لم تعلن حالة الحب



نبيل قرياقوس
2010 / 9 / 13

لم تعلن حالة الحب



سمعت احدهم في مكان عام يتحدث عن مسلسل ( اعلان حالة حب ) وهو عمل فني عراقي ضخم بذلت به جهود جبارة واشترك في تمثيله ممثلون عراقيون رائعون ، انتج عام 2010 وهو من كتابة وسيناريو الكاتب الرائع احمد هاتف الذي اكن له شخصيا افضل التقدير والاحترام ، انقل ما قاله ذاك المتحدث ( المشاهد ) رغم اني قد اتطابق مع بعض مما قاله واختلف معه في نواح اخرى ..قال والعهدة عليه :

كنت قد قطعت عهدا على نفسي ان لا اشاهد اي عمل فني عراقي لاسباب عدة اهمها توقعي الدائم لضعف بعض عناصر خلق المسلسل او العمل الفني من فكرة او قصة او سيناريو او تمثيل او اخراج وكذا ما يلم ذلك من امور ادارية او مالية او تسويقية او دعائية ، وفي افضل الاحوال فان الفقر الشديد في احد هذه العناصر يهوي بالعمل الفني كاملا الى ما يتناسب وذاك الفقر ..

ولكي لا اطيل الحديث اقول حاولت متابعة المسلسل العراقي ( اعلان حالة حب ) على شاشة الفضائية الشرقية وقد اغراني هذا العنوان الكبير الذي تمنيت وحلمت بمحتوى من المضمون على قدره ، فوجدت نفسي نادما على نقض عهدي مبينا ما يلي :

1 . ابتدأ المسلسل وانتهى ولم اجد فيه اي اعلان لحالة حب جديدة واضحة بكبرها عدا عشق بين شابة وشاب عاندا اهليهما لغرض ارتباطهما بزواج الى ان قتل كلاهما بينما كان بالامكان صياغة السناريو والقصة بشكل يوضح جليا وعلى لسان وتصرفات العاشقين واقاربهما حالة الحب الجديد المطلوب في شعب يعيش اوضاع تقاليد اجتماعية غير متحضرة تتنافى مع حقوق الانسان ، وهنا ارجو ان لا يفهم كلامي اني اريد اقحام مباديء او مواقف او جمل في العمل الفني الذي ينقل واقع مجتمعنا بقدر ما اطالب بتثبيت وجود حالات من يريد فعلا ارساء حالات حب واسس اجتماعية انسانية جديدة متحضرة في مجتمعنا ..

2 . ابتدأ المسلسل وانتهى وارى ان الآثار النفسية التي تركها هي استمرار قبول الخضوع للمسلمة الشرقية القاضية بكون جسد المرأة ، حسب ، هو شرفها وشرف عائلتها ، فوالد الشابة العاشقة في المسلسل يحكي عن ابنته بانها ( شرفه ) الذي انتهك ، بينما والد الشاب يلوم ابنه على العصيان فقط !!

كان المجال فسيحا لصاحب العمل الفني ان يرسل احدى رسائل اعلان الحب لتقول بشكل واضح ان شرف الانسان هو في مدى عمله واخلاصه فيه وفي مدى خدمته لمجتمعه والانسانية ، تلك الرسالة التي يعمل من اجلها خيرة افراد مجتمعنا ، وارى ان المسلسل لم يبرز هذه الرسالة بشكل يتناسب واهميتها لمجتمعنا بحيث بات مكان الرسالة واسعا خاليا في المسلسل ، ومن ناحية اخرى انتهى المسلسل بمقتل كل امل في استمرار اي حب، هذا اذا كان حب الشابين وتحدياته هو المقصود في الاعلان عنه ، حيث قتلت ( الانثى ) بيد ابيها وكأن المسلسل يؤكد استمرار اقرار ان ذلك هو الوضع الطبيعي لـ ( انثى ) تطالب بحقها الانساني في اختيار شريك حياتها ، وارى انه كان بالامكان صياغة نهاية تساهم في اعلان وزرع وارساء قيم حب جديدة تربي الناس على تحاشي احتمالات القتل ، وذلك بجعل والد الشابة يتراجع عن ( الانتقام ) من ابنته ، وكذا والد الشاب ، ولتكون هذه هي الرسالة المهمة الثانية التي يرسلها العمل الفني للاعلان عن حالة حب ..

3 . اثني على طاقات فنية منفردة ممتازة اشتركت في تمثيل هذا العمل الفني ، الا اني استدرك القول ولاعلن انه لو اشرك ممثل مصري متميز ( مثل نور الشريف او يحيى الفخراني ) لاداء دور في هذا العمل الفني فاني اتوقع انه كان سيفرض الكثير مما المحت اليه في النقاط اعلاه على كاتب القصة والسيناريو وبممرات واسعة من المعالجة في افق التأليف والسيناريو لاعلان حالات الحب بشكل واضح حتى لو اصر الكاتب على انهاء القصة بمقتل الشابين ، ويمكن ملاحظة ذلك في كثير من الاعمال الفنية لهذين الممثلين الجليلين فرغم صورة الواقع الاجتماعي المتخلف لشرائح واسعة من المجتمع المصري والتي يقوم هذين الممثلين بنقلها الا انهما يقومان وبطريقة فنية رائعة ومبررة ومقنعة ، وبعيدا عن وضع الاقحام بالاعلان عن حالة صورة جديدة من العلاقات والحب لتكون بديلة صورة التخلف الاجتماعي الانساني ..

4 . الطفل اليتيم ، فاقد الاب والام ، وليد الحب بين الشابين يبقى في نهاية المسلسل مشردا تحت رحمة الاطلاقات النارية والضحايا المحبة التي تتساقط صريعة من حوله ، فهل ذاك هو الاعلان عن حالة الحب ..

أرى وكأن المسلسل بشكل عام اعلن بصورة غير مقصودة ، شاء المؤلف ام ابى ، عن حالة موت حتى وان كان ضمنها جيفارا او كل الاخيار المتطلعين للديمقراطية ولحرية الانسان ..

معذرة ..سادتي فذاك هو رأي وانا لست الا بمشاهد بسيط وحسب ، وبالتأكيد هناك الكثير ممن لديهم اراء معاكسة ..


نبيل قرياقوس