أيتها المرأة...حريتك في كسرالضلع التي خرجت منها



فرات إسبر
2004 / 11 / 27

المرأة التي في داخلي لا تكف عن الشكوى من أولئك الذين ينادون بتحررها وينظرون عن واقعها ومعاناتها ومصيرها وحياتها
لم تكن المرأة خلال حياتها إلا كعلاقة التابع بالمتبوع أو ما يمكن التعبير عنه ببساطه علاقة السيد بعبده ، الآمر الناهي والذي ينتمي إليه ويسمى باسمه ويقوم العبد بتنفيذ أوامر سيده حسب رغبة هذا السيد .
العلاقة ومسبباتها والنتائج التي تترتب على هذه التبعية :
المرأة وعلى مر العصور لم تكن تنتمي إلى نفسها ،ولم تكن لديها مبررات الانتماء إلى ذاتها أو انتماء الآخر إليها أصلاَ، هذا الآخر الذي يعيش ويحيا وينمو منها ومن ثم يكبر ويكبر ويسن القوانين عليها ويطبقها ويؤسس لما يزيد في قمعها بطرق مختلقه تأخذ صيغة العقد، كعقد الزواج الذي تترتب عليه العلاقة الزوجية فهو في المفهوم الشرعي عقد يتم برضاء الأطراف و الولي وقد تُسأل أولا تٌسأل ويحدد ثمنها بقيمة مالية مؤجلة أو معجلة حتى يأخذ العقد صيغته القانونية والشرعية ويكون نافذا في المجتمع بشهادة الشهود.
لا أحد ينكر أهميه هذا العقد ولا أهميه الشهود والمهر الذي يترتب على هذا العقد في عالمنا العربي ، بالمقابل ليس لهذا العقد أي اعتبار في بعض دول الغرب حيث القانون يحمي العشيقة التي تعيش مع الرجل في بيت واحد أو ما يطلق عليه الشريك ولها الحق في المناصفة بكل ما يملك فيما إذا تجاوزت العلاقة بينهما ثلاث سنوات ولكن العجيب في الأمر وعلى مر العصور ومن النص القرآني إلى الآن لم تتغير القوانين المتعلقة بالمرأة ومازال نصيبها في كل شئ بما حدد بموجب النص وحتى تنال ما حدد بموجب النص تقضي حياتها على أبواب المحاكم أو في بيت أخوتها ونسائهم أو أهلها أو أحد الأقارب أو فيما إذا فكرت بالاستقرار وحدها أصبحت عاهرة بموجب نصوص الجيران والمحيط ..

عبودية مستمرة :
المشكلة الأقسى أننا نكرس العبودية بثمن مدفوع من الزوج سواء كان مؤجل أو معجل وهو بذلك يشتري امرأة لمدى الحياة ولما بعد الحياة وإلى ابد الآبدين وإذا لم يتم شراءها بهذا العقد بقيت في بيت أهلها يقيمون لها الصلاة قياما وقعودا بأن يرزقها الله بأبن الحلال الذي يحفظها ويصونها من الحياة ومهاوي السوء.
يقول تعالى : وخلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " الخالق سبحانه وتعالى يعرف سر هذه العلاقة الرائعة التي تربط الرجل والمرأة والروح لا تسكن الا بلقائهما معا ولكن بمقدار وجمالية هذه العلاقة التي لايمكن الاستغناء عنها ،في الطرف الآخر يتولد ما بين الرجل والمرأة صراع ابدي لا ينتهي بهذه السكينة.
دعاة تحرر المرأة ينادون بتحررها، السؤال المهم الذي أود طرحه عليهم ممن تتحرر المرأة من نفسها أم من الرجل ؟
وطالما الرجل موجود والمرأة موجودة فالعلاقة قائمه بين طرفين وإذا فرغت الساحة من أحد الأطراف توقفت الحياة وتوقف الصراع و البحث في الحرية ؟
الزواج أبعد من مؤسسة ومن عقد موثق ، الزواج حالة روحية إنسانية عظيمة يترتب عليها مسؤوليات وواجبات أخلاقية.
البعض ينادي بتحرر المرأة اقتصاديا ،ولطالما كان الاقتصاد والوضع المادي يحقق حالة من الراحة والانبساط واليسر في الحياة ، ولكن يوجد نساء غنيات ومترفات ويبحثن عن الرجل ولا يجدنه ويقضين طيلة أعمارهن باحثات عن الرجل ، هذه حالة من الحالات ،أذاً كيف يحقق العامل الاقتصادي دوره في حرية المرأة ؟ ها هي تقضي حياتها باحثة عن الرجل ،وهذا حق طبيعي ومشروع لها وحاجة إنسانية وجنسية لا يمكن أن نكون أسوياء بدونها وبمجرد لقائها به تبدأ مسيرة المعارك المستمرة يوم هدنة ويوم حرب كالدول تماما وإذا علا صوتها وطالبت بحقها بدت ناشزا وبيت الطاعة منصوص عليه بالقانون والهجر في المضاجع مثبت بالنص القرآني .
هناك من يقول بتحرر المرأة بمساواتها مع الرجل وهذا نظرية من المستحيل أن تتحقق على المستوى الفيزيولوجي ، الرجل لا يحيض ، الرجل لا يعرف المخاض ، الرجل ليس لديه رحم ، وما تتعرض له المرأة من معاناة وعذابات كثيرة لايمكن للرجل أن يشعر بها وهو بعد هذا يبحث ويصر أن تنجب له الولد وإذا لم يتحقق هذا يبحث له عن زوجة ثانية وثالثة حتى ينال الذكر الذي لا تتحقق رجولته الا به وبدونه يبقى أبو البنات القاصرات اللواتي يستحقين الشفقة والرحمة .
قتل الآخر أو إلغاءه"يا رضا الله ورضا الزوج ":
لطالما كانت المرأة وعلى مر التاريخ حالة خاصة وعامة في المجتمع ،في البيت هي الخلية الصغيرة من هذا المجتمع ، الطبيبة ، الأستاذة ، الصيدلانية ، الأديبة، الشاعرة الفنانة وكثير من المواقع التي تتبوؤها المرأة من مناصب إدارية وسياسية وغيرها ..،
نموذج المرأة المثالية للمجتمع يطمح أن تكون المرأة النموذج
في الأسماء التي ذكرتها أعلاه إضافة إلى ما يترتب عليه الوضع الاجتماعي والأسري ،تخضع كل منهن إلى عقد زواج وواجباتها في البيت هي نفس الواجبات التي تخضع لها امرأة عادية لم تدخل المدرسة أو لا تجيد فك الحر ف وربما يكون هذا النموذج هو الأكثر سعادة في المجتمع او العلاقة الزوجية والحياة التي تعيشها.
من خلال تجربتي في الحياة وممارستي العمل خارج البيت بالإضافة إلى المسئوليات التي تترتب عليّ داخل البيت كنت الضحية رقم واحد في علاقة بعقد مشروع وموثق بشهادة الشهود وكان عليّ أن اقسم جسمي وعقلي ونفسي ما بين البيت والعمل والأطفال والزوج وكان علي أن أنسى من " أنا "بوجود الآخرين الذين يمثلون "هم "
بدليل بسيط جدا ألام أو الزوجة أو الشريكة تسأل من معها ماذا تحب أن تأكل اليوم ماذا تحب أن تشرب اليوم ماذا تريد أن تعمل اليوم أو تشتري اليوم ، قد يقول البعض هذه أمثلة سخيفة على الطرح ولكن في الحقيقة ما هى إلا عملية محو لذاتها في حضور الآخر ،إذاً عملية المحو قائمه بقدر الوجود وهذا المحو مكرس بحالات مختلفة منها غياب الاسم والالتصاق بالآخر الزوج كما في الدول الغربية وهذا ما تعرضت له ،ففي قوانين الغرب المرأة تلحق باسم زوجها لتسهيل المعاملات ولأسباب أخرى لا تقنعني وعرضت عليّ هذه الفكرة ورفضتها رفضا قاطعا.
أن عملية المحو ليست قائمة في الشرق وحده وأنما بالغرب أيضا وبنص القانون وهذا ما تختلف عنه مجتمعاتنا إذ يحق للمرأة الاحتفاظ بعائلتها وأسمها ولكن القانون لا يحميها بخلاف الغرب الذي يحميها وحتى لو التصقت به أسميا .
الفكرة في مفهوم الحرية ليست بنص القانون :
فبقدر ما يحميها بقدر ما يعمل على إقصائها بدمجها بالآخر كالشركات الكبرى وعملية اندماجها القانوني ، الشركة الكبيرة تأكل الشركة الصغيرة وتفقد ها أسمها ورأسمالها وتبقى في حماية الشركة الضامة وتعيش تحت سيطرتها .
والمحو الثاني يبدأ من الولد الأول فيلتصق بها أسم :أم فلان ، زوجه فلان ،بنت فلان ، مطلقه فلان ، أرمله فلان ، عشيقة فلان .
فكره المحو قائمة ، كيف تتحقق الحرية في مجتمع عائم وقائم على المحو.
كيف هي الحرية وما شكلها وما لونها ؟
في الحقيقة أنا لا ابحث عن حريتي لأنني أعتبرها ليست موجودة أصلا ولن تكون موجودة ،لا أفكر بها ولا تعنيني ولا أبحث للتساوي مع الرجل فهو عدوي الذي أكره ،وفي المقابل هو الذي أحب وإذا قتلت عدوي فأنني سأبقى بلا حب ،
هذا يعني أنني سابقي وحيدة بلا بيت بلا أطفال بلا روح أسكن إليها وسأعود إلى نفس الدائرة التي انطلقت منها يعني هذا بأنني سأبقى أسيرة هذا الرجل سواء كان معي أو لم يكن معي وسأسقط في فكرة البحث عنه كي أجده لأنني لن أكتمل الا به وهو لا يكتمل الا بي ومن هنا لا أجد منفذا للحرية طالما أنا أفتقد شيئا .
أطلق يديّ:
إطلاق اليد .. حريتي، أن اكتشف نفسي أن أحقق ذاتي أن أنسجم مع شروط الحياة ولطالما كنت فيها الطرف الضعيف
الرجل دائما الأقوى ، عنصر القوة لديه يتمثل في عملية "الفتح "وهذا يؤكد رجولته ومصداقيتها أمام القوم والعشيرة ويا ويلها من كان جسدها من مطاط .
قلت في البداية عن عملية المحو بولادة الولد الأول يٌنسى اسمها تماما وحتى في حياتها ومماتها يقولون ماتت زوجه فلان ،ماتت أم فلان وتستمر عملية المحو قائمة .
كثير من النساء تعاني من الأمراض النفسية وتصبح الحياة مع الزوج والأولاد حاله من التعود بأداء كل ما يرغبون به وتنسى نفسها تماما أنها الهامش المهمش .
الحرية لا تطعم خبزا :
قد تكون حرية المرأة التي تعاني من المشاكل مع زوجها بالطلاق ولكن السؤال المهم، هل الطلاق يعطي المرأة حريتها؟ هل يعيد إليها اعتبارها ؟
أنني أعتبر الطلاق من اكثر القيود التي تخنق المرأة ويبقى هذا لحبل في جيدها الى ابد الآبدين .
الطلاق يفصم عرى الزوجية أي بما معناه جسدان يتباعدان ولا لقاء بينهما ، ولكن من يفصل روح الآخر من الآخر ؟!!!
من يخفف من هذه العداوة المتربصة في القلب بينهما ،والأطفال الذين يقفون في المنتصف وكل يشد الحبل باتجاهه .
إذاً شرط الحرية معدوم لأنه لايمكن الطيران خارج السرب ومهما كان شكل الطيران ونوعه ستبقى المرأة طليقة فلان أو مطلقة فلان وهذا نوع من القتل والمحو و الشخصية على قيد الحياة نرى المشهد بوضوح ولكن لا أجنحة .
النموذج الآخر للحرية:
هل تكون حرية المرأة بموت الرجل ؟
هل الموت يعني شئيا ؟
كثير من النساء يتعرض للتعذيب الجسدي "الضرب" وهذه ظاهرة منتشرة جدا في أوروبا ومنتشرة في عالمنا العربي . نموذجان لامرأتين واحدة غربية يحميها القانون ولكن لا تريد الدخول في المحاكم ولا البيوت المنشئة لحمايتها من عنف الرجل لأنها تضحي من أجل أولادها، وواحدة شرقية تتحمل من أجل أطفالها وسمعتها ولا تريد أن تدخل جحيم المحاكم التي لا تنتهي إلا بموتها .
الجاهل غير المتعلم وكما يقول المثل العامي:
" يده والكف "
وهذا منتشر في أوروبا والشرق أيضا مع ملاحظة كثير من النساء الغربيات كما العربيات يمتنعن عن مقاضاة أزواجهم خوفا على أطفالهم والحفاظ على أسرهم سليمة قدر الإمكان بعيداً عن الطلاق .
النموذج المثقف لا يضرب ولكن لسانه سليط ومدعي باسم الثقافة ينظّر وينظّر ويقيم الدنيا ويقعدها ويرمي كل خيباته على زوجته التي لا تفقه وليس لها أي علاقة بالثقافة!!!! .
أين هي الحرية ؟
ما شكلها وما لونها ؟
طالما يوجد ذكر وأنثى لن تتحقق الحرية وطالما القانون مع الذكر لن تتحق الحرية وطالما المثقف لا يتوانى عن اتهام زوجته بالغباء لأنها لا تحب كارل ماركس ولا تتفهم فكرة العشيقة لأن للمثقف أهواء وميول .
فكرة البحث عن حرية المرأة ومساواتها بالرجل هي كالضرب بالرمل ، ولكي نبحث عن هذه الحرية ونعيد خلقها من جديد لابد من صياغة جديدة "للنص " وهذا ضرب من المستحيل وطالما أنا من "ضلع الرجل" ولا أستطيع كسر هذه الضلع سأبقى أسيرته وتحت جناحيه أيضاً "بالنص " لأن الهجر بالمضاجع من أشد العقوبات التي أكد عليها النص .