صرخة أنثى سورية بوجه الظلم.



خالد ممدوح العزي
2011 / 6 / 3

رزان زيتونة : صرخة أنثى سورية بوجه الظلم.
رزان زيتونة امرأة سورية عربية ، وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق شعبها من قمع سلطة الاستبداد الغاشمة الذي يمارسها نظام البعث .
لم تكن رزأن متعطشة للسلطة أو الطموح لممارسة أي منصب في ظل نظام قمعي ووحشي ،بل هي متعطشة للحب والحرية كأي مواطن يحلم بغد أفضل،يمضي حياتهكلها في العطاء، ويحقق حلمه الذي رسمه منذ نعومة أظافره،لكن حلم روزان وكل الشعب السوري كان بعيدا عن التنفيذ في ظل نظام ديكتاتوري شمولي،لا يستطيع ألمراء إيجاد نفسه.
لذا قررت روزان الوقوف بوجه النظام والدفاع عن حقوق شعبها المظلوم من قبل جماعة من المستفيدين والمستبدين بسورية وشعبها. لقد أنهت روزان الدراسة في جامعة دمشق ،وتخرجت من كلية الحقوق لتصبح محامية تدافع عن حقوق المغلوب على أمرهم،لقد رفضت العمل في مكتب يضمن لها الوصول إلى مكان مريح ومركزا مرموقا في الحياة الاجتماعية السورية، وخاصة كونها امرأة،جميلة جدا وذكية .
فضلت رزان أن تكون ناشط حقوقية وكاتبة سورية تدافع عن حقوق الشعب السوري،وان تواجه القمع والبطش الجسدي والفكري والأخلاق والمعنوي،أن تواجه النظام وأجهزته الأمنية وعصاباته وشبيحته.
هي الناشطة الحقوقية والكاتبة السياسية،هي المحامية العرفة بالقانون، هي المرأة الجريئة والكبيرة في زمن الصمت العربي ،هي ألامرأة الجميلة والذكية التي لم يتجوز عمرها 30 ربيعا .
لم تكتفي بكتاباتها ومراسلتها للعديدة من الصحف والجرائد الالكترونية، ككاتبة ذات موقف ملتزم بقضايا شعبها ،فكانت كتابتها كلها وقفة مع القضايا الإنسانية، وقفت روزان بكل كتاباتها مع الأقليات في سورية وحقوقهم الطبيعية التي يجب أن يتمتعوا فيها في بلد يعيش فيه العديد من القوميات والمذاهب ،لقد كتبت روزان في مقالتها العديدة عن حقوق النساء ودورهن في المجتمع السوري ،ودافعت عن الدور الريادي التي يجب أن تتمتع بها المرأة في سورية في بداية القرن الواحد وعشرين .
كتبت عن الثورة والانتفاضة السورية ، هي الدمشقية المعارضة، لتيار القتل والقمع ولتغيب الحرية والديمقراطية ، وإخماد الصوت المعارض، وقتل الأطفال والنساء،على صوتها ضد المذابح التي ترتكب بحق الشعب الاعزل،هي الحقوقية التي أبت ألا أن تدافع عن الحقوق التي تعلمتها في كلية الشرائع السورية في دمشق القريبة من بيروت عاصمة ومهد الشرائع والقوانين العالمية،بيروت عاصمة الحرية والتعبير والديمقراطية العربية، بيروت ثورة العرب الأولى في ربيع 2005 م. بيروت التي كانت شريكة دمشق في وضعهما في انتداب دولي، لقد عاشوا شعب الدولتين تحت الانتداب الفرنسي ،خرجوا جميعهم من تحت نير الانتداب سويا ، لكن سورية دخلت في انتداب جديد ،انتداب الشمولية والدكتاتورية والاستبدادية . لقد رزخ أهل رزان زيتونة وشعب سورية تحت هذه الغيبوبة السورية التي فرضها نظام البعث من خلال تجميد الحياة السورية.
لكن أهل رزان ناضلوا بطريقتهم الخاصة من خلال تسمية ابنتهم اسم رزان ، والاسم الذي يعني بالفرنسية" حصرم العنب أي عجر العنب" ،وبالعربي يعني الاسم " الثابت ، الجامد" ،فكيف إذا التقى الاسم الشخصي مع اسم العائلة، التي هي من الزيتون الشامخ الثابت بوجه الرياح والعاصفة ،فالحصرم الثابت والشامخ الرفض للرضوخ لمطالب الدولة وأجهزتها،ساعدت رزان على النضال والكفاح ضد نظام بلادها.
لقد عرفنا كلنا رزان زيتونة من خلال الاستضافة اليومية على شاشات التلفزيونات العربية والتي كانت روزان ضيفة عنيده عنيفة من سورية ،تتكلم بنبرة عالية ، ناقدة شجاعة ورهيبة ضد شبيحة النظام الذين يخترعون الكم الهائل من الأكاذيب ،والتي يحاولون بثها وإرسالها عبر التلفزيونات المختلفة لكي يخلطوا الصورة الحقيقية لم يحدث في سورية،كلمات رزينة الجبارة بالصوت النسائي العذب والصادق،كان له صده على مسمع المستمعين والمشاهدين.
تمتلك رزان زيتونة ثقافة واسعة وعالية جدا،لغة أدبية جيدة تساعدها على الحوار والجدال، تتمتع بها الناشطة السياسية من خلال وعي متراكم لقضيتها ومشاكلها ،عند الاستماع لها تجد التسلسل الكامل لطرح حقوقي وسياسي لمشكلة ، تجسدها امرأة في عالمنا العربي المعاصر، تجيد التكلم السليم بلغة عربية قوية من خلال التعبير المميز،من أعالي المنابر الإعلامية .
روزان زيتونة كانت ومازالت الصورة الواقعية والحقيقية لما يحدث في سورية من التعبير للبطش والقمع ،هي الصورة المعبرة عن الأحوال والأوضاع الذي يمارسها النظام وأجهزته القمعية، ضد السوريين ،هي الصوت الصارخ والصاخب بوجه النظام المعبر عن كل الأصوات السورية التي تعاني من ظلم وقمع النظام والتي لم يكتب لها الحظ بالتعبير .
لكن روزان كانت الصوت الصادق والشخص الصدوق ،لا أعراف إذا الجميع يتذكر الجدال الذي حصل على الهواء مباشرة في قناة العربية الفضائية ، في بداية شهر أيار"مايو" بين المذيعة الإعلامية السورية زينة اليازجي وروزان زيتونة ووقف الناشطة الشجاع والتكلم بصدق عن حالة الشعب وغطرسة النظام ،وعندها حاولت الإعلامية الدفاع عن النظام بعد تلقيها التهديد من عصابات النظام والذي استجابة له المذيعة من خلال الخروج من قناة العربية.
لقد أصبحت رزان زيتونة مصدر موثوق به في توثيق جرائم النظام السوري، بظل حالة التعتيم الإعلامي وغياب وتغيب المؤسسات الحقوقية والإعلامية،التي تبث من مصدر الخبر وتركز على الأحداث من خلال تقصي للحقائق،وبث المشاهد والصور ،لكن النظام عمد إلى تغيب الحقائق وتغيب كل المعالم والدلائل التي تشير إلى ارتكابه لكل هذه الجرائم الإنسانية ،لكنه نسى بان أهل سورية ،هم اليوم بالمرصد ضد أعمال نظام الأسد الإجرامية التي يعاقب عليها القانون لكونها جرائم ضد الإنسانية .
فإذا تكلمن عن رزان زيتونة ليس من باب الإعجاب الشخصي ،وإنما من خلال الحق والواجب الأخلاقي والمعنوي الذي يجب أن نقدمه لشعب سورية كله ، فكيف إذا كانت هذه فتاة وتحمل الموصفات التي تمتلكها رزان زيتونة.
رزان زيتونة هي واحدة من العديد من الفتيات اللواتي لا يزلن مجهولات في الحياة السورية المعارضة،اللواتي يعملن جانب رزان ويخوضون معاركهم ضد النظام السوري،لان النسوة السوريات كان لهن دورا مميز في النضال ضد النظام والمشاركة المميزة في الانتفاضات سورية.
روزان لم تكن بعيدة كثيرا عن رفيقاتها القابعات في السجون السورية من أمثال"فداء حوراني وسهير الأتاسي ،ودانا جبابرة ، وطلي الملوحي وأخريات.
لذا لم نستغرب الدور الريادي التي تقوم به الناشطة الحقوقية والسياسية رزان زيتونة من اجل سورية الغد ،لان حياة سورية هو نشاط وثقافة ونضال مستمر،تناضل من اجل تطوير حياة سورية الجديدة، بالرغم من تحويل نظام البعث لحياة شعب سورية إلى جمود عقائدي وفكري.
رزان فتاة جميلة تحلم بتغير بلدها وتطوير حيات شعبها المستقبلية ،لها الحق بالمطالبة الفعلية بتغير النظام، وبرفع الشعار الرسمي للثورات العربية،" الشعب يريد إسقاط النظام"،وتأيدها لحركة الثورة وشبابها الذين يقومون بحراك شعبي كبير ،فالثورة تتحقق والحلم بات حقيقة ،لأن من حقها أن تعيش مع باقي الشعب السوري ،في حياة هادئة وآمنة بعيدة عن الخوف والسجون وسيطرة الأمن وأجهزته القمعية ،من حقها أن تبني عائلة وتنجب أولاد يعشون في دولة القانون والمؤسسات ،في بلد ديمقراطي يمارس فيه الفرد حقه ، والاعتراف بمواطنيته، دون استجداء الحرية التي هي حق من حقوق كل المواطنين.
روزان وشعبها ، ناضلوا ضد نظام قمعي تكون فيه المطالبة بالحرية والعيش بكرامة جريمة ومؤامرة خارجية،يتم إبادة الشعب عليها وترتكب المجاز المختلفة ضدهم .
لبد من القول بان نضال روزان السياسي والحقوقي والمعنوي من اجل شعبها،لن يذهب هدرا ،لكوني متأكد جدا بان رزان قراءة جيدة ومحبة لقصيد الشاعر الفرنسي الشهيرة بول ايلوار"الحرية ".
الحرية فضيلة نبيلة وعظيمة سوء كان الأمر متعلقا بالإفراد أم بدولة فإنها أجمل ما يمكن امتلاكها في الحياة،وهذا ما تريده روزان وشعبها.
الحرية الذي يدفع اليوم ثمنها في سورية ، دم الشعب السوري وأرواحه ، فالدم هو الذي يخيف النظام ،ويجبر العالم كله على الوقوف إلى جانب شعب رزان زيتونة وأهلها .
الحرية قادمة ولم تعد بعيدة ، وانتم اقرب إلى النصر والى بناء بلد المستقبل لان نضالكم ودمكم هو الذي يجبر العالم إلى التأيد الخجول والى تراجع النظام التدريجي إمام مطالبكم وحركتكم الاحتجاجية.
النظام راحل ،راحل ،راحل، والشعب ،باق ،باق، باق، باقي مع رزان ورفاقها في انتفاضة سورية المبدعة والمميزة في العالم هي انتفاضة الأطفال الذين فجروا أول انتفاضة في العالم وتحديدا في العالم العربي.
كل الحب والاحترام للثوار والمعارضين والناشطين الحقوقيين والسياسيين السوريين الذين يخوضون المواجهات اليومية مع الأمن وآلة القمع الوحشية التي يتبعها النظام ضد الشعب السوري ،تحية الحب والاحترام لرزان زيتونة الناشطة والمرآة والإنسانة والمحامية والحقوقية والسياسية،والفتاة الجميلة، والثائرة، الغد لكي ولنا والشمس ستشرق من جديد ويكون صباح سورية أجمل بكثير من بقاء وجوه حالية تعبث بأمن سورية ،وتنكل بأهلها الشرفاء.
د.خالد ممدوح العزي
كاتب وباحث إعلامي ،مختص بالإعلام السياسي والدعاية .
[email protected]