المرأة بين حقوق الإنسان وجاهزيات الجسد ... وجهة نظر ...



غسان المفلح
2004 / 8 / 18

الصمت يحيط الغربنة تتسلل إلى ليل شرقنا حيث يعتقد الكثيرون أنه لن ينتهي أبدا، صمتا صاخبا مخترقا جسدها ، مغفلة الاسم لأن الجسد بلا هوية،

والاسم بات يحمل السمات المختبئة في ثنايا هذا الدخول القديم إلى القولبة الحديثة ،كله يتغير والجسد باق كالإله لا يحول ولا يزول ،لم يكن هنالك

شارع في جسد فالريف نائم في ملابسه ، والبدو لا يرحلون قبل الفجر ، والفتاة نائمة في خيمة بكارتها والرجل ختان العقل وافتتان السماء حيث

الله ينتظر في عباءة موسى والتسمية :المرأة ذاك النسب الدموي يخرج مجلجلا بالحق والقصة باقية والله لا يحمي الضعفاء !!

[بين الأنس وبين الإنسان مسافة كالمسافة بين الله وبين التجسيد فمن لا يجسد لا يأنس : وحدها المرأة مجسدة بين الخلق فلا جسد إلا بالمرأة والعلم]

فالجسدية تاريخ الرجل حاضرا في المرأة يقولب خارطتها البرانية ولا ينتشي بفعل العنق المطأطئ ، والرذيلة منذ فرعون :لا أسم لها سوى الجسد

منذ تجهيز العذارى على مذبح الآلهة : هل جهز رجلا عروسا قبل الغرب ، هل سمعتم بحلاق نسائيا قبل الغرب ، هل شاهدتم قبل السوق امرأة

تشتري [ لانجوري ] ملابس داخلية قبل الغرب ، والذين لا يريدون الغرب :لخصوصياتهم المفعمة بالأصالة اليعربية لا تشتري نسائهم إلا من بائع

غربي ، هل رأيت النساء يتحدثن عن [ ماركة لألبسة ما ] بدون رطانة : لا تصدق؟ شاهد الفضائيات العربية عموما واللبنانية خصوصا ؟ يبدو

أننا لابد لنا من الدخول دوما من باب السياسية ونحن لم يكن بنيتنا ذلك ، لماذا لا نستطيع الحديث خارج هذا المرض : السياسة .حتى لو حاولت

أن تكون حياديا : منزلقاتها خطيرة . وألاعيبها جمة . ومع ذلك أن تع المشكلة خير من ألا تعيها .

ـ 1ـ

بين الحق وبين الإنسان :ستبقى مسافة مجردة بالمعنى المطلق للعبارة ، لأن حدي العبارة هما مطلقين ويتسللان إلى النسبي والتاريخي ليعطياه وجهه المطلق ، وهنا الالتباس المعرفي الذي يجعل التاريخ مشدودا دوما لمتعاليات يسميها بعضهم :مثلا عليا ، دون أن نعي هذا الجدل التفاعلي المختبئ

في ثنايا الخطاب التاريخي بين [ المتعالي /والتجريبي الأمبريقي ] ، العبارة التاريخية لم تجد نفسها مقيدة كما وجدت نفسها مقيدة في [ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وملحقاته ] هنا لأول مرة على المستوى التاريخي يصطدم المتعالي بمنطق وضعي تماما ولا يقبل اللبس ، لا يقبل التحليل والتجريد

الفلسفي والأيديولوجي حيث : لا مكان تختبئ فيه اليوتوبيا ذات الأصل الديني والأسطوري والتي استطاعت أن تخترق الأيديولوجيات التاريخية

والعلموية منها ، هذا الخطاب الحقوق إنساني والذي هو نتاج التجربة الغربية بكل تفاعلاتها القبلية مع الحضارات التي سبقتها :أصبح هذا الخطاب

نفسه البذرة التي جعلت من هذه التجربة عالمية من جهة ، وباتت تحاكم هذه التجربة بواسطة نتاجها نفسه من جهة أخرى ، تماما كما يكثف هذا

الكلام ب:أن هذه التجربة المستمرة لم تعد ملك نفسها من خلال هذه العالمية التي لم تعد تقبل العودة بالتاريخ إلى الوراء لأن العالمية أصبحت الآن

قانونا : وبشكل أدق في سياق من القوننة التي تحمي الإنسان من الإنسان ؟ وهذه القوننة بات لها قوى عالمية أيضا تحميها وتدافع عنها وتسعى عند

الدول لتطبيقها ،وأهم هذه القوى [ الرأي العام العالمي ] قبل عالمية المشروع الغربي لم تكن البشرية تتحدث أو تمتلك :هذه الوحدة الوظيفية التي

باتت مسموعة ـ نسبياـ وتفعل فعلها المباشر وغير المباشر في السياسات الدولية وغير الدولية : قوة عالمية غير مسلحة :السلام ،التضامن بين

البشر ـ بوصفهم بشرا ـ ، النضال ضد :الحروب والقمع والفاقة ..الخ . السلم نهجا والسلام العالمي هدفا .لهذا بات حضورها ليس بعديا فقط

بل وقبليا :بمعنى أن أصحاب القرار في العالم اليوم :يضعون هذه القوة نصب أعينهم قبل اتخاذهم أي قرار ولم يعد التغاضي عن الوجود المتنامي لهذه

القوة المتصاعدة أمرا نتائجه بسيطة أبدا . القيم العالمية التي باتت جزء من الوجدان الإنساني والمعبر عنها في الميثاق العالمي بوصفه قوننة مستمرة

لحقوق هذا الإنسان ((العالمي)) الذي لازال وجوده مشروخا وفق روحية هذا [ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وملحقاته ] وهذه الشروخ يعبر

عنها بوجود :ما يعرف بالبنود التي تتعلق بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتي فرضته شعوب العالم الثالث والكتلة السوفيتية السابقة ،وهذا

يعبر عن التفاوت في القوة والتطور بين الشعوب/الدول ..الخ وهذا ليس موضوعنا الآن ، والشرخ الآخر هو الاتفاقية الخاصة بالمرأة وملحقاتها

من خلافات بين الدول على هذه الاتفاقية ..الخ ، وبالتالي هل يمكننا الحديث عن : الإنسان ـ الرجل/ والإنسان ـ المرأة ، أم أننا نستنتج أن

المجتمع الذكوري هو الذي وضع الميثاق ثم فيما بعد تذكر أن الإنسان هو المرأة والرجل /ذكرا وأنثى / ، وجاء بعد ذلك ما عرف بالاتفاقيات التي

تخص الطفل . ومجيء هذه الملحقات متأخرة أفضل من عدم مجيئها إطلاقا ،وهذا إن دل فهو يدل على تقدم ملموس في نضالات البشر وتغير في

فهمهم للحياة الإنسانية وحقوق هذا الإنسان الموجود حتى يأتي الإنسان (( الموعود)) !!وهو لن يأتي أبدا وهذا بات جزء لا يتجزأ من الفهم

التاريخي لوجود الإنسان أصلا : لأنه وفق هذه [ الميعادية اليوتوبية ] يكون الإنسان الموعود هو الذي لا تنتهك حقوقه وهذا يعني فيما يعنيه أن

هذه الحقوق :هي حقوق قارة ثابتة لا تتغير ولا تتوسع ولن تقدم له الحياة غير هذه الحقوق !!! وهذا يخالف منطق الحياة والتاريخ ، والتقدم الذي

تحدثنا عنه حول المرأة والطفل يشير بخلاف هذا المنطق اللا تاريخي ولهذا يضيق باطراد المخبوء الأيديولوجي في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان ،

وربما هذا الأمر لا يريح الكثيرين حتى من دعاة حقوق الإنسان أنفسهم وخصوصا في المنطقة العربية ، من هذا الفهم الذي نعتبره تاريخيا سنطرح

وجهة نظرنا حول بعض قضايا المرأة في المنطقة .

ـ 2 ـ

رغم كل التقدم الذي أحرزته البشرية بخصوص رفع الحيف عن المرأة إلا أن المشوار لا زال طويلا جدا على التساوي الإنساني بين المرأة والرجل!!

هنا بيت القصيد : المساواة ، التساوي في الحقوق والواجبات على كافة الصعد ، حتى تحولت هذه النغمة الأثيرة على قلوب الكثيرين [المساواة]

إلى عملية أيديولوجية لا تنفك في المساهمة في استمرار إجراءات التضليل التي لازالت تكرس المرأة : كسلعة :سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويزيد

الطين بلة هي استبطانية الدعوة للذكورة الأنثوية والأنوثة الذكرية ،هذا ليس مصادرة لحق أحد ولكن هي إغفال للوضعية التي تقدم علاقة المرأة

بالرجل وعلاقة كليهما بالمجتمع . والأهم من هذا وذاك هي الكيفية التي يقدم فيها المجتمع الرجل من جهة والمرأة من جهة أخرى والعلاقة بينهما .

الزمن لم يلغي علاقة الهيمنة الذكورية هذه العلاقة / الجاهزية المجتمعية / التي لم تعد تعرف المجتمعات البشرية علاقة غيرها ولم يتقدم مجتمعا ما بما

يمكن تسميته [ إحداث الفارق ] :نموذجا لما يمكن تسميته /علاقة مساواة / بين المرأة والرجل :وبالتالي بقي الحديث عن فارق نسبي بين المجتمعات

المعاصرة حتى لو كان هذا الفارق نوعيا داخل هذا النسبي ، ومع ذلك يمكن القول عن علاقة الهيمنة الذكورية [ أنها مغفلة الجوانية ] لهذا سوف

لن يجدي الحديث عن الأسباب التاريخية لهذه الجاهزية . لأننا عندما نتحدث عن [ جاهزية ] لا يكون للتاريخي معنى : لأنه بالنسبة لهذا المفهوم

التاريخ غير معرف أصلا ضمن هذه الكلية البنيوية ،ونحن نستعين بهذا المفهوم لخصوبته الإجرائية في البنية المعاصرة للمجتمع الحديث ، بعيدا عن

السيولة التاريخية أو القطائع البنيوية ./ طيف من التفاعلات التاريخية لانبثاق هذه الجاهزية / .

لو راجعنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :المادة الثانية ـ { لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق ،والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي

تمييز…..دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.}. ثم المادة الخامسة والعشرون ـ { ….ـ البند الثاني :للأمومة والطفولة الحق في مساعدة و

رعاية خاصتين ، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية ،سواء ولادتهم ناتجة من رباط شرعي ، أم بطريقة غير شرعية .}.وهنالك المادة

السادسة عشر ـ :{ البند الأول :للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج :حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين ولهما

حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.} . إن هذه المواد التي يشار فيها إلى وضعية المرأة بشكل خاص لا تعني أن بقية المواد لا تخص

المرأة أيضا ، لكن الوضعية الخاصة للمرأة في المجتمعات المعاصرة تجعل من الضروري هذا التخصيص في الميثاق .

قاعدة المساواة الإنسانية تشكل القاعدة الفعلية للميثاق بين الرجل وبين المرأة رغم هذا التخصيص ، ولا يلتزم الميثاق إلا بروحية [الثورة الإنسانية]

وأنا استخدم هذا المفهوم ليس من زاوية ما تحقق منه على الأرض ،بل من زاوية أراها أكثر أهمية بكثير وهي :أن البشرية أخيرا استطاعت أن تضع

قانونا موحدا لها وتوافق عليه وتسعى لتطبيقه في الحياة الإنسانية وهذا بحد ذاته إنجازا غير مسبوق في تاريخ هذه البشرية المنكوبة بالتمايز والتمييز

داخلها في تراتبيات متنوعة دينية وسياسية وطبقية وعنصرية ..الخ .ورغم المحاولات الخجولة لم تستطع هذه البشرية من إنتاج قوة قانون عالمية !!!

لتحمي العمل بهذا القانون روحا ونصا وكنا نأمل أن تتنطع الأمم المتحدة لأداء هذه المهمة وبذلك نرتاح من كل مرة تخرج علينا فيها دولة عظمى

لتقول لنا :إن رسالة هذه الأمة وقدرها هي :الحرية وحقوق الإنسان / المثال الفرنسي الإنكليزي في السابق وما نعيشه الآن مع المثال الأمريكي

وخصوصا نحن في هذه المنطقة من عرب وكرد وفرس والبقية الباقية من نفط وثروات وهيمنة عالمية ..الخ.وكي لا نطيل، هذه ال:أمريكا هي من

الدول التي تخرق فيها حقوق الإنسان ووفقا لكثير من تقارير المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بقضايا حقوق الإنسان وخصوصا في :

قضية المرأة وهي موضوعنا ، على الأقل انتشار حالات الاغتصاب بشكل كبير ومدمر لمعنويات المرأة الأمريكية ومكتسباتها القانونية والمساواتية .

واستطاعت شبكية الثقافة المرئية الأمريكية تقديم المرأة على مستويين الأول وهو الأكثر حضورا : المرأة /السلعة .والمستوى الثاني:المرأة/الإنسان.

والمستوى الأول يقودنا للحديث عن قضية المرأة في المنطقة هنا .

ـ 3 ـ

بين سياسة الاحتجاب وإباحية المعنى/المرأة ـ السلعة

كان الجسد رمزا فصار الرمز جسدا في هذه الضوضاء المشهدية ،والخائفون من الظهور لا ينون الاحتجاب خلف سواتر المعنى بل ينون المكوث في

في مكان ناء لا يطاله المشهد /الصورة أقلمة الجسد الأنثوي مع سوق الصرف المافياوي والنفطي/ الواقعة والوقيعة هو الجسد اللبناني عموما والجسد

المتشيء في تماهيات غربية عموما وأمريكية خصوصا / لا نقصد المرأة الإنسان التي قدمتها (( إيرين بوركفيتش في فيلم جوليا روبرتس الحائز على

الأوسكار )) ولا ((إيفا بيرون الذي قدمته مادونا )) ..الخ / في ثلاثية الموت الرمزي للمعنى :العرض/الجسد /سوق الصرف / حيث خارطة المعروض

تتماشى مع رطانة الفحيح الجنسي المعروض في النخاسة [ النفطية /المافياوية ] هل هذا النموذج ما تريده المرأة في المنطقة عموما ؟ رفع الغطاء عن

الجنس المكبوت في قيم الانتساب لهذا الشق السلعي من المشهدية الغربية /حيث اللهاث اللا مشبع نحو الجسد المبثوث في فضائيات القسم الآسيوي

من البلاد العربية : اللسان يريد اللغو بالإفرنجي ومتطلبات سوق السلعة الجسدية تقتضي لسان العرب الحديث : لست من المهتمين باللغة والهوية

خارج قيم الإنسان أولا وأخيرا ولكن الرطانة هنا ليست إنزياحا نحو عملية إبداعية / كالمبدعات اللبنانيات اللواتي يكتبن بالفرنسية / كما أن ما

يسبب هذا الحرج/ هو من حق الإنسان أن يغير لغته / إذن هو استلابا نحو المشهدية ـ معذرة على الاستخدام السوقي ـ [ أجساد متناثرة في المشهد

/ برنامج :ميس لبنان التابع لمحطة ال /L.B.C / اللبنانية / هذا الجسد المعروض بوصفه جسدا تسويقيا لا يطاله المشاهد العربي المسكين واللاهث

خلف التصويت الديمقراطي على الجسد الأجمل ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍والرطانة الأكثر إثارة لغرائزه المكبوتة بفعل المكبوت التاريخي والمكبوت التي تسببه هذه المشهدية ]

وأنا هنا لا أطالب إطلاقا بوقف هذا المشهد فللبشر حريتهم وللمشاهد الخيار في رؤية هذه المحطة أو تلك حتى لو كان الهدف ربحيا صرفا فهذه :

تجارة قانونية لأن المشهدية العربية لم تتجرأ حتى هذه اللحظة من تمثيل أفلام / البورنو / ولكن ما أحاول فهمه هو هذه التعويضية المشيئة للمشهد

وهذه جزء من الخصوصية الثقافية العربية بشكل عام والخصوصية الثقافية القومية والدينية لأمراء المافيا النفطية كان الله في عون المواطن الخليجي

والمرأة الخليجية بشكل خاص / سياسة الحجب وإباحية المعنى / وبين الطرفين يقع الجسد الأنثوي عرضة للعنف الرمز ي وقهر[ المستحيل تحققه]

أما المبالغة في هذا النوع من المشهدية هو عبارة عن خصاء طائفي / غربني لازال الغرب لا يدفع له ثمنا يذكر / لأن الغرب سيد من يعرف لعبة

التماهي بالآخر لأسباب باتت عبئا على الغرب نفسه وخصوصا فرنسا ، كما أنني لست مع الذين يعتبرون المرأة دوما ضحية لتلاعب الرجل وهيمنته

فناديا تويني لبنانية وبرنامج ميس لبنان أيضا لبناني! ، ونسأل بالتالي من من الفتيات المشاركات لا تتمتع بحقوقها الإنسانية على الأقل المنصوص عليها

في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؟؟؟ والحقيقة الأكثر إيلاما أن هذه المشهدية هي تعويض وفشل في الآن معا لقوى طائفية متجذرة في لبنان عموما

والموارنة خصوصا / دولة :جسد ماروني بحماية فرنسية وأموال خليجية : وهذه هي المعادلة المستحيلة :مارونيا أيضا ولبنانيا والأهم فرنسيا ليست

بصدد هذا المشروع أو لم يعد يعني لها شيئا / وهنا يبقى السؤال : هذا التميز سواء بالرطانة أو بالتفنن الاستعراضي الجسدي ألا يشكل ضغطا على

الأصوات المارونية التي لا تحمل نفس الرؤيا لكنها لا تمتلك هذه الآلة الإيروتيكية التي يمتلكها هذا الاتجاه /الديمقراطي جدا جدا جدا / ولا تريد

أيضا هذا التعاقد الجسدي/ المصرفي لتبييض أموال النفط/أو سرقتها/ عبر هذا الكرنفال الذي يريد أن يبقي المرأة الخليجية خارج التاريخ عبر جسد بقية العرب وخصوصا اللبناني : هل هذا ذنب الفقر أيضا ؟؟؟ أليس خرقا موضوعيا وذاتيا لحقوق هذه المرأة تمارسه بحقها آلة الاستعراض هذه حيث

لا معنى خارج السلعية الجسدية / وأكيد أن الجميع يعرف أن هذه المهرجانية السلعية للجسد هي الجاذب الحقيقي لأموال النفط وليست مغارة

/جعيتا ولا آثار بعلبك ولا قلعة صيدا ..الخ. / وهذا تواطؤ أكثر ما يحمل في طياته : أنه : تجارة رقيق أبيض من نوع خاص يتناسب مع خصوصيتنا

الثقافية سواء القومية أو الطائفية ..الخ من الخصوصيات ‍‍.

في حديث أجرته إحدى ممثلات البورنو في أمريكا مع المذيعة الأمريكية السمراء [ o -Pera ]أن أجرها اليومي 1000دولار أمريكي لمدة ستة أشهر

في السنة وتحدثت عن الهدر الإنساني الذي تمارسه هذه التجارة على هذا النوع من الممثلات ، وبالمقابل تتقاضى زميلتها في نفس المهنة ولكن في بلد

مثل بولونيا أو هنغاريا 300دولار أمريكي في الشهر مهما مثلت من أفلام بورنو :لكل بلد خصوصيتها الثقافية والسلعية !.

ما لفت نظري في كلام الممثلة التي تراجعت عن هذا العمل وقدمت اعتذارا من ذاتها ، هو تعاطيها للمخدرات والكحول بشكل إدماني حتى تستطيع

الوقوف أمام الكاميرا . هذا الصدق يدلنا على مسألة هي لب هذا الموضوع : الشغل على جسدية المرأة بطريقة تدر أرباحا خيالية ،وهذا الصدق من

جهة أخرى لاحظناه في برنامج[ مس لبنان] كيفية الشغل على أجساد المشاركات أو الشغل على:كيفية إظهار هذه الجسدية موشاة بدروس من :

الرياضة واللباقة ..الخ هكذا يقدم المشهد الفضائي اللبناني بغالبيته المرأة /السلعة / الجسد وهنا تبدأ اللعبة هذه الجاهزية بحركيتها تتحول إلى رمز

/النموذج ـ الاستعراضي / وللتعمق في هذا الأمر يمكن الرجوع للباحث الفرنسي { جي ديبور } في كتابه القيم [ مجتمع الفرجة ] أو في ترجمة

أخرى [ مجتمع الاستعراض ] بات التحكم عن بعد في جسدية المرأة /سلعيا / عملية تشييء قل نظيرها هذه الموجودة في لبنان كنموذج يقدم لهذه

المرأة المسكينة في منطقتنا والتي لم تحصل حتى هذه اللحظة على نص مدني لقانون واحد / كلنا يتذكر الضوضاء المرعبة التي أثيرت حول طرح قانون

الزواج المدني في لبنان !!/ هذا على صعيد لبنان فما بالك على صعيد بلدان الخليج حيث لازالت المرأة يمنع عليها الخروج إلى الشارع أو أن تقود

مركبة أو لا يحق لها الانتخاب كما في السعودية والكويت هذا التفارق الحاد يخلق خرقا فاضحا لحقوق هؤلاء النسوة استلابا يزيد معاناتهن أضعافا

مضاعفة هذا من جهة ومن جهة أخرى سيبدر للذهن سؤالا :هل هذه الجاهزية المشهدية هي النقيض لجاهزية الاحتجاب والحجاب في الوسط المحافظ

إسلاميا ؟؟ !! إنها الكارثة الحقيقة :ثقلا جديدا تضيفه هذه الجاهزية / والتي أستطيع تسميتها لبنانية / على نضالات المرأة المسلمة في سبيل انعتاقها

من هذه الهيمنة الذكورية والمعقدة في بلداننا : تصوروا الفرق بين إمرأة تشاهد برنامج / مس لبنان / ولاتعرف ماذا يجري في الشارع الأمامي

لبيتها ولا تستطيع أن تعرف وبين المرأة /الموديل الرابح / هذا التفارق الحاد كيف يتكرس نفسيا ووجدانيا في أذهان هؤلاء النسوة وخصوصا المراهقات

منهن ما دور هذه الثقافة الرابحة والرائجة الآن في ظاهرة يكثر الحديث عنها في سوريا وهي من أشباه المهتمين وبعض الأصوات التي لا تميز بين الموقع

الديني للمرأة وبين التحرر !!! وهي ظاهرة حقيقية : المرأة المحجبة ترتدي تحت حجابها { يا… لطيف } هكذا ومعذرة إذا استخدمنا نفس العبارات

المتداولة في هذا الشأن ؟ ما ذنب هذه المرأة المحجبة في أن يكون لديها هذا الفصام بين الداخل والخارج وما ذنبها كي تسمع هذا المتداول على هذه

الطريقة في لباسها والتي لا ذنب لها فيها عموما ؟!! ألا يعتبرعنفا رمزيا إضافيا على المرأة المحجبة عندما يتم تناولها بهذه الطريقة ,وأنا لا أتحدث عن

ابن الشارع العادي بل أتحدث عن ثقافة تحتية تسود في جزء ليس قليلا في أوساط السلطة والمعارضة /ثقافة تسوق لهذه الشبكة من الملفوظات في

الواقع أجهل الغايات التي من شأنها يتم التسويق لهكذا ثقافة؟؟!! كما أجهل عمق هذا المتداول في هذا المجتمع السوري ؟!!

ـ 4 ـ

حجاب

العقل أم الجسد

في هذا الموضوع الحساس جدا في القائمة الإسلامية للممنوعات ،وحساسيته لا تكمن في تناول الكثير من المهتمين على اختلاف منابعهم الفكرية

والسياسية ، ولا زال هذا الموضوع مدار بحث وخلاف وأزمات أحيانا / كأزمة الحجاب الأخيرة في فرنسا / وهذا مثير للاهتمام وسيبقى كذلك

سنبدأ من مسلمة بسيطة : حجاب المرأة في الدين الإسلامي نصا وروحا هو فرض وكل المحاولات التي تنطعت لقراءة أخرى من أجل ما يسمى

التجديد واعتبار الحجاب اجتهادا من الاجتهادات الكثيرة في الإسلام هو وفق فهمنا غير صحيح : الحجاب فرضا وليس سنة ولا اجتهادا ، هذه

مسلمة بالنسبة لنا وما أتى في مشروع أستاذنا الكبير محمد شحرور هو محاولة توفيقية غير موفقة رغم تأكدنا من الدوافع الطيبة لأستاذنا الكبير

ولسنا الآن بصدد مناقشتها ولكن أشرنا إليها لأهميتها ودوافعها النبيلة حقا ، لأن النص الإسلامي لا يحتمل المساومة من خلال محاولات بعضهم

إذن هو ليس تقليدا فقط بل هو حد كمنع الخمر والميسر ولحم الخنزير ..الخ وبالتالي على أي اجتهاد أن يقوم بالإطلال المعرفي إلى ما بعد هذا

الحد وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى : ما الذي دفع بهذه القضية إلى الواجهة بعد سقوط المعسكر الاشتراكي ؟ هل هذا يقودنا للحديث عن صدام

الحضارات التي أثير حولها زوبعة ، أم هي تفكيك لأخر البنى الكبيرة المغلقة التي تواجه المشروع الغربي :البنية الإسلامية ،تفكيكا جوانيا وقيميا في

سياق انفتاحها على العالم المعاصر وبالتالي هذا الحديث عن صدام الحضارات يخفي هذه الصيرورة الهيمنية : وكي لا نمارس رياء هذا ال[هنتيغون ]

في مجاراته حول صدام الحضارات ، هل فعلا لدينا الآن حضارة إسلامية أو هل كان لدينا منذ قرون إلا إذا اعتبرنا أن الإمبراطورية العثمانية هي

حضارة إسلامية/ على أقل تقدير منذ قرون ونحن في هذه المنطقة في صيرورة دخول على [الحضارة العالمية المعاصرة ] / هذا التفكيك البطيء لما تبقى

من بنى مغلقة / الثقافات الشعبية ، الدين الشعبي ، النزعات الناتجة عن هذا الزحف الغربي الممنهج وغير الممنهج في الدخول إلى العصر إما تحت

راية المشروع القومي أو تحت راية المشروع الإسلامي لكن هذه التيارات بقيت خارج حركية هذه المجتمعات ذات الثقافة الشعبية والمتراصة في

انساقها التقليدية ودون أن يتم الوعي [بأن هذين المشروعين هما نتاجا لهذا الزحف وحركية معقدة لتفاعل هذه المجتمعات مع هذا الاجتياح التاريخي

للمشروع الغربي ، وكانت النسخة الأخيرة هي ما عرف في الربع الأخير من القرن العشرين ب(( الإسلام السياسي )) بما هو النسخة العالمة و

التي تحاول مواجهة هذه الصيرورة في آخر دكها لمواقع كانت تبدو حتى فترة قريبة هي مواقع حصينة في وجه اختراقها وهي الحصن الثقافي الشعبي

وجاءت الثورة الخمينية لتعطي نقلة نوعية (( جهادية )) لهذا الإسلام السياسي والذي رغم عنفيته وامتداداته بقي كمحاولة دونكيشوتيه في التأثير

على هذه المجتمعات وفي أقصاه شكل ولازال قوة معيقة وبلا نموذج اجتماعي سياسي وأقصى ماقدمه الخمينية والطالبانية والوهابية وهذه نماذج

آفلة بحكم التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والثقافة ..الخ ] . وفي العودة لموضوع الحجاب بما هو من وجهة نظري : آخر الرموز الثقافية في البنية

هذه لم تتعرض لتفكيك وهنالك فارق بين التفكيك وبين المنع كأن تصدر إحدى الدول {الإسلامية}! قرارا بمنع ارتداء الحجاب !!وكلنا يتذكر

الأحداث المأساوية في سوريا نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات عندما شعر رفعت الأسد بأن الأخوان خسروا معركتهم الطائفية عسكريا وسياسيا

أراد أن يخسروها حتى رمزيا فأنزل مظلييه إلى الشارع كي يزيلوا الحجاب بالقوة عن رأس أي امرأة محجبة يشاهدونها !! وهذا ليس تفكيكا تربويا

ثقافيا تعليميا ..الخ بل هو كسرا عنيفا لهذه الرمزية جعلت السيد الرئيس الراحل حافظ الأسد يعتذر للشعب السوري عن سلوك أخيه /وللمفارقة

كانت غالبية العائلة المالكة السعودية تساند رفعت الأسد ماديا ومعنويا حتى محاولته الانقلابية وهذه مفارقات عربية تحدث كثيرا / كما دعم صدام

حسين ـ الذي كان الغرب يقيمه ومعه أحزاب الإخوان يقيمونه أيضا كنظام علماني !!ـ حركة الإخوان في سورية خلال تلك الفترة !!/ وهل

الغرب مارس أو يمارس هذا التفكيك بأساليب عنيفة مثلا ؟ هذه الرمزية لم تتحول إلى جاهزية سياسية إلا بعد نهاية الحرب الباردة وهي باتت تشكل

القلعة الأخيرة بنظر استراتيجية التفكيك هذه / أن لا تساهم في إنتاج نسقا إسلامويا عنيفا / وكيف يمكن تحويلها من رمزا مكثفا لقيم وثقافة إلى

لباسا عاديا ؟؟ لماذا لم يحاول الغرب النظر إلى (( اللباس الهندي أو الياباني ..الخ )) بوصفه جاهزية قيمية وسياسية وثقافية ؟؟ هل يمكن أن يصدر

قرارا بمنع الفتاة الهندية من المجيء إلى الجامعات الفرنسية وهي ترتدي /الساري/ ؟ إذا هذا المنع جاء في سياق الراهن التاريخي وهذا ليس موضوعنا

الآن ؟ ألا يشكل الساري الهندي رمزا للمرأة الهندية ؟ نعم هو كذلك ولكنه ليس رمزا يدخل في الدائرة الجهنمية ل{الحلال والحرام } ليس عدم

ارتدائه يشكل خرقا لحدود المقدس في الهند ، وهذه معضلة في الواقع :لا حل لها سوى بحسم الصراع الراهن مع الإسلام السياسي أعتقد عندها

ستعود بوصفها لباسا تقليديا ولكن بشرط ألا يفرض على المرأة ارتداءه !! كيف سيتم إفتاء هذا الأمر دينيا : لا أعرف ؟ أقصد الفتوى بعدم فرضه

فقط .تعالوا نطرح الموضوع من زاوية أخرى : لدينا نساء محجبات حصلن على أعلى الشهادات ويمارسن أعمالهن بطريقة لا تختلف إطلاقا عن عمل

النساء غير المحجبات ترشحن لمناصب حكومية وسياسية ..الخ بماذا أعاقها الحجاب ؟؟ بودي أن أعرف وأنا أتحدث عن النساء اللواتي تحجبن بملء

إرادتهن ولم يتم فرضه عليهن ، ما هو الخلاف التربوي بين أن نعلم الطفلة ارتداء / الشورت / وبين أن نعلمها ارتداء البنطال ؟ هل الشورت لا يحجب

العقل بينما الحجاب / أفضل تسميته غطاء الرأس / يحجب العقل ؟ هل كل امرأة محجبة ستنشئ أبنائها على شاكلة أسامة بن لادن ؟؟!وكأني أدافع

عن الحجاب وهذا ليس من اختصاصي في الواقع إنما أحاول أن أنشئ فهما منطلقا من حق البشر ارتداء ما يرونه مناسبا وهنا خطر ببالي سؤال ساذج

لماذا لا تخرج النسوة / المتحررات / عاريات الصدر كما يظهر الرجل عاري الصدر في كثير من الأماكن ؟؟ وأنا أوجه كلامي للنسق الذكوري وليس

للنساء ، النسق الذكوري الذي لازال مهيمنا .

في الواقع إن الحجاب هو الظاهرة الوحيدة التي أعرفها في لباس البشرية : تشكل حدا دينيا مقدسا وزاد الطين بلة أنه بفضل الغرب والإسلام السياسي

تحولت إلى جاهزية سياسية ؟؟!! ميزة هذه الحضارة العالمية المعاصرة هي حرية الخيارات المفتوحة أمام الإنسان في المأكل والمشرب والملبس والمعتقد

وأسست ثقافيا وقانونيا لجعل هذه الحرية محمية ومتاحة لجميع بني البشر . هذه الجاهزية الدينية / السياسية لازال التعامل معها يمس بحق المرأة مسا

عميقا لأنها فقط بشكل عام لازالت متلقية خصوصا في عالمنا الإسلامي سواء من الذين ينادون برفع الحجاب أو بالذين ينادون ببقائه ، والبحث يجب

أن يتم عن توفير القاعدة الأساسية لحرية الاختيار حتى لو تصادم ذلك مع حدا دينيا لست ممن يجيدون الدخول في ألعاب مع الحدود الدينية الواضحة

وهذه القاعدة لا توجد إلا في ظل دولة قانون ديمقراطية حقيقة لا تحتمل مناورات أصحاب الطروحات الانعزالية دينيا وقوميا وطائفيا وسياسيا ..الخ

توفير حرية الخيارات وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وملحقاته وخصوصا اتفاقية المرأة ، وحدها الدولة الديمقراطية تتيح الأرضية للعمل من

أجل حماية حقوق المرأة والناس عموما .

الحجاب هو حجب للعقل قبل الجسد في الكثير من الحالات إن لم نقل في غالبيتها وهذا أمر الدين وهي بفعل الزمن تحولت أيضا إلى لباس، حجب

لوجود المرأة أصلا وتخصيصا لهذا الوجود مكانيا وزمانيا وهذا إسلاميا { والنموذج السعودي هو يقارب في جوهره النموذج الإسلامي أقول

يقارب لأن المرأة في الإسلام شاركت في الحروب والشؤون العامة ولكن هذا استثناء وليس قاعدة وليقل لي أحد أين هو خروج النموذج السعودي

في حقل المرأة عن الإسلام ؟؟}وما يميزنا نحن في سوريا ولبنان : في شعبنا طوائف إسلامية لا تعتبر الحجاب من عدمه قضية دينية / الطائفة الإسماعيلية

مثلا/ وأظن الطوائف الدرزية والعلوية ..الخ وهذا أعطى خصوصية ليست قليلة لوضعية المرأة في سوريا ، مثال : في الطائفة الدرزية مثلا يمنع على

الرجل الزواج سوى من امرأة واحدة على عكس الإسلام السني والشيعي وغيره ، وأظن أن فهم الطائفة الإسماعيلية لقضية المرأة فهما تاريخيا

على حد قول الصديق العزيز جمال صالح ، هذا الأمر ساعد كثيرا سلطة البعث على اتخاذ بعض الخطوات الخجولة في تحسين وضعية المرأة كما ساعد

على تقدم مستوى العلمانية وإن لم ينعكس ذلك بعد في سن قوانين مدنية وخصوصا في حقوق المرأة .

توضيحات :1ـ ربما مرت بعض العبارات الانفعالية ولكن لم يكن المقصود الإساءة ولا التعريض بأحد وهذا له علاقة مباشرة بأننا نحن السوريين

نتعلم الآن الحوار العلني ولازلنا أطفالا نحبو على هذا الطريق الصعب والشاق لهذا أعتذر سلفا .

2ـ عندما أتحدث عن لبنان أتحدث بوصفي لا أشعر بالفرق بيني وبين أي مواطن لبناني ،وعندما تحدثت عن الموارنة تحدثت عن المارونية السياسية

والطائفية كقوى موجودة وفاعلة داخل الطائفة المارونية ولم أتحدث عن الموارنة كطائفة أبدا فهي مثلها مثل بقية شعبنا اللبناني تتواجد فيها كل القوى

السياسية الوطنية اللبنانية .

3ـ النوايا الطيبة والغايات النبيلة لا تضمن الإنسان من الخطأ ووحدي المسؤول عن أي خطأ .

10/6/ 2004