دور المرأة العراقية في الاتفاقيات الدولية



ستار عباس
2010 / 6 / 3

تركيبة أي مجتمع تتوازن,أذا ما تبنا سياسة و فلسفة الحق في مفهومه الصحيح وترجمت أدواته الحرية والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية والإيمان بحقوق الإنسان على ارض الواقع والعمل بها ,لا أن تظل حبيسة الدساتير في الأنظمة الدكتاتورية والديمقراطية على حد سواء التي تنص جميعها على أن المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات أمام القانون, المساواة بين الرجل والمرأة الحجر الأساس لكل مجتمع متحضر يؤمن بالديمقراطية, يتوق ويترفع إلى العمل الاجتماعي وحقوق الإنسان وفي جميع المجالات وجميع أوجه النشاط , التميز ضد المرأة واسع الانتشار لاسيما في المجتمعات الشرقية وبلدان العالم الثالث التي تنحاز إلى الذكورية التي تبني في سياساتها قوانين تعطي الأولوية لرجل, تتعرض النساء في العراق والبلدان العربية لأوجه عدم المساواة في القانون والواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي, بسبب جمود الأفكار والعادات والتقاليد وثقافية الإقصاء المتوارثة وغياب منظمات المجمع المدني التي تعتبر الركيزة الأساس لبناء أي مجتمع متحضر وحلقة وصل بينه وبين الدولة وأداة فعاله لكشف عن مكامن الخلل الاجتماعي ومعالجته. الأمر الذي أدى إلى تحجم دور المرأة ووضعها في زاوية مظلمة في البناء المجتمعي, لابد أنشير إلى نقطة تستحق الوقف عندها هي أن المرأة الشرقية منقسمة على نفسها في مطالبيها واثبات حقها فالكثير من النساء الشرقيات تقف مع قرارات الرجل ضد المرأة وترتضي بالانجرار خلفه بسبب عدم تحمل المسؤولية والكسل والارتضاء بالواقع الذي تعيشه ولا تستطيع التمرد على الواقع الذي لم ينصفها ولازالت هذه الحالة موجودة رغم التحول الذي حدث في تركيبة النظام في العراق بعد عام 2003واعطاء المرأة الكوتا بهدف زيادة مساحة الحضور النسوي في الموئسات التشريعية والضغط علي الموئسة وحثها في سن القوانين التي تخدم المرأة وتفعيل الاتفاقيات الدولية التي تطالب في أنصافها وفتح القنوات مع الناشطات في منظمات المجتمع المدني التي تهتم بشؤون المرأة والتي تعافت بعد التغير,ألا أن الذي حدث هو أن عملهن في المؤسسة التشريعية كان لصالح الأحزاب والقوى التي رشحتهن وغياب التواصل بينهن وبين الناشطات, والطرفين يتحملن هذا الإخفاق في حق المرأة العراقية بسبب عدم النضوج السياسي والمدني وحداثة التجربة الديمقراطية, هذه التداعيات والتراكمات والضغط المستمر والخلل في العملية السياسية بعد الانتخابات التي جرت في السابع من آذار 2010 اخرج المرأة من دائرة الأمل التي عاشتها بعد التغير وولد لديها حالة من الإحباط وعدم الثقة في القيادات النسوية في المجتمع المدني والمؤسسة التشريعية على حدا سواء وإنها مجرد أداة لشعار تظهر في الانتخابات والممارسات النسوية وتختفي مع انتفاء الحاجة لها مما سبب في زيادة وسعة الفجوة بين النساء وهذه المنظمات,المراقب للحدث والمهتم بشؤون المرأة في العراق اشر هذه الظاهرة الخطرة ويحث الناشطات إلى تغير مسار القناة الحالية إلى المسار الصحيح والتخلي من الروح والنفس البرقراطي والسعي وراء المنافع الشخصية, ويطالبهن بتفعيل الاتفاقيات الدولية بما يتلاءم مع طبيعة المجتمع العراقي المتحضر الذي يطالب في أنصاف المرأة والعمل على إقصاء الأفكار التي تقف حجر عثرة في طريق التقدم والرقي, المرأة في بعض بلدان العالم والتي كانت تقبع منذ عدة قرون في زاوية مظلمة انتفضت لنفسها وخرجت إلى دائرة النور مطالبة بحقوقها سوى أن كانت بتحديد ساعات العمل اومنع الأطفال من العمل والاشتراك في الانتخابات والمشاركة السياسية مع الرجل وأسست جمعيات وخرجت بمظاهرات سلمية للأسماع صوتها إلى العالم, وتضامنت معها كل النساء ووسائل الأعلام والراى العام المحلي والدولي في الغرب و في أمريكا وأوربا مما إثارة حفيظة المجتمع الدولي ولفت أنظاره إلى حقيقة لم تطرح من قبل على طاولة الإعلان عن الاتفاقيات والمفاوضات والمؤتمرات وإجباره تبني(قضية التميز ضد المرأة على أساس الجنس) المجتمع العالمي حتى قبل تأسيس الأمم المتحدة أعدة اتفاقيات تتبنى المطالبة في حقوقها ففي عام 1902كانت اتفاقيةّّّ( لاهاي) حول التناقض بقوانين الزواج والطلاق والوصاية على القاصرين أما اتفاقيات 1904-1910-1921-1933حول (مكافحة الاتجار بالنساء),وفي ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو عام1945اول معاهده تشير بوضوح وبعبارات محددة إلى تساوي المرأة مع الرجل في الحقوق وتم انشاءمركز المرأة العام في سنة 1946 وتشكيل لجنة فنية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة وتمكنه من ضمان الإعلان لحقوق الإنسان عام 1948 وما يتعلق بالتميز وكذلك ميثاق العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 وتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز العنصري ضد المرأة( سيداو) العام 1979والتي كانت ثمرة لجهود بذلت على مدار سنين طويلة وأعمال قام بها المركز الذي أنشاء عام 1946حيث صدر خلال تلك الفترة العديد من الاتفاقيات والبيانات والإعلانات والقرارات ألا أن أهمها على الإطلاق هي اتفاقية سيداو حيث دخلت حيز التنفيذ 1981 وأكدت بان التميز بين الرجل و المرأة يشكل انتهاكا للمبادئ و الحقوق وأكدت على مبدأ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان,وتلزم الدول على تعديل الأنماط الاجتماعية والسياسية والثقافية,وتتألف من ثلاثين مادة وتعرف التميز أي تفرقة أو استبعاد أو تقيد يتم على أساس الجنس ويؤثر على تمتع النساء بحقوقهن أو يمنع المجتمع من الاعتراف بحقوقهن أو أي اختلاف في المعاملة من شانه أن يلق ضررا بقصد أو بغير قصد, العراق من بين أوائل الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية وهي ستة عشر دولة عربية رغم وجود تحفظات على المواد2-7-9-15-16- 29والتي ذكرنا نصوص بنودها في المقالات السابقة ومبعث هذه التحفظات في الدول العربية مبني على تقاطعاتها مع أحكام الشريعة وأحكام القوانين الوطنية السارية,ما نود الإشارة إليه هوان الاتفاقيات الدولية التي تهتم بشؤون المرأة جاءت نتيجة النضال وتقديم التضحيات, تمرد المرأة والانقلاب على الواقع الفاسد الذي يبخس حقوقها هو الذي اجبر العالم للوقوف إلى جانبها والاهتمام بقاضيها المصرية والتعرف على حقيقة الخلل والكشف عنة وتصحيحه وإصلاحه ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمرأة ووضعها في الإطار القانوني في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حقوق المرأة .