدده والمتباينة، علي هذه الفضائيات خرج احدهم ليفتي في برنامج له مهمة واحده هو الاجابة علي تساؤلات الحياري ممن اسلموا وقالوا بالتوحيد. تنوعت الاسئلة والمطالب وكان اكثر المتصلين من النساء المسلمات وهو دليل فضائي علي صدق الحديث النبوي بانهن ناقصات عقل ودين. فبعد الدعوة له بان يجازيه الله خيرا، طلبت إحداهن الفتوي في زوج هي احدي زوجاته الاربع. انتوي الزوج ان ياتي بخامسة، ربما لانها بكر لم يمسسها انس ولا جان، وطالبهن بان يقرعن بينهن. فمن خرجت عليها القرعة طلقها حتي يكون ملتزما بما تفرضه عليه الشريعة السمحاء.

طال الحوار بين المفتي الاسلامي وبين التي تخاف ان تقع القرعة عليها. وتبين ان من بين الزوجات اثنتين محجبات وواحده منقبة ورابعة لازالت تحتفظ بقدر ولو ضئيل من احترام الذات وقررت ان تظل سافرة كبقية خلق الله. افتي الشيخ الفضيل اكرمه الله ووسع من علمه الغزير بان القرعة هي عمل شرعي واستشهد برسول الله حين كان يقرع بين زوجاته لمن تخرج معه في غزوه للقبائل لخدمته. قال ان القرعة مكرمة لمن ترسو عليها لان كل ما ستقوم به سيكون في ميزان حسناتها يوم القيامة واكد الامر بسؤال اخباري قائلا : وهل هناك افضل من خدمة الدعوة للاسلام.

طال الحوار وقالت المتصلة انهن اقرعن ووقعت القرعة عليها لهذا فهي تتصل لحل الاشكالية وخاصة انها ستكون بلا عائل بعد طلاقها، او بالاحري استبدالها بامرأة اخري. رد الشيخ صاحب العلم الغزير ان الله سيجعل لك مخرجا وسرد قصة سوده بنت زمعة زوجة النبي كما اتت في كتب التراث. وقبل الانتقال الي فتوي اخري سالها الداعية الفضيل هل هي تعمل بشرع الله اي هل هي من الثلاث المحجبات فاتضح انها الرابعة التي لم تتحجب. وعندها استاسد الشيخ وسالها سؤال مستنكرا حديثها : فهل عرفتي لماذا خرجت القرعة عليكي؟
رد الرجل بكل ثقة وقوة في الحجة عن فضل القرعة التي لا تكذب ولا تظلم احدا. فالعرب كانوا يقرعون في الجاهلية كما اقرعوا في الاسلام فهي القسمة التي لا ظلم فيها بل ياتي منها كل ما يحمي الدين الحنيف وشريعته السمحاء.
لم تنتهي المشكلة والرد عليها عند هذا الحد فقد اتضح ان الزوج لم يرضي بالقرعة وعندها سالها الداعية عن سبب الرفض قالت لانني الاجمل بينهن. عندها قطب الشيخ حاجبيه وعدل من خرقته واستعدل من جلسته وتنحنح علي طريقة المقرئين العظام قبل الاستعاذة من الشيطان وقال بصوت اجش وهيبة مخيفة: فليتصل بي زوجك لانك وكما اشهد ولعلي من الضالين انك نشاز. لا تتحجبين ولا ترضين بالقرعة وتفتنين الزوج.
صدرت من الجهاز صفارة متقطعة وانقطع الاتصال

في مكالمة اخري سالت إمرأة عن فتوي فيما ينبغي عمله إزاء زوج دخلت زوجته السجن بحكم قضائي لسنتين صدر من ولي الامر في هذه الدولة لجريمة لم يتطرق الحوار عن تفاصيلها.
رد المفتي بانه لا يجوز النفقة عليها وهي في محبسها لان الاستمتاع بها اصبح متعذرا لانها بفعلها تسببت في حرمان الزوج من مجامعتها، فكما حرم الرجل منها تحرم هي ايضا من نفقته. واستشهد بفتوي من المعلوم من الدين بالضرورة ان الناشز تسقط عنها النفقة. هذا ما جاء في سياق الحوار علي الهواء، اما كيف بدا الحوار فقد جري بان بدأت المتصلة بعد ان سلمت وجاملت الشيخ بالثناء عليه وانها تحبه في الله علي فضله وعلمه الغزيرقائلة: هل يجوز ان تظهر علي زوج اختها وان يري منها والاخت غائبة، رد الرجل بانه لا يجوز شرعا. اكملت المتصلة الحوار فقالت ان الرجل يراودها عن نفسها. فقاطعها الشيخ الفضيل بسؤالها واين اختها؟ عندها اقرت بحكاية السجن كما سبق. هنا افتي الشيخ بان الصحيح ان يطلق الرجل اختها ويتزوجها هي بدلا من عصيان الله وارتكاب المعاصي. فبادرت الاخت بسؤالها الجوهري الذي تم اخفاؤه من بداية الامر وهل يجوز ان آخذ من امواله لاعيل أختي في سجنها؟ وللمرة الثانية استعدل الشيخ عباءته ومسح بلحيته وقال انه حرام حرام حرام لانها لم تعد في ذمته بعد الطلاق او وهي في محبسها الان لما سبق بيانه ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا..
صفارات اخري وانقطع الاتصال

اكثر ما يدهش في هذه الفضائيات ان المتصلات من النساء يعرضن مشاكل حقيقة تعكس اوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية البائسة في المجتمعات الاسلامية. ولم يدركن ان الجلاد هو نفسه القاضي وان من يلجؤون اليه هم انفسهم اصحاب الفقه الذي بسببه تراكمت كل هذه المشاكل التي لا حل لها في هذه البيئة الدينية. طالبات الفتوي من النساء يحاولن التحايل علي التشريع الذي وضعهن في هذه المآذق الاجتماعية والاقتصادية وعندها يقدم لهم الدعاه والمشايخ الحلول بان يشربوا من نفس النبع او ياكلوا نفس الطبق الذي اكلوه فتسممت حياتهم منه سابقا. نفس هؤلاء الدعاه يخرجون في برامج اخري ليقولوا بان الاسلام اعطي المرأة حقوقها غير منقوصة من 1400 عام سابقا بها البشرية وفي نفس الوقت يكيلون التهم للمراة في المجتمعات الغربية وتشريعاتهم العلمانية.

حرية الفتاوي للجهلاء من الشعوب الاسلامية لا حد لها ولا رقيب عليها طالما ارتدي المفتي زيا وهابي المنشأ علي قاعدة دينية. وهنا تنفجر المظالم ويعاد انتاجها مرات ومرات لان المتصلين من طالبي الحلول من القطيع الفاقد الاهلية لايجاد حلول انسانية شريفة لمشاكلة الموروثه منذ الجاهلية وعبر ازمنة الاسلام.

المشترك فيما بين المتصل والمتصل به هو ذاته المسكوت عنه والمحتكم اليه في البيئة الاسلامية. لكن الفتاوي وكما تصدر من اصحابها تاتي بمزيد من الظلم ولم يجرؤ المتصل علي رفض الفتوي خوفا من تكفيره ولم يرتقي ضمير المفتي للقول بان فتواه ظلم وغبن لاناس هم اصلا مظاليم جاؤوا الي دنيانا بفضل انطلاق عقل هؤلاء المشايخ وعدم تحجيمهم اما بالكفر او رفض التشريعات الظالمة التي يحتكمون اليها.