- هند النعيمي - قائدة المُستقبَل



امين يونس
2011 / 5 / 4

قبلَ يومَين إستقبلَ ملك السويد " كارل غوستاف السادس عشر " ، شابةً من أصلٍ عراقي ، لتكريمها شخصياً ، وإعتبارها إحدى [ قادة المستقبل ] في المملكة السويدية . " هند طلال النعيمي " إبنة الموصل البالغة من العمر سبعة وعشرين عاماً فقط ، والتي تعيش في السويد منذ 1991... إستطاعتْ بجهودها وأعمالها الرائعة ، أن تثبت جدارتها في مجالات حُرية التعبير والتعايش المشترك بين الشعوب وحقوق الانسان والتقارب بين الأديان ومحاربة الفقر ... كَمْ نحن العراقيين بحاجة الى مثل هذهِ النماذج المُشّرِفة ، هذه الماجدة الحقيقية ، التي تُمّثل العراق والموصل بالذات ... بعيداً عن أجواء الرعب والإفقار والعَوز التي خلقها النظام الصدامي الفاشي السابق ، في الموصل والعراق عموماً .. بحيث إضطَرَتْ الوالد ، الفنان والشاعر المُرهف " طلال عبدالرحمن النعيمي " ، ان يأخذ عائلته وينفذ بجلدهِ متوّجها الى ديار الغُربة قبل عشرين عاماً ... حتى بعد التغيير ، ورغم آلام الغُربة ، لم يجد من المناسب ، ان يعود الى مدينته الحبيبة ، الموصل ... التي يتابع إخبارها عن كثب ، ويأسف على تَسّلُط المجاميع الارهابية والإتجاهات المتطرفة ، عليها .. وفرض أنماط متخلفة رجعية على مجتمعها الأصيل .. هذهِ الأنماط التي لا تتوائم مع ، التربية التي نشأت عليها " هند " وأخواتها الأصغر ، في السويد كدَولة ، ولا التربية المنزلية الراقية من خلال والديها المُبدعَين . ان المعدن الأصيل ل " هند " وبرعاية والدها الفنان وإحتضان الدولة السويدية .. وّفَرَ الفرصة السانحة ، لها ، لتفجير إمكانياتها الكبيرة وطاقاتها المتنوعة ، منذ شبابها المُبكر ، في مجالات منظمات المجتمع المدني ، والحقوق المدنية وقضايا المرأة ، والتقارب بين الأديان والتعايش بين الحضارات المُختلفة ، ومحاربة التمييز والفقر .. أن إختيار " هند " لكي تُكّرَم على هذا المستوى الرفيع من قِبَل ملك السويد ، لم يأتِ إعتباطاً ، ولا يخضع هذا الإختيار ، لأي حسابات سياسية أو مصلحية ... بل هو تقييمٌ لجهود هذه الإنسانة الشجاعة .. هذه الفتاة الباسلة ، المتفوقة في دراستها ، الناشطة في مجموعة ، من أهم القضايا الحيوية التي تواجه البشرية اليوم .
ان " هند طلال النعيمي " الموصلية العراقية السويدية ... كانتْ لتستطيع ، مثل العديد من أقرانها في المهجر ... أن تهتم ب " قشور " الحضارة ، وتنحاز الى الحياة السهلة ، والنشاطات التافهة ، وحصر تحركاتها في مصالحها الشخصية الضيقة ... أو ان تختار التزمُت والإنغلاق المفروض على رفيقات طفولتها ، في مدينتها الأصلية ، الموصل " لأنه حتى في السويد ، يوجد لاجئون متعصبون منغلقون على نفسهم ، في غيتوات بائسة " ... لكن " هند " الباسلة ، إختارتْ بإرادتها الحُرّة .. الطريق الصعب ، لكن الجميل والمثمر والمبدع ... في الدفاع عن قضايا " الانسان " إينما كان : فالسلام والأمن والرفاهية والمساواة والتعايش ... مفاهيم تهُم جميع البشر ، سواء في السويد او العراق .
" هند النعيمي " ليستْ حالة إستثنائية ... فالعديد من العراقيات ، في المهجر ، أثبَتْنَ تفوقهُنَ في مختلف المجالات ، بكُل جدارة وإستحقاق ... فهنالك فتاة كردية عراقية في السويد نجحتْ في إنتخابات محلية في بلدتها قبل أشهر ، واُخرى تفوقتْ في دراستها في كلية الحقوق على مستوى السويد ، وكُرِمتْ واُرسِلتْ الى الولايات المتحدة في جولةٍ للإفتخار بها .. لا بل وصلت إمرأة الى البرلمان قبل سنوات ، وهنالك مهندسات معماريات معروفات عالمياً ، وفنانات تستقبلهن القصور الملكية وأرقى صالات العرض في العالم ... وتتوزع المبدعات العراقيات ، في هولندا والمانيا واسكندنافيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها .
لو توفّرَتْ الظروف المُناسبة ، والشروط المُلائمة ... هنا في العراق الجديد ، فاننا نمتلك ثروة هائلة ، لا تُقّدَر بثمن : نمتلك " خامة " بالغة الروعة ، شُبه مُعّطَلة ، ومُغّيَبة ... المرأة ، بطاقاتها الجبارة ، الكامنة .. صحيح ، ان كامل ( نظامنا ) بحاجة الى التطوير والتغيير .. لكن الإستثمار الأهم والمُلِح هو في الأنسان عموماً ... والمرأة خصوصاً ...
فألفُ " هندٍ " تعيش بين ظهرانينا ، ولا أحد يُقّيمها ولا أحد يُكَرِمها .. بل تعاني من التهميش المتعمد والإهمال والإستغلال .