تعدد الأزواج في ميزان الفضول



فاتن نور
2004 / 12 / 3

الفضول طبيعة انسانية وله أطياف وألوان مختلفة منها السيء ومنها الحسن،والفضول بنهم المعرفة له وزن قد يكون ثقيلا نوعا ما لدى المتلقي، ولكن ليس كل مُتلقي! قبل اربعة عشر قرنا دفع الفضول بعض النسوة ليسألن احد عظماء وحكماء المسلمين عن سبب أباحة تعدد الزوجات للرجال وتحريم تعدد الأزواج للنساء ، وبالتأكيد لم يُبصق في وجه من سأل، وجاء الجواب بسيطاً ومنطويا على مقدرة فذّة في التوضيح والتبسيط ، حيث سأل الحكيم النسوة بأن تمسك كل منهن قدح، ثم سأل كل واحدة بأن تغرف بقدحها من وعاء مليء بالماء أوالحليب! ، غرفت كل امرأة، فسأل الحكيم كل واحدة أن كانت عارفة لحصتها من الماء أوالحليب ،وبالتأكيد اشارت كل واحدة لما لديها في القدح،فقال الحكيم تلك هي حالة تعدد الزوجات، ثم اشار عليهن بسكب ما في اقداحن في الوعاء، واشار بأنها حالة تعدد الأزواج،حيث لا تسطيع الواحدة منهن تمييز ماؤها بعد ان أختلط في وعاء واحد، والله جميل جداَ أن يحدث فضول وتساؤل من هذا النوع وأن يتم الرد عليه بحكمة مبسّطة في تلك الحقبة من الزمن، ولكن ماهي تلك الحكمة؟
انها اشارة لأختلاط الأنساب وأمتزاج الحابل بالنابل ، وضياع الألقاب وأصالة الأفخاذ والعشائر،اليس كذلك؟
سأكون أول امرأة تتقدم لتحضر بين يديّ ذلك الحكيم لو افترضنا أنه لا زال حياّ يرزق لأسأله نفس السؤال الذي طرح قبل قرون طويلة،
ترى هل سيكون الجواب هو نفس الجواب؟وإن كان، فكيف لي أن اقتنع مثلما أقتنعن أولئك النسوة؟ إن كانت المشكلة لا تتعدى كونها أختلاطا للأنساب والألقاب، فمعرفة الأب البايولوجي للطفل مسألة تفك رموزها التي لم تعد عسيرة في المختبرات العلمية، فنحن في زمن وضع العلم يده على خارطة الأنسان الجينيّة .ماذا بعد اختلاط الأنساب؟بالتأكيد الذرائع كثيرة وملتوية،من تلك الذرائع المطروحة ذريعة وضعية الرجل في المجتمع، حيث الحروب والغزوات التي تحصد من الرجال ما تحصد، وذريعة الأسفار والترحال لأغراض التجارة وتنشيط الحركة الأقتصادية وربما السياسية ، وربما تكون الذريعة هي تدعيم المجتمع بالزواج من العانسات والبائرات والمعاقات والأرامل وما الى ذلك، حسناَ دعوني أتسائل فضولاَ ليس إلاّ:
الأسفار تتعب الرجل وبلاشك هو بحاجة الى امرأة ليسكن إليها ،أوليس بُعد الرجل عن زوجته بأسفاره المتكررة يُتعب المرأة؟لماذا تلك النظرة الأحادية البعد؟
غطاء تنفيق العانسات والبائرات! يبدو هراءأ، فوالله مثنى وثلاث ورباع يتجه نحو الأصغر والأجمل ولمن تقدح لها الشهوة وتمرح بها النزوة. وماذا بشأن مداراة الإسلام للضعفاء والمحتاجين والمكسورين وممن ليس لديهم مَن يُعيل؟أم الإعالة مشروطة بزيجة ومضاجعة؟
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا اربعة نساء فقط ليكتمل القطيع؟ لماذا وكيف أعتمد هذا العدد؟ هل تمّ احتساب الطاقة الجنسية لدى الرجل فوجد بأنه قادر على أمتصاص الحاجة الغريزية لأربع نساء؟ لماذا لم يبح التعدد بأنفتاح؟ وهل الرجل قادر علمياً على إستيعاب الحاجات الجنسية لأربع نساء؟ اوليس المرأة قادرة بطبيعتها الفسيولوجية على أن تستقطب وتمتص ؟كيف تُختصر الحاجات الغريزية لأربع نساء بطاقة رجل؟
أنا هنا لست بمروّجة لتعدد الأزواج ، انها صورة يقشعر له البدن، صورة مقزّزة ماسخة لآدمية المرأة، ولكن بالمقابل صورة تعدد الزوجات هي صورة معاقة فكرياُ ، والصورتان مقّزّزة حد التقيأ،السؤال يبقى قائماً وهو لماذا أ ُبيح تعدد الزوجات؟ الإسلام أباح التعدد وفق شروط وتعقيدات لم ولن تُستساغ لأغراض التطبيق , ولكن هل الإسلام أول من جاء بتلك الإعاقة للمجتمع؟ بالتأكيد لا!تلك الإعاقة لها تاريخ أقدم من تاريخ الحضارة الأسلامية، وللأسف فقد تبنتها تلك الحضارة بالتزويق والتطبيل لحجج لم تعد مقبولة في الفضول المعرفي المتجه نحو الدخول
في فضاءات لم تكن مطروقة قبل حوالي ثلاثين جيلا من التمختر بين حقيقة الوضع الأجتماعي في مجتمعاتنا والحقيقة كما هي بلا دجل.
المصيبة الكبرى هي أن يوضع اللجام فوق فمك حين تسأل بقصد التنور والمعرفة، وقد يقال لك أن الكتاب جأء بما جاء وهو سماوي وأدرى بما يفيد المصلحة العامة! إن كانت كل فلسفة موضوعة من قبل الأنسان تحمل آليات الدفاع والهجوم ، مقومات المحاججة و اللإقناع ، فما بال تلك الفلسفة السماوية التي تفضل الإنصياع بلا تبريرات مقنعة للكثير من القضايا وتكتفي بالردع لمن يسأل وربما توجيه جملة من الأتهامات
بلا حنكة فلسفية قادرة على تفكيك كل التساؤلات بقواسم منطقية تُزيح الغبرة إن كانت هناك غبرة من نوعٍ ما لتنويرالعقول بقداسة السماء! أم تراها فلسفة تغلق الأبواب في وجه المتعطشين للدخول بلا اقنعة المحاباة بل بأقنعة الوضوح في الرؤيا بلا ترهيب و تأطير وتحريف وبلا تحريم وتحليل بقمع المجادلة والفضول للتعرف. من كان يمتلك الحجج لتعدد الزوجات فليأتني بها وساقابلها بالف حجة لتعدد الأزواج علما أني لا أؤمن بالأثنين. السؤال لا زال قائما، ما هو السبب وراء تلك الظاهرة الشاذة في مجتمعاتنا، هل هو المعول الأقتصادي؟ ربما ! فالتعدد لمن يحمل ذلك المعول،طالما هناك من يُعيل ومن يُعال فالمعول بيد من يُعيل لأستنزاف طاقات وآدمية المُعال،ولكن السؤال قد يتخذ مجرىً آخر! اوليس المعول الأقتصادي بيد الرجل في كل المجتمعات؟لماذا لا نرى عوق التعددية إلا في مجتمعنا الرقيق!
أم أن المعول الأقتصادي قد استحوذ عليه في مجتمعنا مَن هم اساساَ في عوقٍ فكري، واليد القابضة عليه بلا أصابع ، حيث الأصابع متوترة في الترحال ما تحت السروال والسروال وماهية استكشاف ما تحت الخمار والخمار،واللوم لا يقع على الرجال فحسب، بل تلك المرأة التي ترتضي أن تكون رأساً في قطيع، وسؤالي بلا اجابة.. هل لو إفتراضاً أستحوذت المرأة على المعول الأقتصادي المحرك الساحر لكل ما نراه على ساحة الحياة من تناقضات و تصدعات ، هل ستبيح لنفسها التعددية في هواية جمع الأزواج؟ سأقف ضد الفكرة وأموت إستشهاداً بحبيبٍ واحد.


فاتن نور
04/12/02