الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي



اسحاق الشيخ يعقوب
2002 / 8 / 10

 

 

منذ الازل كانت المرأة شأنا في الحياة.. وكان الرجل وكان شأن الرجل من شأن المرأة.. ولم يكن العكس. علي اقل تصور في البدء.. من حيث انها حاضنة للحياة والاخصاب والعمل والسلام!! ومنذ بدء مراحل التاريخ.. كان هاجس المرأة الامن والسلام.. وكان هاجس الرجل خلاف.. هاجس المرأة.. حتي كأن الحروب اصبحت طابعا مميزا لطبائع الرجال (!!) هل البدء امرأة.. ام البدء رجل.. ام البدء امرأة ورجل؟! وهل كانا في صيغة واحدة متزامنة.. ام ان صيغة المرأة سبقت صيغة الرجل.. ام الصيغتان في آن؟! وهل المرأة صيغت سلما.. والرجل حربا؟! هل الموت والحياة صياغة واحدة.. ام صياغة الحياة اولا ثم صياغة الموت؟! ايجاب الحياة في الحياة.. وسالب الموت في الموت.. في جوهر ظواهر صياغة تنوع الحياة.. تكمن متناقضات التطور في صياغة السلب والايجاب!! هل الرجل صياغة سلب المرأة.. ام المرأة صياغة ايجاب الرجل.. ام تعاكس الصيغ يصيغ حقيقة هذا.. وحقيقة تلك؟! واحسب ان اللغة حددت صيغة الطبيعتين.. طبيعة هذا.. وطبيعة تلك.. لانها ذكرت الموت (...) وانثت الحياة (...) كواقع يشكل واقع متناقضاته ومتحولاته في صيغ الحياة!! وعلي انقاض كوارث الحرب العالمية الثانية.. تنادت نساء العالم.. لتضع صيغة انهاء الحروب وتكريس السلم.. ووضع حد لاستلاب المرأة.. وكان الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. الصيغة الاكثر توثبا لتضافر جهود نساء العالم من اجل الحرية والديمقراطية والسلام.. في عام 5419 بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها مباشرة.. وبدعوة من مناضلات فرنسيات.. اجتمع في باريس مندوبات من بلدان اوروبية اكثر من 13 بلدا التي انهكتها الحرب.. وكانت مصر الدولة العربية الوحيدة بين هذه الدول التي حضرت وساهمت في تأسيس هذا الاتحاد ممثلة في المناضلة المصرية (سيزا نبراوي) والتي لها علاقة قرابة بالمناضلة المعروفة هدي شعراوي.. وقد كرس الاجتماع الذي تمخض عنه الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. الدفاع عن السلم ومنع الحروب في العالم.. من واقع يمت بطبيعة المرأة: حبها للسلم وكراهيتها للحرب.. وقد برز الاتحاد الديمقراطي العالمي علي الصعيد العالمي.. وتعززت سمعته بين نساء العالم: في الدفاع عن حقوق المضطهدين والمعدمين والمحرومين من النساء والاطفال.. بغض النظر عن العرق والدين والجنس واللون من اجل تحقيق حياة آمنة كريمة مستقلة في العيش والرزق ومساواة فعلية في جميع الحقوق. ويتشكل الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي من (160) منظمة تعود الي أكثر من (120) بلدا من مختلف القارات.. وقد انضوت في هذا الاتحاد معظم الدول العربية.. وتقول لندا مطر المناضلة اللبنانية التي زارت البحرين مؤخرا.. بان المجلس النسائي اللبناني الذي يضم (150) منظمة نسائية لبنانية هو عضو بارز في هذا الاتحاد.. وكذلك الاتحاد النسائي البرازيلي الذي يضم (04) منظمة نسائية هو عضو في هذا الاتحاد.. وينضوي في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. أكثر من (600) منظمة نسائية منتشرة في العالم.. وقد اقرت الامم المتحدة باقتراح من اتحاد النساء الديمقراطي العالمي.. تحديد سنة 1975 سنة عالمية للمرأة.. كما ان للاتحاد مركزا استشاريا في هيئة الامم المتحدة.. وفي السابق كان الاتحاد السوفياتي ومنظومة البلدان الاشتراكية.. تمد يد العون والدعم لهذا الاتحاد شأنها في مد يد العون والمساعدة والدعم المادي والمعنوي لكل حركات التحرر الوطني والشعوب والبلدان المناهضة للامبريالية.. الا انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية.. اصبحت اوضاع الاتحاد والمنظمات الديمقراطية اوضاعا لا يحسد عليها احد.. امام افول الحرب البارزة وهجوم معلوماتية العولمة.. تحت مظلة القطب الواحد.. وقد اصبح الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. يعتمد بالدرجة الاولي علي اشتراكات الجمعيات والمنظمات والاعضاء في الاتحاد. وتقول: لندا مطر في محاضرة اجرتها في البحرين بدعوة من جمعية المرأة البحرينية: کانتقل الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي من باريس الي برلين بعد الحرب وكان يمول من الدول الاشتراكية بشكل اساسي، واشتراكات الاعضاء. ولكن بما انه كان هناك مؤتمرات عالمية وعدد كبير من المنظمات في الاتحاد لا تملك المال. فكان الاتحاد يؤمن لها التذاكر والاقامة حتي تستطيع ان تحضر هذه المؤتمرات، وهذا المال يأتي من الدول الاشتراكية ولكن وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وانهيار البلدان الاشتراكية، اصبح الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ليس له مدخول غير اشتراكات الجمعيات النسائية، وتمت الدعوة الي تثبيت الاتحاد بالموارد الذاتية الذي له ايجابية احياء الاتحاد، وعدم ارتباطه بالدول المملولة - الممول دائما له افضلية وله شروط - وهذا لا يعني انه كانت هناك شروط تتعارض مع الاتحاد او النساء، او مع مصلحة البلدان التي تريد ان تنال استقلالها وانما يعني ان الاتحاد كان قائما علي مساعدة الآخرين وليس علي مساعدة ذاته. ان اول مؤتمر للاتحاد بعد تلك الفترة عقد في انجلترا في شيفيلد وهو المؤتمر العاشر، وفي هذا المؤتمر، ونحن كمنظمات نسائية عربية اعضاء في الاتحاد عملنا جهدا كبيرا من اجل ان تأتي الي رئاسة الاتحاد امرأة عربية. وبالفعل انتخبنا المناضلة السودانية فاطمة ابراهيم في ذلك الوقت لتكون رئيسة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. وفي هذا المؤتمر تقرر ان يكون هناك مراكز اقليمية في كل منطقة علي سبيل المثال مركز اقليمي اوروبي امريكي، واوروبي آسيوي، ونحن طلبنا ان يسمي مركزنا، مركز اقليمي عربي، وليس شرق اوسطي، حتي لا يكون لاسرائيل الحق ان تكون في هذا المركز، وفعلا عملنا علي ان يعمل هذا المركز بشكل جيد. لماذا قرر ان يكون هناك مراكز اقليمية؟ لان المنظمات النسائية في المنطقة الواحدة تستطيع فعلا ان توحد جهودها حول القضية التي تهم المنطقة ليس بالضرورة ان نذهب دائما الي فرنسا - لأن هناك مركز الاتحاد النسائي الديمقراطي بفرنسا - حتي نقرر ماذا نريد ان نفعل. نحن كمركز اقليمي عربي يمكننا ان نعمل كذا.. وكذا.. وهكذا فقد تم في عام 4199 اجتماع موسع في بيروت حضره (21) منظمة نسائية عربية.. واختاروا منسقة لهذا المركز وكان لي الشرف ان اكون هذا المنسق للمركز الاقليمي العربي. ويجتمع المركز الاقليمي العربي مرة كل سنة وهو مشكل من خمس بلدان عربية اعضاء في الاتحاد وفي قيادة الاتحاد.. وهم سوريا، فلسطين، مصر، الاردن ولبنان.. هذه المنظمات تشكل المكتب، ويجتمع هذا المكتب ثلاث مرات في العام، لوضع استراتيجية نشاطات معينة. والاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي يعقد مؤتمره كل ثلاث سنوات.. وقد عقد مؤتمره الحادي والعشرين في باريس، وانتقلت الرئاسة من فاطمة ابراهيم الي الفرنسية سيلفي جون، وهي باريسية وقد انتقل مركز الاتحاد الي باريس مجددا.. وقد تم انتخاب نائبة للرئيسة وهي المناضلة الفلسطينية ميادة عباس.. وكان لنا دور كبير في انتخاب امرأة عربية وتحديدا فلسطينية وان تكون نائبة رئيسة الاتحاد. ان مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة.. وتحولات العد التنازلي لقوي التحرر والتقدم والديمقراطية في العالم.. شكل مفاهيم وقيماً جديدة ومواقف علي الساحة الفكرية والايديولوجية والسياسية.. تستدعي جميع شرفاء العالم.. في اخذ زمام المبادرة.. في تفعيل المنظمات والجمعيات والاتحادات والاحزاب.. لخوض معارك جديدة.. وطرح برامج عقلانية وواقعية.. للدفاع عن المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. التي تحققت عبر نضالات صعبة كبدت الكثير من التضحيات.. والعمل علي رص الصفوف.. ونفض العقول والنفوس والاجساد والسواعد من الاحباطات والانكسارات التي استبدت بقيمنا ومفاهيمنا الانسانية.. امام هجوم العولمة الضاري.. وثورة المعلوماتية التي تبوصل دفتها رؤوس الاموال الصناعية والبترولية والبنكية.. خلال نصائح ومساعدات ومقررات وتوجيهات البنك الدولي.. ومنظمة التجارة العالمية!! ان مستجدات العصر الاقتصادية والسياسية والمعلوماتية.. ومسار العولمة.. ناهيك عن التحولات التكنولوجية التي حولت شعوب العالم الي اجساد وعقول ونفوس تكاد تتلامس.. او الي قرية صغيرة كما يقال.. يمكن لهذه القوي التقدمية والديمقراطية واحزابها وجمعياتها النسائية واتحاداتها.. ان نستفيد من مستجدات العصر وتوحد صفوفها وتنشط مراكزها.. والعمل علي استغلال المسارات التقنية والمعلوماتية التي تضطلع بها العولمة.. الي مسارات وتجمعات وبرامج عولمة انسانية وديمقراطية تستهدف سلم الانسان وحريته وكرامته واستقلاله.. لا عبوديته واضطهاده!! ان التطور العلمي والثقافي والتقني والمعلوماتي هو تطور انساني.. وهو من صنع الانسان وابداعه.. ولا يستطيع اي كائن من كان اخفاءه واحتكاره.. انه مشاع للاشرار والشرفاء علي حد سواء.. وعلي معشر الشرفاء انتزاعه من الايادي الشريرة.. وتسويقه للانسان وخير الانسان!!