مواجهة عامة مع الكاتبة نوال السعداوي



مكارم ابراهيم
2010 / 9 / 24

ان مايعرض على شاشات التلفازالعربية والاسلامية يسهم ، بشكل عام ، بتخدير وتغيب الوعي لدى شعوبها. والكارثة ان يتصور مفكرونا ومثقفونا وكتابنا من المتنورين والعلمانيين وسواهم انهم يستطيعون ايضا تغييب عقولنا وخاصة ان كتاباتهم يطلع عليها القارئ المثقف والاكاديمي والذي من الصعب التمويه عليه .

لقد تناولت نوال السعداوي مواضيع هامة جدا في انتقاد العديد من الظواهرالسلبية في المجتمع العربي مثل اضطهاد المرأة ومسألة الحجاب والنقاب وختان الأناث الخ.
تقول الكاتبة نوال السعداوي "قهر المرأة التاريخى طبقى أبوى لا علاقة له بأ ى دين أو جغرافيا شرق غرب أو ثقافة معينة "الحوار المتمدن - العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12

بالتاكيد ان الصراع الابوي الذكوري هو أحد عوامل قهر المراة الاانها الغت عامل اخر مهم في قهر المراة الا وهو الدين وعامل الثقافة العربية.
لننظر في الاية القرانية التالية في سورة النساء .35 (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن). وقد نشر حديثا كتاب يوضح طريقة الضرب حسب السنة النبوية حسب معلومات الكاتب الاستاذ محمد الرديني. واين نجد العدل في تحقيق المساواة في الآية {وللرجال عليهن درجةْ} سورة البقرة 228
وماذا عن سبي النساء فقد جاء في تفسير ابن كثير: -وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ - أَيْ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَجْنَبِيَّات الْمُحْصَنَات وَهِيَ الْمُزَوَّجَات إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ يَعْنِي إِلَّا مَا مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسَّبْيِ فَإِنَّهُ يَحِلّ لَكُمْ وَطْؤُهُنَّ ...). والخ.
وأين الموضوعية في اقوال الكاتبة في أن قهرالمراة في الشرق لاعلاقة له بالدين في حين انها اعتبرت ان اضطهاد المراة في الغرب هو نتيجة القيم المسيحية اليهودية تقول: "المرأة فى الغرب رغم حقوقها الشخصية المتزايدة وحصولها على مناصب عالية , لا تزال محكومة بالرجال وفى وضع أقل منهم حسب القيم المسيحية واليهودية الحوار المتمدن - العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12

وتضيف الكاتبة "الاسلام أو الدين ليس سبب التخلف فى أى بلد بل النظام السياسى الحاكم الذى يفسر نصوص هذا الدين لصالح الطبقة الحاكمة من الذكور" . الحوار المتمدن - العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12
فالكاتبة هنا الغت عامل الدين واعتبرت الاستبداد الداخلي من قبل الحكام هو السبب في قهر المراة ثم تعود فتربط قهر المراة بشكل ثابت مع الاستبداد الخارجي (الامبريالية الامريكية والراسمالية الغربية ) حيث تعزو قهر المرأة العراقية للاحتلال الامريكي للعراق تقول" لا ينفصل تحرير النساء فى العراق عن تحرير الرجال العراقيين من الاحتلال الأجنبىالحوار المتمدن - العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12
وهل كانت المراة العراقية متحررة ومتساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات في زمن صدام حسين وقبل الاحتلال الامريكي وهل اليمن وبقية الدول العربية تحت الاحتلال الامريكي؟ هل الاحتلال الامريكي هو المسؤول عن فتوى رضاع الكبير ومنع المراة من قيادة السيارة بدون محرم وضرب الزوجة الناشزوقطع انف عائشة ورجم المراة وجلدها ماعلاقة كل هذه الاضطهادات للمراة بامريكا والامبريالية والراسمالية! باتاكيد ان الاحتلال عامل يزيد من الاضطهاد ولكنه ليس العامل الرئيسي والوحيد في قهر المراة.
ونلاحظ التناقض في اقوال الكاتبة فتارة تعتبر صدام مستبدا مع معارضيه وتارة ديمقراطيا يمكنه الاستماع اليهم فتقول: "كان لصدام حسين أعمال وطنية هامة كما كانت له أخطاء كبيرة , أولها الاستبداد وقهر من يختلف معه , كذلك موقفه السياسى المتناقض من الحكومة الأمريكية , تارة معها وتارة ضدها , لو أنه استمع الى معارضيه المخلصين داخل العراق ربما أنقذ العراق من الاحتلال الأمريكى العسكرى الاقتصادى" الحوار المتمدن - العدد: 3123 - 2010 / 9 / 21 كيف تتصور المفكرة ان الديكتاتور كان عليه ان يستمع الى معارضه لقد اعدم افراد اسرته واعدم الآلاف من معارضيه.
علينا الاعتراف بان المعاناة اليومية للفرد العربي المسلم , المسيحي, اليهودي وبقية المذاهب الاخرى في المجتمع العربي لها علاقة وطيدة وبشكل رئيسي بالنصوص الدينية اولا والثقافة العربية الاسلامية ثانيا وبالاستبداد الداخلي من قبل الحكام العرب الديكتاتوريين الى جانب المتشددين من رجال الدين اواصحاب الايديولوجيات القومية واخيرا بالاستبداد الخارجي او الاحتلال. كل هذه العوامل هي اسباب اضطهاد المراة والرجل على سواء. وهي السبب في هروب المواطن من هذه المجتمعات وطلب اللجوء في المجتمعات الغربية الراسمالية مثل امريكا. حتى أن المسلمين المتشددين لايستطيعون ممارسة حياتهم وعقيدتهم الاسلامية في المجتمعات العربية الاسلامية ولهذا يلجؤن الى الغرب الرأسمالي وقد طالبوا من الامرييكين ان يسمحوا لهم ببناء مسجد كبير في نفس المكان الذي قتل فيها الامريكان من قبل القاعدة.

وتنتقد الكاتبة نوال السعدواي ديمقراطية الغرب في الانتخابات مثل الانتخابات الامريكية بعدم ديمقراطيتها على الرغم من فوز حاكم اسود اللون ولاول مرة في تاريخ امريكا بل وربطت الانتخابات بالدين المسيحي واليهودي. تقول:" فى الانتخابات الأمريكية أو الأوروبية تبدو الصورة الديمقراطية أكثر إتقانا، تتخفى أموال الشركات الرأسمالية الكبيرة التى تمول المرشحين والمرشحات، تتخفى المصالح والتحالفات المسيحية اليهودية وراء الشعارات الروحية وكلمة الرب، " الحوار المتمدن - العدد: 3131 - 2010 / 9 / 21
وحتى الخيانات الزوجية في الغرب ميزتها الدكتورة نوال السعداوي عن الخيانات الزوجية في الشرق وما علاقة الشرق والغرب بنوعية الخيانة الزوجية بل لها علاقة بنوع الفرد تقول: " فى الغرب تصبح عمليات التزييف السياسى أو الاقتصادى أو الأخلاقى (ومنها الخيانات الزوجية) أكثر حصافة يصعب اكتشافها. و أمريكا لا يوجد بها حرية إعلام،" الحوار المتمدن - العدد: 2803 - 2009 / 10 / 18
ولكن الواقع عكس ذلك لان وسائل الاعلام الامريكية الغربية الراسمالية سباقة دوما في فضح حكامها فسرعان مافضحت علاقة الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون بعشيقته مونيكا لوينسكي (من ام روسية) و لم يتم اعتقال العشيقة او كم فمها ولحسن حظها انها لم تكن عشيقة صدام حسين او القذافي لذبحت على الطريقة الاسلامية او رميت بالحجارة.
وتارة اخرى تصف الاعلام العربي فتقول :" إن الخداع الإعلامي في بلادنا اكثر سطوة, وأشد تأثيراً, لأن وسائل الاستبداد والحبس والقمع في بلادنا أشد ضراوة الحوار المتمدن - العدد: 1022 - 2004 / 11 / 19
اما في وصفها التفصيلي والمطول في مقالاتها عن مكياج الوجه والملابس الضيقة والقصيرة وتسريحة الشعر وماذا يظهر من الجسد للنساء اللواتي وصلن الى مراكزعليا في المجتمع امثال سارة بالين او هيلاري كلينتون او كوندالينا رايز وغيرهن من مذيعات جعلني اقع في حيرة من موقف الكاتبة نوال السعدواي من تحرر المراة او مع عدم تحرر المراة.
فالغرب ايضا مقرف في نظر الكاتبة رغم لجوء كل من له قدرة من العرب والمسلمين اليه تقول: " أننى قرفانة أيضاً من المجتمع الأوروبى والأمريكى» العالم كله يحكمه نظام أبوى رأسمالى ذكورى عنصرى" الحوار المتمدن - العدد: 2803 - 2009 / 10 / 18
نرى هناك تناقضات عديدة في أرائها وبوضوح خاصة في اثر الدين على اضطهاد المراة. فما هي اسباب هذه التصريحات وتناقضاتها هل وقعت الكاتبة في تناقض شخصي مع نفسها ام هو الخوف من عقاب الاسلاميين المتشددين ام إنه عصر الزهايمر الفكري كما كتب الكاتب الاستاذ سيمون خوري ؟
مكارم ابراهيم
24 سبتمبر ايلول 2010