ألقطة سيسيليا ...



حامد حمودي عباس
2010 / 5 / 27

ذبح زوجته لتقديمها العصير له بدل الشاي .. تحت هذا العنوان ، نشرت جريدة العرب في عددها الصادر بتاريخ 4/ 5 / 2010 تفاصيل حادث جرى في مدينة القاهره ، قام من خلاله رجل مصري بتمزيق جسد زوجته بسكين ، بعد عشرة أشهر على زواجهما ، لكونها أحضرت له كوبا من العصير بدل الشاي .. وأثناء خروجه من الدار ، فوجيء بخال القتيلة وهو يحاول الامساك به ، فقام بطعنه ليرديه قتيلا هو الاخر ، ثم سلم نفسه للشرطه .

وفي نفس العمود ، وتحت عنوان ( تركته زوجته فأحرق نفسه ) .. ورد بأن الشرطة في مدينة ميلانو الايطاليه ، تمكنت من إنقاذ مواطن روماني ، أقدم على حرق نفسه تحت شرفة الشقة التي تتواجد بها زوجته ، إحتجاجا على إصرارها على الانفصال عنه بعد خلاف جرى بينهما ..

الخبر الثالث جاء من الرياض هذه المره .. حيث قرر سعودي الانفصال عن زوجته ، بعد زواج إستمر ثلاث سنوات ، بسبب خلافهما حول مدى شرعية نتف الحواجب ... فالزوجة على ما يبدو ( التعليق مني ) قد فشلت باقناع زوجها برأي بعض العلماء ، ممن أباحوا للنساء نتف الحاجب ، في حين كان يرى هو ، بأن ذلك حرام ، ولا يحل لرجل مؤمن بالزواج من إمرأة ( منتوفة الحاجبين ) .. مع الاعتذار للمطرب كاظم الساهر عن أغنيته ( حافية القدمين ) .

ولم تنتهي سلسلة عمود الاخبار لجريدة العرب عند هذا الحد ، بل أوردت تفاصيل زواج من نوع خاص ، بين رجل ألماني وقطته سيسيليا ، البالغة من العمر 15 عام .. وكي أطمئن من سينتفضون فرقا ، ويكبرون مخافة ان تطبق السماء على الارض من هول هذه الجريمة .. أتعجل لاقول بان هذا الزواج لم يكن إلا صوريا جاء بناء على رغبة رجل عازب ، أراد أن يوثق صلته بقطته التي عاشت معه طويلا كما يقول ، تنام معه في سريره ، وترافقه خلال جولاته ، وتؤنسه في وحدته .. وحين علم بانها ستموت قريبا لاصابتها بالربو .. قرر ان تقوم احدى الممثلات الالمانيات بقراءة عقد زواجه من قطته وبحضور شهود .

زوجة قتيلة بسبب إستبدالها كوب شاي بآخر للعصير .. وزوجة أخرى تسببت باقدام شريك حياتها على الانتحار بسبب عدم استجابته لدعوته لنداء حبه .. وثالثة تطلقت من ( ولي نعمتها ) لكونها لم تقلع عن نتف الحواجب .

أما زواج القطه .. فهذا يذكرني بحفلات شنق القطط ، والتي يقيمها الصبية في بلادنا ، حينما يرغبون بقضاء اوقات المتعه .. وقد أرعبني أحدهم في يوم من الايام ، عندما أصر على أن تكون طريقته في اكتساب المتعه ، هو أن يصاحب عملية الشنق ، إحراق الضحية بالنار، وسط أهازيج الاولاد الصغار .

ألمحير المدهش في درجة بلوغه حدودا تتسع يوما بعد يوم في مخيلتي ، هو بحثي عن ذلك الهيكل المتخفي ، والذي يتسبب في إمتداد مأساتنا الى آفاق لا تشير لنهايات بعينها .. لقد أتعبني البحث عن الجاني الفعلي في عملية اختلال نواميس حياتنا ووقوفها بالمقلوب ، بما يتيح لرجل أن يطلق زوجته بسبب إصرارها على ( نمص الحواجب ) .. أو أن يقوم وحش بإسالة دم بشرين في آن واحد ، لا لشيء إلا لكونه كان يشعر بالصداع ، فطلب شايا ليرى أمامه بدلا عنه كوبا من العصير .. ترى من الذي أسس لنا طبيعة عدوانية وبهذه الدرجه ؟ .. أيكون سبب ذلك هو الاستعمار ؟ .. أهم المحتلون الاوباش ؟ .. أم أن جينا خبيثا راح يعبث في أصولنا لينتج منا رعبا ؟ .. وإن كان صحيحا وكما علمونا منذ الصغر ، بأننا من صفوة الخلق بين الامم ، فلماذا إذن نشنق قططنا وبشرنا ، وعندما تستهوينا اللعبة نعلق بعضنا من أعضائه التناسلية لكي نفض خصوماتنا المتفرقه ؟ .. ما معنى أن يأمر رجل تحقيق مثلا ، بتعليق متهم من ( شنباته ) للاقرار بسرقته لجهاز تسجيل من إحدى السيارات ؟ ..

ولكي أختم ما عرضته جريدة العرب .. أنشر من جانبي خبرا مفاده .. أن خصومة سياسية كانت قد حصلت بين طرفين من الطلاب كانوا ينتمون لحزب سياسي عراقي ، جراء حدوث انشقاق في صفوف ذلك الحزب .. وكانت طريقة التعبير المناسبة لابداء الاعتراض من احد الفريقين ، هو أن قامت مجموعة منهم بالقاء زميلهم المختلف معهم من الطابق الرابع لاحدى الاقسام الداخلية للطلاب ، وعندما جيء بجثة الشاب المغدور الى اهله في مدينتي التي اسكن فيها ، وخلال الجو المشحون بالحزن ، وتجمع الناس لتشييع الجثمان من دار ذويه ، قام الوالد المفجوع بدهس إبنه الآخر بسيارته اثناء حركته المضطربه امام الدار ، لتبدأ مناحة اخرى تجسدت في سقوط الاب مغشيا عليه ، وإصابة الام بهوس أبكى الناس جميعا في تلك اللحضه .

سخيفة بكل معنى الكلمة ، تلكم الحياة المرتكزة على أعمدة تنخرها الارضة من كل جانب ، وتسودها شريعة الغاب ، حتى تبدو كياناتهم هزيلة لا تحمل من معاني الوجود ، غير( نتفة حاجب) تؤدي بصاحبته الى الطلاق .