وكأني رأيتها تقود سيارة



اسحاق الشيخ يعقوب
2011 / 7 / 1

فزّ قلبي جذلاً ... أدرت مقود سيارتي متياسراً .. أمعنت النظر مندهشاً ... وكانت بعينها أمرأة تمسك مقود سيارتها .. بين سيارات عباد الله بثقة وكبرياء لا تجرى ... زغردت نفسي فرحة لها ... لمرأة الوطن التي تحلم أن تصعد درجات الحياة بجانب الرجل .. وما هيأته الحياة من وسائل حديثة في حياة الناس للتغلب على ضيم الحياة ...

عركت عيني ابحث عنها في زحمة السيارات .. التقطت سيارتها البيضاء التي تتصبب بياضاً كالثلج من بين السيارات الملونة .. اقتربت من سيارتها ركزت ابهامي في قبضة يدي مباركاً .. مؤيداً مبتهجاً ومسانداً .. همزت منبه السيارة جذلاً .. إلتفتت مبتسمة وخصلة شعرها تهفهف جذلى من بين سواد خمارها !!
أعرك ذاكرتي متفائلاً مبتهجاَ وأسائلها .. أسأل نفسي بفرحة لا تجارى ... فرحة رجل ... لفرحة أمرأة ... تحلم ان تمسك مقود سيارة ... تذهب بها وتأتي بها بمفردها .. دون ان يفض خلوة ارادتها سائق هندي او بنغالي او فليبيني .. ولا خشية على وطن مطوق بفرحة حرية ومساواة رجاله ونسائه في الحياة ...
أسأل نفسي – ما أكثر ما أسأل نفسي – أختم وعي الوطن خادم الحرمين الشريفين بإرادة وعي الوطن في اصدار قراره التاريخي الذي سيظل يلهج به التاريخ مدى الدهر في جزيرة العرب في حق المرأة كما هو حق الرجل في سياقة السيارة ؟!

إن أمل نصف المجتمع بل أمل وعي كل المجتمع ما برح يتجدد في خادم الحرمين الشريفين الذي يدير دفة سفينة الوطن على طريق الحداثة والتحديث ويفتح ذراعيه الكريمتين للمرأة السعودية ان تشق طريقها بجانب الرجل في العلم والبناء والاصلاح والتغيير !!

أكانت المرأة السعودية التي تستقيم ماسكة مقود سيارتها في جدة والرياض والقصيم والخبر والدمام والقطيف تستضيء ارادة خادم الحرمين الشريفين في طموح ارادتها في ان تنال حقها الطبيعي بجانب الرجل في الحياة !!

عجلة التاريخ في عجلة ارادة الجماهير والفرد في التاريخ .. وكانت ارادة خادم الحرمين الشريفين كفرد قائد فذ مبجل في ارادة الجماهير من النساء والرجال والاطفال في عمق حراك الوطن صعوداً حتى عين الشمس !!

إن الذين يتعرضون الى عجلة التاريخ بإسم الدين والعرف والعادة والتقليد هم يسيؤون الى الدين في حقيقة ذات الدين .. لأن الدين لا يصبح ديناً حقيقياً إذا تعرض الى ارادة عجلة التاريخ لأن ارادة عجلة التاريخ من ارادة الله في ارادة العدل والحرية والمساواة في التاريخ !!

فالدين لله .. والوطن للجميع .. ولا مساواة في الدين والمعتقد .. والناس في اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم الدينية .. اما الوطن فعليه ان يخضع لمساواة فعلية في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة في كل شيء .. وفي امتطاء السيارة او البعير !!

أهل الحلال والحرام ... هم وحدهم الذين يدنسون الحلال بالحرام .. ويفترون على حلال الوطن بحرام الدين .. ولا يتورعون نهش حرمات الوطن بحرمات الدين !!

انهم يستعدون الوطن بإسم الدين .. ويستعدون الدين بإسم الوطن .. ويتجافلون امام التنوير في فجر الحياة ... ويتقوقعون في ظلام الكهوف ... وتجدهم في كل مكان يتكالبون جماعات ووحدانا ضد التطور و الانفتاح ..
فالدين يفقد توهّج روحه العبادية في الوطن .. اذا انغلق على نفسه وجانب الانفتاح على مصلحة الناس وحرية الناس .. بل ان مصلحة الناس تأخذ اولويتها في فقه الدين وفقه الحياة .. وعلى فقه الدين ان يخضع لفقه الحياة !!

وانه من الببساطة بمكان ان حقيقة الرجل في حريته تماما كما ان حقيقة المرأة في حريتها .. وكأني رأيت شيئاً بسيطاً من حقيقة المرأة .. وهي تمسك بيدها مقود سيارتها .. وتشق طريقها في زحمة السيارات ... انها تريد ان تنفض عن كاهلها غُبن الفصل والحرمان ... وهي ترى بؤم عينيها حرية المرأة في كل مكان في قيادة السيارة وتريد جادة واثقة ان تزيل رتابة زمانها ... وتضعه في ازمنة الآخرين المتحركة مستضيئة بشيء من حرية الآخرين ... في حريتها !! فالزمان متحرك منذ الزمان ... إلا ان حركة سرعة الزمان في عصرنا اصبحت اكثر سرعة وتأثيراً من ماضي ازمنتها ... اننا في زمان حراك علمية سرعة الحركة في الفكر والمادة .. وعلى مجتمعاتنا العربية ان تأخذ مكانها في قطار سرعة علمية الحركة في الحياة .. وإلا فاتها القطار في سرعة علمية الحركة في الحياة .. وفقدت الحياة !!

إن اليوم الوطني القادم ... سوف يبتهج الوطن بإرادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمرأة السعودية بتولي قيادة سيارتها وستعم الفرحة الجميع !!!