اختطاف يوم المرأة العالمي



اسحاق الشيخ يعقوب
2011 / 3 / 15

لقد انسحبت تداعيات ازمة الاحداث الخطيرة التي تمر بها مملكة البحرين على مجمل قطاعات المجتمع.. وانكمشت الحياة الاقتصادية وبدى وهن الخواء والخوف واقع ارباك وترقب يساور حياة الناس ومصالحها.. واصاب الركود مجمل المنسوبات المالية والبنكية والاستثمارية والعقارية والخدمات السياحية وعموم مجالاتها.. مما أدى إلى تقليص العمالة ودفع بالمئات من البحرينيين وغير البحرينيين خارج ميادين الانتاج.. وانشلت الحركة السياحية.. ولم يعد هناك ما يُغري السائح السعودي والقطري والكويتي والإماراتي!! فقد اصبحت الطائفية عنواناً كريهاً يذرع واجهات البحرين في المظاهرات والاعتصامات وعلى ايقاع تنديدات وتكبيرات وتهليلات طائفية ومذهبية اقصائية: أكان هنا أم هناك وقد أدى تطرف هذا الجنون الطائفي إلى إخراج الاطفال من المدارس والمتاجرة بطفولتهم وبراءتهم.. وتأتي المفارقة دامية للقلب فليست الطفولة البحرينية التي يتم تسليعها طائفياً في بازار الطائفية.. وانما (الأم) المدرسة التي «إذا اعددتها اعدت شعباً طيب الاعراق» انداحت اشلاء نعيق طائفي وهي تُشيح بوجهها متلوعة بمعوقات طائفية عن انبل واجل واشرف يوم في حياتها.. الا وهو يوم 8 مارس يوم المرأة العالمي.. وما يصادف مناسبته مرور مائة عام على هذا اليوم المجيد من 8 مارس يوم المرأة العالمي.
وكان مأمولاً ومتوقعاً من المرأة البحرينية ان ترتفع بهذا اليوم العالمي وبمعانيه الانسانية السامية في المساواة بين الجنسين وضد التمييز والعنف الذي تتعرض له المرأة في المنزل والمدرسة والعمل وفي المجتمع بشكل عام في احتفال سلمي مبتهج ضد هذا الانفلات الطائفي الظلامي الذي واجهه المجتمع البحريني والذي يشكل واقعاً من اضطهاد المرأة البحرينية وتكريس تمييزها ونبذ مساواتها واباحة تعنيفها في المنزل والمدرسة وانشطة المجتمع البحريني بشكل عام.. فالطائفية بطبيعتها الانغلاقية وتشنجاتها المذهبية معادية للمرأة البحرينية وحقوقها في الحرية والعدالة والمساواة، والمرأة البحرينية خير من يدرك تلك المظاهرات التي كانت تنظمها اوساط طائفية ومذهبية ضد قانون الاحوال الشخصية أو «أحكام الاسرة».. وعجبي ان اراها اليوم سادرة خلف المظاهرات الطائفية تردد شعارات التطرف والعنف وفي المطالبة بمستحيل ما لا يمكن!!
ان عزوف المرأة البحرينية بجمعياتها ومؤسساتها واحزابها في عدم الاحتفاء بالثامن من مارس يوم المرأة العالمي يشكل ظاهرة ارتداد خطيرة لا مُبرر لها لأي سبب من الاسباب.. بل ان ما تمر به مملكة البحرين من اعمال عنف وتطرف واعتصامات ومظاهرات واحتجاجات وتطاولات طائفية اضحت تهدد المجتمع برمته.. كانت مناسبة وطنية مهمة في ان تتصدى المرأة البحرينية في يومها العالمي ضد مظاهر العنف والظلام والتطرف الطائفي.. واجتراح هذا اليوم المجيد: الثامن من مارس يوم المرأة العالمي في ذكرى مرور مئويته وتحويله إلى مناسبة تاريخية تُدين كل التوجهات الطائفية ونزعاتها الدينية والمذهبية المتطرفة والدفاع عن الوجه الحضاري والانساني البحريني المنفتح على العالم والمستنير بمنهاج مشروع الاصلاح الوطني والدفع به على طريق اوسع وأعمق في الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان وبناء دولة المؤسسات والحريات والعدل والقانون والعمل على تحرير المرأة والاتحاد ضد الطائفية وضد ايمانية عقليتها المتخلفة في تكريس العنف ضد المرأة.. لا أن تنخرط المرأة البحرينية بجمعياتها النسائية واتحادها في المظاهرات والاعتصامات وترديد الشعارات الطائفية.
لقد احتفل العالم كله بهذا اليوم المجيد والخالد في تاريخ نضال المرأة.. وتخلفت المرأة البحرينية، نكثا لعادتها، عن مشاركة نساء العالم بالاحتفال بهذا اليوم من 8 مارس يوم المرأة العالمي!!
الا ان المفارقة المؤلمة والمحزنة ان يُختطف هذا اليوم من جهات طائفية ظلامية متطرفة تدفع به إلى مظاهرة طائفية وترفع شعارات وهتافات طائفية غريبة عن الروح الاممية والانسانية التي تتسم بها كفاحية هذا اليوم الاممي المجيد لنضال المرأة من اجل العدل والحرية والمساواة وضد العنف والتمييز الطائفي والديني.
لقد لطخت الطائفية البغيضة المبدئية اليسارية والانسانية لهذا اليوم التاريخي من نضال المرأة.. وعلى المرأة البحرينية المستنيرة ان تقدم اعتذارها لهذا اليوم المجيد في تاريخها!!