نظرة الإسلام للمرأة - قراءة في بعض أحاديث الرسول



كامل السعدون
2004 / 10 / 2

الحقيقة أن الموقف السلبي من المرأة لم يكن قاصراً على الدين الإسلامي بل وقد شاع في المسيحية واليهودية ، بل وفي الأديان والعقائد والفلسفات التي لا تزعم ارتباطها بالرّب .
فمنذ خرج الرجل من زمن المشاعة البدائية وبدأ عقله ينمو ووعى عناصر قوته العضلية وعرف معنى التملك والمنافسة مع الآخرين ، أمكن له أن يستحوذ على المرأة ضمن ما أستحوذ عليه ، فصارت منذ ذلك الحين ، ربة المنزل أو الجارية أو عنصر المتعة الجنسية ومربية الأبناء ولا أكثر من ذلك .
وبالتالي فليس موقف الإسلام بالمستهجن المستغرب في عصره ، فيما لو إننا نظرنا له كما لغيره من الفلسفات والأديان على إنها مظهر للتطور الاجتماعي والثقافي ومستوى وعي الناس آنئذ ، لكن إذا قبلنا الإدعاء القائل أن الإسلام هو الشريعة السمحاء النهائية وما جاء فيها هو خلاصة أحكام الرّب التي تنسخ كل ما سبقها من أحكام وردت في الأديان الأخرى ، وإن موقفه هنا قد نضج وأستتب على هذه التشكيلة من الأحكام النهائية وبما أن الرّب هو الكمال المطلق ، فبالتالي لا يمكن للكمال إلا أن يشرع الشرع الكامل العادل …!
طيب …إذا كان الأمر كذلك ، فهل إن موقف الله أو نبيه ، كان عادلاً مع المرأة ، وهل وضعها حقاً في المكان الطبيعي الصحيح والمناسب ، كشريك له ما للرجل وعليه ما على الرجل إلا بحدود الفوارق بين الجنسين ( هذا إن وجدت ) …!
هل خلق الإسلام بما أمتلك من قوة وأدوات إقناع ، هل خلق ثورة اجتماعية أخرجت المرأة من عبوديتها وأعطتها دوراً ريادياً حقيقياً عادلاً يتناسب مع دورها التربوي وأهميتها في استمرار الحياة …؟
للأسف لم يحصل شيء من هذا ولا عشر معشاره ، وإلا فلننظر إلى أحاديث الرسول أو البعض منها ، ولنرى ماذا نالت المرأة من الإسلام وكيف أكرمت كما يدعي المدعون …!

تأكيد عبودية المرأة للرجل :
__________________

1- جاء في سنن الترمذي وابن ماجة ومسند الإمام احمد عن عمرو بن الاحوص قال: حدثني أبي انه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال »استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عندكم عوان « قال الترمذي حديث حسن صحيح ومعنى عوان عندكم يعني أسرى في أيديكم. وذكر آهل اللغة في تفسير »العوان « قولهم العوان هو الأسير وهو كل من »ذل« و»استكان« و»خضع« .
_____________________________________________________________________

2- أو هذا الحديث الذي جاء بروايات مختلفة ، وهو موقوف عن أم المؤمنين عائشة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »النكاح رق فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقها, فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته« انظر كتاب المبسوط للإمام أبو بكر محمد بن آبي سهل السرخسي.. الجزء الخامس.
المرأة في هذا الحديث أسيرةٌ الرجل لا شريكته وعملية النكاح هي عملية استعباد واسترقاق لا مشاركة في تكوين أسرة وبالتالي مجتمع سليم البنيان قوي الأركان …!
_____________________________________________________________________

3- روى البيهقي حديثاً آخر مثله فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »النكاح رق, فلينظر أحدكم أين يضع كريمته«.

_____________________________________________________________________

4- جاء في مسند الإمام احمد عن انس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو يصلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها, والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه«!
_____________________________________________________________________

5- جاء في الحديث أن معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله إلى اليمن جاءته امرأة ومعها أولادها فسألته قائلة: لقد تركت أبا هؤلاء الأولاد في البيت فما هو حقه علي? فقال معاذ: والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت أليه فوجدت الجذام- وهو مرض تتساقط منه الأطراف, قد خرق لحمه وخرق منخريه- أي انفه- فوجدت منخريه يسيلان قيحاً ودماً ثم ألقمتيهما فاك, لتمصي ما به من قيح وصديد, ما بلغت حقه عليك!
فعجباً .. حتى الجواري والإماء والعبيد ليس مطلوباً منهم أن يقوموا بذلك ليؤدوا حق سيدهم عليهم ولكن الزوجة حتى لو تفعل ذلك فلن ترقى إلى إعطاء زوجها حقه الذي خصه الله به.
وأبلغها تأكيد الرسول على إنها حتى لو لحست قيح وصديد زوجها وليس فقط عرقه أو لعابه, فإنها ليست بموفيةٍ مكانته وبركاته ومرضاته وأفضاله عليها …!
وقرأ قول الرسول الذي ذكرناه في البند السابق …!

_____________________________________________________________________


7- يقول محمد :
والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها …!
تخيل …أيمكن أن يهبط الإسلام من عبادة الرّب والحض على مكارم الأخلاق إلى مستوى أن تكون المرأة جارية صالحة تخدم زوجها ، فتدخل الجنة من خلاله أو تلقى بالنار جزاءٍ لغضبه عليها …!!
طيب ماذا لو إن الرجل ذاته كان سيئاً قميئاً لا يطاق …؟
وكيف يكون مقياس الإيمان بالرب قاصراً على رضا الزواج ، وهو المخلوق القابل للخطأ والصواب ، للكفر أو الإيمان …!

_____________________________________________________________________

8- - جاء في سنن ابن ماجة »لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها« وفي مسند أحمد زيادة »من عظم حقه عليها .
وهذا الحديث من مرويات أبن ماجه والترمذي والإمام احمد والدارمي وجميعهم بسلسلة من الرواة ثقاة ومختلفين .
_____________________________________________________________________

9- روى الإمام احمد في مسنده عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) .

_____________________________________________________________________


10- وروى الترمذي بسند صحيح عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال كان يقال »اشد الناس عذاباً يوم القيامة اثنان .. امرأة عصت زوجها وإمام قوم وهم له كارهون« وفي حديث صحيح في سنن بن ماجة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإخوان متصارمان …!
.. فتخيلوا كيف أن حتى صلاة الزوجة وقيامها بالفريضة التي هي رأس الإسلام وعموده ليس لها قيمة في حال سخط زوجها عليها..!.. )
وطبعاً السخط هنا ليس لأنه أمرها بفعل معصية مثلاً فعصته« وعموماً هناك أحاديث أخرى تؤيد هذا المعنى في »بركات الزوج« وكيف أن مرضاته وسخطه من أهم أسباب توفيق الزوجة والمرأة في الآخرة وبلوغها الجنة, ومن ذلك ما جاء عن الحصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اذات زوج أنت- أي هل أنت متزوجة? - قالت نعم, قال كيف أنت له? قالت ما آلوه إلا ما عجزت عنه- أي لا اقصر في حقه إلا ما لا أستطيع أن افعله له- قال الرسول: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك« رواه احمد بسند صحيح.
لو إننا استعرضنا الكم الكثير من الأحاديث التي تبين هذا المعنى وتثبته لما وسعنا المقام ولطال مقالنا أكثر ، فهل أن مكانة المرأة في الإسلام قد تعززت في ظل الشريعة السمحاء ناسخة كل الشرائع التي قبلها ، أم إنها ساءت أكثر …؟
أظن أن الجواب يسيرٌ ولا يحتاج لتمحيصٍ كبيرْ …!
وهنا نتساءل …أيمكن أن تكون تلك حقاً شريعةٌ ربانيةٌ أم إن لربك حكمةٌ نجهلها ، في إذلال المرأة وحرمانها من حقها في الحياة كإنسان وشريكٌ فاعلٌ لا يقل عن الرجل أهميةٍ إن لم نقل يزيد عليه في كونه عنصر الخلق الأول ، إذ لولا المرأة لما كان هناك بشرٌ يعمر هذه الأرض التي أورثها الله إياه …!
أليس كذلك …؟؟