المطربة بيونسي عذراء ..هل تعلمون !



مهند حبيب السماوي
2011 / 2 / 1

في تصريح جديد ومثير لموقعMedia Take out فجّرت المطربة الأمريكية السمراء بيونسي Beyonce جدلا واسعا بين القراء في المنتديات والمدوّنات على الشبكة العنكبوتية حينما قالت للصحيفة المذكورة أعلاه بأنها كانت عذراء ولم تفقد عُذريتها قبل أن تتعرف على زوجها رجل الإعمال ومطرب الراب Jay-Z ، على الرغم من أنها لا تتحدث عن موضوع عذريتها كثيرا كما تفعل بعض نجمات البوب وفقا لتعليق مجلة هوليود نيوز الأمريكية.
وقالت بيونسي، في نفس اللقاء، أنها كانت" عذراء عندما تعرفت على زوجها مغني الراب جاي زي"، مُرجعةً الفضل في ذلك الأمر إلى صديقاتها اللواتي أبقينها إلى حدٍّ ما بعيدةً عن الرجال و" المشكلات والعلاقات السيئة " على حد تعبيرها .لكنها في نفس الوقت لم تنفي أنها أقامت علاقة قبل زواجها في فترة مراهقتها مع مراهق لكنها لم تأخذ بُعدا جنسيا.
هذه التصريحات جاءت بمثابة الصدمة للكثير من معجبيها والقراء المحبين لها الذي لم يعتادوا ، كما يبدو في السياق المجتمعي الغربي، أن تتزوج امرأة وهي لازالت بكرا عذراء لهذا رافق تصريح بيونسي الكثير من الاستغراب من قبل معجبيها وقد ظهر ذلك في التعليقات الكثيرة التي ذّيلت في أسفل الخبر خصوصا في موقع Media Take out .
وقد قمنا باستقراء بعض هذه التعليقات ، حيث كان بعضها غير مصدق لادعاء بيونسي متهما إياها بالكذب مثل احد المعلقين الذي كان اسمه سنبر اذ علّق قائلا بأنها لو كانت خجولة.. لماذا تقوم بإظهار أجزاء من جسدها دائما !وقالت أخرى اسمها ديلالا بأنها كاذبة.... فطريقة رقصها تدل على أنها ليست عذراء! ، في حين أن الآخرين قد صدقوا تصريحها وقالت أحداهن وهي أوكيا " لأنها جذابة... لا يعني أنها مثل باريس هيلتون أو كيم كاردشيان فهي كانت لها مسيرة حياتية جيدة وهدف كانت ترغب بالوصل له، فلم نسمع أن لديها شريط فيدو جنسي أو صديق سابق فضحها فهي نموذج ناجح للمرأة السوداء في مجتمعنا".
إحدى المُعلقات توسّعت في الموضوع وتحدثت عن قضية البكارة واحتفاظ البنت الأمريكية بها بعد سنة الثامن عشرة حيث أوضحت بأنه من الصعب للناس أن يصدقوا بان تبقى البنت عذراء بعد ال18 سنة لكن برغم ذلك 12% من النساء الأمريكيات يبقون إبكارا، ولو صحت هذه النسبة فيعني أن 88% من الأمريكيات يفقدن عذريتهم قبل الزواج لهذا ترى نفس الموقع الذي نقل الخبر تضع عنونا عريضا يقول " بيونسي....البنت... توقف...أنها تقول بان جاي زاي قد فض بكارتها... ( كم منكم يعتقد بان ما قالته هراء؟).
بيونسي صرحت في لقاءات سابقة بأنها تعتبر نفسها مناصِرةً لحقوق المرأة بالمعنى الواسع للكلمة وقالت في نفس اللقاء بأنها " مؤمنة بطريقة ما بمساواة الجنسين" أو كما ورد في الأصل الانكليزي".
"I think I am a feminist in a way "
ولفظ feminist يعني الحركة النسائية التي تستهدف إحداث تغيير في واقع النساء وتسعى إلى إيجاد حق سياسي واقتصادي واجتماعي متساوي للمرأة والدفاع عنه .
وفي هذا السياق يمكن ان يستشف من حديث بيونسي وتصريحها انه، وحتى في المجتمع الغربي، يوجد من تعتقد بان عليها أن تحافظ على نفسها وان تبقى على مسافة معقولة من الرجال، فهي تعتبر أن بقائها عذراء هو أمر جيد وان هذا الأمر يُعد فضيلة يعود الفضل فيها إلى صديقاتها التي أبقينها بعيدةً " المشكلات والعلاقات السيئة " كما تقول.
هذا السلوك التي تحدثت عنه بيونسي ينسجم فيما يبدو مع كونها مناصرة للحركة النسائية التي تسعى للمدافعة عن المرأة من اجل أن لاتصل إلى مستوى المرأة التي صورتها رواية سيمون دي بيفوار " المرأة المجربة" (La femme rompue) حيث تقول الشخصية الرئيسية في الرواية بعد تردي حالها وبؤس أفعالها وابتذال تصرفاتها ونزولها إلى مستوى حيواني خالص... تقول نادمه (لقد استسلمت لجسدي ).
هذا الأمر يبدو انه جاء حصيلة ماضي اسود في التعامل الغربي مع المرأة ولعل في من الطريف أن نقرأ في التاريخ انّه في عام 586م عقد في فرنسا مؤتمر للبحث في أنّ «المرأة إنسانة أم لا» وبعد مباحثات طويلة قرّر المؤتمرون أنّ المرأة إنسانة ولكنّها خلقت لخدمة الرجال.
ولهذا وجدنا الكاتبة جوديث ألين، وطبقا للمعطيات التي تراكمت لديها من ذلك التاريخ الغربي ألرعاعي في التعامل مع المرأة، تصف الخطاب الغربي بأنه خطاب مهيمن فيه يتسلط الرجل على المرأة والغربي على اللاغربي ودعت إلى إظهار تهافت هذا الخطاب والمشكلات الكامنة فيه وألازمات التي يعيشها من اجل فتح المجال إمام تفتق خطاب جديد قادر على تجاوز الأخطاء التي وقع بها سلفه كما تحدثت عن هذا الموضوع في مقال سابق.
أن قضية تحرير المرأة لا يجب أن تتجه نحو الجسد ومعطياته الحسية المادية، فكم امرأة متحررة جسديا ترغب أن تعيش الذلة والخنوع وتعتاش في أفكارها الخرافات والأساطير وتسيطر على تفكيرها الخزعبلات والأحلام المريضة في حين أنها تدعي وتزعم بأنها حرة وربما نجد نظيرتها ال" متحفظة في ردائها " تحمل شهادة دكتوراه وتفكر بمنطقية وعلمية متوازنة.
فالقضية لا تتعلق بالجسد وتحريره وعتقه من ردائه كي تكون هذه المرأة حرة وديمقراطية ومتحررة، اذ ربما تتحرر المرأة جسديا ويبقى عقلها سجين التفاهات ومتقيدا بوصاية أفكار باطلة وهمية مُستنكَرة تكشف عن مدى تهافت عقليتها وبعدها عن إدراك فحوى ومضامين التقدم والتطور والحداثة التي لا تعرف منها إلا العناوين العريضة البرّاقة الخادعة.