هل يحق لنا التدخل بحجاب المسلمة؟


مكارم ابراهيم
2010 / 11 / 6

ان عملية انجاب طفل الى هذه الحياة مسؤولية كبيرة لان هذا الطفل اما ان يكون مواطنا صالحا يخدم مجتمعه او يكون عالة او مجرما يخرب المجتمع. فهل يحق للدولة التدخل في قرار الام في انجابها للطفل خاصة اذا كانت الام مدمنة كحول او مريضة نفسية وغير جديرة بتحمل هذه المسؤولية ؟
هذه المشكلة الاخلاقية مازالت مثيرة للجدل في المجتمعات الاسكندنافية فعندما تحمل امراة مدمنة كحول أو مريضة نفسيا فهل يجوز اجبارها على الاجهاض ام يحترم قرارها في الحمل رغم عدم اهليتها لتربية الطفل واذا حافظت على الطفل ففي هذه الحالة على الدولة تقع مسؤولية رعاية الطفل من خلال تعيين مرشدة اجتماعية لمراقبة وضعه عن قرب.
في النرويج تجبر هذه المراة على الاجهاض حيث تعتبر الدولة انها غير جديرة بتحمل مسؤولية تربية الطفل تربية سليمة في حين انه في الدنمارك تحترم الدولة قرار المراة في انجاب الطفل على الرغم من تقييمهم بعدم جدارة المراة في تربية الطفل تربية صحيحة .وهنا تتدخل الدولة بالعناية بالطفل . و تقدم الدولة فحصا طبيا مجانيا للحامل في معرفة اذا كان الطفل يحمل جينات فيها اخطاء وطفرات وراثية تسبب له الاعاقة ورغم معرفة الام بان طفلها سيكون معاق لاتتدخل الدولة في اجبار الام على الاجهاض بل يترك القرار للام في الحفاظ على الطفل ام لا. نرى ان هذه القضايا تعتبر مشاكل اخلاقية مثيرة للجدل حتى يومنا هذا في المجتمعات الاسكندنافية. هل تدخل الدولة في قرار المراة اخلاقي او غير اخلاقي وذلك لانها تقف في المنطقة الحرجة gray zone حسب القوانين الاخلاقية في المجتمعات الغربية.

من خلال هذه المشكلة الاخلاقية اردت طرح فكرتي عن مدى اخلاقية الدولة اذا تدخلت في لبس المراة المسلمة . فهل يحق لنا التدخل بلباس المراة المسلمة لاننا نرى انه يعبرعن صورة لاضطهاد المراة و استعبادها وعن خلل في المعايير لديها وانها غيرجدية بتحمل مسؤولية اختيار دين معين؟ . ولكن علينا الانتباه هنا لان هذا يعني انه بالمقابل انه علينا التدخل في لباس المراة الفاضح لانه يعبر عن عدم توازن في المعايير لديها.
فهل نتصور أن المراة الاخيرة توافق على تدخلنا كي ننتظر ان توافق المراة الاولى؟
هناك بعض المسلمات يخترن لباسهن بانفسهن لسبب ما ربما لانه احبت هذه العقيدة التي تتناسب مع توجهاتها الفكرية او ربما لانها تريد كسب اهتمام رجل ما ,او محاولة منها للانتقام من ذويها الكارهين للاسلام او ربما لارتباطها برجل مسلم وترغب في ان تحقق له كل رغباته اذا الاسباب كثيرة .
وبالمقابل هناك طبعا المراة التي لاتريد لبس الحجاب او النقاب لكن فرض عليها بالقوة اما من ذويها او من المجتمع الاسلامي الذي تعيش فيه مثل ايران والسعودية حيث الدولة تتدخل بلبس المراة.

ان المجتمع الغربي يقدس الحرية ، وخاصة ( حرية المرأة الشخصية ) وهذ النقطة هي محور التباعد الفكري بين الدول الاوربية في التدخل بلباس المراة المسلمة.
ففي فرنسا اعتبرت الدولة انه من حقها التدخل بلباس المراة المسلمة ولم تحترم قرار المراة الشخصي وفي هولندا كذلك .
اما في الدنمارك فمازال هناك مبدا احترام حرية الفرد في العقيدة والملبس هو السائد والمقدس ولانعلم ربما تتغير المعايير الاخلاقية في الدنمارك يوما ما وتلغي مبدا احترام حرية الفرد في العقيدة والملبس .

اما لو اخذنا الرجل الشرقي بشكل عام فقد اعتاد بل تربى في بيئته الشرقية على احقيته بالتدخل في قرارات المراة و في لبسها ومكياجها وتسريحتها. ورغم وجوده في اوروبا واختلاطه بالقيم الغربية الا انه مازال ينهج نفس الطريقة ويتدخل بلبسها ويريد لها ان تخلع الحجاب والاسباب عديدة طبعا فليس بالضرورة ان يكون متحررا ويؤمن بتحررها فربما لانه يخجل من منظرها مقارنة بلباس المراة الغربية او لمجرد انه اعتاد على التدخل في لباس المراة كهواية لايستطيع التخلي عنها.
فهل تنصور ان المجتمعات الغربية العلمانية المتحررة التي تحترم حرية الفرد في التعبير و العقيدة والملبس هل توافق على ان تكون مثل ايران والسعودية وتتدخل بلباس المراة الشخصي خاصة بعد ان ناضلت المراة الاوروبية لسننين عديدة لكي تحصل على استقلالها وتمنع الرجل او اي شخص اخر بالتدخل في قراراتها الشخصية ؟
اذا هنا كما ترون من جديد الدولة تقف في المنطقة الحرجة Gray zone