أمرأة مدهشة !!! وكأنها من كوكب آخر



نادر عبدالله صابر
2010 / 10 / 23

وأخيرا تم اللقاء الموعود بيني وبين سنان , بعدما دعوتها على مآدبة عشاء في مطعم هاديء قبل أمس... كنت قد حضرت نفسي جيدا لهذا اللقاء وذلك بمعاودة قرآئتي لمذكراتها التي بعثتها سابقا لي عن طريق النت( ليتك تعرفين يا سنان لكم اقدر وأثمن ثقتك الكبيرة بي, حينما جعلتني أطلع على هذه المذكرات المغرقة بالخصوصية !!! لعمري أن هذا جميل يطوق عنقي مدى الحياة.. لقد ادمعت مذكراتها عيني تأثرا بما مر بها , وتأثرا بثقتها الكبيرة بي !!! ) .

كنت بقمة الأثارة والحماسة والتشوق لهذا الموعد المرتقب وكأن الزمن قد أعادني مراهقا يواعد حبيبته لأول مرة.

نعم ... فلقائي مع سنان يختلف كليا عن اي لقاء أخر !! لأنها ومنذ تعرفت اليها قبل مدة وجيزة تقارب الشهرين , أصبحنا نتحدث يوميا عبر الهاتف وعبر النت وقد أتيحت لي الفرصة لأن اراها مرتين على عجل .

كم هي عظيمة ومدهشة سنان !!! كم تتمتع بروح اسرة مرحة( مرحة وتضحك وهي تتكلم باستطراد عما مر بها من ظلم وحيف وجور ) وبشجاعة منقطعة النظير رغم كل ما حصل لها من اهوال تنوء بها أعظم الرجال وأشجع الأبطال.

سنان امرأة مدهشة بكل المقاييس , فهي قد قادت سفينة حياتها ضاربة بعرض الحائط بكل ما يواجهها من امواج اجتماعية ودينية وعائلية , وتحدت كل الظروف حتى رست سفينتها بأمان وعزم وأيمان على شاطيء حياتها لتنعم بعدها بالهدوء والنصر المبين.
هناك قول مأثور أعجبني ( نسيت أسم قائله ) يقول : بأن الناجح من الرجال يصبح له اعداء كثر وأن الناجح من النساء( في مجتمعاتنا الأسلامية ) يصبح الكل اعداءه.

خلال العشاء كانت تسرد علي قصتها ببساطة متناهية بأنسيابية مرحة_ وضحكتها لا تفارق شفتيها _ ولم أكن اقاطعها الا لأقول لها : تناولي الطعام الذي سيفقد سخونته ؟؟ او ان اقول لها متشوقا ومتابعا لقصتها : طيب وماذا بعد ؟؟

يا الهي !!! لقد مرت ساعتان ولم اشعر بمرورهما الا كدقيقتين فقط !!! .

أما قصتها باختصار ( أو ملحمتها بالأصح )__أقسم صادقا لو أردت ان اكتب عنها بالتفصيل لأحتاج مني ذلك كتابة مجلدات بحالها__ :

سنان زوجها اهلها _بكل صفاقة وبرودة وخسة_ وهي في الرابعة عشر من عمرها لقريبها الذي لم يقدر طفولتها الغضة بل قام بممارسة رجولته المريضة عليها بالأهانة والضرب بدون ان يتدخل اهلها وأقربائها الذين اقروا بسيادة وقوامة الرجل .
من حسن حظها انها سافرت معه لأمريكا كمرافقة له حينما اراد اكمال دراسته هناك ....وهناك سنحت لها الفرصة الخرافية لتتعلم اللغة الأنجليزية ولتتفقه في حقوق المرأة بالرغم من صغر سنها .

كانت ومنذ بواكير عمرها مسلمة, متزمتة, مؤمنة ,ورعة, ملمة بالدين ,والعبادت, مع حرص مبالغ به في لبس الحجاب_ حتى في امريكا _ !!! لكنها سرعان ما أنقلبت راسا على عقب عندما ادركت زيف وكذب كل ما تعلمته, وبعد ذلك طلقت الدين طلاقا بائنا بينونة كبرى لا رجوع به ( هي تضحك كثير حينما تتذكر الوقت والجهد الذي بذلته في سبيل تلك السخافات والأوهام التي لا تساوي بنظرها قشرة بصل ) .

كانت سنان في الواحد والعشرين من عمرها حينما انفصلت عن زوجها الذي الذي حملها الذنب العظيم بعدم انجابهما أطفال !!! تخيلوا !!!! ياللقساوة !! يا للظلم !!! كانت كل فتاة في سنها ,وفي جمالها ,وفي وضعها, جديرة بأن تتحطم شظايا وتتناثر قطعا !!! لكنها أمتلكت الأرادة الحرة لأن تعيش كما يريدها عقلها الحر .

رجعت سنان الى اهلها مطلقة !!! أهلها يشعرون بالحرج من كون ابنتهم الخارقة الجمال مطلقة ( وهم السبب الرئيسي لذلك) ,ومن اول فرصة لاحت لهم زوجوها لرجل لا يملك من مقومات الرجولة الا كلمة رجل فقط , لكنها صبرت عليه صبرا عظيما, وأنجبت منه ثلاثة اطفال, وعند لحظة معينة طلبت منه الطلاق بكل بساطة لأنه رجل غامض غموضا عجيبا وهي لا تحب الغموض في الرجل أطلاقا ( وهي تقول بقناعة تامه انني لا احبه ولم احببه ابدا من قبل ,وهذا لوحده سبب كافي لأن أنفصل عنه ولا احتاج من أجل ذلك لمبررات أضافية ) .

سنان الطموحة جدا أصبح كل همها ان تهاجر باطفالها الثلاثة خارج الاردن حيث القيود الأجتماعية والعائلية والدينية التي لا تطيقها بتاتا !!! طموحها .. صلابتها ... قوة ارادتها .. تخلي اهلها عنها .. قيود المجتمع والدين .. كل هذا دفعها لأن تبحث عن مستقبلها ومستقبل اطفالها خارج بلادها

كان هناك رجلا يلاحقها ليلا نهارا , وكان كل همه الأستحواذ على جمالها الفتان, مستغلا توقها للهجرة , ولذلك عرض عليها مرافقتها في هجرتها, وعلى هذا الأساس تم الزواج !!!!! لكنه سرعان ما ابدى نواياه القبيحة بعد الزواج مباشرة ,حينما اعلن مباشرة عدم رغبته بالسفر ( تقول سنان ان تلك اللحظة هي التي كانت ستدمرني بل لقد حاولت الأتتحار لحظتها !!!! تتابع سنان قولها : ان الضربة التي لا تميت هي الضربة نفسها التي تشحذها بالعزيمة والأصرار والقوة) ..ه

صبرت بدهاء وأقنعت زوجها(أستعملت كل الخديعة والمكر من أجل اقناعه بذلك ) بالهجرة , وبالفعل هاجرت لكنها بهجرتها ذاقت من صنوف العذاب والشقاء أشكالا وألوانا ( لكم ان تتخيلوا امراة مع اربعة اطفال( طفلها الرابع كان من زوجها الثالث الذي غدر بها ) تهيم على وجهها بين المانيا والسويد والنروج بدون سند وبدون عائل!!!! والله ان ذلك لحمل تنوء به كل همم الرجال ويعجز عنه الأشاوس الأبطال لا بل..ان ذلك يشابه حدود الخيال !!!! ) .

وأخير تكللت جهودها بالنجاح ورجعت لبلدها سالمة غانمة حرة طليقة صاحبة ارادة وعزم مكونة نفسها بنفسها ممتلكة لمنزلها الخاص وسيارتها الخاصة ومتواصلة مع عائلتها التي نبذتها , بل هي الان التي تمد يد العون والمساعدة لأهلها !!! يا للمفارقة!!!! .

سنان بالفعل امرأة غريبة متمردة تعادل غابة من الرجال!!!!! فالحياة لا تنحني وتستكين الا لأصحاب الرادة الحرة والعزيمة التي لا تلين .

ملاحظة 1: قصة سنان هي قصة واقعية مئة المئة, ولم تحاول قط ان تزين وتجمل صورتها أمامي, بل كانت تسرد الوقائع بكل حيادية , حتى انها كانت تجد الأعذار للذين حاولوا تحطيمها .

ملاحظة2 : لا زالت سنان تمتلك الفتنة والجمال رغم بلوغها أواسط الربعين من العمر.

ملاحظة 3 : عرفت الكثيرات من المتعلمات والمتحررات لكنني لم اعرف ابدا بمن هي متمردة وتمتلك ارادة مثل سنان.