النساء و أزمة الحضارة



المناضل-ة
2010 / 9 / 28


تضافرت مخلتف أوجه الأزمة الشاملة للرأسمالية اليوم لتؤكد أننا إزاء أزمات اقتصادية وايكولوجية و اجتماعية منظومية تشكل بتداخلها أزمة حضارة. في هذا المقال نهدف إلى تبيان كيف أن هذه الأزمة تمس النساء أساسا.





قبل بداية الأزمة، كانت النساء دوما أكثر عرضة للغبن، و ليس مفاجئا إذن أنهن أكبر ضحايا النتائج الكارثية لهاته الأزمة. فبالرغم مما تحقق من تقدم بفضل نضالات النساء، تظل دونيتهن في سوق الشغل انعكاسا لقسمة العمل الجنسية و لمكانتهن الأدنى داخل الأسرة الرأسمالية البطريركية.

تواصل الأسرة، بتضافر مع نظام التعليم، إعادة إنتاج فكرة أن النساء أدنى بشكل أساسي من الرجال –أو أن ولديهن، في أحسن الأحوال مؤهلات تميزهن للعناية بالأطفال والعجزة- وبناء على هذه الفكرة عادت الدولة للاقتطاع من الخدمات العامة. فيما تظل الأسرة المكان الرئيسي لقمع النساء وتعنيفهن.

ومن المؤكد أن ما يُجرب عليهن اليوم، كي لا يتحمل الرأسماليون تكاليف الأزمة، سُيعمم غدا على مجمل الطبقة العاملة، كما رأينا في جملة أمثلة أخرى، وبخاصة في العمل الجزئي. و يتعين علينا، ردا على هذا الوضع، أن نراعي اضطهاد النساء الخاص في مطالبنا، بما نحن منظمة سياسية وكذا في النضالات والتعبئات. هذا يعني أننا سنضع بالمقدمة في بعض الحالات مطالب خاصة بهن (الإجهاض، وحقوق التقاعد، على سبيل المثال)، و أن نأخذ أيضا بعين الاعتبار وجهة نظرهن في كل تصوراتنا.

فمثلا، إذا كان مطلب خفض ساعات العمل في اليوم/الأسبوع في مصلحة الأجراء فانه مهم بوجه خاص بالنسبة للنساء اللائي يقمن بيوم عمل مزدوج. مثال آخر: نتيجة للأزمة المالية نطرح مطلب تأميم البنوك كأولوية، مع علمنا بان الأزمة الاقتصادية ليست أزمة بنكية فقط. لكن النساء بما هن الأشد فقرا داخل الطبقة العاملة، هن الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار الفائدة و ومن تضييق تسهيلات التسليف. جلي أن سياق صياغتنا لهذه المطالب متباين حسب البلدان، ويجب أن تجيب هاته المطالب على الواقع الملموس لاشتغالنا. وإن برنامج رفاقنا ببلجيكا في انتخابات 2009 الأوربية تحت شعار«أوربا اشتراكية بيئية إما ان تكون نسوانية أو لا تكون» مثال جيد بهذا الصدد.

تشارك النساء في مقاومة الهجمات والنضال من أجل عالم آخر اشتراكي بيئي ونسواني، الذي بات ضروريا أكثر فأكثر في حياتنا اليومية. وإن تنظيمهن الذاتي حاسم لضمان النصر . وليس ما حققت نساء الإكوادور من مكاسب في المجلس التأسيسي وفي الحملة ضد الديون العمومية منة من الرئيس كوريا Correa بل ثمرة تنظيم ذاتي للنساء خلق ميزان قوى سمح بالانتصار.

النساء وتبدل المناخ

تعيش أغلبية نساء بلدان الجنوب في الفقر و اللامساوة وهن أول ضحايا أزمة المناخ، الناتجة عن نفث غازات الاحتباس الحراري في بلدان الشمال أساسا. إذ أن 80 % من 1.3 مليار شخص تحت عتبة الفقر في العالم هن نساء. تنتج النساء في الجنوب 80% من الغذاء. و للتصحر وفقد موارد الماء....الخ تأثير كبير على حياتهن اليومية. و عندما يضطر الناس إلى مغادرة أماكن عيشهم لأنها لم تعد تنتج غذاء بفعل تبدل المناخ ، ستكون النساء وأطفالهن أغلبية المهاجرين-ات.

سجل تقرير «رياح التغيير: التغير المناخي والفقر والبيئة بالمالاوي» الذي نشرته منظمة أوكسفام في يوليو 2009 أن النساء أول ضحايا تبدل المناخ بسبب الأدوار المتعددة المنوطة بهن بما هن فلاحات ومنتجات للغذاء والماء وحطب التدفئة ورعاية الأطفال. كما يشرح التقرير غياب أي سلطة قرار لدى نساء المالاوي و أن تبدل المناخ يفاقم أوجه التفاوت. و يضيف أيضا أن اشتداد الفقر يضغط بكل ثقله على النساء نحو الدعارة سبيلا للحصول على القوت، ما يزيد خطر الإصابة بفيروس السيدا. وارتفاع الإصابة بالفيروس يضعف بدوره مقاومة السكان للصدمات المناخية.

في العام 2008، ارتفع عدد ضحايا سوء التغذية من 800 ألف إلى أكثر من مليار شخص. و في الآن ذاته عادت إلى الظهور أمراض كالكوليرا يمكن تجنبها تماما لكنها عادت في أزمة الحضارة هذه. إن معركة النساء من أجل الولوج للتعليم العمومي و العلاجات الصحية، بما فيها الإجهاض ومنع الحمل والتربية الجنسية ،عنصر أساسي من أجل النضال ضد الأزمة المناخية بالجنوب. وتتبوأ النساء طليعة الحملات من أجل الدفاع عن هذه الحقوق الأساسية وتوسيعها.

في مواجهة الأزمة، تدعي الإجابة المالتوسية الجديدة أن عدد سكان كوكبنا يفوق المحتمل. إنها تسعى إلى تقييد حق النساء في التصرف بأجسادهن، إنها إجابة عنصرية لان النمو الديموغرافي أكبر في بلدان الجنوب. إننا نناضل من أجل توسيع حقوق النساء في التحكم في خصوبتهن، ونناضل في الآن ذاته من أجل القضاء على الفقر،الوسيلة الوحيدة لخفض الضغط الديموغرافي. ونناضل أيضا ضد نمط الاستهلاك الرأسمالي، القائم على استهلاك مواد بلا قيمة استعمالية ومضرة بالبيئة.

التأثير المتزايد للبزنيس الزراعيagrobusiness، وإنتاج الوقود الحيوي وبيع الأراضي للشركات متعددة الجنسيات من أجل مواصلة استخراج البترول وثروات أخرى هي أصل فقد صغار المنتجين الأرض والاكتفاء الذاتي، وأغلبهم نساء من الجماعات الأصلية في الغالب. كما تدمر المبيدات الزراعية إنتاج المنتجين الصغار الإحيائي. تقوم النساء الأصليات والنساء المزارعات بدون أرض بدور مركزي في الدفاع عن نظام بيئي غابوي ضد الحكومات التي تريد بيعه لمن يدفع أكثر وللشركات متعددة الجنسيات التي تطمح لاستعماله في إنتاج الوقود الحيوي و استخراج ثروات أخرى كالماء والخشب الاستوائي (ذي النمو البطيء جدا ) و كذا البترول ومعادن متنوعة. و إن نضالات نساء منظمة بيا كامبسينا بالبرازيل اللائي أتلفن مزارع أوكاليبتوس (شجر للتزيين يزرع عادة في المناطق الحارة) الخاصة بأراكروز سليلوزا Aracruz Celulosa مثال ناجح عن دور النساء القيادي في الدفاع عن المحيط الحيوي .كما كان لهن دور مركزي في العديد من نضالات السكان الأصليين دفاعا عن أراضي الأسلاف.
خفض استهلاك الطاقة بوقف فروع الإنتاج المبذرة ، منها صناعة الأسلحة والصناعة النووية وصناعة الإعلان التجاري وتوسع النقل الجوي.
إعادة توطين الإنتاج بما فيها الزراعة.
وقف استعمال المصادر الطاقية الخطيرة وتوسيع مجالات استعمال الطاقات المتجددة.
نقل عمومي مجاني و بجودة عالية.

النساء والأزمة الاقتصادية

زادت العولمة النيوليبرالية بشكل ملحوظ انتشار العمل الهش مع عقود العمل قصيرة الأمد والانتشار الواسع للعمل الجزئي. وامتد في الآن ذاته الاقتصاد غير المهيكل من الجنوب ليشمل مناطق في الشمال و قطاعات كانت في السابق داخل القطاع المهيكل.

أغلبية العاملين في الاقتصاد غير المهيكل أطفال و نساء. فعلى سبيل المثال، يكد من1إلى2 % من سكان المدن في العالم لكسب عيشهم بفرز النفايات في المزابل، وأغلبيتهم نساء و أطفال. وقد تقلص بسبب الركود، وخصوصا في الصين، الطلب الصناعي على الورق المعاد تدويره. ما يعني أن أسعار تلك المنتجات في انخفاض كبير، ومن ثمة ستواجه قطاعات السكان التي تعيش من جمع الورق المستعمل وبيعه مصاعب أعظم للبقاء على قيد الحياة.

خلال الركود، ترتفع وتيرة تسريح العمال في القطاع غير المهيكل، وتنتقل في الآن ذاته بعض الأشغال من القطاع المهيكل نحو القطاع غير المهيكل. وشهدت الصناعات التصديرية بالجنوب كقطاع النسيج الذي يشغل نسبة هامة من النساء تطورا سريعا: في السنوات السبع الأخيرة، تم خلق أزيد من 100الف فرصة عمل جديدة بإفريقيا مثلا. لكن الأزمة أدت إلى انخفاض قوي للطلب. و بالفلبين تم فقد 42ألف فرصة عمل في يوم واحد في قطاع النسيج والصناعة الاليكترونية حيث أغلب الأجراء نساء (تقرير منظمة أوكسفام عن الأزمة الاقتصادية، مارس2009).

إن الصناعة التحويلية المصدرة قطاع تنعدم به عمليا حقوق العمال، ما يعني أن النساء اللائي فقدن به عملهن لا يحصلن على تعويض عن الطرد، ولا على دخل بديل من صندوق الضمان الاجتماعي. وحتى عند وجود هاته الحقوق على المستوى القانوني،يتجاهل أرباب العمل واجباتهم بفعل غياب منظمات عمالية لفرض تطبيق تلك الحقوق.

كان انتشار السلفات الصغرى مهما لعدد متنام من نساء بلدان الجنوب اللواتي كسبن بعض الاستقلال الاقتصادي. لكن الركود الاقتصادي قلص جدا إمكان الحصول على سلف، ما أثر سلبا على استقلالهن الاقتصادي وبالتالي الاجتماعي والسياسي. و أدى فقد العمل في القطاع المهيكل بسبب الأزمة إلى نتائج متباينة ببلدان عديدة. فأغلب شغيلة صناعة السيارات -وهي من القطاعات الأشد تضررا- ذكور. وفي بعض المناطق، في بلدان مصنعة من العالم الرأسمالي المتقدم عموما والتي مستها الأزمة بشكل كبير، ثمة فقد مهم لفرص العمل في قطاع الخدمات وهو قطاع أغلبية عماله نساء. ومن المرتقب أن يتضرر عما قريب هذا القطاع ببلدان أخرى.

بالرغم من صعوبة إيجاد أرقام حول معدلات بطالة النساء والرجال، يبدو أن الفرق لم يرتفع. لكن الأمر سيتغير فور حصول عواقب أعظم للأزمة على قطاع الخدمات. و حسب منظمة أوكسفام، أغلب فرص العمل المفقودة بالجنوب خاصة بالنساء، أما في الولايات المتحدة فقد ارتفعت البطالة في صفوف النساء بشكل سريع مقارنة بالرجال في مايو 2009 (5.6% للنساء و4.1% للرجال- Womenstake.org). لا تزال النساء العاملات ضحايا الميز عندما يكن حوامل، بالرغم من الحماية القانونية القائمة في البلدان الرأسمالية المتقدمة. إن احتمال الحمل هو الدافع في الواقع إلى أشكال الميز ضد النساء البالغات سن الإنجاب. ويبدو أن هذا الوضع تفاقم مع الركود في بريطانيا. هاكم ما كتبه التحالف ضد الميز أثناء الحمل وهو تكتل لعدة مجموعات تقوم بحملات حول هذه المشكل:

«ثمة ارتفاع مخيف للتسريحات في صفوف النساء الحوامل و الأمهات الشابات. يبدو أن بعض المشغلين يستغلون الركود الاقتصادي لانتهاك القانون ضد الميز. فمع الركود الاقتصادي تتلقى منظماتنا عددا متزايدا من المكالمات من نساء حوامل وأمهات شابات ضحايا الميز. و لدينا حالات ملموسة لنساء تم تسريحهن بسبب حملهن أو لأمهات عدن من عطلة الأمومة ليفاجأن بفقد عملهن». «قبل الركود ،قدرت لجنة تكافؤ الفرص عدد المسرحات من النساء الحوامل بـ 30الف في السنة، و يُحتمل أن يرتفع هذا العدد . ليست عاقبة الركود الصادمة هذه غير أخلاقية وضارة بمساواة الأنواع في أماكن العمل وحسب، إنها أيضا غير قانونية». (http://www.fawcettsociety.org.uk/documents/AllianceAgainstPregnancyDiscrimination.pdf) وكانت أول أمارة بارزة للازمة الحالية،أزمة القروض عالية المخاطر (سوبرايم) بالولايات المتحدة، قد مست النساء بوجه خاص – لا سيما النساء غير البيض. وإن نسبة 32% من القروض العقارية لدى النساء هي قروض عالية المخاطر مقابل نسبة 24% لدى الرجال؛ و لمالكي المنازل الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية أو اللاتينية احتمال زائد بـنسبة 30% للحصول على قرض عالي المخاطر (عن مؤسسة من أجل النساء Foundation for Women).

خلال فترة الركود الاقتصادي، ترتفع بالطبع معدلات الفقر وتعرف أسعار المواد الأساسية كالغذاء والنقل والطاقة ارتفاعا أيضا، كما يزداد عدد الأسر الفقيرة. وعندما تسقط أسرة ما في الفقر يصعب أن تخرج منه. فـنسبة 60% من الأسر التي يوجد دخلها ضمن 20% الأكثر انخفاضا، تبقى في هذا الوضع خلال السنوات العشر الموالية.

علمنا التاريخ انه عندما تفقد النساء أي آفاق للعمل، ولو في القطاع غير المهيكل الذي تتضخم صفوفه أكثر فأكثر، فإنهن يتجهن إلى الزواج وتربية الأطفال كبديل وحيد مقبول. في حين ستضطر أخريات لبيع أجسادهن من أجل الحفاظ على سقف يأوي أبناءهن.
تأميم البنوك تحت رقابة شعبية،وتوسيع تموين السلفات الصغرى ورفع المساعدات الحكومية بالخصوص للنساء.
خفض ساعات العمل اليومية/ الأسبوعية دون خفض الأجر.
الغاء العمل بالعقد محدد المدة والمطالبة بعقود عمل دائمة تضمن كل الحقوق لكل الأجراء.
ضد كل تمييز في أماكن العمل بما فيها التمييز على اساس النوع أو قانون الزواج أوالعمر أو الميول الجنسية.
خلق فرص عمل جديدة مفتوحة للرجال والنساء على حد سواء.
ضد أي ميز فيما يتعلق بالتقاعد والتعويضات الاجتماعية.

النساء والخدمات العامة

إن الدفاع عن الخدمات الأساسية- في المقام الأول الماء لكن أيضا الكهرباء والسكن والنقل - تحت رقابة عمومية و باسعار مناسبة -أو مجانية من الأحسن - هو أمر أساسي. تقوم النساء غالبا بأدوار قيادية في النضالات من أجل توسيع هاته الخدمات الأساسية والدفاع عنها، من النضال الظافر ضد خصخصة الماء بكوتشابامبا (بوليفيا) إلى النضالات ضد خصخصة سكك الحديد وزراعة الأرز والقطن بمالي.

لن تشهد الأزمة الاقتصادية التي نواجه اليوم أي توقف للسياسات النيوليبرالية القائمة على الخصخصة والهجوم على الخدمات العامة. ويمس هذا بوجه خاص النساء اللائي يشكلن أغلبية الأجراء في القطاع العام و المجموعة الأكثر ارتباطا بهذه الخدمات. ويشكل الهجوم على الأنظمة الصحية بأوربا مثالا دائما. فبفرنسا تغلق مدارس الحضانات العامة والمجانية أبوابها بوجه الأطفال البالغين سنتين وما فوق، لصالح حدائق أطفال خاصة و مؤدى عنها، ما يؤدي إلى فقدان فرص عمل في القطاع العام ويرفع السعر المدفوع للتكفل بالأطفال.

وبالمكسيك أدى تخلص الدولة من عدد متزايد من مراكز الأطفال الصغار لصالح الخواص إلى تردي جودة الخدمات، و النتيجة المفجعة هي وفاة 48 طفل في يونيو 2009في حريق بمركز أطفال بمدينة هيرموسيلو-سونورا. والمركز في ملكية عضو بعائلة رسمية تتقلد مكانة كبيرة في الحكومة، و في وجه الرشوة وإفلات المسؤولين من العقاب، أدى هول صدمة الرأي العام إلى حركة أفقدت الحزب المسيطر منصب حاكم المدينة لكن المجرمين لم يحاكموا.

في البلدان التي تعترف بحق الإجهاض (بشروط معينة)، كان للاقتطاع من الخدمات الصحية انعكاسات على استفادة النساء من حق الإجهاض ومنع الحمل. وأصبحت مراكز استقبال ضحايا الاغتصاب و العنف وخدمات أخرى للنساء تتلقى مساعدات اقل؛ فبمبرر الضرورة الاقتصادية، سيجد الذين يعتبرون تلك المراكز غير ضرورية والذين لم يوافقوا عليها إطلاقا الفرصة مواتية لقطع المساعدات عن هاته المشاريع.

وتعرضت الخدمات الاجتماعية المقدمة للأفراد للخصخصة بشكل متزايد في أوربا بكاملها: وتلك حال فرنسا والسويد وبلجيكا وبريطانيا بالأقل. يتعلق الأمر بأجيرات العمل المنزلي (تنظيف البيت والفراش، إعداد الطعام ،العناية بالأطفال وأحيانا المعاقين وكبار السن) لدى العائلات الميسورة (و المنظم سواء من طرف الدولة أو من طرف مقاولات خاصة). تشتغل هاته النساء أحيانا في خمسة أماكن مختلفة بساعات عمل محدودة جدا في كل مكان، وساعات تنقل بين تلك الأماكن بطول ساعات العمل نفسها أحيانا. و لهذه الأعمال وضع متدن جدا، حيث الحماية الاجتماعية ضعيفة و يستعمل تطور هذه الخدمات ذريعة لقضم الخدمات العامة لا سيما في قطاع دور التقاعد.

ينتج عن تدني الأجور البالغ بهذا القطاع فقر النساء العاملات به. و يضطر العاطلون،بالنظر إلى"إصلاحات" أنظمة الحماية الاجتماعية بعدة بلدان ،إلى قبول أي عرض عمل مخافة فقد تعويضاتهم؛ وبات من الصعب أكثر فأكثر رفض هاته الأعمال مادام بوسع أرباب العمل الحصول على قوة عمل أرخص فأرخص. كما تؤدي هذه التطورات إلى تعمق الفروق بين النساء اللائي لديهن سلطة اقتصادية واجتماعية أكبر و يصبحن مشغلات لنساء –غالبا سود ومهاجرات-لا سلطة لهن. -من أجل الدفاع عن الخدمات العامة وتوسيعها تحت رقابة الأجراء و مستعمليها. -من أجل توسيع للخدمات العامة الخاصة بالاطفال الصغار بجودة عالية.

النساء و الهجرة

تضاعف العدد الإجمالي للمهاجرين-ات عالميا خلال الأربعين سنة الأخيرة فيما ظلت نسبة السكان العالمية المهاجرة ثابتة. يبلغ عدد المهاجرين العالميين حاليا 175مليون أي ما يقارب 3.5 في% من سكان العالم. و ما يناهز النصف نساء، بالرغم من الفكرة الرائجة عن كون أغلب المهاجرين رجال. وفي معظم الحالات تجري الهجرة نحو بلدان متاخمة، وثمة حركات هجرة داخلية في بعض البلدان و هجرات نحو قارات أخرى.

ولأموال المهاجرين المرسلة إلى البلد الأصل دور أساسي في اقتصاد عدة بلدان بالجنوب. فعلى سبيل المثال بلغت تلك الأموال عام 2008 بالفلبين 16.4 مليار دولار أمريكي، وفي مارس 2009 كانت المبالغ المرسلة 1.47ملياردولار. تمثل هذه الاموال أكثر من 10 % من الناتج الداخلي الإجمالي بسبع بلدان من أمريكا اللاتينية و الكاريبي، متجاوزة بكثير عائدات أهم الصادرات. وسترتفع هجرة النساء مع تعمق الأزمة لعدة أسباب: تعذر إيجاد عمل أو عدم كفاية المتوافر منه لإعالة الأسرة. ثمة بالفلبين 4.5 مليون أسرة لا تستطيع الحصول على الحد الأدنى من التغذية.

معظم المهاجرين نساء في بعض الحالات:تمثل النساء المهاجرات في الفلبين مثلا نسبة 70% من عدد المهاجرين الإجمالي، ويشتغل جلهن في الأعمال المنزلية سريا. ويعمل فرع الأممية الرابعة بالفلبين من أجل تنظيم المهاجرات الفلبينيات بأوربا ومن أجل محاولة اكتساب حقوق لهن.

نساء الفلبين، مثل عدد كبير من نساء آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية، عاملات بيوت يشكلن حلقة في نظام العناية المنزلية بشكل إجمالي. تسعى نساء العالم الأول إلى التحرر من العمل المنزلي، ومواصلة مسار مهني في المجال العمومي. ويبحثن عن نساء أخريات للقيام بالمهام المنزلية. هكذا تقوم هجرة العاملات المنزليات على طلب صادر من قسمة العمل حسب النوع الاجتماعي، في البلدان المستقبلة للمهاجرات. وللنساء الفلبينيات اللائي يستجبن لهذا الطلب أطفال في المنزل هن أيضا. ويتعذر عليهن بالنظر إلى قسمة العمل داخل البيوت، مطالبة الزوج بالقيام بالأشغال المنزلية.هذا علاوة على أن الأزواج أنفسهم مهاجرون في قطاع البناء.

و الحل بالنسبة للنساء المهاجرات هو أن يشغلن بدورهن امرأة خادمة في البيت. و ثمة في الأسر غير المهاجرة كذلك، وحيث الأم غائبة، طلب على العناية بالأطفال.وبفعل عجز هذه الأسرة عن تحمل تكاليف تشغيل خادمة بالبيت، يلقى هذا العمل على كاهل البنت الأكبر.

في نهاية هذه السلسلة العالمية، ستعتني الفتاة الكبرى بأخواتها وإخوانها، وسيكون لديها وقت فراغ أقل للعب وللدراسة وللعمل خارج المنزل، و في الغالب تتكلف الجدة أيضا بأطفال المرأة المهاجرة. ما يخفض الضغط على الأطفال الأكبر لكن هذا يستتبع ان الجدات تعشن 40 او50سنة مثقلات بضرورات العناية بالأطفال وتربيتهم. وتشعر كل امرأة، عبر كل حلقات هذه السلسلة، أنها تقوم بواجبها، و ُتمرر التكاليف المخفية وفي النهاية نصل إلى البنت الأكبر غير المهاجرة. وتتدنى قيمة العمل المخصص للعناية بالأطفال ليصير في النهاية مجانيا.

تحرم أسر المهاجرين من الحنان ورعاية الأمهات اللواتي أصبحن سلعة في السوق العالمية بتشجيع ودعم من الدولة.

وقد جعلت رئيستا الفلبين، السيدة أرويو Arroyo و السيدة أكينو Aquino من المهاجرات "بطلات" بسبب تضحياتهن من أجل أسرهن ومن اجل تقدم الأمة بواسطة الأموال المحولة إلى البلد. وقد وعدت الرئيسة أرويو بلدان الشرق الأوسط بإرسال خادمات بيوت، فعالات وموثوقات. وليس حديث الرئيستين عن المهاجرات "البطلات الجديدة " سوى تملقا للمعاناة من شدة الاستغلال و الفراق.

تتم التضحية بالنساء المهاجرات على مذبح العولمة النيولبرالية. والعاملات منهن في البيوت ضحايا مباشرة للأزمة المالية الشاملة، ولا يستطعن حتى المطالبة بالتعويض عن الطرد ما دمن دوما تقريبا في السوق السوداء. وتتجاهل حكومة كالتي بالفلبين واجبات حماية مهاجري-ات بلدها المتضمنة في قوانينها الوطنية. فمنذ 2002على سبيل المثال أعدم 6 في المملكة السعودية عمال فلبينيين بينهم امرأة، وحوكم آخرون بالإعدام في جرائم لم يرتكبوها. كما أصبح العنف( الضرب ،الاغتصاب ،والاحتجاز بالقوة) متواترا اتجاه النساء المهاجرات العاملات كخادمات و القادمات من أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

لا يصبح حتما كل الأشخاص المنقلين عمالا مهاجرين. فثمة نساء ورجال وأطفال ُرحلوا بأعداد كبيرة، نتيجة الحروب- بما فيها الحروب الأهلية-، ونتيجة التغيرات المناخية حيت يتعذر العيش في المناطق التي كانوا يسكنون بها، أو هروبا من الاضطهاد السياسي أو من العنف الأسري أو من زواج قسري. و يهرب آخرون كُثر بما هم لاجئون سياسيون آملين الحصول على مكان آمن في البلد الملاذ. لكن للأسف يعامل معظمهم كمنبوذين-ات أو انتفاعيين-ات.

كما شهدت المتاجرة بالنساء تزايدا. و شكلها الأكثر شهرة تجارة الاستغلال الجنسي لا سيما للقادمين-ات من أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية وأسيا نحو أوربا الغربية. وعلى هذا النحو ُخلقت شبكة واسعة من عاملات جنس قسري. لكن عدد النساء اللواتي يتم بيعهن داخل بلدانهن لاستعبادهن بالعمل المنزلي يرتفع أيضا؛ حيث أبرز بحت أنجزته نسوانيات من البيرو مؤخرا أن أكثر النساء تعرضا للمتاجرة في بلداهن هن نساء أصليات تم اختطافهن وإرسالهن كعاملات إلى المدينة. وهذا ما يبين التفاوت المتزايد داخل البلد.

و للنساء اللاجئات وضحايا المتاجرة حقوق أقل من النساء العاملات المهاجرات. وأغلبية اللاجئات تبقى في بلدان الجنوب الأخرى. كما تدهورت في السنوات الأخيرة شروط حياة اللاجئين واللاجئات بالبلدان الرأسمالية المتقدمة بوضع اجراءات قمعية بأمريكا الشمالية وأوربا واستراليا بهدف إقصائهم ما أمكن. و اتخذ هذا أشكالا مختلفة: مصاعب أشق في عبور الحدود ، اعتقالات –بينهم نساء حوامل وأطفال من مختلف الأعمار – في شروط لا إنسانية وبلا حقوق اجتماعية في البلدان "المضيفة".

ليس أقصى اليمين وحده من اتخذ اللاجئين أكباش فداء للازمة بل كذلك ساسة أحزاب الأغلبية. فقد حاول بيرلوسكوني بكل كلبية، عبر التصويت على قانون استعجالي بايطاليا في فبراير 2009، اتهام اللاجئين ولا سيما الغجر بممارسة العنف ضد النساء، فيما يقوي سلطة الدولة.
ضد الاقتصاد اللاشكلي
من اجل تسوية أوضاع المهاجرين-ات.

الايديولوجيا

أزمة الحضارة هي أيضا محرك نمو الأفكار الرجعية. فسياسة برلوسكوني تلوم المهاجرين على كل مستتبعات الأزمة وتستعمل ذلك مبررا لسن قوانين قمعية –معادية إذن للمهاجرين- هو مثال أبرز. أصبح للدين سطوة متزايدة على أقسام مهمة من السكان ، وتشكل الأصوليات من كل الأديان الكبرى خطرا قائما. ويمثل جسد المرأة حلبة صراع عند كل الاصوليين.

والمثال البين تلك الكيفية التي استعملت بها العناصر الرجعية بالكنيسة الكاثوليكية بأيرلندا إمكان إجبار اتفاقية لشبونة ايرلندا على شرعنة الإجهاض لمساندة المعارضة الرجعية للاتفاق رغم انه لا يتضمن أي شيء عن الإجهاض. أمر أجبر الاتحاد الأوربي على إعطاء ضمانات صريحة بالا يلزم الاتفاق ايرلندا بالسماح بحق الإجهاض، مثلما سبق إرغامه على منح ضمانات حول مسألة استمرار حيادها.

ويستمر التواطؤ بين الحكومات اليمينية و السلطات الدينية من ايطاليا إلى إيران، بالرغم من التغيرات الحاصلة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن نتائج هذه التغيرات التخلي عن سياسة حكومة بوش التي رفضت للنساء تمويل مشاريع للتكوين حول موانع الحمل –وحتى خدمات الإجهاض. وهو ما سيكون له وقع ايجابي على حقوق النساء وبخاصة في أفريقيا .لكن اغتيال الدكتور تيلر Tiller، أحد الأطباء النادرين بالولايات المتحدة الذي يقوم علنا بعمليات إجهاض متأخر، أمر يجب أن يذكرنا بأن الأصولية لازلت حية بذلك البلد.

زد على ذلك التأثير السلبي العميق للنظرية الأصولية لنظام بوش على محاربة مرض السيدا بأفريقيا، حيث سببت تدمير حياة نساء عديدات. 61 %من مرضى السيدا بأفريقيا جنوب الصحراء نساء. و تفوق نسبة إصابة النساء الشابات بشكل كبير نسبة إصابة الرجال ببعض البلدان. ففي سوازيلاند على سبيل المثال، يمثل عدد إصابة النساء اللائي تتراوح أعمارهن مابين 15و24 سنة أربعة أضعاف عدد إصابات الرجال. ويشكل غياب التوعية حول انتقال المرض وجشع شركات الأدوية التي قيدت بصرامة الولوج إلى مضادات الفيروس الأسباب الرئيسية لهذا الدمار.

و في نيكاراغوا، تخلى الساندينيون عام 2008عن مبادئهم السياسية بصدد الإجهاض بهدف ربح الانتخابات بالرغم انه لاشيء يشير إلى أن ذلك سيرفع عدد أصواتهم. ولم يكتفوا بهجر مواقفهم السابقة بل قرروا متابعة الحركة النسائية بمحاكمة 9 مناضلات نسوانيات بسبب قيامهن بإجهاض علاجي لفتاة مغتصبة عمرها 9 سنوات. هل هي صدفة أن تدعم هاته النسوانيات بنت زوجة الرئيس أورتيغا التي اتهمته بالاعتداء الجنسي عليها؟

أتاح تواطؤ الحكومة اليمينية بالمكسيك سن قانون "الحق في الحياة "في 13ولاية، ما جعل تمديد حق الإجهاض حتى 12 أسبوع المعمول به في مدينة مكسيكو إلى المناطق الأخرى أمرا أصعب. أمكمن هذا لأن المكسب تحقق على صعيد البنيات الفوقية وليس بفضل تعبئات شعبية تغير وعي الناس بعمق.

واصلت حكومة لولا بالبرازيل وضع مساومة مع الفاتيكان إلى حد التفكير في إمكان إدراج التربية الدينية في البرامج المدرسية. وفي متم العام 2008 شكل رئيس البرلمان لجنة بحث حول الإجهاض، أوكل لها دراسة أمر تشريع يجرم النساء اللواتي يدافعن على قانون من أجل الإجهاض وحتى المجبرات على اللجوء إليه. زد على ذلك، استدعت محكمة إحدى الولايات أزيد من 10الف امرأة للمثول أمام القضاء بتهمة إجراء إجهاض بناء على سجلات عيادة طبية سرية.

وفي أفغانستان، وهو واحد من ثلاثة بلدان حيث تموت النساء أَبْكَرَ من الرجال، جرت مسخرة التصويت على قانون يشرعن الاغتصاب في إطار الزواج، و انصب النقاش حول بند يبيح للرجل قانونيا تجويع زوجته إذا رفضت مضاجعته. إنه البلد الذي أعلن فيه من بدأوا الحرب بعد 11 شتنبر 2001 بكلبية أن هدفهم منها الدفاع عن حقوق النساء، لكن الحكومة التي نصبوا رجعية ومرتبطة بالأصولية الإسلامية كسابقتها (التي كانت أيضا من صنع الامبريالية الأمريكية).

أقر الدستور الأفغاني الجديد "قانونا للأسرة " خاصا بالسكان الشيعة، وفي هذا الإطار يجري النقاش الحالي في سياق الإعداد للانتخابات. وكالعادة تستعمل حياة النساء و جسدهن استعمالا ادواتيا. وقد تنظمت النساء الأفغانيات للنضال ضد هذا الوضع –بدعم معنوي من نسوانيات بلدان أخرى – لكن الاحتجاجات تواجه بقوة من طرف الأصوليين.

ولكوننا نسوانيات، نواجه هجوما من مصدر آخر؛ إنه الأفكار "مابعد النسوانية" و"الذكورية" المنطلقة من اعتبار أن النسوانية " ذهبت بعيدا جدا". تستعمل هاته التيارات نظريات اختلافية différentialistes للهجوم على حقوق النساء الفردية من أجل الإجهاض والطلاق والاحتماء من العنف.
الفصل التام للديانات عن الدولة، و رفض تأثير الدين في صياغة القوانين وفي اقامة المصالح القضائية والصحية والتعليمية.
من أجل الحق في الاجهاض ومنع الحمل و التربية الجنسية.

العنف

يرافق أزمة الحضارة استلاب متزايد العمق، ومن ثمة ارتفاع لأشكال العنف على كل مستويات المجتمع. في الفضاء الخاص كما في الفضاء العام النساء ضحايا هذا العنف؛ حيث تموت امرأة كل ثلاثة أيام بفرنسا بسبب العنف الزوجي. و تؤدي الهيمنة الذكورية في العمل إلى عنف مادي/نفسي/جنسي أكثر انتشارا وتحتد هذه الظاهرة مع تعمق الأزمة.

و تمثل الحرب المثال الأكثر وضوحا وشراسة عن هذا العنف. وأصبحت منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ظاهرة عادية تضرب بقوة السكان المدنيين، وبالتالي تكون النساء والأطفال أكبر الضحايا. ومنذ حرب البلقان، وخلال حروب منطقة البحيرات الكبرى بإفريقيا فيما بعد، نلاحظ استعمال الاغتصاب سلاح حرب واسع الانتشار.

بفعل الأدلة حول حجم حالات الاغتصاب المقترفة من طرف القوات الصربية في البوسنة بين العامين 1992و 1995 اضطرت محكمة الجنايات الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى تناول تلك التجاوزات بشكل علني، وفي 1996 تم الاعتراف لأول مرة بالاغتصاب بما هو جريمة حرب.وحسب المجموعة النسائية Tresjevka احتجز الصرب أكثر من35 ألف من النساء والأطفال في "معسكرات اغتصاب". و قد تم اغتصاب النساء المسلمات والكرواتيات المعتقلات بشكل متعمد حتى يحبلن.

وهذا في إطار مجتمع بطريركي يعتبر الأبناء ورثة لأصل آبائهم العرقي. هكذا كانت غاية "معسكرات الاغتصاب" خلق جيل جديد من الأبناء الصرب، إنه حقا تطهير عرقي بوسائل أخرى. نفس الأهوال تعرضت لها نساء منطقة البحيرات الكبرى بأفريقيا. حيت أصبح جسدهن رهانا للصراعات لأنه وسيلة خلق أجيال جديدة، و في حرب عرقية يكون الهدف النهائي منع تكاثر العدو. لقد أضحى العنف الجنسي في هذا السياق إستراتيجية مقصودة وفعالة للحرب في تلك المنطقة .

تسعى الممارسات الجنسية العنيفة إلى إشاعة الخوف و الرعب لدى الضحايا و السكان عموما، لأنها لا تميز بين الأعمار حيث تعرضت صبيات عمرهن بعض أشهر و نساء 84 سنة لنفس أشكال العنف . و تقدر وكالات منظمة الأمم المتحدة التي عملت في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية أن حوالي 50 ألف امرأة تعرضت للاغتصاب مابين 1996و2002، وما يقارب 55في المائة من النساء تعرضن للعنف الجنسي في جنوب كيفو. ويقدر عدد النساء اللائي تعرضن للاغتصاب أثناء الإبادة الجماعية برواندا ب 250 ألف امرأة.

يشير تقرير لمنظمة العفو الدولية حول هايتي (نوفمبر 2008) إلى بروز ميل لدى مجموعة رجال مسلحين إلى مهاجمات الفتيات. لقد أصبح الاغتصاب سلاحا سياسيا أتناء التمرد الذي أطاح الرئيس اريستيد في2004 حيث بدأ المتمردون المسلحون يستعملونه لترهيب ومعاقبة النساء اللواتي دعمن الحكومة الديمقراطية. " بات الاغتصاب لدى العصابات الإجرامية ممارسة عادية شائعة" حسب التقرير.

كانت 55 % من 105 حالة اغتصاب مسجلة في نوفمبر 2008 فتيات دون 18 سنة .وفي العام 2007 سُجلت 238 حالة بينها 140فتاة بين 19 شهر و18 سنة. و يجري هذا كله بالرغم من تواجد القوات الأممية منذ 2004.

وتستمر معاناة النساء الفلسطينيات من جراء الاحتلال الإسرائيلي لا سيما بغزة. و في الغالب تصطدم النساء الحوامل، الموشكات على الحمل أو المحتاجات لعلاجات طبية أثناء الحمل، برفض العبور بنقط التفتيش نحو إسرائيل، فيما لا تتلقى مستشفيات غزة المواد الطبية الضرورية مع أنها ممنوحة من القوافل الإنسانية. و في ظل هذه الهمجية يتعرض عدد لا يحصى من النساء للإسقاط أو الموت. فخلال الحرب على غزة في بداية 2009 قتلت 192 امرأة. و تستمر عواقب الحصار الكارثية على كل المجتمع ،بما فيها صحة النساء والأطفال الجسدية والعقلية.

و نشهد في أماكن أخرى عواقب العسكرة الزاحفة على المجتمعات، ما أدى إلى تجريم متزايد للمجتمع المدني وقمع عنيف من طرف جهاز الدولة.

و يتزايد أكثر فأكثر استعمال العنف الجنسي بما فيه الاغتصاب . وقد شن البوليس بمدينة اتنكو بالمكسيك هجوما عنيفا على الحركات الاجتماعية خلف قتيلين واعتداءات جنسية على26 امرأة . وتمثل الحرب على المخدرات، بأمريكا اللاتينية خاصة، و الحرب على الإرهاب وجهين للعملة ذاتها .

رأينا أيضا التعذيب الجنسي الفظيع الممارس من طرف الجنود الأمريكيين- وضمنهم نساء- بسجن أبو غريب وبغوانتنامو. و تهدف هذه الاعتداءات على المعتقلين الذكور، ومن المفترض أنهم متدينون، بوضوح إلى إهانة الضحايا والاعتداء الجسدي عليهم.

ثم نرى أيضا صعودا جديدا للأحكام المسبقة –العنصرية، و معاداة السامية، و كره المثلية الجنسية و التمييز الجنسي– مع صعود رهاب الإسلام. و التعبير الأعنف عن هذه الأحكام المسبقة ماثل في تنامي عدد القتلى بسبب هذه المبررات.

أما فيما يتعلق بالنساء فثمة ظاهرة قتل النساء féminicide، التي ظهرت أول مرة بمدينة خواريز Juárez بالمكسيك مع بداية سنوات 1990 وتستمر حتى اليوم. وأصبحت هذه الظاهرة واضحة عندما تنظمت النساء للنضال ضدها بعد قتل مئات النساء لمجرد أنهن نساء. ولا ينحصر هدا الوضع على المدينة المذكورة فقط بل يطول كل أراضي المكسيك وحتى بلدان أخرى بأمريكا اللاتينية مثل غواتيمالا وسلفادور وهندوراس وكوستاريكا والشيلي والأرجنتين و اسبانيا. يجب النظر إلى قتل النساء بما هو تعميم (لا) منطقي لمختلف أوجه العنف اتجاه النساء وتطبيع لها. ومثل جرائم أخرى مشابهة يتم قتل النساء من طرف رجال لهم علاقات متنوعة مع الضحايا .
من أجل نظام دعم ومساعدة للنساء ضحايا العنف أو المهددات به، و من أجل مراكز للنساء، و الحق في سكن مستقل، و التعويضات الاجتماعية، ومن اجل تكوين ملائم للعاملين في المساعدة الاجتماعية والشرطة و العدل.

*هذه المساهمة حصيلة دورة تكوين خاصة بالنساء نُظمت بالمعهد العالمي للبحث والدراسات بهولندا في يوليو 2009، و اقترحت للنقاش في مؤتمر الأممية الرابعة العالمي السادس عشر من طرف هال(بريطانيا العظمى) و فيلومينا( فرنسا).