النقاب في سوريا



مازن كم الماز
2010 / 7 / 28

النقاب في سوريا
عن إبعاد المعلمات المنقبات عن التدريس في سوريا

قبل أكثر من ثلاثة عقود أي في منتصف السبعينيات قام النظام السوري بإبعاد عدد كبير من المعلمين الشيوعيين يومها عن التدريس إلى وظائف أخرى . اليوم يبعد النظام عددا كبيرا من المعلمات المنقبات عن التدريس أيضا لذات السبب , و هو الحفاظ على أحادية الخطاب الذي يتم ترديده أو تلقينه للطلاب , والسوريين عموما , أي أحادية خطاب النظام بالذات . لكن تغير الفئة التي يريد النظام إبعادها يدل على تحول هام جرى على مستوى الشارع نفسه , السوري خاصة و العربي عموما , نحو تبني القيم الإسلامية في وعيه و غالبا على الضد من رغبة الأنظمة القائمة . هذا التحول جرى بسبب ظروف موضوعية تماما و ليس نتيجة فعل أية نخبة أو مجموعة دعاة مثلا , ففي سوريا , و مؤخرا في كل الدول العربية أيضا , كان عمل الدعاة يخضع لإشراف و مراقبة السلطة الدائم و المباشر بعد هزيمة الإخوان المسلمين في مواجهتهم الدموية مع النظام في أواخر السبعينيات و أوائل الثمانينيات المنصرمة . كانت العلاقة هذه المرة معكوسة فلم يخلق الدعاة هذه الموجة , لم يلعبوا أكثر من دور مباشر يخفي وراءه العوامل غير المباشرة الأعمق و الأقوى تأثيرا , بل كانت هذه الموجة هي التي خلقت دعاتها بصورهم غير النمطية على الفضائيات و الانترنيت . يمكن الزعم و بدرجة معقولة من الدقة أن وراء هذه الصحوة الإسلامية كما سماها البعض عوامل اجتماعية و سياسية صريحة , ربما هي ذات العوامل التي دفعت جزءا كبيرا من هذا الشارع العربي لتبني نظرة علمانية للعالم و لذاته و لمجتمعه ( قومية أو يسارية ) في الخمسينيات و الستينيات , أي كتعبير عن احتجاجه على التهميش و الاضطهاد السياسي و الاجتماعي الذي تمارسه ضده القوى السائدة , و كتعبير عن مقاومته للسلطة وسياساتها التي تنتج هذا الاضطهاد و عن الأمل في الخلاص من هذا الاضطهاد و التهميش . لكن الأكيد أيضا في هذا التحول أن طرد المعلمين الشيوعيين في منتصف السبعينيات لم يكن هو العامل الأساسي في تراجع اليسار السوري , رغم أن القمع يسبب بالضرورة ضعفا عابرا , لكنه في الواقع يمنح قوة إضافية على المدى البعيد للفكر المقموع . يعود السبب الرئيسي في أزمة اليسار السوري اليوم كما أزعم إلى نزعته للمساومة مع الاضطهاد و الاستغلال السياسي و الاجتماعي الذي تتعرض له الجماهير , و أنه لم يعد بسبب سياساته الخاصة قادرا على التعبير عن احتجاج الشارع السوري أو أن يحتوي مقاومته لسياسات النظام أو أن يعبر عن أمله بالخلاص من القمع و الاستغلال . شيء آخر كان صحيحا في منتصف السبعينيات كما هو صحيح اليوم , هو أنه على أي محب للحرية أن يرفض اليوم , كما في الأمس , أي قرار أو ممارسة قمعية تحاول السلطة أن تفرضها على البشر........