فراش الزوجية..وثقافة العيب



قاسم حسين صالح
2010 / 5 / 18

تتحكم العادات والتقاليد السلبية بالظاهر من سلوكنا والخفي ايضا ومنه العلاقة بين الزوجين في فراش الزوجية . فثقافة العيب التي خصت بها المرأة عملت على تحجيم رغباتها الجنسية في فراش الزوجية، برغم أن التعبير عنها واشباعها حق شرعي ونفسي لها، ولكنها وبناءا على ما تعلمته تبقى حبيسة قيم متخلفة وأفكار رجعية، وأيضا بسبب وصايا أمها التي فعلت ذلك من قبلها بكل التزام في علاقتها بزوجها ،وأن عليها أن تمتّع زوجها كما نص على ذلك قول المأذون الذي يخوّل الرجل بقوله:(زوجتك ومتّعتك..) ولا يردّ فيه مثله لها ولا حتى قوله (زوجتكما ومتّعتكما).. وكأن الفراش معدّ لتستلقي هي عليه ويأتي الزوج لينام فوقها في علاقة فوقية (فوق وتحت) حتى في وضعية الجسدين!.
وحين يختلي الزوج بزوجته على فراشها فانه يعاملها كما لو كانت وعاءا يفرغ فيها فيضا من مادة يفرزها جسمه باستمرار تسبب له توترا وتلّح عليه بأن يقذف بها في عضو يمنحه متعة القذف والافراغ.. في وصية تلقفها من أبيه تضع الفحولة في الفراش أهم صفات الرجل ، غير مكترث بانسانة لها حقوق شرعية عليه مثل حقه عليها.. بل أنه ترّبى ،حين يأتي للفراش، أن يوتّر (سلاحه) ويرفع علم فحولته ويلج به (الدهليز) ويفرغ مادته بعملية ميكانيكة ويقوم متبخترا ضاربا صدره بيده دلالة الفوز بنجاح المهمة.. غير مدرك أن العملية الجنسية ،حتى لو حسبناها عملية أكل،فهي تحتاج الى مقبّلات تفتح الشهية فكيف اذا كانت مداعبات حبيب لحبيبة. لم نتعلم حتى من الطيور كيف يتودد الذكر للأنثى وكيف يناغيها ويغازلها الى أن يجعلها تقول له ( هيت لك!).. فيتجاوز بذلك الحاجة الحيوانية الفسلجية الى ايقاظ الانفعالات والمشاعر الرقيقة والحميمة في الجنس.
ولأن هذه العلاقة الفوقية في الجنس تؤدي الى برودة المرأة فأنها حين تضطر للبوح بعدم وصولها إلى الإشباع الجنسي في فراش الزوجية، تتهم بأنها غير سوية وقد تساور الظنون زوجها بأن لها (سوابق).. أو أنها تفتح في رأسه نافذة للتفكير بالخيانة ولو بقدر ثقب أبرة.. فيشغّل جرس أنذاره ويصبح في مراقبته لها كجهاز انذار الفأرة!.. لا لفعل صدر منها ولا لنية مبيتة بل لأنها طلبت حقا يقرّه المنطق والشرع والدين.
وليس الملوم الرجل فقط بل النساء اللواتي ينظرن لحياتهن أنهن خلقن للزواج والانجاب وأن المحظوظة هي التي تحصل على زوج وبيت وأطفال،وأن وجودها .. ومعنى الوجود عندها يساوي الزواج.. ويترسخ لديها الاعتقاد بأن اشباع حاجة زوجها للجنس واجب وليس مشاركة انفعالية، او أنه تفريغ ما بزوجها من مادة عضوية حتى لا يروح يفتش عن أخرى.. وكل الزوجات من هذا الصنف غير قادرات على منح الحب ولذا يتحول الجنس مع أزواجهن الى عملية ميكانيكة وروتينية تمل منها الزوجة قبل أن تدق باب الأربعين.
وهنالك الكثير من الأزواج سواء الرجل أو المرأة الذين يخجلون من طلب ما يستحقون في فراشهم، وللأسف ينتظر كل واحد منها الآخر، أن يقوم بإغداق المشاعر والحب والغرام التي لن تأتي ..فكلاهما يخجل من طلبها، لأن ثقافة العيب تمددت بينهما على الفراش الزوجية ومن يتجاوزها ..لا حياء لديه!. ولو حصل أن بادرت الزوجة ..عدّها الزوج وقحة . والمفارقة إن الرجل يريد من زوجته أن تكون في غاية الأدب والحشمة أمام الناس ، فيما يحتاجها نفسيا الى أن تكون ماهرة في فن الحب على فراش الزوجية !.
ومشكلة أخرى هي أن الأزواج حين يتقدمون بالعمر تغزو فراش الزوجية سيكولوجيا (ديرة الظهر) لأن ثقافة العادات والتقاليد تأمر الزوجين الكبار في السن ، وكثير منهم لم يتجاوز الخمسين بعد ، بالابتعاد عن بعضهما، وكأنهم تزوجوا فقط لإنجاب الأطفال، وأنهم بانجازهم لهذه المهمة، يجب التوقف عن ممارسة الحب والجنس في الفراش.
ان تحرير فراش الزوجية من ثقافة العيب ، وممارسة الحب بين الزوجين بما يشبع حاجاتهما الجنسية والعاطفية يزيد العلاقة بينهما قوة وانسجاما ويشيع اجواء مريحة نفسيا في بيت الأسرة .. فضلا عن أنه سيقلل طلبات الطلاق التي تزدجم بها ملفات المحاكم.. ومع أن ثقافة الجنس ينبغي أن تبدأ من الطفولة ضمن مواد تربوية في المدارس الابتدائية فان ثقافة العيب ما تزال تهيمن على عقول مسؤولين عن تربية أجيال تركوهم يتلقون ثقافة الفضيحة عبر قنوات فضائية يديرها تجار عرب بعجوا ضمائرهم وغسلوا الجبين ببول البعير!.