العاطلات عن العمل العربيات لم يسمعن بانخفاض البطالة بين النساء



ميخال شفارتس
2010 / 9 / 28

عاملات زراعة منظمات في نقابة معًا
في أعقاب المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية والتي تطرّقت إلى الربع الثاني من السنة، برزت في الصحف الاقتصادية عناوين متفائلة تبشّر بانخفاض معطيات البطالة عامّةً وانخفاضها حتّى النسبة التي كانت قبل الأزمة الاقتصادية العالمية (%6.2 من مجمل القوى العاملة المدنية)؛ كما تبشّر "بانقلاب جنسوي" ابتداءً من النصف الثاني من سنة 2009: لأوّل مرّة في تاريخ الدولة تقلّ نسبة البطالة بين النساء عن نسبتها بين الرجال. لأوّل وهلة، لدينا هنا أخبار سارة، ولكن فحص العوامل الأخرى يكشف وضعا مختلفا.

أوّلاً، اتّضح أنّ الانخفاض في البطالة ناجم عن الانخفاض في نسبة المستخدَمين في الوظائف الكاملة، وعن ارتفاع ملحوظ في نسبة العاملين الذين تمّ استيعابهم في الوظائف الجزئية. معظم المستخدَمين في الوظائف الجزئية بحثوا عن وظائف كاملة، لكنّهم اضطرّوا إلى الاكتفاء بوظائف جزئية. عدد المستخدَمين في وظائف جزئية ضدّ رغبتهم ارتفع في الربع الثاني من سنة 2010 إلى 121 ألف عامل! وكما توقّعنا، نسبة النساء اللواتي اضطررن للعمل بوظائف جزئية أعلى بكثير من نسبة الرجال، وتبلغ حوالي %7 من مجمل المستخدَمات (مقابل حوالي %2 لدى الرجال)، ويعني هذا أنّ هناك عددًا أكبر من النساء العاملات الفقيرات. صحيح، نسبة العاطلات عن العمل انخفضت، لكنّ نسبة العاملات الفقيرات والعائلات الفقيرة ارتفعت.

ثانيًا، معطيات مصلحة الاستخدام تشير إلى نسبة بطالة عالية في البلدات العربية وفي مدن التطوير. حسب المعطيات، بلغت أكبر نسبة بطالة في حزيران من السنة الحالية في رهط (38.7%)، وفي أمّ الفحم (30%)، وفي سخنين (26.6%)، لكنّ البطالة بلغت أيضًا في مدن يهودية مثل ديمونة وأوفكيم نسبة 14.6% وَ 13.7% بالتلاؤم. والمشكلة الأشدّ هي أنّ نسبة البطالة العالية في هذه البلدات وفي مثيلاتها هي معطى ثابت منذ سنوات طويلة. الأمر الذي يساهم في ارتفاع نسبة البطالة في البلدات العربية هو أنّ 83% من النساء العربيات لا يشاركن في سوق العمل، بسبب عدم توفّر أماكن عمل في هذه البلدات وعدم توفّر وسائل مواصلات إلى مراكز العمل.

الاستنتاج من هذه المعطيات واضح: النموّ اقتصادي انتقائي للغاية، ويحدث في مركز البلاد فقط، ولا يشمل البلدات النائية البعيدة عن المركز، بما فيها البلدات العربية، هذه البلدات التي تعاني من البطالة والفقر. زيادة التصدير الملحوظة في شهرَي أيّار وحزيران كانت في فرع الهاي- تك، وبلغت نسبته 51%. أما الصناعات التقليدية، التي يمكنها أن توفّر مصدر رزق للنساء والرجال في ضواحي البلاد، فشهدت ارتفاعا بنسبة 8% فقط. من جهة أخرى يتواصل استيراد العمّال التايلنديين الذين يشكّلون 60% من القوّة العاملة في الزراعة، واستيراد العاملات الفلبّينيات اللواتي يشكّلن الأغلبية العظمى من القوّة العاملة في مجال مساعدة العجزة. كلّ هذه العوامل تساهم في تفاقم البطالة وبلوغها أوجها في البلدات العربية وفي ضواحي البلاد، وخاصّةً بين النساء، كما تؤدّي إلى انخفاض الأجور في هذه الفروع من الاقتصاد.

الرسالة وراء نشر المعطيات الأخيرة واضحة: في حين يتخبط الاقتصاد العالمي، وعلى رأسه الاقتصاد الأمريكي، في الأزمة الاقتصادية العالمية، يشهد الاقتصاد الإسرائيلي ازدهارا. الاستنتاج هو أنّ على الحكومة الاستمرار في تطبيق النهج الاقتصادي الحالي وتشجيع الصناعات المتطورة، ومواصلة استيراد القوّة العاملة الرخيصة للعمل في الفروع التي تحتاج إلى الأيدي العاملة.

ولكن النتيجة واضحة أيضًا: الطبقات الفقيرة تغوص في الفقر، والعاطلون عن العمل في الضواحي يغرقون في البطالة، والنساء العربيات مبعدات عن العمل، والفجوات في المجتمع الإسرائيلي تزداد اتساعا. المعطيات الأخيرة مضلّلة لأنّ المعجزة الإسرائيلية لن تستمرّ إلى الأبد. إذا كنّا جزءًا من الاقتصاد العالمي، فمشاكله مشاكلنا. الكساد الاقتصادي مقبل علينا ويهدد بارتفاع نسبة البطالة. الانتعاش الانتقائي للاقتصاد إنما يزيد الفجوات بين الرجال والنساء، بين اليهود والعرب، بين المركز والضواحي. عندما يأتي الانهيار فإنه يضرب الجميع، ولكنه يبدأ دائما بالفقراء.

ميخال شڤارتس هي مركّزة منتدى نساء "معًا"، وعضو في "الائتلاف النسائي من أجل التشغيل العادل".