الأحتفال باليوم العالمي للتعاونيات



محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
2010 / 7 / 3

الأحتفال باليوم العالمي للتعاونيات
"تمكين المرأة من خلال المشاريع التعاونية"
محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
مستشار منظمة المنار الطوعية
للتعاونيات والتنمية وبناء القدرات
[email protected]
يحتفل العالم كل سنة في الأسبوع الأول من شهر يوليو باليوم العالمي للتعاونيات، ويجئ الأحتفال هذا العام تحت شعار "تمكين المرأة من خلال المشاريع التعاونية"، وذلك لمقدرة التعاونيات المؤسسة تأسسيا سليما وجيدا، علي أحداث تأثيرات وتغييرات أيجابية في حياة وواقع النساء بأعتبارهن من أكثر الشرائح المهمشة في المجتمع. ومن المعلوم أن تعاونيات المرأة قد حققت الكثير من النجاحات علي الصعيدين الأجتماعي والأقتصادي لكثير من النساء في مختلف بقاع العالم، بالرغم من تعثر هذه التعاونيات في السودان خاصة في الثلاث عقود الأخيرة.
لقد صاحب الكثير من المشاريع المقامة في السودان من أجل مكافحة الفقر وتحسين أحوال المواطنين، التخبط والفشل الذريع ولم تؤتي اكلها وثمارها، وما ذلك إلا نتيجة لقصور معالجة اصل المشكلة وإجتثاثها من جذورها، والتي تتمثل في السياسات الكلية للاقتصاد المجحفة والتي تقف ضد المنتج الصغير. أضف الي ذلك ان البرامج التي تدعمها الدولة عبارة عن اعانات قدمت للمواطنين الفقراء سرعان ما تبددت في مقابل الاحتياجات اليومية الاساسية. ولم تتجه السياسات العامة للدول لمعالجة المشكلة من خلال تمليك وسائل الانتاج وادواته عبر تجميع جهود المواطنين والمنتجين المادية والفنية والبشرية ومن ثم تصبح تلك المبالغ التي يتلقونها من الدولة عبارة عن اسهم في مشروع يمتلكونه ويديرونه ويوجهونه ويسعون لتنميته وتطويره في اطار اشراف الدولة واجهزتها المتخصصة، بدلا ان تذهب هذه الاموال والمبالغ المخصصة لهم إلى جيوبهم كاعانات ومنح وزكاة ومن هنا تأتي أهمية التعاونيات.
كما أن المناخ الذي خلقته الأزمة المالية العالمية وتداعياتها يجب أن يدفع الدولة لتمكين القطاع "التعاوني" باعتباره الشريك المناسب للخروج من تلك الأزمة استنادا على نموذجا رشيدا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يقوم على الشركاء الأربعة: دولة قوية متدخلة بحدود ، قطاع خاص منضبط ، قطاع تعاوني موجه ،بالإضافة إلى القطاع المخطلط والعمل الخيري. وتأكد تقارير الأمم المتحدة أن المنشآت التعاونية تضمنت أسباب العيش لما يذيد من 3 مليارات نسمة، أي أكثر من نصف سكان العالم، وتضم التعاونيات اليوم ما يزيد من 800 مليون فرد بين أعضائها بالمقارنة بحوالي 184 مليون فرد في عام 1960م، كما تستأثر التعاونيات بحوالي 100 مليون وظيفة وتتمتع بأهمية اقتصادية بالغة في عدد كبير من الدول. فقد أسهمت التعاونيات إسهاماً يعتد به في النمو الاقتصادي ، وحققت الكثير من النجاحات الكبيرة في مجالات التنمية الإقتصادية والإجتماعية علي المستوي العالمي، منذ سنة 1844 والتي تعتبر نقطة تحول في تاريخ الحركة التعاونية العالمية، حيث تأسست اول جمعية تعاونية ناجحة في العالم "جمعية رواد روتشديل التعاونية" في انجلترا ثم توالى بعدها تأسيس التعاونيات بدول أوروبا والعالم.
وأثبتت التجربة التعاونبة العالمية من حيث الفكر والتطبيق، مقدرة التعاونيات علي إحداث التنمية المستدامة وتغيير واقع الناس والمجتمع الي الأفضل، بفضل التأسيس الجيد والتطبيق الواعي والوئيد للأسس والمبادئ التعاونية، إلا أن واقع التجربة التعاونبة في السودان يظهر ضعف دور التعاونيات في تحقيق هذا الأثر الإيجابي، بالرغم من توفر المقومات والأمكانيات لذلك. في هذا الأطار لابد من أعادة النظر لمفهوم العمل التعاوني المعاصر ومحاولة إعادة صياغة المفهوم السائد والممارسات المترتبة عليه، من واقع الأنشطة التعاونية الحالية، وذلك للوصول "لمفهوم معاصر"، وبالتالي تغيير الواقع الحالي الي واقع افضل في الممارسة والتطبيق.
الآن هناك تجربة جديدة وفريدة، وجديرة بالتوقف والنظر الي كيفية تنفيذها، لدعمها وتقويمها من أجل تحقيق أهدافها السامية، وهي التجربة الفريدة التي تقودها منظمة المنار الطوعية، في أطار الأحتفلات باليوم العالمي للتعاونيات، والتي تتلخص في التوعية والتثقيف لعدد حوالي 200 أمرأة من النساء الفقيرات المهمشات اللائي يعشن في هامش العاصمة المثلثة. وتسعي المنار بمساعدة الخبراء والمتخصصين وجهات الأختصاص الي تكوين جمعيات تعاونية نموذجية يقبل أعضاها من النساء طواعية وبمحض اختيارهم العمل معا وفقا للشروط والأسس والقيم والمبادئ التعاونية؛ وذلك لتعظيم الفائدة للعضوية التعاونية بصورة خاصة وللمواطنين بصورة عامة. وذلك بتأسيسها وقيامها علي الاسس والمبادئ والقيم التعاونية الذي أقرها الحلف التعاوني الدولي، أعلي تنظيم تعاوني علي مستوي العالم، ثم استخدام هذه التعاونيات كمختبر تعاوني للتدريب ؛ دون إن يؤثر هذا على استقلالية وشعبية الجمعية وديمقراطيتها.
أننا من هذا المنبر ندعو كل المهتمين بأمر المرأة وقضية التنمية ومكافحة الفقر، الوقوف الي جانب منظمة المنار الطوعية، بعيدا عن التعصب المهني والأستغلال السياسي، وهي تقوم بهذه المبادرة التعاونية النسوية التنموية الفريدة، كأول بادرة علي المستوي الوطني والدولي، وذلك من خلال مراحل الأقتناع ومحركات الأقناع لدي هؤلاء النسوة، ومن ثم تكوين تعاونيات حقيقية عن قناعة وأقتناع بدورها في تغيير مجتمع هؤلاء النسوة، بحيث تدار ذاتيا من خلال رأس المال الذاتي لهؤلاء النسوة. هذا المشروع التعاوني النموذجي يتطلب تعاون كل المهتمين والمتخصصين، وتضافر كل الجهات الرسمية حتي يعمم علي قطاعات أخري من النساء في الهامش، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة فأننا نقدم هذه التجربة السودانية الأصيلة والتي تستحق من الجميع المساندة والدعم.