الإعلام اللبناني المكتوب والمرآة...



خالد ممدوح العزي
2010 / 7 / 25

الإعلام اللبناني المكتوب والمرآة...
يعتبر الإعلام المكتوب من أقوى وارق الإعلام في العالم ولا يزال حتى هذه اللحظة يتمتع بقوة هائلة في التعاطي مع القضايا الإخبارية والإعلامية والدعائية، بالرغم من أهمية هذه المهنة والمتاعب التي يتحملها الإعلاميين أثناء تنفيذ مهامهم، بغض النظر عن النوع والجنس ،بالرغم من السؤال الذي يطرح نفسه اليوم،ما هو مستقبل الكتابة الإعلامية ،بل ما هو مستقبل الصحافة المكتوبة بشكل عام بظل تطور الشاشات ونجومها ،فهل تحفر الشاشات الضخمة ، قبور الكتابة الإعلامية ،أم إن هذه الكتابة سوف تستعيد قوتها بفضل شبكات الاتصالات المكانة التي فقدتها بسبب تطور التلفزيون، فكيف إذا كانت هذه الصراعات تقوم على قدرات الجنسين ، والجنس اللطيف" المرأة الإعلامية " شريكة أساسية في هذه المعركة، بالرغم من النزعة الذي لايزال يسيطر على جنس الرجال في كل العالم باعتبار ،"إن مهنة الإعلام هي مهنة الرجال وحقر عليهم دون غيرهما"، لكن هذه النظرية فشلت بسبب اقتحام المرأة لهذا الحقل والعمل فيه والتفوق في مجال خدمة الخبر ونقله بطريقة موضوعية،وبالمناسبة فإن الإعلاميات هن أكثر موضوعية في نقل الخبر من الرجال، وخاصة في الميدان العملي كمراسلة ،وهذا ما أثبته الواقع من خلال تجارب الصحفيات اللواتي خدمن المهنة من موقع الحدث،وفي مناطق الساحة الساخنة مناطق الصراع. يعتبر عمل الإعلاميات في حقل الصحافة المكتوبة ليس بالقديم ،ولكن له قصة طويلة بدأ عملهن منذ القدم عندما بدأ السماح للمرأة في العمل في هذا المجال ، في ميدان الصحافة العالمية، فاشتهرت إعلاميات في هذا الحقل،"كالكسندرا كولنتي الروسية، وروزا لوكسنبورغ،الألمانية، فلنتينا كروبسكيا الروسية زوجة ليني ورفيقته بالحزب والبيت ، كذلك في عالمنا العربي الذي واكب التطور العالمي في القرن العشرين، فكانت روزا اليوسف أول كاتبة ومؤسسة جريدة عربية في مصر، عرفت فيما بعد باسمها، والشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان ...الخ،
من خلال نظرة تاريخية على الإعلام اللبناني ودور النساء في الصحافة النسائية اللبنانية... فيحسب للبنانيين أنهم هم الرعيل الأول في هذا الاتجاه، فتعد مجلة "الحسناء" التي أصدرها "جرجي نقولاباز" عام 1909م، المجلة النسائية الأولى في لبنان، وكانت تصدر شهرية، وتعنى بالأخلاق والاجتماع وما يخص المرأة، وتوقفت بعد ثلاث سنوات، ثم قامت "عفيفة كرم" بإصدار مجلتين نسائيتين هما: "المرأة السورية" عام 1911م، ومجلة "العالم النسائي الجديد" في 1912م، في نيويورك، فكانت بذلك أول صحيفة نسائية تصدر في أمريكا، واستمرت في الصدور حتى الحرب العالمية الأولى.
اما مجلة "فتاة لبنان" الشهرية لصاحبتها "سلمى أبو راشد" عام 1914م، لكنها توقفت بعد ثمانية أشهر بسبب الحرب، كما صدرت مجلة "منيرفا" لصاحبتها "ماري يني"، ونظرا للظروف الاقتصادية إبان الحرب العالمية الأولى تم كتابتها بخط اليد، ثم توقفت بعد ذلك، كما صدرت مجلة "الفجر" التي أصدرتها الأميرة "نجلاء أبو اللمع" سنة 1919م، واستمرت في الصدور خمس سنوات، وكانت تحتجب المجلة عن الصدور في فصل الصيف، ومجلة "الخدر" سنة 1919م، أصدرتها سيدة مسلمة تدعى "عفيفة صعب"، واستمرت عشر سنوات، وكانت تصر على احتياج الحجاب للعلم، ومجلة "المرأة الجديدة" سنة 1921م، واستمرت ست سنوات لصاحبتها "جوليا طعمة"، ومجلة "صوت المرأة" التي صدرت عام 1945م، وتوقفت عام (1965م)، ومجلة "المرأة والفن"، ومجلة "دنيا المرأة"، ومجلة "هي"، ومجلة "الحسناء" التي صدرت عام 1961م، ومجلة "مود" وهي مجلة خاصة بالأزياء، وكانت تصدر بثلاث لغات.
وقد أثرت الحرب الأهلية اللبنانية على الصحافة النسائية، لكن بعد الحرب شهدت نهضة كبيرة، فصدر عدد كبير من المجلات منها: "اللبنانية"، و"مشوار"، و"فيروز" التي ما زالت تصدر حتى الآن، ومجلة "عفاف" التي صدرت عام 1985م، وهي مجلة نسائية اجتماعية ذات صبغة إسلامية، وصاحبة امتيازها "آمنة عبد الله"، ومجلة "زينة" التي صدرت عام 1986م، ومجلة "جمالك"، و"نور" وهي مجلة صدرت بالتعاون مع مجلة فرنسية بنفس الاسم، ومجلة "وفاء" عام 1991م.
الصحافيات اللبنانيات اللواتي وضعن بصمتهم على العمل الإعلامي،ابتداء من "هلين تومس" اللبنانية، الناطقة الإعلامية في البيت الأبيض خاصة في أيام الحرب من العمل في الأحزاب اللبنانية وفي مؤسسات المجتمع المدني، ونتوقف إمام الكاتبة والإعلامية والسياسية د. نهلة الشهال،رئيسة تحرير مجلة بيروت المساء .فيرا يمين عضو المكتب السياسي في تيار المردة،وأنطوانيت جعجع،المسؤولة الإعلامية في القوات اللبنانية . لقد وصلت الإعلاميات إلى مرتبة عالية في إدارة صحف يومية سياسية كبرى في البلد وتعتبر من إمبراطوريات الإعلام المكتوب في لبنان والعالم العربي كنايلة تويني مديرة تحرير جريدة النهار اللبنانية "ابنة الراحل جبران تويني،و هنادي سلمان مديرة تحرير جريدة السفير"ابنة طلال سلمان "،وأيضا ضحى شمس التي تعمل مديرة تحرير المحليات في جريدة الإخبار ،وكذلك تميزت الإعلاميات اللبنانيات اللواتي يعملنا في قسم المرسلات الخارجية كمحللات سياسيات للعلاقات الدولية والسياسة الخارجية،إلى كونهم مدراء مكاتب للجرائد والصحف التي يملن بها، كرندة تقي الدين باريس مكتب الحياة، راغدة درغام نيويورك مكتب الحياة. وكذلك يعملنا في الأقسام الاقتصادية كالإعلامية سابين عويس.
اصبحت المرآة تعمل في قسم كاتبة المقالة السياسية اليومية في صحف مختلفة:" كهدى الحسيني وديانا مقلد وسنا الجاك في جريدة الشرق الأوسط اللندنية، روزانا بومنصف،هيام القصيفي، رندى حيدر في جريدة النهار، ثريا شاهين ، فاطمة حوحو في جريدة المستقبل، والإعلاميات الشابات رشا أبو زكي،صباح أيوب، ليال حداد ،دنيز يمين جريدة الأخبار. ربى الحلو جريدة صدى البلد،رشا الأطرش،زينة برجاوي ،دنيز عطالله حداد في جريدة السفير.نجو مارون زينة الخوري هيام عيد في جريدة الديار".
وأيضا في الأقسام الثقافة للجرائد اللبنانية لا يختصر الدور على الشعراء والأدباء فقط وإنما أصبحنا نجد دورا مميزا في الجرائد اللبنانية مثل الإعلاميات عناية جابر ، زينب ياغي "قسم صوت وصورة " قسم الثقافي في جريدة السفير. الإعلاميات ريما المسمار ،كوليت مرشليان في القسم الثقافي لجريدة المستقبل ، الإعلاميات ماري ابو زيد ،سوزان برباري، روبا نصر الدين ،ماري حدشيتي في جريدة الديار . والإعلامية لــنا عبد الرحمــن التي تعمل في مجلة الآداب أللبنانية ككاتبة وصحافية لبنانية متخصصة في العمل الأدبي. وكذلك الدور المميز الذي تقوم به الإعلاميات في الملاحق الثقافية والاجتماعية وأبرزهم الملحق الثقافي لجريدة النهار اللبنانية،وكذلك يمتد دورهم إلى الإخراج والإدارة العامة والتنسيق الإعلامي. تميز الاعلاميات اللبنانيات في ممارسة المهنة الإعلامية طوال فترة الحرب اللبنانية الاهلية وفي تغطية ميدانية من خلال الوصول الى خطوط النار كما تسمى خطوط التماس بالعلم العسكري ،لقد تمردت المرآة الإعلامية على أنوثتها ولبست الخوذة على رأسها ولبست الثياب الكحليه التي تميزها إثناء التغطية عن المحاربين وتخلت عن الماكياج والزينة التي تتغنى بهم المرأة دوما ، وقفت أمام القناصة وعلى المتراس وبوجه القصف العشوائي والقتل العلني ، لكي تتمكن جلب ريبورتاج مميز،لكي تكون موضوعية وشاهدة للحدث اقتحمت كل المناطق الممنوعة بين والدويلات الصغيرة المصطنعة،" كالإعلامية مي ضاهر يعقوب التي تعمل اليوم في مجلة بيزنس ويك،التي عملة طوال فترة عملها مراسلة ميدان لجريدة النهار"أثناء الحرب اللبنانية ،فهي صاحبة كتاب "صحافية بثياب الميدان" (طبعة أولى، "رياض الريّس" 2004 - طبعة ثانية، خاصة، 2010)".
لقد تحدوا الفرز المذهبي والطائفي والمناطقي، ليكن الشاهد الحقيقي من مكان الحقيقة، كان وجودهن في ميدان المعارك التي تعرض لها لبنان من قبل العدوان الإسرائيلي ابتدأ من الاجتياح 1978 حتى حرب تموز 2006. والتي تميزت بها الإعلاميات اللبنانيات بشكل خاص من خلال التغطية الميدانية المباشرة لعمليات القصف الوحشي الإسرائيلي للبنان وشعبه،فكانت النساء على خط النار يذهبن فلا يخفن الموت،يذهب من اجل إظهار الحقيقة ولا أضاح الصورة الهمجية التي تعرض لها لبنان طوال 33 يوما من الحصر والقصف المتواصل فكانت الإعلاميات اللبنانيات في المقدمة"إعلاميات المرئي والمكتوب والمصورات"، في كل الإحداث التي تعرض لها لبنان إثناء الانقسام ألعامودي للشعب اللبناني بعد حادثة اغتيال الشهيد الراحل رفيق الحريري عام 2005، كانت الإعلاميات اللبنانيات شريكا أساسيا في صناعة الحدث وإيضاح الصورة. هؤلاء الصحافيات عينة من الذين يعملن في الإعلام المكتوب "الصحافة اليومية"، أما المجلات السياسية فهناك العديد من الإعلاميات اللواتي يمارسن المهنة ، بطريقة مميزة من خلال المقالات والريبورتاجات والمقابلات السياسية والاجتماعية،ففي مجلة الشراع نرى الإعلاميات" هدى الحسيني ،هلا بلوط ، غنوة دريان،فاطمة فصاعي ". مجلة المسيرة النجوى تتميز برئيسة التحرير الإعلامية، فيفيان صليبا داغر والإعلاميات "جومانا نصر .،نوال نصر ،ميراي يونس".
المجلات الثقافية والاجتماعية النسائية الأخرى التي لا تخلى من العنصر النسائي، ابتداء من التحرير والكاتبات الكبار ومريم شقير أبو جودي، ،ونضال الاحمدية التي ترأس تحرير مجلة الجرس الأسبوعية الاجتماعية ومديرة تحرير تلفزيون الجرس، والهام فريحه مديرة تحرير مجلة فيروز،والمديرة التنفيذية المجلة الصياد السياسية الأسبوعية،وفاديا شتيلا حيدر مديرة تحرير مجلة لها الفصلية، وزينة عوض مديرة العلاقات العامة في مجلة الأفكار الأسبوعية السياسية. فأغلب الإعلاميات اللبنانيات اللواتي يعملنا اليوم في قنوات المحطات الفضائية والتلفزة العربية ،وفي أشهر برامجها،هم مارسوا في البدء الإعلام المكتوب بشكل مميز ومنهن يعملنا حتى اليوم في المرئي والمكتوب معا ، كالإعلامية متيلدا فرج الله،روز ألخوري مقدمات برامج على تلفزيون المستقبل الإخباري،وكاتبات في مجلة "سنيال ماغزين"، لان الصراع الدائر بين وسائل الإعلام والتي سيطرت ظاهرة وقوة الإعلام المرائي على المكتوب من خلال المنافسة الشديدة للقنوات الفضائية وقدرتها على الجذب وبناء النجومية الإعلامية السريعة،والأجور المرتفعة لهن ،والشهرة القوية . بالرغم من ذلك تبقى الإعلاميات بشكل عام واللبنانيات بشكل خاص، موجدات في الإعلام المكتوب وفيي أهم إمبراطورياته المكتوبة الصحف اليومية "كالسفير،والنهار والحياة" ،بالرغم من العدد الصغير للعنصر النسائي لكننا نجد دائما حضور المرأة في الإعلام المكتوب الذي يذهب الى الهجرة نحو المدونات الالكترونية التي نرى للإعلاميات دورا لا بأس في المدونات الالكترونية ، مثل "الإعلامية رئيفة الملاح،مديرة تحرير موقع "صيدا سيتي"والإعلامية مي المر مديرة الشبكة اللبنانية الالكترونية .هناك العديد من كاتبات الراي الحر في الصحف اللبنانية كالدكتورة منى فياض ود. فهمية شرف، والناقدة الأدبية يمنى العيد الدين، د.سعد حرب و د. نهوند القادري التي تعمل في مجال التدريس والبحث الإعلامي،والباحثة والدكتورة دلال ابزري الباحثة في الإسلام السياسي،ولم يقتصر دور الإعلاميات الكاتبات على الكتابة فقط بل شكلن نقابة الباحثات، منذ العام 1995، ليمارسن العمل الأكاديمي العلمي، في مجال البحث والتقصي الموثق من خلال الكتب العديدة الذي تم إنتاجها من قبلهم وبإشرافهم.
إن الهدف من خلال مقالنا هذا ليس التعريف بإعلامية التنقيص من قدرة أخرى لعد ذكر الأسماء لكوننا لا نستطيع ذكر كل الأسماء لكونها كثيرة جدا في هذا المجال وهذه عينة من الأسماء اللمعة في هذا الحقل. هدفنا الأساسي هو تقدير قيمة الإعلاميات وقدرتهن العالية في العمل الإعلامي المكتوب من خلال المهنية المميزة التي يبذلنها في الصحافة بشكل عام ،والمكتوب بشكل خاص لان دور الإعلاميات فرضن اسمهن وبصماتهم العالية في الإعلام المكتوب التي لا تختلف أبدا عن ادوار الرجال.
د.خالد ممدوح ألعزي –
كاتب وباحث إعلامي مختص بالاعلام السياسي والدعاية .
[email protected]