المرأة والديمقراطية في العراق



ليلى محمد
2004 / 8 / 20

من أكثر الشعارات التي هللت لها قوات الاحتلال وحلفائها ليس فقط من الدول الغربية وإنما التي كانت تسمي نفسها معارضة النظام البعثي والتي كانت ومازالت تهتدي بوحي السياسة الأمريكية، أقول من أكثر تلك الشائعات كانت شعار (الديمقراطية). ذلك الشعار الذي خدعوا به الجماهير المليونية في العراق بعد إسقاط النظام البعثي القومي والذي مازال يتشدق بها ممثلي الحكومة المؤقتة عندما تخطوا أية خطوة للقمع والاضطهاد باسم محاربة الإرهاب.

كل من يتتبع الواقع المأساوي الذي يمر به جماهير العراق والصراعات المستمرة بين أقطاب الإرهاب المختلفة وسياسة المقاومة الدموية التي تنتهجها أقطاب الإسلام السياسي، والهجمات العسكرية وقتل الآلاف من الأبرياء في كل مدينة من مدن العراق، كل من ينظر الى هذه المأساة يتأكد إن الديمقراطية التي كانت تنشدها قوات الاحتلال لجماهير العراق هي هذه وليست غيرها.

إن الديمقراطية التي يود لها أن تتحقق للجماهير في العراق من قبل ساسة البيت الأبيض هي غير الديمقراطية التي تستخدمها للجماهير في أمريكا أو في أوربا، (وبقدر تعلق الأمر بالديمقراطية، فإن هذه عبارة لها الكثير من التفسيرات ويؤولها كل شخص وطرف وفق مصالحه الخاصة، وحتى أن القوى القومية والدينية في العراق تطلق على بدائلها القومية والدينية الرجعية تسمية الحكومة الديمقراطية)*.

ديمقراطية أمريكا هي ديمقراطية الهجوم العسكري على الجماهير وقتل الأبرياء، ديمقراطية تنصيب الحكومات وفرض سياساتها العسكرية، ديمقراطية الحفاظ على المعتقلات وبناء السجون وتعذيب المعتقلين،...الخ.

استطاعت المرأة في دول مثل أمريكا وأوربا ولفترات من الزمن وطبعاً من خلال نضالاتها المستمرة ونضالات الحركات العمالية والاشتراكية أن تحقق الكثير من مكتسباتهاً وحقوقها وان تفرض على حكوماتها سن قوانين لحمايتها وحماية حقوقها، ولكن هل في العراق ممكن هذا هل تستطيع المرأة في ظل ديمقراطية الحكومة المؤقتة اليوم أن تفرض حقوقها وتسن قوانينها بشئ من الحرية؟

طبعاً الجواب كلا. فتاريخ الحكومات الديكتاتورية تثبت إن ليس هناك حتى أدنى قدر من الديمقراطية التي تسمع وتراها في تلك البلدان. والحكومة المؤقتة في العراق هي حكومة مبنية على أساس التقسيم الديني والطائفي والقومي والعشائري وكل واحد من هذه التقسيمات على حدا لا يمثل سوى الديكتاتورية بحد ذاتها والتي لا تسمح للجماهير وخاصة النساء منها بالمشاركة في الحياة السياسية والتظاهر وخوض الانتخابات إن وجدت والدفاع عن حقوقها.

إن ديمقراطية الحكومة المؤقتة هي ديمقراطية فرض قانون السلامة الوطنية والتي هي موازية لقوانين الأحكام العرفية التي تفرضها الأنظمة الديكتاتورية والتي تتعرض لمآزق متعددة ولا تستطيع الخروج منها سوى بفرض تلك القوانين لكبح جماح الحركات الاحتجاجية ضد أنظمتها المستبدة، إن ديمقراطيتهم هي الاعتقال العشوائي للجماهير بحجج مختلفة ومحاربة الإرهاب، إن ديمقراطيتهم هو إعادة العمل بقانون الإعدام والتي بشر بها!! وزير العدل وكأنما حقق أمنية إنسانية للجماهير في العراق لم تكن لتعرفها من قبل، والانكى من ذلك هو توسيع هذا القانون ليس فقط ليشمل الإرهابيين كما يدعون وإنما ليشمل كل الجماهير وليعاد تاريخ النظام البعثي عبر تلك الديمقراطية.

يا ترى ما هو نصيب المرأة من ذلك؟

إن نصيب المرأة في ظل تلك الديمقراطية لن يكون اقل من الظلم والاضطهاد وانتهاك الحقوق حيث تلك القوانين سوف تقمع أية حركة احتجاجية نسوية وأية حركة مدافعة عن حقوق المرأة وأية حركة تطالب بالحرية والمساواة. وان كانت في العقود الماضية تهاجم حقوق المرأة بحجة الوقوف بوجه السياسة الإمبريالية والغرب فاليوم سوف تحاكم بحجة الوقوف مع الإرهاب والحركات الإرهابية وزحزحة الأمن والاستقرار في العراق!!!.

إنها الخطوات الأولى لشل الحركات النسوية والتقدمية، إنها بداية لمرحلة تتطلب نضال أوسع وحركة أقوى.

على النساء في العراق وحركاتها النسوية والتقدمية أن تناضل من اجل الحرية الكاملة والمساواة،عليها أن تخوض نضالاتها رغم ما تفرضه تلك الحكومة من قوانين جائرة وظالمة، عليها أن تلج ميدان الصراع وتقف بوجه جلاديها وكل القوانين القروسطية التي تفرضها وتنتهك كل يوم حقوقها بشكل فاضح، فليس أمامنا سوى خيار النضال من اجل تغيير واقعنا تغييراً جذرياً.

* مقابلة مجلة سكيولار مع الرفيق ريبوار احمد حول موضوع العلمانية